السبت، 10 ديسمبر 2022

كتاب الجمل في النحو الخليل بن أحمد الفراهيدي

كتاب الجمل في النحو الخليل بن أحمد 

الفراهيدي

 

كتاب فيه جملة الإعراب جمع الخليل فيه جمل من وجوه الرفع والنصب والجر والجزم وجمل الألفات واللامات والهاءات والتاءات والواوات وما يجري من اللام ألفات وبين كل معنى في بابه باحتجاج من القرآن وشواهد من الشعر

 

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الخليل بن أحمد رحمه الله

هذا كتاب فيه جملة الإعراب إذ كان جميع النحو في الرفع والنصب والجر والجزم

وقد ألفنا هذا الكتاب وجمعنا فيه جمل وجوه الرفع والنصب والجر والجزم وجمل الألفات واللامات والهاءات والتاءات والواوات وما يجري من اللام ألفات

وبينا كل معنى في بابه باحتجاج من القرآن وشواهد من الشعر

فمن عرف هذه الوجوه بعد نظره فيما صنفناه من مختصر النحو قبل هذا استغنى عن كثير من كتب النحو

ولا حول ولا قوة إلا بالله

وإنما بدأنا بالنصب لأنه أكثر الإعراب طرقا ووجوها

 

 

وجوه النصب

فالنصب أحد وخمسون وجها نصب من مفعول به ونصب من مصدر ونصب من قطع ونصب من حال ونصب من ظرف ونصب ب إن وأخواتها ونصب بخبر كان وأخواتها ونصب من التفسير ونصب من التمييز ونصب بالاستثناء ونصب بالنفي ونصب ب حتى وأخواتها ونصب بالجواب بالفاء ونصب بالتعجب ونصب فاعله مفعول ومفعوله فاعل ونصب من نداء نكرة موصوفة ونصب بالإغراء ونصب بالتحذير ونصب من اسم بمنزلة اسمين ونصب بخبر ما بال وأخواتها ونصب من مصدر في موضع فعل ونصب بالأمر ونصب بالمدح ونصب بالذم ونصب بالترحم ونصب بالاختصاص ونصب بالصرف ونصب ب ساء ونعم وبئس وأخواتها ونصب من خلاف المضاف

 

 

ونصب على الموضع لا على الاسم ونصب من نعت النكرة تقدم على الاسم ونصب من النداء المضاف ونصب على الاستغناء وتمام الكلام ونصب على النداء في الاسم المفرد المجهول ونصب على البنية ونصب بالدعاء ونصب بالاستفهام ونصب بخبر كفى مع الباء ونصب بالمواجهة وتقدم الاسم ونصب على فقدان الخافض ونصب ب كم إذا كان استفهاما ونصب يحمل على المعنى ونصب بالبدل ونصب بالمشاركة ونصب بالقسم ونصب بإضمار كان ونصب بالترائي ونصب بوحده ونصب بالتحثيث ونصب من فعل دائم بين صفتين ونصب من المصادر التي جعلوها بدلا من اللفظ الداخل على الخبر والاستفهام

فالنصب من مفعول به

قولك أكرمت زيدا وأعطيت محمدا

وقد يضمرون في الفعل الهاء فيرفعون المفعول به كقولك زيد ضربت وعمرو شتمت على معنى ضربته وشتمته فيرفع زيد بالابتداء ويوقع الفعل على المضمر كما قال الشاعر

( وخالد يحمد أصحابه ... بالحق لا يحمد بالباطل )

يعنى يحمده أصحابه

 

 

وقال آخر

( أبحت حمى تهامة بعد نجد ... وما شيء حميت بمستباح )

يعني حميته وقال آخر

( ثلاث كلهن قتلت عمدا ... فأخزى الله رابعة تعود )

يعني قتلتهن

وقال آخر

( فيوم علينا ويوم لنا ... ويوم نساء ويوم نسر ) يعني نساء فيه ونسر فيه ومنه قول الله جل اسمه في البقرة ( منهم من كلم الله ) أي كلمه الله

والنصب من مصدر

كقولك خرجت خروجا وأرسلت رسولا وإرسالا

قال الشاعر

( ألا ليت شعري هل إلى أم معمر ... سبيل فأما الصبر عنها فلا صبرا )

 

 

لآخر

( أما القتال فلا أراك مقاتلا ... ولئن هربت ليعرفن الأبلق )

نصب القتال والصبر على المصدر

وقد يجعلون الاسم منه في موضع مصدر فيقولون أما صديقا مصافيا فليس بصديق وأما عالما فليس بعالم

معناه أما كونه عالما فليس بعالم

والنصب من قطع

مثل قولك هذا الرجل واقفا أنا ذا عالما

قال الله جل ذكره ( وهذا صراط ربك مستقيما )

ومثله ( فتلك بيوتهم خاوية ) على القطع

ومثله ( هذا بعلي شيخا ) على القطع وكذلك ( وله الدين واصبا )

 

 

وكذلك ( وهو الحق مصدقا )

معناه وله الدين الواصب وهو الحق المصدق

وكذلك ( تساقط عليك رطبا جنيا ) معناه تساقط عليك الرطب الجني

فلما أسقط الألف واللام نصب على قطع الألف واللام

وقال جرير

( هذا ابن عمي في دمشق خليفة ... لو شئت ساقكم الي قطينا )

نصب خليفة على القطع من المعرفة من الألف واللام

ولو رفع على معنى هذا ابن عمي هذا خليفة لجاز

وعلى هذا المعنى يقرأ من يقرأ ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة )

فإن جعل هذا اسما وابن عمي صفته وخليفة خبره جاز الرفع

ومثل هذا قول الرفع

( من يك ذا بت فهذا بتي ... مقيظ مضيف مشتي )

( أعددته من نعجات ست ... سود جعاد من نعاج الدشت )

( من غزل أمي ونسيج بنتي ... )

 

 

رفع كله على معنى هذا بتي هذا مقيظ هذا مصيف هذا مشتي

وأما قول الشاعر النابغة

( توهمت آيات لها فعرفتها ... لستة أعوام وذا العام سابع )

فرفع العام بالابتداء وسابع خبره

وقال أيضا

( فبت كأني ساورتني ضئيلة ... من الرقش في أنيابها السم ناقع )

فرفع السم بالابتداء وناقع خبره

وأما قوله الله تبارك وتعالى في ق ( هذا ما لدي عتيد ) رفع عتيدا لأنه خبر نكرة كما تقول هذا شيء عتيد عندي

والنصب من الحال

قولهم أنت جالسا أحسن منك قائما أي في حال جلوسه أحسن منه في حال قيامه

 

 

قال الشاعر

( لعمري إني ورادا بعد سبعة ... لأعشى وإني صادرا لبصير )

أي في حال ورودي أعشى وحال صدري بصير

وإنما صار الحال نصبا لأن الفعل يقع فيه

تقول قدمت راكبا وانطلقت ماشيا وتكلمت قائما

وليس بمفعول في مثل قولك لبست الثوب لأن الثوب ليس بحال وقع فيه الفعل

والقيام حال وقع فيه الفعل فانتصب كانتصاب الظرف حين وقع فيه الفعل

ولو كان الحال مفعولا كالثوب لم يجز أن يعدى الانطلاق إليه لأن الانطلاق انفعال والانفعال لا يتعدى أبدا لأنك لا تقول انطلقت الرجل

والحال لا يكون إلا نكرة

والحال في المعرفة والنكرة بحالة واحدة

تقول قدم علي صاحب لي راجلا

ومنه قول الله عز وجل ( قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ) نصب على الحال

والنصب من الظرف

قولهم غدا آتيك ويوم الجمعة يفطر الناس فيه واليوم أزورك

قال ساعدة بن جؤية

 

 

( لدن بهز الكف يعسل متنه ... فيه كما عسل الطريق الثعلب )

فنصب الطريق على الظرف لأن عسلان الثعلب وهو مشيته وقع في الطريق

وقال آخر عمرو بن كلثوم

( صددت الكأس عنا أم عمرو ... وكان الكأس مجراها اليمينا ) فنصب اليمين على الظرف كأنه قال مجراها على اليمين

وقال آخر

( هبت جنوبا فذكرى ما ذكرتكم ... عند الصفاة التي شرقي حورانا )

نصب الشرقي على الظرف أي هي شرقي حوران

تقول هو شرقي الدار

وإذا قلت هو شرقي الدار وجعلته اسما جاز الرفع

ونصب الآخر جنوبا على معنى هبت الريح جنوبا

وحوران لا ينصرف

 

 

وسمي الظرف ظرفا لأنه يقع الفعل فيه كالشيء يجعل في الظرف فإذا قلت هو شرقي الدار فجعلته اسما جاز الرفع ومثله قول لبيد بن ربيعة العامري

( فغدت كلا الفرجين تحسب أنه ... مولى المخافة خلفها وأمامها )

رفع خلفها وأمامها لأنه جعلهما اسما وهما حرفا الطريق

قال الشاعر

( أما النهار ففي قيد وسلسلة ... والليل في جوف منحوت من الساج ) رفع الليل والنهار لأنه جعلهما اسما ولم يجعلهما ظرفا وكذلك يلزمون الشيء الفعل ولا فعل وإنما هذا على المجاز كقول الله جل وعز في البقرة ( فما ربحت تجارتهم ) والتجارة لا تربح فلما كان الربح فيها نسب الفعل إليها ومثله ( جدارا يريد ان ينقض ولا إرادة للجدار وقال الشاعر

 

 

(

لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى ... ونمت وما ليل المطي بنائم )

والليل لا ينام وإنما ينام فيه وقال آخر

( فنام ليلي وتجلى همي )

وتقول هو مني فرسخان ويومان لأنك تقول بيني وبينه فرسخان ويومان فإذا قلب هو مني مكان الثريا ومزجر الكلب نصبت لأنك لا تقول بيني وبينه مكان الثريا ولا مزجر الكلب وقال الشاعر

( وأنت مكانك في وائل ... مكان الثريا من است الحمل )

والنصب ب إن وأخواتها

قولهم إن زيدا في الدار شبهوه بالفعل الذي يتعدى إلى مفعول به مقدم على الفاعل كقولهم ضرب زيدا عمرو وأخرج عمرا صالح

والنصب بخبر كان وأخواتها

قولهم كان زيد قائما وهو في التمثال بمنزلة المفعول به الذي تقدم فاعله مثل قولهم ضرب عبد الله زيدا

 

 

والنصب من التفسير

قولهم عندك خمسون رجلا نصبت رجلا على التفسير قال الله عز وجل

( إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ) نصبت نعجة على التفسير قال الأعشى

( فلو كنت في جب ثمانين قامة ... ورقيت أسباب السماء بسلم )

نصبت قامة على التفسير

والنصب من التمييز

قولهم أنت أحسن الناس وجها وأسمحهم كفا يعني إذا ميزت وجها وكفا فنصبت وجها وكفا على التمييز قال الله عز وجل في المائدة

( قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله ) ومثله

( خير عند ربك ثوابا وخير مردا ) وما كان من نحوه نصب مثوبة وثوابا ومردا وما أشبهه على التمييز

 

 

قال جرير بن عطية

( ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح )

نصب البطون على التمييز والستم تقرير أخرج مخرج الاستفهام وقال آخر

( لنا مرفد سبعون ألف مدجج ... فهل في معد مثل ذلك مرفدا )

يعني إذا ميزت مرفدا وقال آخر

( ومية أحسن الثقلين خدا ... وسالفة وأحسنهم قذالا )

يعني إذا ميزت خدا وسالفة وقذالا وقال آخر

 

 

( فإنكم خيار الناس قدما ... وأجلده رجالا بعد عاد )

( وأكثره شبابا في كهول ... كأسد تبالة الشهب الوارد )

والنصب بالاستثناء

قولهم خرج القوم إلا زيدا وقام الناس إلا محمدا نصبت زيدا ومحمدا لأنهما لم يشاركا الناس والقوم في فعلهم فأخرجا من عددهم

والنصب بالنفي

قولهم لا مال لعبد الله ولا عقل لزيد ولا جاه لعمرو نصبت مالا وعقلا وجاها على النفي

ولا يقع النفي إلا على نكرة قال الشاعر

( أنكرتها بعد أعوام مضين لها ... لا الدار دارا ولا الجيران جيرانا )

فنفى بالألف واللام

والنصب ب حتى وأخواتها

قولهم لا أبرح حتى تخرج ولا أذهب حتى تقدم ولن أخرج حتى

 

 

تأتينا نصبت تخرج وتأتينا وتقدم ب حتى قال الله جل وعز ( لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين )

والنصب بالجواب بالفاء

قولهم أكرم زيدا فيكرمك وتعلم العلم فينفعك نصبت يكرمك وينفعك لأنه جواب الأمر بالفاء وكذلك القول في جميع أخواتها

قال الله جل وعز في الشعراء ( فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين ) وقال جل ذكره في الأعراف ( فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل ) نصب فتكون لأنه جواب النهي بالفاء ونصب فيشفعوا أو نرد فنعمل لأنه جواب الاستفهام بالفاء

وأما قوله في الأنعام ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين ) معناه والله أعلم ولا تطرد فتكون من الظالمين تظلمهم فتطردهم فقدم وأخر

 

 

والنصب بالتعجب

قولهم ما أحسن زيدا وما أكرم عمرا هو في التمثال بمنزلة الفاعل والمفعول به كأنه قال شيء حسن زيدا وحد التعجب ما يجده الإنسان من نفسه عند خروج الشيء من عادته

وقال الكوفيون هذا لا يقاس عليه لأن قولهم ما أعظم الله لا يجوز أن تقول شيء عظم الله فرد عليهم قولهم وقال البصريون لا يذهب القياس بحرف واحد وقالوا لا يجعل فاعله مفعولا ولا مفعوله فاعلا ومن شأن العرب الوسع في كل شيء ومعنى ما أعظم الله ما أعظم ما خلق الله وما أحسن ما خلق

والنصب الذي فاعله مفعول ومفعوله فاعل

مثل قول اللع جل وعز في آل عمران ( قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبروالحدثان للمخلوق لا للكبر ومثله في مريم ( واشتعل الرأس شيبا ) والحدثان للشيب لا للرأس ومعناه وقد بلغت الكبر

 

 

ومثله ( ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة ) معناه لتنوء العصبة بمفاتحه وقيل معنى تنوء تذهب قال الشاعر

( أسلموه في دمشق كما ... أسلمت وحشية وهقا )

ألا ترى أن الفعل للوهق

ومن ذلك قول جرير

( مثل القنافذ هداجون قد بلغت ... نجران او بلغت سوءاتهم هجر )

والسوءات بلغت هجر وقال أبو زبيد الطائي

( إليك إليك عذرة بعد عذرة ... وقد يبلغ الشر السديل المشمر )

والشر قد يبلغ السديل ومن ذلك قول الآخر

( كانت عقوبة ما جنيت كما ... كان الزناء عقوبة الرجم )

 

 

الزناء يمد ويقصر والبكاء أيضا والوجه كما كان الرجم عقوبة الزناء

والنصب من نداء النكرة الموصوفة

قولهم يا رجلا في الدار ويا غلاما ظريفا ونصبت لأنك ناديت من لم تعرفه فوصفته بالظرف ونحوه قول الله تبارك وتعالى في يس ( يا حسرة على العباد

وقال الشاعر

( فيا راكبا إما عرضت فبلغن ... نداماي من نجران أن لا تلاقيا )

وقال آخر

( يا ساريا بالليل لا تخش ضلة ... سعيد بن سلم ضء وكل بلاد ) وقال آخر

 

 

( أدار بحزوى هجت للعين عبرة ... فماء الهوى يرفض أو يترقرق

وقال آخر

( فيا موقدا نارا لغيرك ضوءها ... ويا حاطبا في غير حبلك تحطب )

فنصب راكبا وساريا وموقدا ودارا لأنها نداء نكرة موصوفة

وأما قول الأعشى

( قالت هريرة لما جئت زائرها ... ويلي عليك وويلي منك يا رجل )

وقول كثير

( ليت التحية كانت لي فأشكرها ... مكان يا جمل حييت يا رجل )

فرفع رجلا وهو نكرة وإنما رفعه لأنه قصده فسماه بهذا الاسم فكأنه جعله معرفة

وأما قول الآخر

 

 

( سلام الله يا مطر عليها ... وليس عليك يا مطر السلام )

فإنه نون مطرا اضطرارا ويروى بالنصب منونا

وأما قول الآخر

( إني وأسطارا سطرن سطرا ... لقائل يا نصر نصرا نصرا )

فإنه أراد أعني نصرا وأدعو نصرا وقال بعضهم كأنه قال يا نصر نصرا كما تقول صبر وحديثا أي اصبر وحدث ويروى وأسطار بالخفض على القسم

والنصب من الإغراء

قولهم عليك زيدا ودونك عمرا ورويدك محمدا ورويد عمرا نصبته بالإغراء قال الله جل وعز في المائدة ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ) فنصب على الإغراء وقال الشاعر

 

 

( فعد عن الصبا وعليك هما ... توقش في فؤادك واختبالا )

نصب هما بالإغراء وقال آخر

( رويدا عليا جد ما ثدي أمه ... إلينا ولكن بغضه متماين )

ويغرى بكذلك ايضا قال الشاعر

( أقول وقد تلاحقت لمطايا ... كذاك القول إن عليك عينا )

نصبت القول بالإغراء ومعنى الإغراء الزم واحفظ

والنصب من التحذير

قولهم رأسك والحائط والأسد الأسد معناه احذر الأسد قال الله عز وجل ( فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها ) ومعناه احذروا ناقة الله أن تمسوها بسوء

وقال الشاعر

 

 

( أخاك أخاك إن من لا أخا له ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح )

وقال آخر

( فطر خالدا إن كنت تستطيع طيرة ... ولا تقعن إلا وقلبك حاذر )

نصبت خالدا على التحذير

والنصب من اسم بمنزلة اسمين

مثل قولهم أتاني خمسة عشر رجلا ومررت بخمسة عشر رجلا وضربت خمسة عشر رجلا صار الرفع والنصب والخفض بمنزلة واحدة لأنه اسم بمنزلة اسمين ضم أحدهما إلى الآخر فألزمت فيهما الفتحة التي هي أخف الحركات وكذلك تقول في معد يكرب وحضرموت وبعلبك بمنزلة اسمين قال الله عز وجل في المدثر ( عليها تسعة عشر ) نصب ومحله الرفع لأنه خبر الصفة وتقول لقيته كفة كفة وعلى هذا قال امرؤ القيس

 

 

( لقد أنكرتني بعلبك وأهلها ... ولابن جريج كان في حمص أنكرا )

نصب بعلبك لأنه اسم بمنزلة اسمين

وأما قول الأعشى

( وكسرى شهنشاه الذي سار ملكه ... له ما اشتهى راح عتيق وزنبق )

فهذه الهاء من شهنشاه تتبع ما بعدها من رفع ونصب وخفض تقول شهنشاه ادخل شهنشاه اذهب شهنشاه اضرب فإذا رقفت قلت شهنشاه

والنصب بخبر ما بال وأخواتها

قولهم ما بال زيد قائما ومالك ساكتا وما شأنك واقفا قال الله جل ذكره في ( سأل سائل ) ( فما الذين كفروا قبلك مهطعين ) وفي المدثر

( فما لهم عن التذكرة معرضين ) نصب مهطعين ومعرضين لأنهما خبر مال ومثله في النساء ( فما لكم في المنافقين فئتين ) لأنه خبر مال

 

 

قال الراعي

( ما بال دفك بالفراش مذيلا ... أقذى بعينك أم أردت رحيلا )

نصب مذيلا لأنه خبر ما بال

والنصب من مصدر في موضع فعل

قوله جل وعز في حم المؤمن ( سنة الله التي قد خلت في عباده ) نصب سنة الله لأنه مصدر في موضع فعل كأنه قال سن الله سنة فجعل في موضع سن سنة وهو مصدر فأضافه وأسقط التنوين للإضافة

وقال كعب بن زهير

( يسعى الوشاة بجنبيها وقيلهم ... إنك يا بن أبي سلمى لمقتول )

نصب قيلهم لأنه مصدر في معنى يقولون قيلا فأضاف وأسقط التنوين

 

 

والنصب بالأمر

قولهم صبرا وحديثا أي اصبر وحدث قال الله عز وجل في سورة محمد ( فضرب الرقاب ) معناه فاضربوا الرقاب ومثله في الروم ( منيبين إليه ) و ( مخلصين له الدين ) أي أنيبوا إليه وأخلصوا له الدين

قال الشاعر

( فدع عنك نهبا صيح في حجراته ... ولكن حديثا ما حديث الرواحل )

معناه حدثني حديثا

وكذلك قولك صبرا أي اصبر صبرا قال الراجز

( ملسا بذود الحمسي ملسا ... ملسا به حتى كأن الشمسا )

( بالأفق الغربي تكسى الورسا )

 

 

معناه املس املس

ومثله قولهم غفرانك لا كفرانك قال الله عز وجل في البقرة ( غفرانك ربنا وإليك المصير ) اغفر لنا ربنا ومثله قول الشاعر

( وقارك وارتئافك في نمير ... فلا تعجل بالغضب اعجلالا )

أي توقر وترأف

والنصب بالمدح

قولهم مررت بزيد الرجل الصالح نصبت الرجل الصالح على المدح وإن شئت جعلته بدلا من زيد فخفضته وإن شئت رفعته على إضمار هو كقولك مررت بزيد هو الرجل الصالح وزعم يونس النحوي أن نصب هذا الحرف على المدح في سورة النساء ( والمقيمين الصلاة ) و ( الصابرين في البأساء والضراء ) قال الشاعر

( لا يبعدن قومي الذين هم ... سم العداة وآفة الجزر )

 

 

( النازلين بكل معترك ... والطيبين معاقد الأزر )

نصب النازلين والطيبين على المدح ويروي بعضهم والطيبون وينشد على ثلاثة أوجه ويقول اذا طال كلام العرب بالرفع نصبوا ثم رجعوا إلى الرفع

وقال الأخطل

( نفسي فداء أمير المؤمنين إذا ... أبدى النواجد يوم باسل ذكر )

( الخائض الغمر والميمون طائره ... خليفة الله يستسقى به المطر )

نصب الخائض والميمون وخليفة الله على المدح والتعظيم وقال الأخطل أيضا

( لقد حملت قيس بن عيلان حربها ... على مستقل بالنوائب والحرب )

 

 

( أخاها إذا كانت عضاضا سمالها ... على كل حال من ذلول ومن صعب )

نصب أخاها على المدح ولولا ذلك لخفضه على البدل من مستقل

وإنما ينصب المدح والذم والترحم والاختصاص على إضمار أعني ويفسر على ذلك لله ولرسوله والحمد والشكر

والنصب بالذم

قولهم مررت بأخيك الفاجر نصبت الفاسق نصبت الفاجر الفاسق على الذم وعلى هذا ينصب هذا الحرف في تبت ( وامرأته حمالة الحطب ) ومثله ( مذبذبين بين ذلك ) و ( ملعونين أينما ثقفوا ) منصوبة على الذم كما ذكر أهل النحو وقال عروة بن الورد العبسي

( سقوني الخمر ثم تكنفوني ... عداة لله من كذب وزور ) عداة الله على الذم وقال النابغة الذبياني

 

 

( لعمري وما عمري علي بهين ... لقد نطقت بطلا علي الأقارع )

( أقارع عوف لا أحاول غيرها ... وجوه قرود تبتغي من تجادع )

نصب وجوه قرود على الذم وقال آخر

( طليق الله لم يمنن عليه ... أبو داود وابن أبي كثير )

( ولا الحجاج عيني بنت ماء ... تقلب عينها حذر الصقور )

نصب عيني على الذم

قال ابن خياط العكلي

( وكل قوم أطاعوا أمر سيدهم ... إلا نميرا أطاعت أمر غاويها )

( الظاعنين ولما يظعنوا أحدا ... والقائلين لمن دار نخليها )

( نصب الظاعنين والقائلين على الذم

 

 

والنصب بالترحم

قولهم مررت به المسكين نصبت المسكين على أنك رحمته وقال مهلهل

( ولقد خبطن بيوت يشكر خبطة ... أخوالنا وهم بنو الأعمام )

نصب أخوالنا على الترحم

قال طرفة بن العبد

( قسمت الدهر في زمن رخي ... كذاك الحكم يقصد أو يجور )

( لنا يوم وللكروان يوم ... تطير البائسات ولا نطير )

نصب البائسات على الترحم وقال آخر

( وتأوي إلى نسوة بائسات ... وشعثا مراضيع مثل السعالي )

 

 

نصب شعثا ومراضيع على الترحم وقال آخر

( فأصبحت بقرقرى كوانسا فلا تلمه أن ينام البائسا نصب البائس على الترحم

والنصب باختصاص

قولهم إنا بني عبد الله نفعل كذا وكذا نصب بني لأنه اختصاص اختص الفعل ولم يخبر أنهم بنوا عبد الله كأنه قال إنا أعني بني عبد الله قال مهلهل

( إنا بني تغلب قوم معاقلنا ... بيض السيوف إذا ما أفزع البلد )

نصب بني على الاختصاص

قال الشاعر

( إنا بني منقر قوم لنا شرف ... فينا سراة بني سعد وناديها )

 

 

وقال رؤبة

بنا تميما يكشف الضباب

نصب تميما على الاختصاص ألا ترى أنه أخبر عن الفعل وقال آخر

( ألم تر أنا بني دارم ... زرارة فينا أبو معبد )

نصب بني على الاختصاص

وأما قول الآخر

( نحن بنو خويلد صراحا ... )

فإنه رفع بني لأنه أخبر أنهم بنو خويلد ونصب صراحا على القطع وينشد بيت للبيد بن ربيعة

( نحن بني أم البنين الأربعة ... ونحن خير عامر بن صعصعة )

 

 

ينصب هذا البيت ويرفع وكذلك قال آخر

( نحن بنو ضبة أصحاب الجمل ... )

وبني ضبة ايضا على ما بينت لك

والنصب بالصرف

قولهم لا أركب وتمشي ولا أشبع وتجوع فلا أسقط الكناية وهي أنت نصب لأن معناه لا أركب وأنت تمشي ولا أشبع وأنت تجوع فلما أسقط الكناية وهي أنت نصب لأنه مصروف عن جهته

قال الله عز وجل ( فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم ) وكذلك في البقرة ( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) معناه والله أعلم وأنتم تكتمون الحق وأنتم تدعون إلى السلم فلما أسقط أنتم نصب وقال بعضهم موضعها جزم على معنى ولا تلبسوا الحق بالباطل ولا تكتموا الحق وقال المتوكل الكناني

 

 

( لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم )

نصب تأتي على فقدان أنت

ومن الصرف أيضا قول الله عز وجل ( بلى قادرين ) معناه بلى نقدر فصرف من الرفع إلى النصب وقال بعضهم على معنى بلى كنا قادرين

قال الشاعر

( ألم ترني عاهدت ربي وإنني ... لبين رتاج قائما ومقام )

( على قسم لا أشتم الدهر مسلما ... ولا خارجا من في زور كلام )

فنصب خارجا على الصرف معناه ولا يحرج فلما صرفه نصبه

 

 

وأما نصب ( صبغة الله ) فعلى معنى فعل مضمر اطرح لعلم المخاطب بمعناه وهو الزموا صبغة الله والصبغة الدين

وأما قوله تعالى ( قل بل ملة إبراهيم حنيفا ) نصب ملة على إضمار كلام كأنه قال بل نتبع ملة إبراهيم وقوله ( سلام قولا من رب رحيم ) نصب قولا على الصرف أي يقولون قولا

النصب ب ساء ونعم وبئس وأخواتها

فهذه حروف تنصب النكرة وترفع المعرفة تقول بئس رجلا زيد ونعم رجلا محمد نصبت رجلا لأنه نكره ورفعت زيدا ومحمدا لأنهما معرفتان

قال الله تعالى ( ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا ) و ( كبرت كلمة ) نصبت مثلا وكلمة لأنهما نكرتان ومنه قوله عز وجل ( وساء لهم يوم القيامة حملا ) ومثله ( ومأواهم جهنم

 

 

وساءت مصيرا ) وتقول حبذا رجلا زيد

قال الشاعر

( أبو موسى فحسبك نعم جدا ... وشيخ الركب خالك نعم خالا )

نصب جدا وخالا لأنهما نكرتان

والنصب من خلاف المضاف

قولهم هذا ضارب زيد تخفض زيدا بإضافة ضارب زيد إليه فإذا أدخلت التنوين على ضارب خالفت الإضافة وصار كالمفعول به فنصبت زيدا بخلاف المضاف وعلى أنه كان مفعولا تقول من ذلك هذا ضارب زيدا ومكلم محمدا فلما أدخلت التنوين نصبت

ومثله قول الله جل اسمه ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا ) نصب إخوانا للتنوين ومجازه من غل إخوان وكذلك ( في أربعة أيام سواء ) نصب سواء لمجيئه بعد التنوين وإن قلت نصبت على الاستغناء جاز

 

 

وقال العجاج

( وكم حسرنا من علاة عنس ... درفسة وبازل درفس )

( محتنك ضخم شؤون الرأس ... )

نصب شؤون لما أدخل التنوين على ضخم ومجازه ضخم شؤون

وقال الحارث بن ظالم

( فما قومي بثعلبة بن سعد ... ولا بفزارة الشعر الرقابا )

نصب الرقاب لإدخال الألف واللام على الشعر لأن الألف واللام يعاقبان التنوين والتنوين يعاقب الألف واللام وقال آخر

( ليست من السود أعقابا إذا انصرفت ... ولا تبيع بشطي مكة البرما )

نصب أعقابا لإدخال الألف واللام على السود وقال رؤبة

( الحزن بابا والعقور كلبا ... )

 

 

نصب بابا وكلبا لإدخال الألف واللام على الحزن والعقور

وتقول هذا حسن وجها وهذا حسن الوجه فإذا أدخلت عليها الألف واللام نصبت أيضا وجها تقول هذا الحسن وجها وهذا الحسن الوجه تنصب ما بعده على خلاف المضاف

وأما قول النابغة

( ونأخذه بعده بذناب عيش ... أجب الظهر ليس له سنام ) فإنه نوى التنوين في أجب وأجب لا ينصرف لأنه على وزن أفعل ونصب الظهر لأنه نوى التنوين في أجب كما تقول مررت بحسن الوجه فنصب على خلاف المضاف

والنصب على الموضع لا على الاسم

قولهم أزورك في اليوم أو غدا وتقول لستم بالكرام ولا السادة قال عقيبة الأسدي

 

 

( معاوي إننا بشر فأسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا )

نصب الحديد على موضع الجبال لأن موضعها النصب وإنما انخفض بالباء الزائدة وليس للباء موضع في الإعراب كأنه قال فلسنا الجبال ولا الحديد والباء للإقحام

وقال كعب بن جعيل

( ألا حي ندماني عمير بن عامر ... إذا ما تلاقينا من اليوم أو غدا )

نصب غدا على الموضع لا على الاسم لأن من لا موضع لها من الإعراب وقال لبيد

( فإن لم تجد من دون عدنان والدا ... ودون معد فلتزعك العواذل )

نصب دون على الموضع لا على الاسم

 

 

ومنه قول جرير

( فالشمس طالعة ليست بكاشفة ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا ) نصب نجوم الليل والقمرا لأن موضعهما نصب كما تقول لا آتيك عبادة الناس الله أي ما عبد الناس الله كاشفة يعني ظاهرة يقال ضربه فكشف عظمه أي أظهره

والنصب من نعت النكرة تقدم على الاسم

تقول هذا ظريفا غلام وهذا واقفا رجل قال الشاعر

( وتحت العوالي والقنا مستظلة ... ظباء أعارتها العيون الجآدر )

نصب مستظلة لأنه نعت ظباء تقدم

قال النابغة

 

 

( كأنه خارجا من جنب صفحته ... سفود شرب نسوه عند مفتأد )

نصب خارجا لأنه نعت سفود تقدم وقال آخر

( لمية موحشا طلل ... يلوح كأنه خلل )

نصب موحشا لأنه نعت نكرة تقدم على الاسم وقال آخر

( وبالجسم مني بينا إن نظرته ... شحوب وإن تستشهد العين تشهد )

نصب بينا لأنه نعت نكرة تقدم على الاسم وهو شحوب

وقال آخر

( هشام ابن الخلائف قد طوتني ... ببابك سبعة عددا شهور )

( بعيرا واقفان وصاحبيه ... ألما يأن أن يثم البعير )

أراد بعيرا صاحبيه واقفان فقدم وأخر

 

 

وأما قول الله جل ذكره ( خاشعة أبصارهم ) فإنه نصب على الحال أي يخرجون بتلك الحال

والنصب بالنداء المضاف

قولهم يا زيد بن عبد الله نصبت زيدا لأنه نداء مضاف ونصبت بن لأنه بدل من زيد وخفضت عبد الله بإضافة بن إليه

وقد تنادي العرب بغير حرف النداء يقولون زيد بن عبد الله على معنى يا زيد بن عبد الله قال الله جل ذكره في سورة ( بني إسرائيل ) ( ذرية من حملنا مع نوح ) بمعنى يا ذرية من حملنا

 

 

ولا يفصل بين المضاف والمضاف إليه لأنه لا يقال جاء غلام اليوم زيد ولكن تقول جاء غلام زيد اليوم وجاء اليوم غلام زيد وقد جاء في الشعر منفصلا قال عمرو بن قميئة

( لما رأت ساتيدما استعبرت ... لله در اليوم من لامها )

أي لله در من لامها اليوم ففصل

وقال آخر

( كما خط الكتاب بكف يوما ... يهودي يقارب أو يعيد )

أي بكف يهودي قال الله تعالى ( زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم ) فرق بين المضاف والمضاف إليه

 

 

قال ذو الرمة

( كأن أصوات من إيغالهن بنا ... أواخر الميس أصوات الفراريج )

أراد كأن أصوات أواخر الميس وقال أخر

( وقد زعموا أني جزعت عليهما ... وهل جزع أن قلت وابأباهما )

( هما أخوا في الحرب من لا أخاله ... إذا خاف يوما نبوة فدعاهما )

يعني أخوا من لا أخاله ففصل بين المضاف والمضاف إليه وقدم وأخر

والنصب على الاستغناء وتمام الكلام

مثل قول الله تعالى في الطور ( والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور ) إلى قوله ( إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين بما

 

 

آتاهم ربهم ) نصب فاكهين على الاستغناء وتمام الكلام وفي سورة الذاريات ( إن المتقين في جنات وعيون آخذين ) ومثله ( فارهين ) و ( خالدين )

كل هذا نصب فنصب آخذين على الاستغناء وتمام الكلام لأنك إذا قلت ( إن المتقين في جنات وعيون ) ثم سكت فقد تم الكلام واستغنى عما يجيء بعده فنصب ما يجيء بعده وإذا قلت إن زيدا في الدار وسكت كان كلاما تاما فلما استغنيت عن القائم نصبت فقلت قائما

وأما قوله ( إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون ) فإنه رفع على خبر أن وإذا قلت ( إن المتقين في جنات ونعيم ) فقد تم كلامك ولم تحتج إلى ما بعده فتنصب على الاستغناء وأما قوله عز وجل ( إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون ) فإنه رفع فاكهون لأنه خبر إن ولأن الكلام لم يتم دونه

 

 

قال الشاعر في مثله

( وإن لكم أصل البلاد وفرعها ... وللخير فيكم ثابتا مبذولا )

نصبت ثابتا مبذولا على الاستغناء وتمام الكلام لأنك إذا قلت وللخير فيكم فقد تم كلامك وتقول أنتكلم بهذا وأنت ههنا قاعدا ومثله ( انتهوا خيرا لكم ) نصب خيرا لأنه يحسن السكوت عنه

وقوله ( فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم ) رفع لأنه خبر لا يحسن السكوت دونه وكذلك ( وأن يستعففن خير لهن )

ويقال معناه وإن تصوموا فالصيام خير لكم وإن يستعففن يكن الاستعفاف خيرا لهن فالاستعفاف خير لهن

 

 

ومثل الأول في الأعراف ( قل هي للذين أمنوا في الحياة الدنيا خالصة ) نصب خالصة على الاستغناء وتمام الكلام كما تقول هي لك نحلة ويرفع أيضا ب هي كما تقو أنحلها لك نحلة ويرفع أيضا تقول هي خالصة على تقدم الكلام على خبره

وأما قوله عز وجل ( وهو الحق مصدقا ) ( وله الدين واصبا ) معناه هو الحق المصدق وله الدين الواصب فإنه لما أسقط الألف واللام نصب على القطع

والنصب الذي يقع في النداء المفرد

أن تنادي اسما ليس فيه الألف واللام ثم تعطف عليه باسم فيه ألف ولام تقو ل يا زيد والفضل ويا محمد والحارث وقال الله جل وعز ( يا جبال أوبي معه والطير ) نصب الطير لأن حرف النداء لم يقع عليه ولم يجز أن تقول يا الفضل فنصبت على خلاف النداء

 

 

وقال الشاعر

( ألا يا زيد والضحاك سيرا ... فقد جاوزتما خمر الطريق )

وقال أخر

( فما كعب بن مامة وابن سعدى ... بأجود منك يا عمر الجوادا )

أراد يا الجواد فلما لم يجز نصبه

ويجوز أن ترفع على معنى يا زيد أقبل وليقبل معك الفضل وعلى هذا يقرأ من يقرأ

( يا جبال أوبي معه والطير ) على الرفع ومجازه وليؤوب الطير معك

وأما قول النابغة

 

 

( كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب )

فنصب أميمة لأنه أراد الترخيم فترك الاسم على أصله وأخرج على التمام ونصب عل نية الترخيم وقال قوم نصبه على الندبة والتفسير الأول احسن

والمندوب يندب بالهاء والألف وإنما ألحقوا الألف لبعد الصوت فقالوا يا زيدا ويقال بالهاء أيضا يا زيداه وقال جرير بن عطية يرثي عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه

( قلدت أمرا عظيما فاصطبرت له ... وسرت فيه بحكم الله يا عمرا ) فألحق الألف للندبة قال الله عز وجل ( يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله )

والنصب على البنية

ما كان بناء بنته العرب مما لا يزول إلى غيره مثل الفعل الماضي ومثل حروف إن وليت ولعل وسوف وأين وما أشبهه

 

 

أي كثروا وقال آخر

( لو أن قومي حين تدعوهم حمل ... على الجبال الصم لا نهد الجبل )

أي حملوا فأفرد مؤخرا وقال آخر

( إذا رأيت أنجما من الأسد جبهته أو الخرات والكتد )

( بال سهيل في الفضيح ففسد ... وطاب ألبان الشتاء وبرد )

أي بردت

والنصب بالدعاء

قولهم تبا لهم وسحقا وتربا له وجندلا أي لقاه الله تربا وجندلا قال الشاعر

( هنيئا لأرباب البيوت بيوتهم ... وللعزب المسكين ما يتلمس )

 

 

قال هنيئا لهم في معنى ليهنهم كما يقال هنيئا لك أبا فلان أي ليهنك

ويرفع أيضا فيقال ترب له وجندل أي الذي يلقاه ترب وجندل قال الشاعر

( لقد ألب الواشون ألبا لبينهم ... فترب لأفواه الوشاة وجندل )

فرفع والنصب أجود وإنما رفعه لأنه جعله اسمين وقال آخر

( نبئت نعما على الهجران عاتبه ... سقيا ورعيا لذاك العاتب الزاري )

أي سقاه الله ورعاه

وأما قول الآخر

( عجبا لتلك قضية وإقامتي ... فيكم على تلك القضية أعجب )

 

 

فإنه أراد عجبت عجبا ويروى عجب بالرفع ونصب قضية على عدم الصفة أي من قضية

والنصب بالاستفهام

قولهم أقعودا والناس قيام على معنى أتقعدون والناس قيام وهذا فعل ليس بماض ولا مستقبل وهو فعل دائم أنت فيه

قال الشاعر

( أطربا وأنت قنسري ... والدهر بالإنسان دواري )

أراد تطرب طربا وقال آخر

( أعبدا حل في شعبى غريبا ... ألؤما لا أبالك واغترابا )

أراد تجمع لؤما واغترابا وقال آخر

 

 

( أفي الولائم أولادا لواحدة ... وفي العيادة أولادا لعلات ) يعني لأمهات أي تصيرون مرة كذا ومرة كذا وتقول أقرشيا مرة وتميما مرة أي تصير مرة كذا ومرة كذا

وأما قول الشاعر

( ألحق عذابك بالقوم الذين طغوا ... وعائذا بك أن يطغوا فيطغوني ) فكأنه قال أعوذ بك عائذا

والنصب بخبر كفى مع الباء

قولهم كفى بزيد رجلا قال الله عز وجل ( وكفى بالله حسيبا ) ( وكفى بالله شهيدا ) ( وكفى بربك هاديا ونصيرا ) ومثله كثير في كتاب الله عز وجل

قال الشاعر هو حسان بن ثابت

 

 

( فكفى بنا فضلا على من غيرنا ... حب النبي محمد إيانا )

نصب فضلا ب كفى وخفض غيرنا لأنه جعل من نكرة كأنه قال على حي غيرنا وقد رفعه ناس وهو أجود على قوله على من هو غيرنا أي على حي هم غيرنا فيضمرون هم كما قرئ هذا الحرف في الأنعام ( ثم آتنيا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن ) أي على الذي هو أحسن ومن قرأ ( على الذي احسن ) فإن محله الخفض إلا أنه على أفعل وأفعل لا ينصرف

وحسب مثل كفى إلا أنك تخفض ب حسب وتنصب ب كفى تقول حسب زيد درهم وهو في محل الخفض فإذا نسقت عليه باسم ظاهر خفضت الاسم الظاهر أيضا تقول حسب زيد وعمرو درهمان وحسب عبد الله وأخيك ثوبان رفعت حسب على الابتداء وثوبان خبر الابتداء فإذا كنيت الاسم الأول وعطفت عليه باسم ظاهر نصبت الاسم

 

 

الظاهر تقول حسبك وعبد الله درهمان وحسبه ومحمدا ثوبان معناه حسبك وكفى عبد الله درهمان قال الشاعر

( إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا ... فحسبك والضحاك عضب مهند )

أراد حسبك وكفى الضحاك سيف مهند

والنصب بالمواجهة وتقدم الاسم

قولهم إياك ضربت وإياك أردت قال الله جل وعز ( إياك نعبد وإياك نستعين ) إياك في محل النصب برجوع ما في الفعل عليه قال الشاعر

 

 

( إياك أدعو فتقبل ملقي ... واغفر خطاياي وثمر ورقي )

الورق يراد به المال من الإبل والغنم وكل ما حسن حال الرجل جائز أن يسمى ورقا يشبه بورق الغصن

وقال آخر

( وإياك لو عضتك في الحرب مثلها ... جررت على ما ساء نابا وكلكلا )

أراد أنت لو عضت إلا أنه أظهر الكناية فقال عضتك فأوقع الفعل على الاسم وألغى كاف الكناية وقال آخر

( لعمرك ما خشيت على عدي ... سيوف بني مقيدة الحمار )

( ولكني خشيت على عدي ... سيوف الروم أو إياك حار )

أراد حارثا وأراد وخفتك فلم يستقم عليه الشعر فقال إياك وقال آخر

( إليك حتى بلغت إياكا )

 

 

فلما لم يصل إلى الكاف قال إياك

وأما قولهم إياك وزيدا إياك والتماس الباطل قال فإنهم ينصبون الكلام الأخير على معنى التحذير قال الشاعر

( إياك أنت وعبد المسيح ... أن تقربا قبلة المسجد )

وقال آخر

( إيا المزاحة والمراء فدعهما ... خلقان لا أرضاهما لصديق )

وقال آخر

( فإياك إياك المراء فإنه ... إلى الشر دعاء وللشر جالب )

نصب المراء على النهي عنه فإذا أخبرت ترفع تقول كل امرئ ونفسه وكل قوم ومواقفهم

 

 

والنصب بفقدان الخافض

نحو قل الله عز وجل في آل عمران ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ) نصب أولياءه على فقدان الخافض يعني يخوف بأوليائه فلما أسقط الباء نصب ومثله قوله جل ذكره ( ذكر رحمة ربك عبده زكريا ) نصب عبد ه على فقدان الخافض أي لعبده فلما أسقط اللام نصب ومثله ( أو عدل ذلك صياما ) أي من صيام ومثله ( ما هذا بشرا ) أي ببشر فلما اسقط الباء نصب

وتميم ترفع هذا كلما كان بعد الاسم المبهم والمكنى يجعلونه مبتدأ وخبرا ويقرؤون ( ما هذا بشر ) فيجعلون هذا مبتدأ وبشرا خبره وعلى هذا يروون هذا البيت للنابغة

( قالت فيما ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا ونصفه فقد )

 

 

يرفعون الحمام لأنهم يجعلون هذا مبتدأ والحمام خبره ولا يعملون ليت ومن نصب الحمام أراد العمل ل ليت وأراد ليت الحمام لنا وجعل ما وهذا ههنا حشوا وكذلك مذهبهم في ( ما هذا بشر ) وعلى هذا يقرؤون في سورة البقرة ( إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ( بالرفع على معنى ابتداء وخبره ومن قرأ ما بعوضة جعل ما حشوا وصلة على معنى إن يضرب مثلا بعوضة وقيل أراد ما بين بعوضة فلما أسقط الخافض نصب ومنه قول الشاعر

( يا أحسن الناس ما قرنا إلى قدم ... ولا حبال محب واصل تصل )

أي ما بين قرن إلى قدم والعرب تقول مطرنا ما زبالة فالثعلبية أي ما بين

قال الفرزدق في فقدان الخافض

 

 

( منا الذي اختير الرجال سماحة ... وجودا إذا هب الرياح الزعازع )

أي اختير من الرجال وقال آخر

( أستغفر الله ذنبا لست محصيه ... رب العباد إليه الوجه والعمل )

أي من ذنب وقال آخر

( وكونوا أنتم وبني أبيكم ... مكان الكليتين من الطحال )

أي مع بني أبيكم فلما نزع مع نصبه وقال آخر

( وأغفر عوراء الكريم اصطناعه ... وأعرض عن شتم اللئام تكرما )

أي لاصطناعه

وقال الله جل وعز في الأعراف ( واختار موسى قومه سبعين رجلا )

 

 

لميقاتنا ) أي اختار موسى من قومه ونصب سبعين بإيقاع الفعل عليه ونصب رجلا على التفسير قال الشاعر

( أزمان قومي والجماعة كالذي ... لزم الرحالة أن تميل مميلا )

أي مع الجماعة وقال الفرزدق

( نبئت عبد الله بالجو أصبحت ... كراما مواليها لئاما صميمها )

أي عن عبد الله وقال المتلمس

( آليت حب العراق الدهر آكله ... والحب يأكله في القرية السوس )

أي على حب العراق وآكله بمعنى لا آكله

وأما قول الله تعالى ( تساقط عليك رطبا جنيا ) فهذا على قطع الألف واللام منه يعني الرطب فلما قطع الألف واللام نصبه

 

 

والنصب ب كم إذا كان استفهاما

قولهم كم رجل عندك أراد رب رجل عندك فإذا فصلت نصبت فقلت كم عندك رجلا قال زهير

( تؤم سنانا وكم دونه ... من الأرض محدودبا غارها )

أراد كم محدودب من الأرض غارها فلما فصل نصب وقال آخر

( كم بجود مقرفا نال العلا ... وكريما بخله قد وضعه )

وقال القطامي

 

 

( كما نالني منهم فضلا على عدم ... إذ لا أزال من الإقتار أجتمل )

أراد كم فضل نالني منهم فلما فصل نصب

وتقول في الخبر كم رجل أتاك وكم رجل لقيت قال الشاعر

( كم ملوك باد ملكهم ... ونعيم سوقه بارا )

وإن شئت رفعت فقلت كم رجل عندك كأنك قلت رجل عندك ولم تلتفت إلى كم

وأما قول الشاعر

( على أنني بعدما قد مضى ... ثلاثون للهجر حولا كميلا )

( يذكرنيك حنين العجول ... ونوح الحمامة تدعو هديلا )

أراد ثلاثون حولا كميلا للهجر ففصل

 

 

والنصب الذي يحمل على المعنى

كقول الشاعر

( وبينا نحن ننظره أتانا ... معلق وفضة وزناد راعي )

حذف التنوين من معلق وأضافه إلى وفضة وعطف عليه زناد راعي كأنه قال ومعلقا زناد راعي وقال آخر

( هل أنت باعث دينار لحاجتنا ... أو عبد رب أخا عون بن محراق

حمله على المعنى أراد هل أنت باعث دينارا فحذف التنوين وخفض الدينار ونصب عبد بالعطف على موضعه كأنه نوى التنوين

 

 

أما قوله الآخر

( ذرار خلف المحجرين جواده ... إذا لم يحام دون أنثى حليلها

أراد كرار جواده فأضاف خلف إليه ونصب جواده على المفعول به ومنه قول الآخر

( ترى الثور فيها مدخل الظل رأسه ... وسائره باد إلى الشمس أجمع )

أراد مدخلا رأسه الظل فأضاف الظل إليه ونصب رأسه على المفعول به

والنصب بالبدل

كقول الله عز وجل في الأنعام ( وجعلوا لله شركاء الجن ) نصب الجن بالبدل ومثله قوله فيها ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ) نصب شياطين على البدل

وقال الشاعر

( كأن الفرات ماءه وسديره ... غدا بأناس يوم قفى الرحائل )

 

 

نصب ماءه وسديره على البدل من اسم كأن وهو الفرات ومثله قول الشاعر

( كأن هذا ثناياها وبهجتها ... يوم التقينا على أرحال عناب )

أبدل ثناياها وبهجتها من هند فنصب ومعناه كأن هندا وكأن ثناياها وكأن بهجتها

ومنه تقول رأيت زيدا أخاه قائما نصبت زيدا ب رأيت ونصبت أخاه بالبدل ولو رفعته على الابتداء كان جائزا ومثله قول الشاعر وهو ذو الرمة

( ترى خلقها نصفا قناة قويمة ... ونصفا نقا يرتج أو يتمرمر )

نصب نصفا على البدل

وأما قول الآخر

تعدون عقر النيب أفضل مجدكم ... بني ضوطرى لولا الكمي المقنعا )

 

 

فإنه نصب الكمي على إضمار كلام كأنه قال هلا تعدون فيما تعقرون الكمي المقنعا والكمي الفارس الشجاع والمقنع الذي يقنع بالسلاح أي لبس الحديد ولولا في معنى هلا والمضمر في الكلام كثير ومثله قول الآخر

( وما زرتني في النوم الا تعلة ... كما القابس العجلان ثم يغيب )

أي كما يفعل القابس

وقال الله جل وعز ( وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ) معناه حب العجل ومثله ( واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها ) أي سل أهل القرية وأهل العير ومثله في السجدة ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا ) معناه يقولون ربنا أبصرنا

 

 

ومثله قوله تعالى في الرعد ( ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أن قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا ) فاكتفى بالخبر وأضمر الجواب كأنه قال لسارت الجبال وتقطعت الأرض وتكلمت الموتى فاكتفى بالأول عن الجواب المضمر في الكلام

قال شاعر

( كذبتم وبيت الله لا تنكحونها ... بني شاب قرناها تصر وتحلب )

يعني التي شاب قرناها فأضمر وقال عنتر العبسي

( لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ... أو كان يدري ما الكلام تكلم )

أي لقيل له تكلم

وأما قول الآخر

( تذكرت أرضا بها أهلها ... أخوالها فيها وأعمامها )

 

 

أي تذكرت أخوالها وأعمامها وقال الآخر

( إذا تغنى الحمام الورق هيجني ... ولو تعزيت عنها أم عمار )

نصب أم عمار على معنى هيجني فذكرت أم عمار

وتقول هذا ضارب زيد وعمرا نصبت على ضمير فعل كأنك قلت وضرب عمرا ومثله قول الشاعر

( جئني بمثل بني بدر وأخوتهم ... أو مثل أسرة منظور بن سيار )

كأنه قال أو هات مثل أسرة منظور

وأما قول الآخر

( قعود على الأبواب طلاب حاجة ... عوان من الحاجات أو حاجة بكرا )

أي أو يطلبون حاجة بكرا ومثله قول الله جل ذكره في الأنعام

 

 

( وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ) نصب الشمس والقمر على معنى وجعل الشمس والقمر حسبانا

والنصب بالمشاركة

نحو قول عبد بني عبس

( قد سالم الحيات منه القدما ... الأفعوان والشجاع الشجعما )

( وذات قرنين ضموزا ضرزما ... )

نصب القدم والشجاع إذا كان الفعل لهما وكان القدم مسالمة للشجاع والشجاع مسالما للقدم

ومنه وليس بعينه قولك ضربت زيدا وعمرا أكرمت أخاه ومثله كنت أخاك وزيدا أعنتك عليه وكنت بمنزلة ضربت وسائر الفعل قال الله جل ذكره في الأعراف ( فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ) نصب فريقا الثاني على المشاركة

 

 

ومنه في الفرقان ( وعادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا نصب كلا بالمشاركة وقال في ( هل أتى ) ( يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ) نصب الظالمين على هذا

وقال الشاعر

( أصبحت لا أحمل السلاح ولا ... أملك راس البعير إن نفرا )

( والذئب أخشاه إن مررت به ... وحدي وأخشى الرياح والمطرا )

نصب الذئب على أن أضمر أخشى الذئب ليكون الفعل عاملا كما كان أولا

والنصب بالقسم

عند سقوط الواو والباء والتاء من أول القسم تقول الله لا أفعل ذلك يمين الله لا أزورك نصبت لأنك نزعت حرف الجر كما تقول بحق لا أزورك فإذا نزعت الباء قلت حقا لا أزورك

قال الشاعر

 

 

( ألا رب من قلبي له الله ناصح ... ومن قلبه لي في الظباء السوانح )

قال الله لأنه أراد والله فلما أسقط الواو نصب وقال آخر

( إذا ما الخبز تأدمه بزيت ... فذاك أمانه الله الثريد )

أراد وأمانه الله فلما نزع منه الواو نصب قال امرؤ القيس

( فقلت يمين الله ما أنا بارح ... ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي ) وبعضهم يضمرون حرف القسم ويجرون به فيقولون الله لا أزورك كما يضمرون رب ويجرون به

وتقول عمر الله وعمرك الله قال الشاعر

 

 

( عمرك الله أما تعرفني ... أنا حراث المنايا في الفزع )

ومثله قعدك الله على معنى نشدتك الله ولا فعل ل قعدك وأما عمرك الله فعلى معنى عمرتك الله أي سألت الله لك طول العمر

وسبحان الله بدل من التسبيح وريحانه استرزاقه و معاذ الله على معنى عياذا بالله ومعنى سبحان الله في قولهم نزاهة الله من السوء

فأما سبوحا قدوسا فنصبه على معنى ذكرت سبوحا قدوسا

وأما ما ينصب من المصادر في معنى التعجب قولهم كرما وصلفا وكرما لك وطول عمر وأنف أي اكرمك الله وأطول بعمرك وبأنفك

ومن قرأ ( تنزيل العزيز الرحيم بالنصب أراد وتنزيل العزيز

 

 

الرحيم على القسم فلما نزع الواو منه نصب ومن رفع فبالابتداء وكذلك قوله عز وجل في سبأ ( وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب ) أراد وعالم الغيب ويرفع على الابتداء

وأما قوله في الزمر ( قل اللهم فاطر السموات والأرض ) نصب فاطر لأنه نداء مضاف معناه يا فاطر السموات

ومعنى اللهم أرادوا أنهم أن يقولوا يا الله فثقل عليهم فجعلوا مكان حرف النداء الميم وجعلوا الميم من حروف النداء فقالوا اللهم لأن الميم من حروف الزوائد أيضا فأسقطوا يا وهو حرف النداء وجعلوا ميما زائدة في آخر الكلمة لأن الميم من حروف الزوائد كأنك تريد يا ألله ثم

 

 

قلت اللهم فزدت الميم بدلا من يا في أوله وربما أتو بحر ف النداء والميم توهموا أنها تسبيحة

قال الشاعر

( ماذا علي أن أقول كلما ... سبحت أو صيلت يا اللهم ما )

( أردد علينا شيخنا مسلما )

والنصب بإضمار كان

قولهم فعلت ذاك إن خيرا وإن شرا على معنى إن يكن فعلي خيرا وإن يكن شرا قال الشاعر

( لا تقربن الدهر آل مطرف ... إن ظالما في الناس أو مظلوما )

يريد إن كان الرجل في الناس ظالما أو مظلوما وقال آخر

 

 

( فأحضرت عذري عليه الأمير ... إن عاذرا لي أو تاركا )

يقول إن يكن الأمير لي عاذرا أو تاركا وقد يجوز الرفع على إن يكن في فعلي خير أو شر

قال الشاعر

( فإن يك في أموالنا لا نضق به ... ذراعا وإن صبرا فنصبر للدهر )

كأنه قال وإن يكن فيه الصبر صبرنا أو وقع صبر وقال آخر

( فتى في سبيل الله اصفر وجهه ... ووجهك مما في القوارير اصفرا )

يريد كان اصفرا

وأما قول امرؤ القيس

 

 

( فقلت له لا تبك عينك إنما ... نحاول ملكا أو نموت فنعذرا )

فإنه نصب على إضمار أن يعني أو أن نموت ونصب نعذر لأنه نسق بالفاء على أن نموت وقال بعضهم أراد حتى أن نموت لأن أو في موضع حتى

وتقول هذا تمرا أطيب منه بسرا أي إذا كان تمرا أطيب منه إذا كان بسرا فإذا خالفت الكلام قلت هذا تمر أطيب منه العسل وتقول محمد فقيها أبصر منه شاعرا أي إذا كان فقيها وشاعرا

والنصب بالترائي

يكون وجهه وجه النصب بإيقاع الفعل عليه غير أن النحويين جعلوه بابا تنصب به الاسم والنعت والخبر تقول أبصرت زيدا قائما ورأيت محمدا منطلقا

وتقول بصر عيني زيدا قائما معناه أبصرت عيناي زيدا قائما وكذلك تقول بصر عيني زيد قائم رفعت زيدا لأنه اسم مبتدأ ورفعت

 

 

قائما لأنه خبره وأردت به زيد قائم ببصر عيني ونصبت بصر عيني بفقدان الخافض

والنصب ب وحده

ولا يكون وحده إلا نصبا في كل جهة تقول مررت بزيد وحده ورأيت زيدا وحده وهذا زيد وحده وإنما صار كذلك لأنه مصروف عن جهته تريد مررت بزيد الواحد فلما أسقطت الألف واللام نصبته لأنه مصروف عن جهته

فإذا قلت هو نسيج وحده خفضته قال الشاعر

( جاءت به معتجرا ببرده ... سفواء تردي بنسيج وحده )

حكى الخليل بن أحمد يخفضونه أيضا في قولهم جحيش وحده وعيير وحده بالكسر

وأما التحثيث

فهو في معنى المصدر إلا أنك تلحق به ألفا ولاما للمعرفة وتحث عليه نحو

 

 

قولك الخروج الخروج والسير السير السحور السحور الصلاة الصلاة تضمر له فعلا تصدر منه هذا المصدر

وأما الفعل الذي يتوسط بين صفتين

فهو نصب أبد ا كقولك أزيد في الدار قائما فيها ومثله قول الله جل وعز ( فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها ) يعني أن النار صفة وفيها صفة فوقع خالدين بينهما وخالدين تثنية وهو فعل فلا يجوز فيه الرفع ومن قال من النحويين إن الرفع جائز فقد لحن

والنصب من المصادر التي جعلوها بدلا من اللفظ الداخل على الخبر والاستفهام

قولهم أنت سيرا سيرا وما هو إلا السير السير وما أنت شرب الإبل وإلا ضرب الناس وإلا ضربا الناس ولا تنوين في شرب لأنه لا يتعدى إلى الإبل قال الشاعر

( ألم تعلم مسرحي القوافي ... فلا عيا بهن ولا اجتلابا )

أي فلا أعيا بهن ولا أجتلب

 

 

وأما قول الآخر

( يا صاحبي دنا الرواح فسيرا ... لا كالعشية زائرا ومزورا )

أي لم أر كما رأيت العشية زائرا

وأما قول الله جل وعز ( والله أنبتكم من الأرض نباتا ) أي أنبتكم فنبتم نباتا قال الشاعر

( أرى الفتى ينبت إنبات الشجر )

أي ينبت فينبته الله إنبات الشجر مضى تفسير وجوه النصب وهذه

 

 

2

وجوه الرفع

والرفع أحد وعشرون وجها

الفاعل وما لم يذكر فاعله والمبتدأ وخبره واسم كان وأخواتها وخبر إن وما بعد مذ والنداء المفرد وخبر الصفة وفقدان الناصب والحمل على الموضع والبينة والحكاية والتحقيق وخبر الذي ومن وما وحتى إذا كان الفعل واقعا والقسم والصرف والفعل المستأنف وشكل النفي والرفع بهل وأخواتها

وعلامة الرفع ستة أشياء الضمة والواو والفتحة والألف والنون والسكون فالضم عبد الله وزيد والواو أخوك وأبوك والفتحة عبدا الله في الاثنين والألف في قولهم الزيدان والعمران والنون في يقومان ويقومون والسكون في يرمي ويقضي ويغزو ويخشى

 

 

فالرفع بالفاعل

قولك خرج زيد وقام عمرو

وما لم يذكر فاعله

ضرب زيد وكسي عمرو

والمبتدأ وخبره

زيد خارج والمرأة منطلقة رفعت زيدا بالابتداء ورفعت خارجا لأنه خبر الابتداء

واسم كان وأخواتها

تقول كان عبد الله شاخصا رفعت عبد الله ب كان ونصبت شاخصا لأنه خبر كان ولا بد ل كان من خبر

وقد يجعل كان في معنى يكون ومنه قول الله تعالى في ( سأل سائل ) ( في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) والمعنى يكون قال الشاعر

 

 

( فإني لآتيكم بشكري ما مضى ... من العرف واستيجاب ما كان في غد )

والمعنى يكون في غد

وقد يرفعون ب كان الاسم والخبر فيقولون كان زيد قائم وقال الشاعر في ذلك

( إذا ما المرء كان أبوه عبس ... فحسبك ما تريد من الكلام )

رفع الأب على الابتداء وعبس خبره ولم يعبأ ب كان وقل آخر

( إذا مت كان الناس صنفان شامت ... وآخر مثن بالذي كنت أصنع )

وقال آخر

 

 

( وهي الشفاء لدائي لو ظفرت بها ... وليس منها شفاء الداء مبذول )

فكأنهم قالوا كان الأمر والقصة الناس صنفان وشفاء الداء مبذول وما أشبه ذلك

وإذا عدوها إلى مفعول قالوا كنت زيدا وكانني زيد فهذا مثل ضربت زيدا وضربني زيد وقالوا في مثل إذا لم تكنهم فمن ذا يكونهم

قال الشاعر

( فإن لم يكنها أوتكنه فإنه ... أخوها غذته أمه بلبانها )

وربما جعلوا النكرة اسما والمعرفة خبرا فيقولون كان رجل عمرا إلا أن النكرة أشد تمكنا من المعرفة لأن أصل الأشياء نكرة ويدخل عليها التعريف والوجه أن تجعل المعرفة اسما والنكرة خبرا قال القطامي

( قفي قبل التفرق يا ضباعا ... ولا يك موقف منك الوداعا )

وقال آخر

 

 

( فإنك لا تبالي بعد حول ... أظبي كان أمك أم حمار )

وقال آخر

( ألا من مبلغ حسان عني ... أطب كان ذلك أم جنون )

وقال آخر

( كأن سلافة من بيت رأس ... يكون مزاجها عسل وماء )

وقال الفرزدق

( أسكران كان ابن المراغة إذ هجا ... تميما بجوف الشام أم متساكر )

جعل المعرفة خبرا والنكرة اسما

 

 

ويقال كان القوم صحيح أبوهم وأصبح القوم صحيح ومريض والوجه صحيحا ومريضا النصب على خبر كان والرفع على معنى منهم صحيح ومنهم مريض قال الشاعر

( فأصبح في حيث التقينا شريدهم ... قتيل ومكتوف اليدين ومزعف )

والمعنى فأصبح شريدهم في حيث التقينا منهم قتيل ومنهم مكتوف اليدين ومنهم مزعف

ومثله

( فلا تجعلي ضيفي ضيف مقرب ... وأخر معزول عن البيت جانب )

كأنه قال لا تجعلي ضيفي أحدهما ضيف مقرب وآخر معزول

وقد يكون كان في معنى جاء وخلق الله قال الله تبارك وتعالى في البقرة ( وإن كان ذو عسرة ) أي وإن جاء ذو عسرة

قال الشاعر

 

 

( إذا كان الشتاء فأدفئوني ... فإن الشيخ يهدمه الشتاء )

أي إذا جاء الشتاء قال الشاعر

( فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي ... إذا كان يوم ذو كواكب أشهب )

أي إذا وقع

وأما قول عنترة

( بني أسد هل تعلمون بلاءنا ... إذا كان يوما ذا كوكب أشنعا )

فإنه أراد إذا كان اليوم يوما ذا كواكب قال الله عز وجل في سورة النساء

( إلا أن تكون تجارة ) والمعنى إلا أن تقع تجارة ومن قرأ ( تجارة ) فالمعنى إلا أن تكون التجارة تجارة وقال لبيد بن ربيعة

 

 

فمضى وقدمها وكانت عادة ... منه إذا هي عردت أقدامها )

معناه العادة عادة وإن كان إقدامها عادة فقدم وأخر

وتقول كيف تكلم من كان غائب أي من هو غائب قال الله عز وجل في سورة مريم ( كيف نكلم من كان في المهد صبيا أي من هو في المهد ونصب صبيا على الحال

وتقول مررت بقوم كانوا كرام ألغيت كان وأردت مررت بقوم كرام قال الفرزدق

( فكيف إذا أتيت ديار قوم ... وجيران لنا كانوا كرام )

وأما قول الله جل ثناؤه في سورة آل عمران ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) فالمعنى أنتم خير أمة وقال بعضهم معناه كونوا خير أمه وهو أصح مما فسره المفسرون

 

 

وأما قولهم الحرب أول ما تكون فتية أي الحرب أول أحوالها إذا كانت فتية قال الشاعر

( الحرب أول ما تكون فتية ... تسعى بزينتها لكل جهول )

وقالوا ليس القوم ذاهبين ولا مقيما أبوهم نصب مقيما على البدل قال الشاعر

( مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ... ولا ناعبا إلا ببين غرابها ) نصب ناعبا على البدل من خبر ليس

فإن قلت كان عبد الله أبوه قائما رفعت عبد الله ب كان ورفعت أباه على البدل من اسم كان قال الشاعر

( فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما )

 

 

رفع هلك الثاني على البدل وإن نصب على الخبر جاز

ويرفعون ما كان أهم إليهم لا يبالون اسما كان أم خبرا إذا جعلوه اسما قال الشاعر

( وكنا الأيمنين إذا التقينا ... وكان الأيسرين بند أبينا )

وقال آخر

( لقد علم الأقوام ما كان داءها ... بثهلان إلا الخزي ممن يقودها )

جعل الخزي اسما وداءها خبرا قال الله عز وجل ( وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم ) وجواب ينصب ويرفع على ما فسرته لك ومثله ( فكان عاقبتهما أنهما في النار ) ترفع عاقبتهما وتنصب

 

 

والرفع بخبر إن

قولهم إن زيدا قائم إن عبد الله خارج ويقولون إن عبيد الله الظريف خارج نصبت عبد الله بإن ونصبت الظريف لأنه من نعته ورفعت خارجا لأنه خبره

فإذا فصلوا بين الاسم والنعت كانوا بالخيار إن شاؤوا رفعوا النعت وإن شاؤوا نصبوه يقولون إن زيدا خارج الظريف ويقولون إن زيدا خارج الظريف

قال الله عز وجل ( قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب ) إن شئت رفعت علام وإن شئت نصبت والرفع أحسن

وتقول إن زيدا خارج ومحمد نصبت زيدا بإن ورفعت خارجا لأنه خبره ورفعت محمدا لأنه اسم جاء بعد خبر مرفوع وإن شئت نصبت محمدا لأنك نسقته بالواو على زيد

ومثله قول الله جل وعز في التوبة ( أن الله برئ من المشركين )

 

 

ورسوله ) رفع رسوله لأنه اسم جاء بعد خبر مرفوع وإن شئت نصبت والرفع أجود ومثله قوله عز وجل ( وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها ) رفع لأنه اسم جاء بعد خبر مرفوع وإن شئت نصبت والرفع أجود

وأما قول الشاعر

( فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإني وقيار بها لغريب )

وقد نصبه قوم وهو أجود وإنما رفعه لأنه توهم أنه اسم جاء بعد الخبر على قوله إني لغريب وقيار بها ولو قلت إن زيدا وعبد الله منطلقان لكان لحنا وإنما جاز في الأول لأنه توهم أنه اسم جاء بعد خبر مرفوع

وعلى هذا تقرأ هذه الآية في المائدة ( إن الذين أمنوا والذين هادوا

 

 

والصابئون ) رفع الصابئين على الابتداء ولم يعطف على ما قبله وكذلك قرؤوا ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين ) ثم قرؤوا ( والجروح قصاص )

ويقال إنه عطف على موضع إن لأن موضعها مبتدأ ويقال مقدم ومؤخر قال الفرزدق

( تنح عن البطحاء إن جسيمها ... لنا والجبال الباذخات الفوارع )

فرفع الجبال على الابتداء ولم ينسق وعلى هذا يقرأ في المائدة ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ) إلى آخر الآية وقال آخر وهو الفرزدق

( إن الخلافة والنبوة فيهم ... والمكرمات وسادة أبطالا )

فنصب إتباعا

( وإنما يجوز هذا في أن ولكن وأما كأن وليت ولعل

 

 

فليس إلا النصب في النعت والاسم والنسق تقدم أو تأخر تقول كأن زيدا قائم وأباك وليت زيدا خارج الظريف وليت محمدا منطلق وأباك وإنما صار كذلك لأن إن ولكن تحقيقان وكأن تشبيهه ولعل شك وربما كانت رجاء وليت تمن

وأما قول المتلمس

( أطريفة بن العبد إنك جاهل ... أبساحة الملك الهمام تمرس

( ألق الصحيفة لا ابالك إنني ... أخشى عليك من الخناء النقرس )

رفع النقرس لأنه أراد أنا النقرس وهو العالم يقال رجل نقريس نطيس

وأما قول الآخر

( إن فيها أخيك وابن هشام ... وعليها أخيك والمختارا )

 

 

هذا لغز يريد أخي كوى من الكي بالنار

وأما قول الله تبارك وتعالى ( إن هذان لساحران ) فقد ذكر عن ابن عباس أنه قال إن الله تبارك اسمه أنزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب فنزلت هذه الآية بلغة بني الحارث بن كعب لأنهم يجعلون المثنى بالألف في كل وجه مرفوعا فيقولون رأيت الرجلان ومررت بالرجلان وأتاني الرجلان وإنما صار كذلك لأن الألف أخف بنات المد واللين

قال الشاعر

( إن لسلمى عندنا ديوانا " ... اخرى فلانا وابنه فلانا )

( كانت عجوزا غبرت زمانا ... وهي ترى سيئها إحسانا )

( نصرانة قد ولدت نصرانا ... أعرف منها الجيد والعينانا )

( ومقلتان أشبها ظبيانا ... )

 

 

رفع المثنى في كل وجه وقال العينانا فنصب نون الاثنين لأنه جعل النون حرفا لينا فصرفها إلى النصب

وقال بعضهم في هذا النحو

( بمصرعنا النعمان يوم تألبت ... علينا تميم من شظى وصميم )

( تزود منا بين اذناه ضربة ... دعته إلى هابي التراب عقيم

قال أذناه وهو في موضع الخفض وقد يكون إن في معنى نعم في بعض لغات العرب قال الشاعر

( بكرت علي عواذلي ... يلحينني وألومهنه )

( ويقلن شيب قد عراك ... وقد كبرت فقلت إنه )

أي نعم وأجل وقال آخر

 

 

( شاب المفارق إن إن من البلى ... شيب القذال مع العذال الواصل )

أي نعم نعم وقال آخر

( قال سليمى ليت لي بعلا يمن ... يغسل عن رأسي وينسيني الحزن )

( وحاجة ليست لها عندي ثمن ... مستورة قضاؤها منه ومن )

( قالت بنات العم يا سلمى وإن ... كان فقيرا معدما قالت وإن )

( قالت وإن قالت وإن قالت وإن )

أي نعم

قال الإمام الخليل بن أحمد وأنا أقرؤها إن شئتم مخففة على الأصل ( إن هذان لساحران ) أي ما هذان إلا ساحران قال الشاعر

 

 

( غدر ابن جلموز بفارس بهمة ... عند اللقاء ولم يكن بمعرد )

( ثكلتك أمك إن قتلت لمسلما ... حلت عليك عقوبة المتعمد )

أي ما قتلت إلا مسلما وفي قراءة عائشة رضي الله عنها ( إن هذين لساحران )

وأما قول الشاعر

( فلم ترعيني مثل سرب رأيته ... خرجن علينا من زقاق ابن واقف )

قال رأيته ولم يقل رأيتهن لأن الهاء صلة وليست بكناية وكذلك قول الله جل اسمه في سورة الجن ( قل أوحي الي أنه استمع نفر من الجن ) الهاء صلة وليست بكناية

والرفع ب مذ

ومذ ترفع ما بعدها ما كان ماضيا وتخفض ما لم يمض تقول ما رأيته مذ يومان ومذ سنتان ومذ ثلاث ليال ومذ سنة ومذ شهر ومذ ساعة قال الشاعر

( أبا حسن ما زرتكم مذ سنية ... من الدهر إلا والزجاجة تقلس )

وقال آخر

 

 

( لمن الديار بقنة الحجر ... أقاوينا مذ حجج ومذ شهر )

ف مذ ترفع ما بعدها حتى تأتي بالألف واللام فإذا جاء الحرف وفيه ألف ولام وهو لم يمض فإن العرب تخفض ب مذ حينئذ تقول ما رأيته مذ اليوم ومذ الساعة وما كان ماضيا لا ترفعه حتى تصفه تقول ما رأيته مذ اليوم الماضي وما رأيته مذ اليوم الطيب

وأما منذ الثقيلة فإنها تخفض ما مضى وما لم يمض على كل حال

والرفع بالنداء المفرد

تقول يا زيد ويا عمرو و يا محمد ولا يكون منونا قال الله جل

 

 

ذكره ( يا نوح اهبط بسلام منا ) ( يا هود ما جئتنا ببينة ) ( يا لوط إنا رسل ربك ) ( يا صالح )

وأما قول الشاعر

يا حار لا أرمين منكم بداهية ... لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك )

خفض حار لأنه أراد يا حارث فرخم الثاء وترك الراء مكسورة على الأصل وكذلك تفعل بالاسم المرخم إذا نودي به كقول الأخر

( فصالحونا جميعا إن بدا لكم ... ولا تقولوا لنا أمثالها عام )

أراد يا عامر وقرؤوا هذا الحرف ( يا مال ليقض علينا ربك ) أي يا مالك وقال آخر

( يا مرو إن مطيتي محبوسة ... ترجو النجاء وربها لم ييأس )

أراد يا مروان فترك الواو مفتوحة على الأصل

 

 

ويرخم ثمود ثمو وإن الاسم لا يكون على أقل من ثلاثة أحرف وهو مأخوذ من الثمد وهو مستنقع الماء وقال الشاعر

أو كماء الثمود بعد جمام ... زرم الدمع لا يؤوب نزورا )

وأما قول الآخر

( يا خالد المقتول لا تقتل )

هو لغز يريد يا خال د المقتول من الدية وقال آخر

يا رازق الذرة الحمراء وابنتها ... على خوانك ملحا غير مدقوق ) أراد يا راز قد ذرت الحمراء فأدغم الدال في الذال وشدده

والرفع بخبر الصفة

تقول لزيد مال ولمحمد عقل وعليك قميص وفي الدار زيد واقف وإن شئت واقفا الرفع على خبر الصفة والنصب على الاستغناء وتمام الكلام ألا ترى أنك تقول في الدار زيد وقد تم كلامك

 

 

وإذا لم يتم كلامك فليس إلا الرفع بك زيد مأخوذ وإليك محمد قاصد ألا ترى أنك إذا قلت بك زيد لم يكن كلاما حتى تقول مأخوذ قال الشاعر

( يقولون في حقويك ألفان درهما ... وألفان دينارا فما بك من فقر )

والرفع على فقدان الناصب

مثل قول الله عز وجل في البقرة ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله ) معناه ألا تعبدوا إلا الله فلما أسقط حرف الناصب ارتفع فقال لا تعبدون ومثله في البقرة ( وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ) معناه ألا تسفكوا فلما أسقط حرف الناصب إرتفع

قال طرفة بن العبد

 

 

( ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي )

معناه أن أحضر الوغى وقال نصب بإضمار أن والدليل على ذلك وأن أشهد اللذات وقال آخر

( خذي العفو مني تستديمي مودتي ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب )

( فإني رأيت الحب في الصدر والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب )

على معنى أن يذهب فلما نزع حرف الناصب ارتفع

وأما قوله عز وجل ( لا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ ) فرفع بلاغا على أنه خبر الصفة معناه ولا تستعجل لهم بلاغ

والرفع بالصرف

قول الله عز وجل ( ولا تمنن تستكثر ) ذكر النحويون أن معناه

 

 

ولا تمنن مستكثرا فصرف من منصوب إلى مرفوع ومثله ( ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ) معناه ثم ذرهم في خوضهم لاعبين فصرف من النصب إلى الرفع لولا ذلك لكان يلعبوا جزما على جواب الأمر

ومثله ( فذروها تأكل في أرض الله ) ومن يقرؤها بالرفع أي آكلة فصرف من النصب إلى الرفع ومثله قول الشاعر

( متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ... تجد حطبا جزلا ونارا تأججا )

وقال آخر

( متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد )

رفع تعشو على معنى تأته عاشيا فصرف من النصب إلى الرفع ولولا ذلك لكان تعش على المجازاة جزم

 

 

وأما قول الأعشى وليس من هذا النوع

( لقد كان في حول ثواء ثويته ... تقضي لبانات ويسأم سائم )

أراد أن يقول وأن يسأم سائم فصرف النصب إلى الرفع فقال ويسأم وقال بعضهم نصب ويسأم على إضمار ان فصرف إلى النصب لأن معناه وأن يسأم

والرفع بالحمل على الموضع

كقول الشاعر

( ولما يجد إلا مناخ مطية ... تجافى بها زور نبيل وكلكل ) ومفحصها عنها الحصى بجرانها ... ومثنى نواج لم يخنهن مفصل )

( وسمر ظماء واترتهن بعدما ... مضى هجعه من آخر الليل ذبل )

 

 

رفع سمرا ولم ينسقه على الاستثناء لأنه حمله على المعنى لأنك إذا قلت لم أر في البيت إلا رجلين فهو في المعنى في البيت رجلان

وعلى هذا قال الشاعر

( بادت وغير آيهن على البلى ... إلا رواكد جمرهن هباء )

( ومشجج أما سواء قذاله ... فبدا وغير سارة المعزاء )

فرفع وكان حده النصب على الاستثناء لأنه حمله على المعنى كما تقول فني المال إلا أقله رفع على المعنى لأنك تريد بقي أقله وساره بمعنى سائره

وأما قول الفرزدق بن غالب

 

 

( إليك أمير المؤمنين رمت بنا ... هموم المنى والهوجل المتعسف )

( وعظ زمان يا بن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحت او مجلف )

حمله على المعنى فرفعه لأن معناه بقي من المال مسحت أو مجلف والمسحت المهلك والمجلف المستأصل من قول الله جل وعز ( فيسحتكم بعذاب أي يهلككم ومعنى لم يدع لم يبق إلا مسحت

ومن روى مسحت ومجلف بكسر الحاء واللام في مجلف فإنه رفعه على الموالاة لأنه جعل إلا بمنزلة الواو كأنه قال وعظ زمان أذهب مالنا ومسحت ومجلف من الزمان أي مهلك ومنه قول الله جل وعز ( لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشون ) معناه والذين ظلموا منهم وإلا في موضع الواو

 

 

وقال الشاعر

( من كان أسرع في تفرق فالج ... فلبونه جربت معا وأغدت )

( إلا كناشرة الذي ضيعتم ... كالغصن في غلوائه المتنبت )

أي وكناشرة وإلا في موضع الواو وذلك أن بني مازن يزعمون أن بني فالج الذين هم في بني سليم وناشرة الذين هم في بني أسد من بني مازن ومنه قول الأعشى

( إلا كخارجة المكلف نفسه ... وابني قبيصة أن أغيب ويشهدا )

أي وكخارجة

وقال آخر

( نهدي الخميس نجادا في مطالعها ... إما المصاع وإما ضربة رغب )

 

 

حمل الضربة على المعنى فرفعها ولم يعطفها على المصاع فينصبها كأنه قال وإما أن تكون ضربة رغب وأما قول الأعشى

( إن كنت أعجبتني فالآن أعجبتني ... قتل الغلامان بالديمومة البيد )

فإنه أراد ما قتله الغلامان فرخم الهاء وسكن التاء لتحرك اللام ورفع الغلامين بفعلهما

والرفع بالبنية

مثل حيث وقط لا يتغيران عن الرفع على كل حال وكذلك قبل وبعد إذا كانا على الغاية وفي لغة بعضهم حيث بالفتح لأن الفتحة أخف الحركات وقالوا حيث وحوث

فما كان مفتوحا فهو على القياس وأما المضمومة كأنهم توهموا هذه الضمة التي في هذا الجنس الذي لا يجري فيه الإعراب وأما المجزومة فهو متحرك الوسط سكنوه إذ لم يجتمع الساكنان وذلك مثل نعم وأجل وكم وهل ومن وإنما سكنوه لأنه حرف جاء لمعنى وليس باسم فيكون فاعلا أو مفعولا أو مضافا فيدخله الإعراب

 

 

وإذا كان الحرف المتوسط منه ساكنا حرك بالفتح لئلا يسكنا مثل أين وكيف وليت وأن وحيث وأشباه ذلك فاعرف موضعها

والرفع بالحكاية

كل شيء من القول فيه الحكاية فارفع نحو قولك قلت عبد الله صالح وقلت الثوب ثوبك قال الله جل ذكره ( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ) وقال ( ولا تقولوا ثلاثة ) ( وقولوا حطة ) فإذا أوقعت عليها الفعل فانصب نحو قولك قلت خيرا قلت شرا نصبت لأنه فعل واقع

والحروف التي يحكى بها أربعة سمعت وقرأت ووجدت وكتبت قال ذو الرمة سمعت

( سمعت الناس ينتجعون بحرا ... فقلت لصيدح انتجعي بلالا )

ويروى ينتجعون غيثا ويروى وجدت الناس رفع الناس على الحكاية

 

 

وقال آخر

( وجدنا في كتاب بني تميم ... أحق الخيل بالركض المعار )

رفع أحق على الحكاية ولولا ذلك لكان نصبا كما تقول وجدت مالا وقال آخر

( كتبت أبو جاد وحطي مرامر ... وخرقت سربالا ولست بكاتب )

وكل ما استفهمت به فارفع بالحكاية ما لم تجئ بالتاء فإذا جئت بالتاء فانصب فإنه بمنزلة تظن وترى أما الرفع فمثل قولك أقلت عبد الله خارج فيم قلت الناس خارجون بكم قلت الثوبان فإذا جاءت التاء فانصب نحو قولك أتقول زيدا عالما أتقول الناس خارجين

قال الشاعر

 

 

( أنواما تقول بني لؤي ... قعيد أبيك أم متناومينا )

نصب نواما وبني ب تقول وقال آخر

( متى تقول القلص الرواسما ... يلحقن أم غانم وغانما )

نصب القلص الرواسما لما أدخل التاء وقال آخر

( أما الرحيك فدون بعد غد ... فمتى تقول الدار تجمعنا )

نصب الدار على معنى تظن

وأما قول الشاعر

( فقالت حنان ما أتى بك ههنا ... أذو نسب أم أنت بالحي عارف )

 

 

يريد أمري وأمرك حنان لولا ذلك لنصبه وأما قول الآخر

( حناني ربنا وله عنونا ... نعاتبه لئن نفع العتاب )

فإنه أراد تحنن ربنا مرة بعد أخرى والتحنن الرحمة يقول ارحمنا رحمة بعد رحمة

وأما قول الآخر

( يشكو إلي جملي طول السرى صبر جميل فكلانا مبتلى )

فإنه رفع صبرا لما وصفه فقال صبر جميل لولا ذلك لنصب صبرا على الأمر يقول أمري وأمرك صبر جميل

قال طرفة

( أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشر أهون من بعض )

كأنه قال رحمتيك لأن التحنن من الرحمة أي ارحمنا رحمة بعد رحمة

 

 

وأما قولك لبيك إنما يريدون قربا ودنوا على معنى إلباب بعد إلباب أي قرب بعد قرب فجعلوا بدله لبيك ويقال ألب الرجل بمكان كذا وكذا أي أقام

وكان الوجه أن تقول لبيتك لأنهم شبهوا ذلك باللبب فإذا اجتمع في الكلمة حرفان غيروا الحرف الأخير كما قال الله جل وعز ( وقد خاب من دساها ) والأصل دسسها فقالوا لبيك قربت وأقمت

وإذا قالوا أنا لب فإنما يريدون قريب منك مرة واحدة وإذا قالوا لبيك أرادوا أنا قريب منك أنا قريب منك مرتين قال الشاعر

( دعوت لما نابني مسورا ... فلبى فلبي يدي مسور )

والرفع بالتحقيق

قولهم لا رجل إلا زيد ولا إله إلا الله رفعت اسم الله وزيدا

 

 

على التحقيق ولأنه لا يجوز أن تسكت دون تمامه ألا ترى انك إذا قلت لا رجل لم يكن كلامك تاما حتى تقول إلا زيد

وأما قول الأعشى

( وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان )

رفع الفرقدين لأنه أراد والفرقدان يفترقان فجعل إلا تحقيقا وقال بعضهم إلا في موضع الواو

ومثله قول الله تعالى في يونس ( فلولا كانت قرية أمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا ) معناه فهلا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس أي وقوم يونس لما آمنوا وإلا في موضع الواو

 

 

وإنما نصب قوم يونس لأن إلا بمعنى لكن قوم يونس لأن إلا تحقيق ولكن تحقيق

ومثله قوله جل ذكره ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى ) نصب تذكرة على معنى لكن تذكرة إذ كان من حروف التحقيق ومن قرأ تذكرة بالرفع أراد إلا أن تكون تذكرة عن الفراء

وأما قول الشاعر

( إذا لقي الأعداء كان خلاتهم ... وكلب على الأدنين والجار نابح )

أراد كان خلاة للأعداء وهو كلب على الأدنين أو قيل وما هو أيضا فقال كلب على الأدنين رفع على الابتداء ومثله قول الآخر

( فتى الناس لا يخفى علينا مكانه ... وضرغامة إن هم بالأمر أوقعا )

 

 

يعني وهو ضرغامة

ولولا تكون في معنى هلا وتكون في معنى إذا كما قال الله جل وعز ( فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ) معناه فإذا بلغت الحلقوم

وتكون هل في معنى أليس قال الله جل وعز ( هل في ذلك قسم لذي حجر ) أي أليس في ذلك قسم وتكون في معنى قد قال الله جل ذكره ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر ) أي قد أتى على الإنسان

والرفع ب الذي ومن وما

فهذه أسماء ناقصة لا بد لها من صلات ويكون جوابها مرفوعا أبدا تقول الذي ضرب عمرو زيد ف الذي رفع على الابتداء وضرب

 

 

صلته وعمرو رفع بفعله وزيد رفع لأنه خبر الابتداء وتقول الذي أكلت تمر والذي شربت لبن رفعت تمرا لأنه خبر الابتداء ومثله قول الله تعالى في يونس ( ما جئتم به السحر ) رفع على الخبر أي الذي جئتم به السحر

وأما قول الشاعر

( عدس ما لعباد عليك إمارة ... عتقت وهذا تحملين طليق )

معناه الذي تحملين طليق رفع لأنه خبر الذي ومثله ( إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم ) أي إن الذين تدعون عباد أمثالكم ومثله أيضا ( إن ما صنعوا كيد ساحر ) معناه إن الذي صنعوا

 

 

وأما ماذا فمنهم من يجعل ماذا بمنزله ما وحده فيقول ماذا رأيت أي ما رأيت فتقول زيدا أي رأيت زيدا كما قال الله تعالى في النحل ( ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا ) كأنه قال أنزل خيرا

ومنهم من يجعل ماذا بمنزلة الذي فيقول ماذا رأيت فتقول خير أي الذي رأيت خير قال الله تعالى ( ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ) رفع على معنى الذي أنزل أساطير الأولين ومنه قول الله تعالى في البقرة ( ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو ) بالرفع معناه الذي ينفقون العفو قال الشاعر

( ألا تسألون المرء ماذا يحاول ... أنحب فيقضى أم ضلال وباطل )

 

 

قال أنحب على معنى الذي يحاول نحب أم ضلال وباطل

ويقرأ ( ماذا ينفقون قل العفو ) بالنصب على معنى ينفقون العفو وهو فضلة المال وكذلك عفو الماء والقدر وغير ذلك فضلته وكذلك يجوز النصب في قوله ( ما جئتم به السحر ) و ( وإنما صنعوا كيد ساحر ) على إيقاع الفعل أي صنعوا

وأصل الذي ذو كما قال الشاعر

( إذا ما جنى لم يستشرني بذو جنى ... وليس يعريني الذي هو قارف

يعني بالذي جنى ومثله قول الآخر

( فإن بيت تميم ذو سمعت به ... فيه تنمت وعزت بينها مضر )

 

 

ذو سمعت أي الذي سمعت وقال آخر

( إذا ما أتى يوم يفرق بيننا ... بموت فكن يا وهم ذو يتأخر )

أي الذي يتأخر

ثم أدخلوا على ذو الألف واللام للتعريف ويلزم الياء كما ألزمت الكسرة في هؤلاء في كل وجه

فإذا جمعوا زادوا على الذي نونا وجعلوه اسما بمنزلة اسمين ضم أحدهما إلى الآخر فألزمت الفتحة اليت هي أخف الحركات ولا يتغير الذين إلى غير النصب في جميع الحركات

وأما التثنية منه فإنه مصروف تقول اللذان قالا ورأيت اللذين قالا ومررت باللذين قالا ثم جمعوا فقالوا الذين في كل وجه كما قالوا في حضرموت ومعد يكرب

والرفع ب حتى إذا كان الفعل واقعا

قولهم سرنا حتى ندخلها رفعت ندخلها لأنه فعل قد مضى

 

 

وهو واقع فكأنه صرف من النصب إلى الرفع ووجهه حتى دخلناها

قال امرؤ القيس

( مطوت بهم حتى تكل غزاتهم ... وحتى الجياد ما يقدن بأرسان )

رفع تكل على معنى حتى كلت وهو واقع فكأنه صرف من النصب إلى الرفع وعلى هذا يقرأ هذا الحرف ( وزلزلوا حتى يقول الرسول ) بالرفع أي حتى قال وهو واقع ويقرأ بالنصب على معنى الاستقبال

 

 

والرفع بالقسم

لا يكون إلا بلام التأكيد مثل قولهم لعمر الله ولعمرك قال أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي

( لعمر أبيك الخير ما رهط خندف ... تدافعهم عنك الرماح المداعس )

وقال آخر

( لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ... ولا زاجرات الطير ما الله صانع )

رفع لعمرك لأنه شبه لامه بلام الخبر كقوله جل ذكره ( إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد ) و ( إن ربهم بهم يومئذ لخبير )

والرفع في الأفعال المستقبلة

وهو الفعل المستأنف رفع أبدا إلا أن يقع عليه حرف جازم أو حرف ناصب وعلامة الفعل المستقبل أن يقع في أول الفعل أحد هذه الحروف

 

 

الأربعة وهي الألف والتاء والياء والنون ومعناه بالألف أنا أخرج وبالتاء أنت تخرج وبالياء هو يخرج وبالنون نحن مخرج فإذا وقع أحد هذه الحروف في أول الفعل كان رفعا أبدا

والرفع بشكل النفي

وهو كل ما جاز فيه النصب بالنفي ثم رفعته فهو شكل النفي على ما قرؤوا ( فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) ومعناه ليس رفث وليس فسوق

وأما قول الشاعر

( فلا أب وابنا مثل مروان وابنه ... إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا ) وأما قول الآخر

 

 

( لا نشب اليوم ولا خلة ... إتسع الخرق على الراقع )

نونت الاسم الثاني لأنك لم تجعل خلة مع نشب اسما واحدا لأنك جعلت اليوم بينهما وعلى أنك جعلت الواو للعطف لا للنفي لأن موضع نشب نصب

وإن شئت قلت لا غلام ولا جارية عندك ترفع جارية على الابتداء وأما قول الشاعر

( بها العين والآرام لا عد عندها ... ولا كرع إلا المغارات والربل )

فهذا يجوز النصب والرفع في كليهما ومثله قول الشاعر

( هذا وجدكم الصغار بعينه ... لا أم لي وإن كان ذاك ولا أب )

 

 

وفي مثله للراعي

( ما إن صرمتك حتى قلت معلنة ... لا ناقة لي في هذا ولا جمل ) بمعنى ليس ناقة لي ومثله قول الله جل وعز ( لا لغو فيها ولا تأثيم )

والرفع ب هل وأخواتها من حروف الرفع

مثل قولك هل أبوك حاضر وأين أبوك خارج وخارجا وكيف أبو زيد صانع وصانعا وإنما جاز النصب في خبر أين وكيف لأنك تقول أين أبوك وكيف زيد وتسكت فيكون كلاما تاما ثم تنصب على الاستغناء وتمام الكلام وإذا قلت هل أبوك لم يجز لك السكوت حتى تقول خارج فليس فيه إلا الرفع

وتقول هم قوم كرام فإذا جعلت هذه الحروف فصلا بين حروف الترائي وحروف كان لم تعمل شيئا وأجريت الكلام على أصله كقولك كان عمرو هو خيرا منك قال الله تعالى في الأنفال ( وإذا قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ) نصب الحق لأنه خبر كان

 

 

وقال الله عز وجل في الزخرف ( وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ) وقال في الشعراء ( أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين )

وقال في المزمل ( تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا ) نصب خيرا وأعظم أجرا لأنها خبر تجدوا ونصب أجرا على التمييز وقال عز وجل في آل عمران ( ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم ) نصب خيرا لأنه خبر يحسب

فأما تميم فترفع هذا كله ويجعلون المضمر مبتدأ وما بعده خبره كما ينشد هذا البيت

( قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد )

فيرفعون ب هذا ولا يعملون ليت قال الشاعر ايضا

 

 

( تحن إلى ليلى وأنت تركتها ... وكنت عليها بالملا أنت أقدر )

رفع أقدر ب أنت ولم يلتفت إلى كان لأنه يجب أن يكون لأنت خبر وعلى هذا يقرأ من يقرأ هذا الحرف في المائدة ( فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم رفع الرقيب ب أنت

فكل مضمر يجعلونه مبتدأ ويرفعون ما بعده على خبر المبتدأ ومثله قول الله تعالى في الكهف ( إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا ) رفع أقل ب أنا وقال الشاعر

( إني إذا ما كان أمر منكر ... وازدحم الورد وضاق المصدر )

( وجدتني أنا الربيس الأكبر )

والربيس خبر الابتداء والأكبر نعته

وتقول متى أنت وأرضك ومتى أنت والجبل نصبت أرضك على معنى متى عهدك بأرضك وما يمنعك من الجبل فتنصه على معنى الظرف

 

 

قال الشاعر

( اتوعدني بقومك يا بن حجل ... أشابات تخالون العبادا )

( ونعما جمعت حصن وعمرو ... وما حصن وعمرو والجيادا )

أراد وما كان حصن وعمرو مع الجياد فلما حذف مع وأضمر كان نصب وقال آخر

( وما أنا والشر في متلف

يبرح بالذكر الضابط )

فكأنه قال كيف أكون مع الشر

وتقول كن أنت وزيد في موضع واحد وإذا جاءوا بالحروف التي ترفع لم يتكلموا فيها الا الرفع مثل قولك ما فعلت أنت وزيد ما أنت والماء لو شربته ما أنت والأسد لو لقيته

وأما هذا وأشباهه فهم ينصبون بها خبر المعرفة ويرفعون خبر النكرة وأما قول الله جل وعز في الأحقاف ( قالوا هذا عارض ممطرنا ) عارض نكرة وممطرنا معرفة ولا ينعت معرفة نكرة ولا بنكرة بمعرفة فهذا معناه هذا عارض ممطر لنا

 

 

وأما قوله في الأحقاف ( وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا ) لأن العرب إذا طال كلامهم بالرفع نصبوه كما يقولون هذا فارس على فرس له ذنوبا نصب ذنوبا لما تباعد من فرس وكذلك يقولون هذا رجل معه صقر صائدا به وقال بعضهم نصب لسانا بإيقاع الفعل عليه أي يصدق لسانا

وأما قوله في الأحقاف ( ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ ) رفع بلاغا على معنى ولا تستعجل ثم قال لهم بلاغ وقال بعضهم رفع بلاغا على إضمار هذا بلاغ والله أعلم

مضى تفسير وجوه الرفع وهذا

 

 

3

تفسير وجوه الخفض

وهي تسعة

خفض ب عن وأخواتها وخفض بالإضافة وخفض بالجوار وخفض بالبنية وخفض بالأمر وخفض ب حتى إذا كان على الغاية وخفض بالبدل وخفض ب منذ الثقيلة وخفض بالقسم وخفض بإضمار رب

وعلامة الخفض ثلاث الكسرة والياء والفتحة فالكسرة مررت بزيد والياء مررت بأخيك والفتحة مررت بعثمان وعمر

فالجر ب عن وأخواتها

قولك عن محمد ولعبد الله وتقول مررت بأكرم الرجال

 

 

تخفض أكرم الرجال بالباء الزائد وهو على أفعل وإنما خفضته بالإضافة فإذا أضفت إلى من لم تخفض تقول جئتك بأكرم من زيد

قال الله تعالى في النساء ( فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) لم يصرف وقال ( بأحسن ما كانوا يعملون ) فصرف أحسن لأن ما محل اسم ومن صفة ولا تضاف صفة كما قال ذو الرمة

( بأفضل في البرية من بلال ... إذا ميلت بينهما ميالا )

نصب بأفضل لإضافته إلى صفة وقال آخر

( وما فحل بأنجب من أبيكم ... وما خال بأكرم من تميم )

والخفض بالإضافة

قولهم دار زيد وغلام عمرو خفضت زيدا بإضافة دار إليه

والخفض بالجوار

قولهم مررت برجل عجوز أمه ومررت برجل طالق امرأته خفضت عجوزا وليس من نعت الرجل إلا أنه لما كان من نعت الأم خفضته

 

 

على القرب والجوار وكذلك تقول مررت بامرأة شيخ أبوها خفضت شيخا وهو نعت الأب إلا أنه لما جاور امرأة خفضت ورفع أباها على الابتداء

فإذا قلت مررت برجل طامث المرأة لم يجز لأن رجلا نكرة والمرأة معرفة فاختلف الحرفان ويجوز أن تقول مررت بالرجل الطامث المرأة لأنه استوى اللفظان بالألف واللام وتقول رأيت رجلا عجوزا أمه ومررت برجل ذنوب فرسه

فإذا كان الجواب اسما في هذا النوع لم يجز الجوار ولم تخفض تقول مررت برجل زيد أبوه ومررت برجل حديد بابه ورفعت زيدا وأباه على الابتداء والخبر ولم تخفض لأنه اسم وليس بنعت

وخفضوا بالجوار أيضا مثل قول الشاعر

 

 

( أطوف بها لا أرى غيرها ... كما طاف بالبيعة الراهب )

خفض الراهب بالقرب والجوار والوجه فيه الرفع كما قالوا هذا جحر ضب خرب خفض خربا وهو نعت الجحر وإنما خفض لقربه من ضب

ومنه قول الله تعالى في البروج ( ذو العرش المجيد ) وفي الذاريات ( ذو القوة المتين ) خفض المجيد والمتين بالقرب والجوار ويقرأ ( ذو العرش المجيد ) ( ذو القوة المتين ) بالرفع على أنه صفة لذي العرش وهو محل النعت والصفة لله تعالى والنعت للمخلوق

وقال الله جل وعز ( وجاؤوا على قميصه بدم كذب ) خفض كذبا على القرب والجوار ومجازه كذبا على معنى وجاؤوا كذبا على قميصه بدم قال الشاعر

 

 

( فيا معشر العزاب إن حان شربكم ... فلا تشربوا ما حج لله راكب )

( شرابا لغزوان الخبيث فإنه ... يباهتكم منه بأيمان كاذب )

فخفض راكبا على القرب والجوار ومحله الرفع بفعله

ومثله

( كأن ثبيرا في عرانين ودقه ... كبير أناس في بجاد مزمل )

خفض مزملا وهو نعت كبير وهو في محل رفع فخفضه على الجوار وقال آخر

( كأنما خالطت قدام أعينها ... قطنا بمستحصد الأوتار محلوج )

خفض محلوجا وهو نعت قطن

 

 

وأما قول الشاعر

( كيف نومي على الفراش ولما ... تشمل الشام غارة شعواء )

( تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي ... عن خدام العقيلة العذراء )

رفع العقيلة لأنه نوى التنوين في خدام وجاز له الرفع بعد التنوين

وقد يجعلون من بمعنى كذب من المين فيشتبه على السامع كما قال

( وفي كتب الحجاج أنساب معشر ... تعلمها منا يزيد ومزيدا )

معنى منا كذبنا فلذلك نصب يزيد وقال آخر

( إنما أم خالد يوم جاءت ... بغلة الزينبي من قصر زيدا )

يقال أم فلان إذا شج رأسه حتى تبلغ الشجة أم الدماغ فرفع خالدا لأنه أوقع عليه فعل ما لم يسم فاعله وقوله من قصر زيدا من كذب قصر اسم منادى كأنه قال كذب يا قصر كذب زيدا ومثل هذا كثير فتعرف لئلا يشتبه عليك إذا ورد

 

 

والخفض بالبنية

وإنما علة البنية للأسماء تضاف وهي نواقص فإذا حذفت منها الإضافة بقيت ناقصة فألزمت البنية مثل قطام ودراك ونزال وحذام وبداد ورقاش لا تزول هذه الأسماء عن الخفض إلى غيره من غير تنوين يقال ابنتي قطام ومررت بقطام ورأيت قطام وحذام لا يزول عن الخفض إلى غيره من غير تنوين قال الشاعر

( إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام )

وتقول كويته وقاع وجاءت الخيل بداد أي متبددين

قال الشاعر

( كنا ثمانية وكانوا جحفلا ... لجبا فشلوا بالرماح بداد )

 

 

أي متبددين وإنما خفضها لما فتح أولها مثل نزال وتراك هو من الترك وقال آخر

( وكنت إذا منيت بخصم سوء ... دلفت له فأكويه وقاع )

وهي الدائرتان على جاعرتي الحمار

ويقال أنصب عليهم من طمار وهو المكان المرتفع قال الشاعر

( فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري ... إلى هانئ في السوق وابن عقيل )

( إلى بطل قد عفر السيف خده ... وآخر يهوي من طمار قتيل )

قال طمار بالكسر ويقال طمار بالنصب

ويقال نزلت على الناس بوار وأنشد

 

 

( قتلت فكان تباغيا وتظالما ... إن التظالم في الصديق بوار )

( فكان أول ما أثبت تهارشت ... أولاد عرج عند كل وجار )

فقال بوار ومحله الرفع منه قول عمرو بن معد يكرب

( اطلت فراطهم حتى إذا ما ... قتلت سراتهم كانت قطاط )

أي قطي وحسبي

وأما قول الآخر

( يا أم عائشة لن تراعي ... كل بنيك بطل شجاع )

فقد ذكر الخليل أن خفض بطل شجاع بشغفة الكاف في بنيك

وأمس أيضا مخفوض في الفاعل والمفعول به تقول أتيته أمس وذهب أمس بما فيه وكان أمس يوما مباركا وإن أمس يوم مبارك

فإذا أدخلت عليه الألف واللام أو أضفته إلى شيء أو جعلته نكرة أجريته

 

 

تقول كان الأمس يوما مباركا وإن الأمس الماضي يوم مبارك وكان أمسكم يوما طيبا قال الشاعر

( ولا يدرك الأمس القريب إذا مضى ... بمر قطامي من الطير أجدلا )

وقال زهير

( وأعلم ما في اليوم والأمس قبله ... ولكنني عن علم ما في غد عمي ) فأجراه

وأما قول العجاج

( لقد رأيت عجبا مذ أمسا ... عجائزا مثل السعالي خمسا )

( يأكلن أجمعهن همسا همسا ... لا ترك الله لهن ضرسا ) فإنه جعل السين حرفا لينا فصرفها إلى النصب

ويقال صمام أيضا كما قال الشاعر

( غدرت يهود وأسلمت جيرانها ... صما لما فعلت يهود صمام )

 

 

ترك التنوين في يهود ونوى الألف واللام فيه لولا ذلك لنون ومثله قول الآخر

( أصاح ترى بريقا هب وهنا ... كنار مجوس تستعر استعارا )

نوى الألف واللام في مجوس فلذلك ترك التنوين

وأما قولهم رجل بجال إذا كان كبيرا عظيما وامرأة حصان ورزان وامرأة ذراع أي سريعة الغزل وفرس وساع وبعير ثقال أي بطيء ورجل عبام أي عيي فهذا يتصرف في جميع الحركات

والخفض بالأمر

قولهم سماع وبصار ونظار أي اسمع وأبصر وانظر قال الشاعر

( ومويلك زمع الكلاب تسبني ... فسماع أستاه الكلاب سماع )

 

 

أي اسمع وقال آخر

( تراكها من إبل تراكها ... أما ترى الموت لدى أوراكها ) أي أتركها

والخفض ب حتى إذا كان على الغاية

قولهم كلمت القوم حتى زيد معناه حتى بلغت إلى زيد ومع زيد وقال الله جل ذكره ( سلام هي حتى مطلع الفجر ) معناه إلى مطلع الفجر

وحتى فيه ثلاث لغات أكلت السمكة حتى رأسها وحتى رأسها وحتى رأسها النصب حتى أكلت رأسها والرفع حتى بقي رأسها

 

 

والخفض حتى وصلت إلى رأسها وأكلت السمكة مع رأسها وإن شئت قلت رأسها على الابتداء

قال الشاعر

( ألقى الحقيبة كي يخفف رحله ... والزاد حتى نعله ألقاها )

وحتى نعله وحتى نعله ألقاها النصب حتى ألقى نعله والرفع ألقى حتى ألقي نعله وإن شئت رفعه بالابتداء وألقى الفعل على الهاء والألف التي في ألقاها كما يقرأ ( سورة أنزلناها ) ومن قرأ ( سورة أنزلناها ) نصب برجوع الفعل عليها ومن خفض أراد ألقى الحقيبة مع نعله

وقد يكون حتى بمعنى الواو قال أبو ذؤيب

 

 

( حميت عليه الدرع حتى وجهه ... من حرها يوم الكريهة أسفع ) المعنى ووجهه من حرها وإذا أوقعت حتى على الأسماء جرى على الفاعل والمفعول به قال الفرزدق

( فيا عجبا حتى كليب تسبني ... كأن أباها نهشل أو مجاشع )

وقال آخر

( فما زالت القتلى تمج دماءها ... بدجلة حتى ماء دجلة أشكل )

والخفض بالبدل

مثل قول الله تبارك وتعالى ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله ) خفضت صراط على البدل ومثله في البقرة ( يسألونك عن

 

 

الشهر الحرام قتال فيه ) خفض قتالا بالبدل كأنه قال يسألونك عن الشهر الحرام عن قتال فيه

قال كثير عزة

( وكنت كذي رجلين رجل صحيحة ... وأخرى رمى فيها الزمان فشلت ) خفض رجلا بالبدل ويروى رجل صحيحة بالرفع على الابتداء وأما قول الشاعر

( على حالة لو أن في القوم حاتما ... على جوده ما جاد بالماء حاتم )

فإنه خفض حاتما لأنه جعله بدلا من الهاء في جوده معناه على جود حاتم بالماء

 

 

والخفض بالقسم

مثل قولك بالله ووالله وتالله ( والطور وكتاب مسطور ) ( والضحى والليل إذا سجى ) ( والشمس وضحاها ) ( والفجر وليال عشر )

ولا بد للقسم من جواب كما قال الله عز وجل ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا ) جوابه إن الإنسان . . . وإنما كسرت الألف من إن للام التي في في خسر واللام خبر القسم

ومعنى الإنسان ههنا معنى الناس لأن الكثير لا يستثنى من القليل وإنما يستثنى القليل من الكثير تقول خرج القوم إلا زيدا ولا يجوز أن تقول خرج زيد إلا القوم إلا أن الإنسان ههنا في معنى الناس

 

 

فأما ما أضمر جوابه من القسم فقول الله عز وجل في النازعات ( والنازعات غرقا والناشطات نشطا ) إلى قوله ( فالمدبرات أمرا ) جواب القسم مضمر كأنه قال فالمدبرات أمرا إنكم لمبعوثون فقيل متى فقيل ( يوم ترجف الراجفة ) إلى قوله ( يقولون أإنا لمردودون في الحافرة ) والحافرة الطريق الذي ذهبت فيه يقال رجع على حافرته يقولون أإنا نرد في طريقنا الذي ذهبنا فيه فقيل نعم فقالوا ( أإذا كنا عظاما نخرة ) فقيل نعم فقالوا ( تلك إذا كره خاسرة )

وجواب ( والضحى ) ( ما ودعك ربك وما قلى ) وجواب ( والفجر ) ( إن ربك لبالمرصاد ) وجواب ( والشمس وضحاها ) ( قد أفلح من زكاها ) وجواب ( والسماء ذات البروج ) ( إن بطش ربك لشديد ) وجواب ( والعاديات ضبحا ) ( إن الإنسان لربه لكنود )

 

 

والخفض بإضمار رب

قولك قوم أتوني فأكرموني المعنى رب قوم قال الشاعر

( وبيضة خدر لا يرام جنابها ... تمتعت من لهو بها غير معجل )

مضى تفسير جمل الخفض وهذا

 

 

4 تفسير إعراب جمل الجزم

الجزم اثنا عشر وجها

جزم بالأمر وجزم بالنهي وجزم بجواب الأمر والنهي بغير فاء وجزم بالمجازاة وجزم بخبر المجازاة وجزم ب لم وأخواتها وجزم على البنية وجزم برد حركة الإعراب على ما قبلها وجزم بالدعاء وقد يجزمون ب لن وأخواتها وجزم بالحذف وعلامات الجزم خمس السكون والضمة والكسرة والفتحة وإسقاط النون فالسكون لم يخرج والضمة لم يدع ولم يغز والكسرة لم يقض ولم يرم والفتحة لم يتهاد ولم يتصاب وسقوط النون لم يخرجا في الاثنين ولم يخرجوا في الجميع

فالجزم بالأمر

نحو قولك اذهب اخرج أنفق اضرب

 

 

لا تخرج ولا تضرب ولا تشتم

وأما قول الله تعالى في يونس ( فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ) جزم استقيما لأنه أمر وعلامة جزمه إسقاط النون كان الأصل فيه تستقيمان فذهبت النون في علامة الجزم والألف بدل من اسمين ثم قال ( ولا تتبعان ) بالنون ومحله الجزم لأنه نهي والنون الثقيلة لا تسقط في أمر ولا نهي

وهي ثابتة أبدا إذا أردت توكيد الأمر والنهي ولا تسقط في محل الرفع والنصب تقول لا تضربن زيدا ولا تسخطن أباك ولا تخرجان للاثنين ولا تخرجن للجميع وتقول كي يعلمن زيد والقوم يخرجن

والجزم بجواب الأمر والنهي وأخواتهما بغير فاء

قولهم أكرم زيدا يكرمك لا تشتم زيدا يشتمك تعلم العلم ينفعك

 

 

قال الله تعالى ( فاذكروني أذكركم ) جزم لأنه جواب أمر بغير فاء وقوله جل ذكره ( ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) أي عامهين ومثله ( ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ) أي لاعبين فصرفه من منصوب إلى مرفوع

وكذلك قوله ( فذروها تأكل في أرض الله ) جزم تأكل لأنه جواب الأمر بغير الفاء ويقرأ تأكل بالرفع على الصرف على معنى ذروها آكلة فصرفه من النصب إلى الرفع والجزم بجواب الأمر

قال الشاعر

( وقال رائدهم أرسوا نزاولها ... فكل حتف امرئ يجري بمقدار )

فالمعنى إنا نزاولها لولا ذلك لجزم وقال الشاعر

 

 

( يا مال فالحق عنده فقفوا ... تؤتون فيه الوفاء فاعترفوا ) أراد إنكم تؤتون ولولا ذلك لقال تؤتوا بالجزم لأنه جواب الأمر

وقال آخر كونوا كمن آسى أخاه بنفسه ... نعيش جميعا او نموت كلانا ) رفع على معنى إنا نعيش جميعا لولا ذلك لجزم وقال الأعشى

( إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا ... أو تنزلون فإنا معشر نزل )

رفع تنزلون على معنى أو أنتم تنزلون فإنا معشر نزل

وقوله جل ثناؤه ( ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) أي عامهين

وتقول هل أنت خارج آخرج معك جزمت أخرج لأنه جواب الاستفهام بغير فاء قال الله جل ثناؤه ( هل أدلكم على تجارة تنجيكم من

 

 

عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله ) ثم قال في جوابه ( يغفر لكم ذنوبكم )

فإن أتيت بالفاء في الجواب نصبت فتقول أأنت خارج فنخرج معك قال سبحانه ( رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ) أي هلا أخرتني فأصدق نصب أصدق لأنه جواب الاستفهام بالفاء ثم قال وأكن فجزم على معنى هلا أخرتني وأكن كأنه جعله نسقا بالواو على جواب الاستفهام ولم يعبأ بعمل الفاء

والجزم بالمجازاة وخبرها

كقولك إن تزرني أزرك وإن تكرمني أكرمك ومن يضربني أضربه جزمت يضربني لأنه شرط وجزمت أضربه لأنه جواب المجازاة قال الله تعالى ( ومن يتول يعذبه عذابا أليما ) جزم ( يتول ) لأنه شرط وجزم ( يعذبه ) لأنه جوابه ومثله ( وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما )

 

 

وتقول إن تزرني وتكرمني أزرك وأكرمك وهذا الفعل الذي أدخلت عليه الواو يرفع وينصب ويجزم فمن جزم نسقه بالواو على الأول ومن نصب فعلى القطع من الكلام الأول ومن رفع فعلى الابتداء قال الله جل ثناؤه ( أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير ويعلم الذين يجادلون ) ( يعلم ) يرفع وينصب ويجزم

قال النابغة

( فإن يقدرعليك أبو قبيس ... يمط بك المعيشة في هوان )

( وتخضب لحية غدرت وخانت ... بأحمر من نجيع الجوف قاني )

فإن يمط محله الجزم إلا أنه نصب على التضعيف ومجازه يمطط فلما أدغم الطاء في الطاء نصب على التضعيف وكل ما كان على هذا المثال يجوز فيه الرفع والنصب وإذا أظهرت التضعيف جزمت مثل امطط امدد فإذا لم تظهر التضعيف قلت مط مد وكذلك تخضب على ما فسرته لك على أنه يرفع وينصب ويجزم

 

 

ومثله في كتاب الله ( تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا ) يجعل يرفع وينصب ويجزم ومثله قول الشاعر

( فإن لم أصدق ظنهم بتيقن ... فلا سقت الأوصال مني الرواعد )

( ويعلم أعدائي من الناس أنني ... أنا الفارس الحامي الذمار المذاود )

في يعلم الوجوه الثلاثة

وكذلك تقول من يأتني يكرمني آته أكرمه تريد من يأتني مكرما آته مكرما ترفعه على الصرف ويجزم فتقول من يأتني يكرمني آته أكرمه تجزمه على البدل أي من يأتني من يكرمني آته أكرمه قال الله تبارك وتعالى في الفرقان ( ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب ) جزم يضاعف على البدل

وقال الشاعر

( متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ... تجد حطبا جزلا ونارا تأججا )

 

 

ومجازه متى تأتنا متى تلمم بنا على البدل والإلمام هو الإتيان وقال تأجج نصبا ولم يقل تأججت والنار مؤنثة وإنما أراد وقودا أو لهبا لأن المذكر يغلب المؤنث

وقال الحطيئة

( متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد ) رفع تعشو لأنه أراد متى تأته عاشيا إلى ضوء ناره فصرفه من منصوب إلى مرفوع كقول الله تعالى ( ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ) أي لاعبين

وتقول إن تأتني ترفع آتيك ترفع لأنك تقدم وتؤخر تريد آتيك إن تأتني قال الشاعر

( يا أقرع بن حابس يا أقرع ... إنك إن يصرع أخوك تصرع ) يريد إنك تصرع إن يصرع أخوك فقدم وأخر

وتقول من يأتيني آتيه المعنى الذي يأتيني آتيه فلا يجازى به قال الفرزدق

 

 

( ومن يميل أمال السيف ذروته ... حيث التقى من حفافي رأسه الشعر )

أي الذي يميل وقال آخر

( فقيل تحمل فوق طوقك إنها ... مطبعة من يأتها لا يضيرها )

معناه لا يضيرها من يأتها

وأما قول الله جل وعز في البقرة ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه ) نصب فيضاعفه على جواب الاستفهام ومن رفع جعل من حرفا من حروف المجازاة وجعل جوابه في الفاء ورفع يضاعفه لأنه فعل مستأنف في أوله الياء

وأما قول الله عز وجل ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فكيون ) رفع لأنه ليس بجواب ولا مجازاة إنما هو خبر معناه إذا أراد الله شيئا قال له كن فكان كقولك أردت أن أخرج فيخرج معي زيد

وتقول من يزرني فأكرمه وإن تزرني فأزورك رفعت أكرمه وأزورك لأن الفاء التقفت الجواب فارتفع الجواب وارتفع أكرمه بالألف الحادثة في أوله قال الله تبارك وتعالى ( ومن يستنكف عن عبادته

 

 

ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا ) جزم يستكبر لأنه عطفه بالواو على الأول وصار الجواب داخلا في الفاء التي في فسيحشرهم وارتفع يحشرهم لأنه فعل مستقبل

قال الله جل وعز في آل عمران ( وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ) من جزم فعلى الجزاء ومن رفع فعلى إضمار الفاء ومن نصب فعلى التضعيف ولا لا تعمل شيئا لأنه حرف جاء بمعنى الجحد قال الشاعر

( من يفعل الحسنات الله يشكرها ... والسيء بالسيء عند الله مثلان )

فأضمر الفاء بمعنى فالله يشكرها

 

 

وقد يجازى ب أين أيضا قال الشاعر

( أين تصرف بنا العداة تجدنا ... نصرف العيس نحوها للتلاقي ) وتقول متى تأتني آتك ومهما تفعل أفعل قال الشاعر

( ألا هل لهذا الدهر من متعلل ... سوى الناس مهما شاء بالناس يفعل ) نصب شاء لأنه فعل ماض وجزم يفعل لأنه جواب المجازاة ويقال إن شاء في معنى يشأ

وتقول إن أتاه صاحبه يقول له رفع يقول على معنى قال فصرف من ماض إلى مستقبل فرفع قال زهير بن أبي سلمى

( وإن أتاه خليل يوم مسألة ... يقول لا غائب مالي ولا حرم )

معناه قال فصرف من منصوب إلى مرفوع

 

 

وأما قوله تبارك وتعالى ( إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء )

والجزم ب لم وأخواتها

وهي حروف تجزم الأفعال التي في أوائلها الزوائد الأربع فاعلم أن علامات الجزم بالضم والوقف والفتحة وإسقاط النون والكسرة فالوقف مثل قولك لم يخرج ولم يبرح وهو السكون والجزم بالضم لم يدع ولم يغز والجزم بالكسر لم يرم ولم يقض والجزم بالفتح لم يلق ولم يرض وإسقاط النون لم يخرجا ولم يخرجوا

وربما تركت هذه الواو والياء في موضع الجزم استخفافا قال الله عز وجل ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) أثبت الواو ههنا ومحله الجزم لأنه مخاطبة الواحد فيما ذكر لي بعض أهل المعرفة قال الشاعر

 

 

( هجوت زبان ثم جئت معتذرا ... من هجو زبان لم تهجو ولم تدع )

قال تهجو بإثبات الواو استخفافا

وقال قيس بن زهير

( ألم يأتيك والأنباء تنمي ... بما لاقت لبون بني زياد )

قال يأتيك فترك الياء استخفافا وقال بعضهم أسقط الهمزة من

 

 

يأتيك وترك الياء لأن الفعل لا يجزم من وجهين ومثله قول زهير

( لعمري لنعم الحي جر عليهم ... بما لم يماليهم حصين بن ضمضم ) فترك الياء وأسقط الهمزة

والجزم بالوقف وإن شئت بالإسكان

مثل قولهم رأيت زيد وركبت فرس على الأصل لا يلزمون حركة لأن الإعراب حادث وأصل الكلام السكون قال طرفة بن العبد

( أيها الفتيان في مجلسنا ... جردوا اليوم واردا وشقر )

( أعوجيات طوالا شزبا ... دورك الصنعة فيها والضمر )

 

 

فسكن القافية على الأصل وقال آخر

( شئز جنبي كأني مهدأ ... جعل القين على الجنب إبر )

ولم يقل إبرا وهو مفعول منصرف

والجزم بالبنية

مثل من وما ولم وأشباهها لا يتغير إلى حركة

والجزم برد حركة الإعراب على ما قبلها

قولهم هذا أبو بكر هذا أبو عمرو حول حركة الإعراب إلى ما يليه قال الشاعر

( علمنا إخواننا بنو عجل ... شرب النبيذ واعتقالا بالرجل )

حول حركة اللام إلى الجيم في عجل وقال آخر

( إيها فداء لكم بنو عجل ... أن يظفروا ويصنعوا فينا الغزل )

 

 

والجزم بالدعاء

تقول يا رب اغفر لنا والدعاء لمن فوقك والأمر لمن دونك تقول قل للخليفة انظر في أمري فهذا دعاء وطلب قال الله تبارك وتعالى ( اهدنا الصراط المستقيم ) وتقول لا يزل صاحبك بخير أي لا زال قال الله جل وعز ( فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ) معناه فلا آمنوا دعا عليهم قال الشاعر

( فلا يزل صدرك في ريبة ... يذكر مني تلفي أو خلوص )

أي فلا زال صرفه من نصب إلى جزم

والسلام جزم والأذان جزم وهذا مما اصطلحت عليه العرب لكثرة الاستعمال

والجزم ب لن وأخواتها

يقولون لن أكرمك ولن أخرجك قال الشاعر

( وأغضي على أشياء منك لترضني ... وأدعى إلى ما سركم فأجيب )

 

 

جزم ترضيني بلام كي وقال آخر

( أبت قضاعة أن تعرف لكم نسبا ... وابنا نزار فأنتم بيضة البلد )

وأما قول الله جل وعز في سورة الحديد ( لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء ) معناه ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء لولا ذلك لكان ( ألا يقدروا ) نصب ب ألا وكذلك قوله جل وعز ( أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولا ) معناه أنه لا يرجع ومن قرأ يرجع نصب ب ألا

وأما قوله تعالى في البقرة ( إلا أن يعفون ) فإنما أثبت هذه

 

 

النون لأنها نون إضمار جميع المؤنث ونون جميع المؤنث لا تسقط في حال النصب والجزم لأنك إذا أسقطت هذه النون ذهب الضمير وكذلك تقول هن لم يدعونني وهن يدعونني استوى الرفع والنصب والجزم

فإنما يلحق الواو والياء في مثل هذه الأفعال إذا كان الفعل من ذوات الواو والياء فأما في غير ذلك تقول هن يكرمنني ويكلمنني ولم يكرمنني وفي المذكر هو يكرمني وهما يكرمانني وهم يكرمونني في الرفع بنونين وتقول في الجزم لم تكرمني ولم يكرماني ولم يكرموني بنون واحدة في الاثنين والجميع ذهبت النون في علامة الجزم والألف ضمير الاثنين والواو ضمير الجميع

قال الله تعالى في الحجر ( فبم تبشرون ) بنون واحدة وقال بعض العرب إذا اجتمع حرفان من جنس واحد أسقطوا أحد الحرفين واكتفوا بحرف واحد

وأما قوله تعالى في الأنبياء ( ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ) فإنه أدغم إحدى النونين في الأخرى

 

 

قال الشاعر

( منيتنا فرجا إن كنت صادقة ... يا بنت مروة حقا ما تمنيني )

وقال اخر

( وتفكر رب الخورنق إذا أبصر ... يوما وللهدى تفكير )

تدغم إحدى الرائين في الأخرى في الرواية وتكتب في الكتابة

وأما قول الله عز وجل في النمل ( ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ) بتشديد ألا فإن محل النصب بألا ومن قرأ ألا يسجدوا بالتخفيف فإن محل يسجدوا جزم بالأمر وألا تنبيه ومجازه ألا يا هؤلاء أو ألا يا قوم اسجدوا واكتفى بحرف

 

 

النداء على إظهار الأسماء فقال يا اسجدوا كما قال الأخطل

( يا قل خير الغواني كيف رغن به ... فشربه وشل فيه وتصريد )

أراد يا رجل قل يا خير الغواني

وأما قوله تبارك وتعالى ( يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة ) معناه يخرجون الرسول ثم قال وإياكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي أن تسروا إليهم بالمودة فلما أسقط حرف الناصب رفعه على الصرف قال تسرون كما قال تعالى في البقرة ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله ) معناه ألا تعبدوا

الجزم بالحذف

وأما ما استعمل محذوفا فمثل قول الله تبارك وتعالى في النحل

 

 

( ولا تك في ضيق مما يمكرون ) بغير نون فهذا محذوف وقال في النمل أيضا ( ولا تكن في ضيق ) بالنون ولا فرق بينهما ومثله ( يوم يأتي لا تكلم نفس إلا بإذنه ) ومثله ( والليل إذا يسر ) بلا ياء ومثله ( يوم ينادي المنادي ) أسقط الياء استخفافا لها وكذلك هما في المصحف بغير ياء

قال خفاف بالندبة

( كنواح ريش حمامة نجدية ... ومسحت باللثتين عصف الإثمد )

أسقط الياء من نواح وقال الأعشى

 

 

( وأخو الغوان متى يشأ يصرمنه ... ويصرن أعداء بعيد وداد )

فأسقط الياء من الغواني

وأما قول العجاج

( ورب هذا البلد المحرم ... قواطنا مكة من ورق الحمي )

أراد الحمام فأسقط الميم التي هي حرف الإعراب فبقي الحما فقلب الألف كسرة لاحتياجه إلى القافية اضطرارا

وقال آخر

( فلو أن الأطبا كان عندي ... وكان مع الأطباء الشفاء )

فحذفت الواو من كانوا وقال آخر

 

 

( فلو كنت ضبيا عرفت قرابتي ... ولكن زنجي عظيم المشافر )

أراد ولكنك زنجي عظيم المشافر وقال النجاشي

( فلست بأتيه ولا أستطيعه ... ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل )

أراد ولكن فحذف النون

ومنه قول الله جل وعز في الأحزاب ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) معناه ولكنه رسول الله ومثله ( وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه ) أراد ولكنه ومن قرأ بالنصب أراد ولكن كان رسول الله ولكن

 

 

كان تصديق الذي بين يديه وأما قول الشاعر

( يا ليت أيام الصبا رواجعا ... )

فإنه يريد كانت رواجعا

وقال مالك بن خريم الهمداني ويقال ابن جريم

( فإن يك غثا أم سمينا فإنني ... سأجعل عينيه لنفسه مقنعا ) فحذف الاشباع من الهاء في نفسه وقال آخر

( لي والد شيخ تهده غيبتي ... وأظن أن نفاد عمره عاجل )

فترك الإشباع من الهاء وقال آخر

 

 

خبطته خبط الفيل حتى تركته ... أميما به مستديمات قوارش )

فحذف الإشباع من الهاء وقال الشماخ يصف حمارا

( له زجل كأنه صوت ظبي ... إذا طلب الوسيقة أو زمير )

فترك الإشباع

وأما قول الأخطل

( ابني كليب إن عمي اللذا ... قتلا الملوك وفككا الأغلالا )

أراد اللذان فحذف النون وقال الآخر

( وإن الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أم خالد ) أراد إن الذين فكف النون

 

 

وقال امرؤ القيس

( لها متنتان خظاتا كما ... أكب على ساعديه النمر )

أراد خظاتان فكف النون وقال آخر

( ولقد يغنى بها جيرانك الممسكو ... منك بأسباب الوصال )

أراد الممسكون فحذف النون وقال آخر

( يا رب عيسى لا تبارك في أحد ... في قائم منهم ولا فيمن قعد )

( غير الذي قاموا بأطراف المسد )

يعني غير الذين فكف النون

ومنه قول الله تبارك وتعالى في الحج في حرف من يقرأ

 

 

( ( والمقيمي الصلاة ) أراد المقيمين الصلاة فكف النون ونصب الصلاة بإيقاع الفعل عليها كأنه قال الذين أقاموا الصلاة وقال الشاعر

( الحافظي عورة العشيرة لا ... يأتيهم من ورائهم نطف )

أي الحافظين وكأنه قال هم الذين حفظوا عورة العشيرة

وأما قول الشاعر

( لتجدني بالأمير برا ... وبالقناة مدعسا مكرا )

( إذا غطيف السلمي فرا ... )

فلم يقل غطيف لالتقاء الساكنين وقال آخر

( حيدة خالي ولقيط وعلي ... وحاتم الطائي وهاب المئي )

 

 

فإنه لم يقل حاتم لالتقاء الساكنين وعلى هذا يقرأ من يقرأ ( قل هو الله أحد الله الصمد ) ترك التنوين من أحد

وأما من يقرأ في التوبة ( وقالت اليهود عزير ابن الله ) بالتنوين فإنه ينون لأنه يخبر وليس على الحقيقة كما تقول محمد بن عبد الله إذا سميته بذلك وقد نونو ا على الحقيقة أيضا كما قال الشاعر

( جارية من قيس بن ثعلبة ... كأنها فضة سيف مذهبة )

وإنما حرك لالتقاء الساكنين

وأما قول الآخر

( إن أباها وأبا أباها ... قد بلغا في المجد غايتاها )

 

 

فإنه قال وأبا أباها في لغة من يكره أن يكون الاسم على أقل من ثلاثة أحرف مثل أب وفم ودم فيقول أبا وفما ودما على الأصل وهو مقصور مثل قفا وعصا ورحا فأخرجه على التمام فقال أباها وأبا أباها ولم يقل أبا أبيها لأنه مقصور كما تقول رحا رحاها وقفا قفاها وإذا ثنى قال أبوان وفموان ودموان ودميان أيضا

ومن قال أب وفم ودم ثم ثنى رده إلى الأصل فقال أبوان وفموان ودموان

ومن قال أب ثم ثنى وجمع على الاسم الناقص قال أب وأبان وأبين في النصب وأبين في الرفع وأبين في الخفض

قال الشاعر

( فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدما )

 

 

قال الدما ومحله الرفع لأنهم يكرهون أن يكون الاسم على حرفين فقال دما وهو مقصور ويقولون دما ودم وأبا وأب والدليل على ذلك أنهم إذا ثنوا قالوا دموان وأبوان يردونه إلى أصله وقال آخر

( لنا الجفنات البيض يلمعن بالضحى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما )

استوى الرفع والنصب وكذا الوجه في المقصور

وقال اخر

( ولو أنا على حجر ذبحنا ... جرى الدميان بالخبر اليقين )

فقال الدميان على الأصل وقال الفرزدق

 

 

هما نفثا في في من فمويهما ... على النابح العاوي أشد لجام )

وكذلك تقول يد ويدي فإذا صاروا إلى الاثنين قالوا يديان قال الشاعر

( فإن أذكر النعمان الا بصالح ... فإن له يديا علي وأنعما )

وقال آخر

( يديان بيضاوان عند محلم ... )

ويقولون لا ابا لك أي لا أب لك هذه لغة من يكره أن يكون الاسم على حرفين

 

 

وأما من يقول أب ويثني ويجمع على الناقص فيقول أب وأبان وأبين كما قال الشاعر

( فمن يك سائلا عني فإني ... بمكة مولدي وبها ربيت )

( وقد ربيت بها الآباء قبلي ... فما شنئت أبي وما شنيت )

فقال أبي لأنه أراد الجمع الناقص أبين فأراد أن يقول أبين فلما أضاف إلى الياء أسقط النون للإضافة يقال اب وأبين وأبين وأبين

وقال الشاعر

( فأجبتها أما لجسمي أنه ... أودى بني من البلاد فودعوا )

( أودى بني فأعقبوني حسرة ... بعد الرقاد وعبرة ما تقلع )

أودى هلك قال الشاعر

 

 

( فإن أودى لبيد ... فقد أودى عبيد )

وقال آخر

( وإن لنا أبا حسن عليا ... أبا برا ونحن له بنين )

جعل النون حرف الإعراب لذهاب الألف واللام مع البنية وكان الأصل فيه بنون وقال آخر في جمع الناقص والتام وجعل النون حرف الإعراب مع الألف واللام

( يوم لا ينفع البنين أبيهم ... لا ولا الأمهات هن سواء )

أراد أبيهم في معنى آبائهم وهو الجمع الناقص

ويقولون أيضا مررت بالبنين ورأيت البنين وهؤلاء البنين فقلت الواو ياء في الرفع لأنه لا يكون رفعان في بنية قال الفرزدق

 

 

( إني لأبكي على ابني يوسف أبدا ... عمري ومثلهما في الدين يبكيني )

( ما سد حي ولا ميت مسدهما ... الا الخلائف من بعد النبيين )

وهم يقولون على هذه اللغة مررت بالزيدين ورأيت الزيدين وجاء الزيدين قال الحطيئة يهجو أمه

( جزاك الله شرا من عجوز ... ولقاك العقوق من البنين )

( فقد سوطت أمر بنيك حتى ... تركتهم أدق من الطحين )

( لسانك مبرد إذ لست تبقي ... ودرك در جاذية دهين )

فكسر النون من البنين وهذا وجهه وقياسه والله أعلم مضى تفسير وجوه الجزم وهذه

 

 

5

جمل الألفات

وهي اثنان وعشرون ألفا

ألف وصل وألف قطع وألف سنخ وهو أصل وألف استفهام وألف استخبار وألف التثنية في حال الرفع وألف الضمير وألف الخروج والترنم وألف تكون عوضا من النون الخفيفة وألف النفس وألف التأنيث وألف التعريف وألف الجيئة وألف العطية وألف تكون بدلا من الواو وألف التوبيخ وألف تكون مع اللام وألف الإقحام وألف الإلحاق بعد الواو وتسمى ألف الوصل وألف التعجب وألف التقرير وألف التحقيق والإيجاب وألف التنبيه

فألف الوصل

في ابتدائكها مكسورة أبدا نحو قولهم استغفر الله استودع الله

 

 

استحوذ اصطفى وكذلك إذا أخبرت عن نفسك في الماضي تقول اصطنعتك اصطفيتك فإذاعدوتها إلى مالم يسمى فاعله ضممت في ابتدائكها تقول اضطر استخرج استعمل

وهي تتصل بما قبلها من ضم وفتح وكسر فتقول فيما كان متصلا بضم حيث ابن زيد وبالفتح ليت ابن زيد بالكسر من ابن زيد فإذا سكن ما قبلها قلت هذا ابن زيد

فإذا عدوها إلى المأمور به فإن كان ثالث حروفه مضموما فالألف مضمومة وإن كان ثالث حروفه مفتوحا فالألف مكسورة وكذلك إذا كان ثالث حروفه مفتوحا كسرو ا الألف أيضا وألف الوصل مثل ألف اذهب وإنما فعلوا ذلك لئلا تشتبه ألف الوصل بألف النفس

 

 

وأما قولهم اثنان ابن اسم فكسروا الألف لأن الذي يليها ساكن فحركوا الألف إلى الكسر لأن الكسر اخت الجزم وأخت الساكن كما أن الجزم في الأفعال نظير الجر في الأسماء ومن ثم إذا حرك المجزوم والموقوف حرك إلى الكسر

وأما ألف القطع

فإنما تعرف بياء يفعل من البنية وهي مقطوعة في جميع أحوالها فمن ذلك أكرم يكرم وأعطى يعطي وأرسل يرسل ألا ترى أن ياء الفعل من البنية مضمومة وكل ما كانت ياء يفعل منها مضمومة فألفه ألف قطع نحو قولهم أكرم يكرم وأعطى يعطي وأرسل يرسل وكل ما كانت ياء يفعل منها مفتوحة فألفه الف وصل نحو قولك ضرب يضرب وشتم يشتم ألا ترى أن ياء يفعل من البينة مفتوحة

 

 

وأما ألف السنخ

فهي سنخ الكلمة فإنها تثبت في حال المضي والاستقبال والمضارعة فمن ذلك قولهم أمر يأمر وأخذ يأخذ وأكل يأكل قالوا هذا في المضموم ثالثه لأن الميم من يأمر والخاء من يأخذ والكاف من يأكل مضمومات وقولهم في المكسور ثالثة اسر يأسر وأتى يأتي وقالوا في المفتوح ثالثة أشر يأشر وأمر الشيء يأمر إذا كثر كما قال الله تعالى ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ) فإذا أمرت من أخذ قلت خذ وكان الأصل فيه أؤخذ فكرهوا أن يجمعوا بين همزتين مع ضمة فحذفوهما فكان ما بقي دالا على ما ذهب وعلى المعنى ومن شأن العرب الإيجاز والاكتفاء بالقليل عن الكثير إذا كان ما بقي دالا على المعنى وإذا أمرت من يأمر قلت أومر بالواو وإذا بدئ بالواو

 

 

فمنهم من يقول بالألف كما قال الله جل وعز في طه ( وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا ) وإنما فعلوا ذلك لأن الواو والميم مخرجهما من مكان واحد ففرقوا بينهما بمدة ومنهم من يقول بغير الألف

وإذا أمرت من يأسر قلت ايسر فلم تذهب الياء بغير ألف لأنها مكسورة وهي أخف من الواو وكذلك ايت يا هذا وتقول في يأشر ايشر ففتحت الشين من ايشر وهي عين الفعل وكسرت من ايسر وهي عين الفعل أيضا لأن مثال يأسر يفعل ومثال يأشر يفعل بفتح العين وكسرها

والف الاستفهام

كقولهم أمحمد خارج أم زيد ألبن عندك أم عسل فإذا وقعت ألف الاستفهام مع ألف القطع تكونان بهمزتين في حال المضي وإن شئت مددت

 

 

فمن ذلك قولهم أكرمت زيدا وإن شئت مددت فقلت أكرمت زيدا بألف واحدة كأنهم عافوا أن يجمعوا بين همزتين مثلين فقلبوها مدا

وقد قرأ هذا الحرف ممدودا ( آنذرتهم ) قرأ عاصم وأبو عمرو بهمزتين والآخر ( آنت قلت للناس اتخذوني ) قرأه عاصم بهمزتين ومنهم من قرأه بمدة آأنت وجميع ما يشبهه من القرآن

قال ذو الرمة غيلان بن عقبة

( فيا ظبية الوعساء بين حلاحل ... وبين النقا آأنت أم أم سالم )

وقال آخر

( وخرق إذا ما القوم أبدوا فكاهة ... تذكر آإياه يعنون أم قردا )

 

 

وقال اخر أيضا

( تساورت فاستشرفته فوجدته ... فقلت له آأنت زيد الأراقم )

فإذا وقعت ألف الاستفهام مع ألف الوصل التقفت ألف الوصل بألف الإستفهام تقول من ذلك أتخذت زيدا خلا أصطنعت عمرا ألا ترى كيف ذهب ألف الاستفهام بألف الوصل لأن ألف الاستفهام أقوى من ألف الوصل

فإذا عدوتها إلى نفسك في أفعل قلت أأتخذ وإن شئت حولتها مدا فقلت آتخذ اجتمع هناك ثلاث ألفات ألف الوصل التي كانت في الأصل وألف النفس وألف الاستفهام فألف النفس التقفت ألف الوصل وذلك

 

 

أنها أقوى منها لأن أصل ألف النفس التحريك وأصل ألف الوصل السكون فهي كالشيء الميت

ألا تستمع إلى قوله تعالى ( أأتخذ من دونه آلهة ) وإنما ذلك على ألفين والى قوله تعالى ( أطلع الغيب ) ( اصطفى البنات على البنين ) وذلك على ألف واحدة وذهبت الأخرى وهي ألف الوصل لأن هذه أقوى من تلك لحركتها

ثم اعلم أن ألف الاستفهام أمارتها يعنى علامتها أم نحو قول الله عز وجل ( آنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون ) وربما اضمروا ألف الاستفهام واستغنوا عنه بأمارته فيقولون زيد أتاك أم عمرو ومحمد عندك أم زيد

قال امرؤ القيس

( تروح من الحي أم تبتكر ... وماذا يضرك لو تنتظر )

 

 

فأضمر ألف الاستفهام وقال آخر

( فوالله ما أدري وإني لسائل ... تميم بن مر أم تميم بن مقبل ) يعني أتميم بن مر وقال آخر أيضا في ذلك

( كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الحبيب خيالا )

وقال آخر أيضا

( أبا مالك هل لمتني مذ حضضتني ... على القتل أم هل لامني لك لائم )

وقال آخر

( فوالله ما أدري وإني لسائل ... بسبع رمين الجمر أم بثماني )

يريد أبسبع فأضمر ألف الاستفهام

 

 

ومما نطق به القرآن المجيد قوله جل وعز ( وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار ) ثم قال ( أمن هو قانت ) مجازه أذلك خير أم من هو قانت

وأما ألف الاستخبار

لا يحتاج إلى أم تقول أعندك شيء أأنت الرجل

وألف التثنية

لينة وهي أمارة الرفع نحو قولهم رجلان وفرسان

وألف الضمير

تكون في الأفعال دون الأسماء نحو قولهم الزيدان قاما والعمران قعدا وهي ألف الضمير وألف الضمير تثنى على الف الإعراب لأن الأسماء قبل الأفعال وذلك أنها لا تستغني عن الأسماء يقولون رجلان في الدار ويقولون الله ربنا ومحمد نبينا فاستغنى الاسم عن الفعل وهم إذا قالوا قاما وقاموا لم يستغن الفعل عن الاسم مضمرا أو مظهرا

 

 

وأما ألف الخروج والترنم

لا يكون الا في رؤوس الآي أو عند القوافي وإنما فعلوا ذلك لبعد الصوت من ذلك قوله تعالى ( وتظنون بالله الظنونا ) ومثله ( فأضلونا السبيلا ) ( وأطعنا الرسولا )

قال جرير

( أقلي اللوم عاذل والعتابا ... وقولي إن أصبت لقد أصابا )

والباء لا يلزمه التنوين إذا كان في أوله ألف ولام ولكنه إنما أدخله للترنم وبعد الصوت وقال جرير

( كرهت على المواصلة العتابا ... وأمسى الشيب قد ورث الشبابا )

ومثله كثير

 

 

وأما الألف التي تكون عوضا من النون الخفيفة

مثل قولك يا زيد اضربا ولا تتحول النون الخفيفة ألفا إلا عند الوقف عليها كقوله تعالى ( ليسجنن وليكونن من الصاغرين )

قال الشاعر

( تساور سوارا إلى المجد والعلا ... وأقسم حقا إن فعلت ليفعلا )

وقال العجاج

( يحسبه الجاهل ما لم يعلما ... شيخا على كرسيه معمما )

أراد والله أعلم ما لم يعلمن وليفعلن فقلب النون ألفا عند الوقف وقال الشاعر

 

 

( نبتم نبات الخيزرانة في الثرى ... حديثا متى ما جاءني الخير ينفعا )

وقال اخر

( اضرب عنك الهموم طارقها ... ضربك بالسوط قونس الفرس ) كأنه أراد اضربن فأسقط النون لثقله وترك الباء مفتوحا

وزعموا أن قول الله تبارك وتعالى ( ألقيا في جهنم ) معناه ألقين للواحد بالنون ومثله قول الشاعر

( يا هند ما أسرع ما تسعسعا ... فقلت يا هناد لوما أو دعا )

أي لومن أو دعن للواحد ومثله قول امرئ القيس

 

 

( قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل )

معناه قفن والله أعلم

وأما ألف النفس

فهي مفتوحة أبدا فيما كان ياء يفعل منها مفتوحة نحو قولك أنا أضرب أنا أخرج أنا أكتب لأنك تقول يضرب ويخرج ويكتب وتقول في الماضي اكتتب اكتسب انتسخت فتكسر الألف لأنها صارت ألف الوصل وتقول في المستقبل اكتتب وانتسخ واكتسب فتفسخ الألف لأنها ألف النفس وما كان ياء يفعل مضمومة فألف النفس منها مضمومة تقول من ذلك أنا أكرم أنا أرسل أنا أنفق أنا أعطي وإنما ضممت الألف لأنها ألف النفس ولأن ياء يفعل من هذه الأفعال مضمومة تقول يكرم ويعطي ويرسل وينفق

 

 

وأما ألف التأنيث

فمثل حمراء وصفراء وخضراء ألحقت في أخر المؤنث ما كان في أول المذكر ليبلغ بنات الأربع و المذكر أخضر وأحمر وأصفر

وأما ألف التعريف

مثل قولك النساء والمرأة والرجل والفرس وسمي ألف التعريف لأنك تدخله مع اللام في أول الاسم النكرة فيصير ذلك الاسم معرفة

وأما ألف الجيئة

يكون مقصورا بهمزة تقول من ذلك أتيتك أي جئتك قصرت الألف بهمزة قال الله جل ذكره ( وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها ) أي جئنا بها وقد قرئ هذا الحرف آتينا بها أي جازينا ومثله قوله ( وكل أتوه داخرين ) أي جاؤوه

 

 

وأما ألف العطية

ممدودة تقول آتيتك مالا أي أعطيتك ما لا قال الله جل وعز ( ولقد آتينا موسى الكتاب ) وكذلك قوله عز وجل ( ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ) أي أعطيناك وما كان من نحو هذا فصارت ألف الجيئة مقصورة بهمزة وألف العطية ممدودة

والألف التي تكون بدلا من الواو

قول الله جل ذكره ( وإذا الرسل أقتت ) أصله وقتت من الوقت

وأما ألف التوبيخ

مثل قوله تعالى ( أأذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم

 

 

بها ) كما تقول لم توبخه بفعله أأهلكت نفسك أأفسدت عملك

وأما الألف التي تكون مع اللام بمنزلة حرف واحد

لا يفرق بينهما وربما قطعت في الوصل كما تقطع في الابتداء قال الشاعر

( ولا يبادر في الشتاء وليدنا ... ألقدر ينزلها بغير جعال ) قطع الألف وهو في الوصل ومثله قول حسان بن ثابت

( لتسمعن وشيكا في دياركم ... الله أكبر يا ثارات عثمانا )

والدليل على ذلك أنه لا يفرق بين الألف واللام في اسم الله جل وعز وغيره لأنك تقول يا ألله ولا يجوز أن تقول ياالرجل وإنما قطعت هذه

 

 

الألف على الوصل كما قرأت القراء ( ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم )

وأما ألف الإقحام

فقولهم للعقرب عقراب ومثله قول الله جل وعز ( وكذبوا بأياتنا كذابا ) قال الشاعر

( أعوذ بالله من العقراب ... الشائلات عقد الأذناب )

وأما ألف الإلحاق

ألف تلحق بعد الواو مثل خرجوا وقالوا وظعنوا وأشباه ذلك وتسمى ألف الوصل وإنما أثبتوا هذه الألف بعد الواو لأنهم عافوا الالتباس بما بعده من الكلام فيتوهم أنه منه نحو قولهم في كفر كفروا وفعل فعلوا وأورد أوردوا ونزل نزلوا وأشباه ذلك فحيزت الواو قبلها ألف الوصل

 

 

وألحقوا هذه الألف في مثل يدعوا يغزوا عيافة مما أخبرتك فافهم

وأما ألف التعجب

قولهم أكرم بزيد وأظرف بعمرو أي ما أكرم زيدا وأظرف عمرا قال الله عز وجل ( أسمع بهم وأبصر ) أي ما أسمعهم وأبصرهم قال الشاعر

( أكرم بقوم بطون الطير أقبرهم ... لم يخلطوا دينهم كفرا وطغيانا )

أي ما أكرم قوما هذه حالهم

ويقال إن قول الله عزل وجل حكاية عن الكفار ( آإذا كنا ترابا وآباؤنا آإنا لمخرجون ) إن هذه الألف ألف التعجب لأن الكفار لا تستفهم

وأما ألف التقرير

كقول الرجل لغلامه إذا أبلبلغ عنه شيئا يعلم أنه لم يفعله أأنت فعلت كذا وكذا يقرره ومثله قول الله تعالى ( يا عيسى ابن مريم آأنت

 

 

قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله ) فهذه ألف التقرير وقد علم الله تعالى أن المسيح عليه السلام لم يقل للناس ما قالوا فيه

وأما ألف التحقيق والإيجاب

نحو قول الرجل للرجل أأنت فعلت كذا وكذا أأنت قلت كذا وكذا وقد علم أنه قد فعل فهو كأنه يستجيزه أن يخبر عنه بمعنى إنه قد وجب عليه ذلك ومنه قول الله تبارك وتعالى تخبيرا عن ملائكته حين قالوا ( أتجعل فيها من يفسد فيها ) معناهم فيها معنى الإيجاب أي ستجعل والله جل وعز لا يستخبر

ومنه قول جرير

( ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح )

 

 

قوله ألستم تحقيق أوجب عليهم فعلهم بمعنى إنهم خير من ركب المطايا فحقق وأوجب ولو كان استفهاما لم يكن مدحا ولكان قريبا من الهجاء ولم يعط جرير على هذا البيت مائة ناقة برعاتها

وقالوا في قول الله جل وعز ( سواء عليهم استغفرت لهم ام لم تستغفر لهم ) فهذه الألف ألف الإيجاب لا ألف استفهام

وأما ألف التنبيه

فإنها تقوم مقام حرف النداء كقولك يا زيد ثم تقول أزيد فهو بدل من حرف النداء وهو تنبيه قال أبو كبير الهذلي

( أزهير هل عن شيبة من معدل ... أم لا سبيل إلى الشباب الأول )

معناه يا زهيرة فرخم الهاء وترك الراء مفتوحة على أصلها كما قال

مضى تفسير جمل الألفات وهذه

 

 

6 جمل اللامات

وهي ثلاثون لاما

لام الصفتة ولام الأمر ولام الخبر ولام كي ولام الجحود ولام الاستثغاثة ولام النداء ولام التعجب ولام في موضع إلا ولام القسم ولام الوعيد ولام التأكيد ولام الشرط ولام المدح ولام الذم ولام جواب القسم ولام في موضع عن ولام في موضع على ولام في موضع إلى ولام في موضع أن ولام في موضع الفاء ولام الطرح ولام جواب لولا ولام الاستفهام ولام جواب الاستفهام ولام السنخ ولام التعريف ولام الإقحام ولام العماد ولام التغليظ ولام منقولة

فأما لام الصفة

قولهم لزيد ولعمرو ولمحمد وهي مكسورة أبدا إذا وقعت على

 

 

الاسم الظاهر وإذا وقعت على الاسم المكني كانت مفتوحة كقولك له ولهما ولهم ولك ولكما ولكم فهذا فرق بين الظاهر والمكني فافهم ذلك إن شاء الله تعالى

ولام الأمر

قولهم ليذهب عمرو وليخرج زيد

وإنما يؤمر به الغائب ولا يكون ذلك للشاهد وربما يقلب للشاهد كقول رسول الله ( لتأخذوا مصافكم ) ولا يكادون يقولون لتذهب أنت قال الله تعالى ( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ) قال الشاعر

( ليكن لديك لسائل فرج ... إن لم يكن فليحسن الرد )

ولام الأمر مكسور أبدا إذا كانت في الابتداء فإن تقدمها واو أو فاء كانت ساكنة تقول وليذهب عمرو وربما كسرت مع الواو والفاء

 

 

ولام الخبر

وهي لام التحقيق كقولهم إن زيدا لخارج وإن محمدا لمنطلق قال الله تعالى ( إن ربهم يومئذ بهم لخبير ) اللام لام الخبر وهي مفتوحة أبدا

وهذه اللام إذا أدخلت على خبر إن كسرت ألف إن وإن توسطت إن الكلام ولم تجئ في خبرها اللام فتحت الألف ألا ترى أنك إذا بدأت ب إن محمدا رسول الله وإنك منطلق وإذا توسطت قلت أشهد أن محمدا رسول الله وأعلم أنك عالم فتحت أن لما توسطت الكلام

فإذا أدخلت اللام على الخبر كسرت الألف مبتدأ كان أو متوسطا تقول أن محمدا لرسول الله قال الله جل وعز ( إذا جاءك المنافقون

 

 

قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) كسرت الألف من إن للام الخبر ولولا ذلك لكانت مفتوحة لتوسطها الكلام

قال الشاعر

( واعلم علما ليس بالظن أنه ... إذا ذل مولى المرء فهو ذليل )

( وإن لسان المرء مالم تكن له ... حصاة على عوراته لدليل )

فتح الألف من أنه لما لم يدخل اللام على الخبر وكسر الالف في قوله وإن لسان المرء للام التي في قوله لدليل

ولام كي

قولهم أتيتك لتفيدني علما وهذه اللام مكسورة أبدا معناه لكي

 

 

تفيدني قال الله جل وعز ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) معناه لكي يغفر لك الله نصبت يغفر بلام كي

ولام الجحود

مثل قولك ما كان زيد ليفعل ذلك وما كنت لتخرج قال الله جل اسمه ( وما كان ليضيع إيمانكم ) ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم )

عملها النصب وهي مكسورة ومعنى الجحود إدخال حرف الجحد على الكلام وهو مثل قولك ما كان زيد ليفعل

ولام النداء

مفتوحة قال مهلهل

( يا لبكر أنشرو لي كليبا ... يا لبكر أين أين الفرار )

 

 

وتقول أكلت رطبا ياله من رطب

ولام الاستغاثة

وهي مكسورة تقول يا لعبد الله لأمر واقع وقع فاستغثت قال الشاعر

( يا لقوم لزفرة الزفرات ... ولعين كثيرة العبرات )

ولام التعجب

مفتوحة أبدا نحو قولهم لظرف زيد ولكرم عمرو ولقضو القاضي أي ما أظرف زيدا وأكرم عمرا وأقضى القاضي

ويقال من لام التعجب أيضا قول الله تعالى ( إن في ذلك لعبرة ) ( أن في هذا لبلاغا ) ومن التعجب قوله تعالى ( أإذا ما مت لسوف أخرج حيا ) تعجب الكافرون من البعث

 

 

واللام التي في موضع إلا

كقول الله جل ذكره ( وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) معناه ما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين ومثله قول الله تبارك وتعالى ( تا الله إن كنا لفي ضلال مبين ) معناه إلا في ضلال مبين قال الشاعر ( ثكلتك أمك إن قتلت لمسلما ... حلت عليك عقوبة المتعمد ) معناه ما قتلت إلا مسلما

ولام القسم

قول الله تعالى ( لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) وكقوله عز وعلا ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين أمنوا اليهود ) معناه والله لتبلون ولتجدن و ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون )

 

 

ولام الوعيد

قول الله تعالى ( ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون ) وهو كقول الرجل للرجل في معنى التهدد ليفعل فلان ما أحب فإني من ورائه

ولام التأكيد

مثل قوله ( ليسجنن ) ولا بد للام التأكيد من أن يتقدمه لام الشرط وهو لام لئن كقول الله تعالى ( ولئن لم يفعل ما أمره ليسجنن ) ومثله ( كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية ) وإذا لم يتقدم لام الشرط لام التأكيد فلا بد للام التأكيد أن يكون قبلها إضمار القسم مثل قوله تعالى ( لتبلون ) معناه والله لتبلون

 

 

ولام جواب القسم

قولهم والله إن فعلت لتجدنه بحيث تحب ومنه قول الشاعر

( تساور سوارا إلى المجد والعلا ... وأقسم حقا إن فعلت ليفعلا )

اللام التي في ليفعل لام جواب القسم

واللام التي في موضع عن

قولهم لقيته كفة لكفة أي كفة عن كفة فافهم ذلك

ولام المدح

قولهم يالك رجلا صالحا ويالك خبرا سارا ومن المدح قول الله تعالى ( ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون )

ولام الذم

مثل يا لك رجلا ساقطا ويا لك رجلا جاهلا قال الله عز وجل ( لبئس المولى ولبئس العشير )

 

 

واللام التي في موضع على

قولهم سقط لوجهه أي على وجهه ومنه قول الله جل وعز ( يخرون للأذقان سجدا ) أي على الأذقان

واللام التي في موضع الفاء

قولهم أحسنت إلى زيد ليكفر نعمتك أي فكفر نعمتك ومنه قول الله تبارك وتعالى ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ) ومثله ( ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ) أي فضلوا عن سبيلك

قال الشاعر

( لنا هضبة لا يدخل الذل وسطها ... ويأوي إليها المستجير ليعصما )

أي فيعصما وهاتان اللامان تعرفان بلام الصيرورة والعاقبة أي كان عاقبتهما وصار أمرهما إلى ذلك

 

 

ومثله ( ليجزي الذين اساؤوا بما عملوا ) يعني ( ولله ما في السموات وما في الأرض ) فيجزي الذين أساؤوا بما عملوا ( ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى )

واللام التي في موضع إلى

قول الله جل ذكره ( حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت ) أي إلى بلد ميت ومثله ( ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان ) أي إلى الإيمان ومثله ( الحمد لله هدانا لهذا )

واللام التي في موضع أن

مثل قول الله تعالى ( وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا ) معناه إلا أن يعبدوا قالت الخنساء

( وقائله والدمع يسبق خطوها ... لتلحقه يا لهف نفسي على صخر )

ومثله ( وأمرنا لنسلم لرب العالمين ) ومثله ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ) معناه أن يطفئوا وأن نسلم

 

 

ولام جواب لولا

قولهم لولا زيد لزرتك ولولا محمد لأتيتك قال الله جل وعز ( ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم )

ولام الطرح

قول الله عز وجل ( وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ) معناه كالوهم أو وزنواهم مثل قول الشاعر

 

 

( تبعد إذ نأى جدواك عني ... فلا أسفي عليك ولا نحيبي )

طرحت اللام في موضع الطرح في أول الكلام فافهمه أن شاء الله تعالى

ولام جواب الاستفهام

مثل قولهم أإذا خرجت ليأتين عمرو ومثله قول الله جل ذكره ( أإذا ما مت لسوف أخرج حيا ) وهذا بلام التعجب أشبه لأن الكفار لم تستفهم

ولام الاستفهام

قول الله عز وجل ( لمن الملك اليوم لله الواحد القهار )

ولام السنخ

مثل اللام في جمل ولحم ولحن ولم وألم وألما وما أشبه ذلك مما لا يجوز إسقاطه

ولام التعريف

مثل اللام التي في الرجل والفرس والحائط تدخل مع الألف على الاسم منكورا فيكون معرفة لأن قولهم فرس وحائط ورجل هي مناكير

 

 

وإذا قلت الرجل والمرأة والفرس صارت معارف بإدخال الألف واللام

ولام الإقحام

مثل قول الله عز وجل ( إن كاد ليضلنا عن آلهتنا ) وقوله تعالى ( قل عسى أن يكون ردف لكم ) معناه ردفكم وقال الشاعر

( أم حليس لعجوز شهربه ... ترضى من اللحم بعظم الرقبة )

أدخل اللام في لعجوز اقحاما

 

 

ولام العماد

مثل قول الله تعالى ( إن في ذلك لآية لقوم يعلمون ) وكل ما كان من نحوه فافهمه إن شاء الله تعالى

ولام التغليظ

لتهلكن زيدا ولتضربن عمرا

واللام المنقولة

قول الله عز وجل ( يدعو لمن ضره أقرب من نفعه ) معناه يدعو من لضره أقرب من نفعه

ولام الابتداء

لعبد الله أفضل من زيد

مضى تفسير وجوه اللامات وهذا

 

 

تفسير جمل الهاءات

وهي عشرة

هاء سنخ وهاء استراحة وتبيين وهاء التنبيه وهاء الترقيق وهاء الضمير وهاء المبالغة والتفخيم وهاء التأنيث وهاء تقع على المذكر والمؤنث وهاء تتحول تاء وهاء تكون في نعت المذكر وهاء الوصل وهاء الأمر

فهاء السنخ

هاء الوجه وهاء الشبه والسفه ليست تتغير على كل حال

 

 

وهاء الاستراحة والتبيين

كقول الله جل وعز ( ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانية ) ومنه قول بشر بن أبي خازم )

( مهما لي الليلة مهماليه ... أودى بنعلي وسرباليه )

( يا أوس لو نالتك أرماحنا ... كمت كمن تهوي به الهاوية )

( ألفيتا عيناك عند القفا ... أولى فأولى لك ذا واقية )

وهاء التنبيه

مثل هذا وهذه

وهو قالوا هو قائم فالهاء وحدها اسم والواو علامة الرفع وقالوا

 

 

هما فحذفوا الواو الزائدة وأتوا بالميم لما كانت من الزوائد وكرهوا أن يعربوه من وجهين

وأما هذا فإنه كان في الأصل هذاي فكثر الاستعمال فحذفوا الياء وجعلوا رفعه ونصبه وجره بمنزلة واحدة ومما جاء على الأصل

( هذايه الدفتر خير دفتر ... بكف قرم ماجد مصور )

وإنما أدخلت الهاء ههنا للاستراحة والتبيين وهو يقال بالمد والقصر ويقال هذه وهذي

يقولون هم ضاربون زيدا فإذا أضمروا قالوا هم ضاربوه وهم قاتلوه الا في الشعر اضطرارا قال الشاعر

( هم الفاعلون الخير والامرونه ... إذا ما خشو من حادث الأمر معظما ) أراد والأمرون به وفي هو ثلاث لغات يقال هو وهو وهو فأما من قال هو فإنه حرك الواو وطلب التثقيل

 

 

وأما من قال هو فإنه كره أن يكون الاسم على حرفين فعمده بالتشديد وقال الشاعر

( وإن لساني شهدة يشتفى بها ... وهو على من صبه الله علقم )

وأما من قال هو بتسكين الواو فإنه أخرجه على مثال من وعن وأشباه ذلك وقال الحطيئة يمدح سعيد بن العاص ( سعيد وما يفعل سعيد فإنه ... نجيب كمن هو في الغلاة نجيب )

وبعضهم يسكن الهاء إذا تقدمها واو كما يقرأ ( وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ) الآية

ومن هاء التنبيه مثل قول الله جل وعز ( هاؤم اقرؤوا كتابيه ) وقال ( ها أنتم هؤلاء ) وقال الشاعر

( ونحن اقتسمنا الحب نصفين بيننا ... فقلت لها هذا لها ها وذاليا )

 

 

وهاء الترقيق

نحو قول ابن قيس الرقيات

( إن الحوادث بالمدينة قد ... أوجعتني وقرعن مروتيه )

( تبكيهم أسماء معولة ... وتقول سلمى وزريتيه )

وهي ضرب من الندبة تندب بالياء في أول الكلمة نحو قولك يا زيداه وهذه تندب بالواو والياء كقولك واصاحباه واأماه واأختاه

وهاء الضمير

مثل كلمته ولقيته ونحوه

وهاء المبالغة والتفخيم

مثل قولهم رجل علامة ونسابة ولحانة إذا كان كثير اللحن وزعموا أن قول الله جل وعز ( بل الإنسان على نفسه بصيرة ) على هذا المعنى

 

 

ومثله قوله تعالى ( وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ) فالهاء هاء المبالغة والتفخيم ومنه قوله عز وجل ( لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) ألحقته الهاء للبالغة وإنما هو الجن وخالص وقال الشاعر يصف السيف

( ولو شهدت غداة الكوم قالت ... هو العضب المهذرمة العتيق )

وإنما هو المهذرم

وهاء التأنيث

مثل كلمة وضربة وجنة وشجرة وقلنسوة

وأما قول الله عز وجل ( وذلك دين القيمة ) فأنث لأن معناه وذلك دين الحنيفية القيمة

وهاء العماد

مثل قولهم إنه قائم فيها أخوك وإنه قائم فيها أبوك وإنه قائم فيها أختك

 

 

وإنه قائم فيها أختاك وإنه قائمة فيها أخواتك وليست هذه الهاء في هذا الموضع اسما ولو كان اسما لقلت إنهما وإنهن ولأنثت في المؤنث

قال الله جل وعز ( إنه مصيبها ما أصابها ) و ( قل أوحي إلى أنه استمع نفر من الجن ) وقال الشاعر

( فلم تر عيني مثل سرب رأيته ... خرجن علينا من زقاق ابن واقف )

ولم يقل رأيتهن

والهاء التي تقع على المذكر والمؤنث

كقول الشاعر

( فطافت ثلاثا بين يوم وليلة ... )

قال ثلاثا ولم يقل ثلاثة وقد ذكر الأيام وإنما قال ثلاثا على الليالي لأن الأيام داخلة في الليالي لكثر استعمالهم الليالي ألا ترى أنهم يكتبون في كتبهم بقين ومضين وصمنا عشرا من الشهر يعني الليالي

 

 

وأما قول الشاعر

( وإن كلابا هذه عشر أبطن ... وأنت بريء من قبائلها العشر ) البطن مذكر وإنما عنى القبائل وأما قول الآخر

( ثلاثة أنفس وثلاث ذود ... لقد جار الزمان على عيالي )

قال ثلاثة أنفس لأنه أراد ثلاثة أشخص وشخص الرجل نفسه قال الشاعر

( فكان مجني دون ما كنت أتقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر ) قال ثلاث شخوص فأنث والشخص مذكر

والهاء التي تتحول تاء

وهي لغة في بعض لغات العرب يقولون وضعته في المشكات وهذه

 

 

جمرت وجنت قال الله جل وعز ( ياأبت ) و ( إن شجرت الزقوم ) ومثله ( وجنت نعيم ) و ( إن رحمت الله قريب من المحسنين )

قال الشاعر

( من بعدما وبعدما وبعدمت ... صارت نفوس القوم عند الغلصمت )

( وكادت الحرة أن تدعى أمت ... )

أراد الغلصمة والأمة فوقف على الهاء بالتاء على اللغة وهي حميرية ويقال لبعض بني أسد بن خزيمة

( والهاء التي تكون في نعت المذكر

كقول الشاعر

 

 

( وأمرهم مركودة في نزالهم ... وما بهم حيد إذا الحرب هرت )

( بكل قناة صدقة يزنية ... إذا أكرهت لم تنأظر واشمأزت )

معناه أمرهم أمرة مركودة قال الله جل ذكره ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) معناه أمرنا أمرة واحدة قال الشاعر

( لو أنها عرضت لأشمط راهب ... عبد الإله صرورة متعبد )

وهاء الندبة

وازيداه واعمراه قال الشاعر

( يارب يارباه إياك أسل ... عفراء من قبل اقتراب الأجل )

مضى تفسير جمل الهاءات وهذه

 

 

( جمل التاءات )

وهي خمس عشرة

تاء سنخ وتاء التأنيث وتاء فعل المؤنث وتاء النفس وتاء مخاطبة المذكر وتاء مخاطبة المؤنث وتاء تشبه تاء التأنيث وهي مصروفة في كل وجه وتاء وصل وتاء تكون بدلا من الألف وتاء تكون بدلا من السين وتاء تكون بدلا من الدال وتاء تكون بدلا من الواو وتاء القسم وتاء زائدة في الفعل المستقبل وتاء تكون بدلا من الصاد في بعض اللغات

فتاء السنخ

مثل التاء في التمر والتين وأشباه ذلك مما لا يسقط منه

وتاء التأنيث

كسر في الخفض والنصب ورفع في الرفع تقول في النصب رأيت

 

 

بناتك وأخواتك وفي الجر مررت ببناتك وأخواتك ولا تكون تاء التأنيث إلا بعد الألف قال الله جل ذكره ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) فكسر التاء وهي في محل النصب ومنه قوله جل وعز ( خلق الله السماوات والأرض بالحق ) فكسر التاء من السماوات وهي نصب

وتاء فعل المؤنث

تكون جزما أبدا مثل خرجت وظعنت وقامت وقعدت فإذا استقبلها ألف ولام كسرت تقول خرجت المرأة كسرت التاء لالتقاء الساكنين والساكنان التاء من خرجت واللام من المرأة وكل مجزوم وساكن إذا حرك حرك إلى الخفض فإذا قلت ضربت زينب جزمت التاء لأنها تاء المؤنث وتاء المؤنث في الأفعال جزم أبدا

 

 

وقد تسقط هذه التاء من فعل المؤنث يكتفون بدلالة الاسم عن العلامة كقول الله تبارك وتعالى ( قد كان لكم آية في فئتين التقتا ) وقوله جل ذكره ( لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة ) ولم يقل كانت وقال الشاعر

( لقد ولد الأخيطل أم سوء ... لدى حوض الحمار على مثال )

ولم يقل ولدت وهذا لما فصل

والفصل أحسن لأنك إذا قلت جاء اليوم المرأة أحسن من أن تقول جاء المرأة على أن الشاعر ذكر الفعل ولم يفصل وقال

( قام أم الوليد بالقبرين تندب ... عبد الملك والضحاكا )

ولم يقل قامت

وأما قول الآخر

( إن السماحة والمروءة ضمنا ... قبرا بمرو على الطريق الواضح )

ولم يقل ضمنتا لأن المصادر تذكر المؤنث

 

 

وأما قول الله جل وعز ( وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها ) فقال ( إن كان ) ثم قال ( أتينا بها ) لتأنيث الحبة لأن المثقال من الحبة وقال و ( وإن كان مثقال حبة ) فذكر لتذكير ( مثقال )

وقال الشاعر

( لما أتى خبر الزبير تواضعت ... سور المدينة والجبال الخشع )

السور مذكر وإنما أنث لأن السور من المدينة ومثله

( طول الليالي أسرعت في نقضي ... طوين طولي وطوين عرضي )

الطول مذكر وإنما أنث على تأنيث الليالي قال الشاعر

( وتشرق بالقول الذي قد أذعته ... كما شرقت صدر القناة من الدم )

والصدر مذكر وإنما أنث لأن الصدر من القناة

 

 

وتاء النفس

رفع أبدا تقول خرجت وقدمت وقلت وقمت وذهبت وأعطيت رفعت التاء لأنها تاء النفس

وتاء المخاطب المذكر

نصب أبدا تقول أنت خرجت أنت ذهبت أنت أعطيت نصبت التاء في هذا كله لأنها تاء مخاطبة المذكر فافهمه

وتاء مخاطبة المؤنث

كسر أبدا تقول أنت خرجت أنت ذهبت أنت رأيت كسرت التاء لأنها تاء مخاطبة المؤنث

والتاء التي تشبه تاء التأنيث

تقول رأيت أبياتهم ولبست طيالستهم وسمعت أصواتهم أجريت هذه التاء في جميع حركاتها لأنها لا تتغير في الواحد والتصغير

 

 

ألا ترى أنم تقول صوت وقوت وبيت فإذا صغرت قلت صويت وقويت وبويت وتقول فيما تكون التاء فيه تاء التأنيث إذا صغرت بنية وأخية فتتغير تاؤهما فهي تاء التأنيث يستوي فيها النصب والخفض فإذا قلت رأيت بيوتات العرب ولبست طيالستهم صارت هذه التاء تاء التأنيث فاعرفها فإذا سئلت عنها عرفت وجهها

فقال غير الخليل لبست طيالستهم ورأيت سادتهم وجحاجحتهم وديارتهم وإنما فتحت التاء ههنا في موضع النصب لأن هذه هاء التأنيث وإنما صارت تاء في الوصل وليست هذه التاء التي تخرج في الجمع لأن تلك لا تقع إلا بعد الألف

نرجع إلى كلام الخليل

وتاء الوصل

قولهم لات أوان ذلك يريدون لا أوان ذلك فيجعلون التاء صلة

 

 

ومنه قول الله تبارك وتعالى ( ولات حين مناص ) وقال الطرماح

( لات هنا ذكرى بلهنية العيش ... وأنىذكرىالسنين المواضي ) لات هنا معناه لا هنا فزاد التاء فقال لات كأنه يريد لا هنا فوصلها بالتاء ومعنى لات هنا أي لات حين

والتاء التي تكون بدلا من الألف

في بعض اللغات يقولون تلان آتيك أي الآن آتيك قال الشاعر

( نولي قبل نأي داري جمانا ... وصليني كما زعمت تلانا ) يعني الآن وقال أبو وجزة

 

 

( العاطفون تحين ما من عاطف ... والمفضلون يدا إذا ما أنعموا )

( والتاء التي تكون بدلا من السين

مثل طست والتاء بدل من السين لأن الأصل فيه طس والدليل على ذلك أنك إذا صغرت قلت طسيس فترده إلى السين

وكذلك تفعل العرب إذا اجتمع حرفان من جنس واحد جعلوا مكانه حرفا من غير ذلك الجنس من ذلك قول الله عز وجل ( وقد خاب من دساها ) معناه دسسها ومثله قوله عز وجل ( ثم ذهب إلى أهله يتمطى ) يتمطط فحولت السين والطاء ياء قال العجاج

( تقضي البازي إذا البازي كسر )

 

 

أراد تقضض فحول الضاد ياء فاعلم

والتاء التي تكون بدلا من الدال

مثل التاء التي في ستة أصله سدسة والدليل على ذلك أنك إذا صغرت أو نسبت قلت سديس وسدسي وإنما دخلت التاء في ستة لأن السين والدال مخرجهما من مكان واحد فأبدلت التاء بالدال لتخف على اللسان في النطق

وأما قول الله تبارك وتعالى ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) فأصله مذتكر اجتمع ذال وتاء ومخرجهما قريب بعضه من بعض فلما ازدحمتا في المخرج أدغمت التاء في الذال فأعقبت التشديد فتحولت دالا

 

 

والتاء التي تكون بدلا من الواو

كالذي يحكى عن أم تأبط شرا حين ذكرت ابنها تأبط شرا فقالت والله ما حملته تضعا ولا وضعته يتنا ولا أرضعته غيلا ولا أبته على مأقة

قولها ما حملته تضعا أي ما حملته وأنا حائض وأصله وضعا واليتن أن تخرج رجل المولود قبل رأسه وهو عيب ولا أرضعته غيلا والغيل أن ترضع المرأة وهي حبلى ولا ابته على مأقة أي لم ينم الصبي وهو ممتليء غيظا وبكاء

وتاء القسم

مثل قول الله تبارك وتعالى ( تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض ) و ( تالله تفتأ تذكر يوسف )

 

 

والتاء الزائدة في الفعل المستقبل

أنت تخرج والمرأة تخرج وما أشبه ذلك

والتاء التي تكون بدلا من الصاد

في بعض لغات طيئ يجعلون الصاد من اللصوص تاء يقولون لصوت وكذلك اللص يسمونه اللصت قال الشاعر

( فتركن نهدا عيلا أبناؤها ... وبني كنانة كاللصوت المرد )

مضى تفسير جمل التاءات وهذه

 

 

9

جمل الواوات

وهي عشرة

واو سنخ وواو استئناف وواو عطف وواو في معنى رب وواو قسم وواو النداء وواو إقحام وواو إعراب وواو ضمير وواو تتحول أو وواو تتحول ياء وواو في موضع بل وواو معلولة تقع في الأسماء والأفعال

فأما واو السنخ

فكل واو في اسم أو فعل يكون لازما في كل حال فهو واو السنخ مثل الواو في وهب وورس وأشباه ذلك

 

 

واو الاستئناف

معناه الابتداء مثل قولهم خرجت وزيد جالس وكل واو توردها في أول كلامك فهي واو استئناف وإن شئت قلت ابتداء

وواو العطف

وإن شئت قلت واو النسق وكل واو تعطف بها آخر الاسم على الأول آخر الفعل على الأول أو آخر الظرف على الأول فهي واو العطف مثل قولك كلمت زيدا ومحمدا ورأيت عمرا وبكرا نصبت زيدا بإيقاع الفعل عليه ونصبت محمدا لأنك نسقته بالواو على زيد وهو مفعول به

وتقول لقيني زيد ومحمد وكلمني خالد وبكر رفعت زيدا بفعله ورفعت محمدا لأنك عطفته بالواو على زيد وهو فاعل

وتقول مررت بعمرو وزيد خفضت عمرا بالباء الزائدة وخفضت زيدا لأنك عطفته بالواو على عمرو وهو خفض بالباء الزائدة

 

 

وكذلك آخر الفعل والظرف على الأول فقس على هذا

والواو التي في معنى رب

قولهم . . . قال الشاعر

( وعانيه كالمسك طاب نسيمها ... تلجلج منها حين يشربها الفضل )

( كأن الفتى يوما وقد ذهبت به ... مذاهبه يلفى وليس له أصل )

معناه ورب عانية فأضمر رب واكتفي بالواو

والواو في القسم

قولهم والله وتالله وهي من حروف الخفض كقول الله جل اسمه ( والشمس وضحاها ) ( والليل إذا يغشى ) ( والتين والزيتون ) فهذه واو القسم قال الشاعر

( ووالله ما أدري وإني لشاكر ... لكثرة ما أوليتني كيف أشكر )

وأما واو النداء

قولهم يا زيدها وازيد ومنهم من يحذف حرف النداء ويكتفي

 

 

فيقول زيد قال الله تعالى ( يوسف أعرض عن هذا ) ومنهم من يثبت الألف فيقول أزيد قال الشاعر

( أيا ظبية الوعساء بين حلاحل ... وبين النقا آأنت أم أم سالم )

وواو الإقحام

مثل قول الله عز وجل ( إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله ) معناه يصدون والواو فيه واو إقحام ومثله ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء ) معناه آتينا موسى وهارون الفرقان ضياء لا موضع الواو ههنا إلا أنها أدخلت حشوا

ومنه قول امرئ القيس

( فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى ... بنا بطن خبت ذي قفاف عقنقل )

 

 

معناه لما اجزنا ساحة الحي انتحى فأدخل الواو حشوا وإقحاما ومثله قول الله عز وجل ( فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ) معناه ناديناه والواو حشو على ما ذكره سيبويه النحوي

وواو الإعراب

قولهم في حال الرفع أخوك وأبوك وفوك وحموك والمؤمنون فهذه الواو واو الإعراب

وواو الضمير

قولهم تخرجون ويقومون فالواو في ذلك إضمار جمع المذكر

فما كان في الأسماء فهو واو الإعراب وما كان في الأفعال فهو واو الضمير

والواو التي تتحول أو

مثل قول الله جل وعز ( آإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون )

 

 

معناه وآباؤنا الأولون ومثله ( ولا تطع منهم آثما أوكفورا ) معناه لا تطع منهم آثما ولا كفورا ومنه قول جرير

( نال الخلافة أو كانت له قدرا ... كما آتى ربه موسى على قدر )

أي وكانت

وأما قوله تعالى ( ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى ) وما كان من هذا النحو ف أو حرف من حروف النسق وليس بمعنى الواو

ومعنى الواو قول النابغة أيضا

( قالت فياليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أونصفه فقد ) أي ونصفه والواو أي ونصفه والواو

الواو التي تتحول ياء

مثل ميزان وميقات وميعاد وأصله الواو لأنه وزن ووقت ووعد إلا أن كل واو إذا انكسر ما قبلها انقلبت ياء والدليل على ذلك أنك إذا جمعت قلت موازين

 

 

ومواعيد ومواقيت فرددته إلى الواو وقال الله جل اسمه ( ما قطعتم من لينة ) وإنما هو من لون قال الشاعر

( كأن قتودي فوقها عش طائر ... على لينة قرواء تهفو جنوبها ) يريد لونا من النخل

وإذا كانت الواو فاء الفعل وانكسر ما بعدها وانفتح ما قبلها حذفتها لأن الواو لا تثبت مثل وجد يجد كان الأصل فيه يوجد فذهبت الواو لانكسار ما بعدها ولو كانت مفتوحة لثبتت ومثله وزن يزن ووعد يعد قال الله عز وجل ( ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا )

وإذا كان الفعل على فعل يفعل مما فاؤه واو ففيه ثلاث لغات لتميم لغة ولقيس لغة ولسائر العرب لغة

ولأهل الحجاز لغة قالوا في مثل ذلك وحد يوحد ووجع يوجع هذه لغة أهل الحجاز قال الله جل وعز ( قالوا لا توجل ) قال الشاعر

 

 

( لعمرك ما أدري وإني لأوجل ... على أينا تغدو المنية أول ) وتميم تقول ييجع بقلب الواو ياء قال متمم بن نويرة

( قعيدك ألا تسمعيه ملامة ... ولا تتكئي قرح الفؤاد فييجعا ) وقال آخر

( بانت أميمة بالطلاق ... ونجوت من غل الوثاق )

( بانت فلم ييجع لها ... قلبي ولم تدمع مآقي )

وتقول سائر العرب أيجل ثم أوجل ترده إلى أصله لانفتاح ما قبله وقيس تقول ياجل وتاجل

فإذا اعتل عين الفعل فمنه قولهم قل كان الأصل فيه أقول فاعتلت الواو وهو عين الفعل فاستثقلوا تحريكها فردوها في الخلقة إلى قول ثم

 

 

حذفوا الواو لاجتماع الساكنين فإذا ثنوا وجمعوا ردوا الواو لأن اللام قد تحركت بالضمة أو الفتحة

والواو التي في موضع بل

قوله تبارك وتعالى ( وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ) معناه بل يزيدون ومثله ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة ) معناه بل أشد قسوة فلهذا ارتفع أشد وليس بنسق على الحجارة

وقد تضع العرب أم في موضع بل كقول الأخطل

( كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرباب خيالا )

معناه بل رأيت بواسط ومنه قول الله تبارك وتعالى ( أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ) أي بل أنا خير منه

والواو المعلولة

تقع في الأسماء والأفعال فإذا وجدت الأسماء والأفعال وفيها واو أو ياء

 

 

فلم تثبت إذا رددت الاسم والفعل إلى فعلت فذلك الاسم والفعل معتل مثل أقول وأعوذ وتقول وتكيل هذه أفعال معتلة

والدليل على ذلك أنك إذا رددتها إلى فعلت لم تثبت الواو والياء للعلة التي أخبرتك ألا ترى أنك إذا قلت فعلت من يقول قلت قلت فينقص عن الأصل لأن فعلت في الفعل الصحيح أربعة أحرف وقلت ثلاثة أحرف

والفعل الصحيح الذي لا يذهب عند فعلت منه شيء ولا تنتقل حركته إلى حركة ولا سكون بعضها إلى موضع بعض مثلما يتحول في قولك يقول فالياء متحركة والقاف متحركة والواو ساكنة ويقول يفعل فقد انتقل سكون الواو إلى الفاء وتحركت العين وهي في موضع الواو من يقول ولو كان الفعل صحيحا لم يتغير كقولك يضرب ويشتم ويخرج ويدخل

 

 

فهذا فعل مضمر لأنك إذا قلت ضربت وشتمت ففعلت لم يتغير منه شيء وهو قائم

مضى تفسير الواوات وهذا

 

 

10

تفسير جمل اللام ألفات

وهي ثلاث عشرة

لا نهي ولا جحد ولا استثناء ولا تحقيق ولا في موضع الواو ولا ي موضع غير ولا حشو ولا صلة ولا نسق ولا في معنى لكن ولا للتبرئة ولا في موضع لم ولا في موضع ليس

فلا النهي

لا تخرج ولا تضرب ولا تشتم ولا تقم والنهي جزم أبدا

ولا الجحد

نحو قول الله تبارك وتعالى ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله

 

 

من يموت بلى ) رفع يبعث لأنه فعل مستقبل وهو جحد ومثله ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ) يتخذ رفع لأنه فعل مستقبل ولا في معنى الجحد ومن قرأ ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين ) بكسر الذال فإنه نهي وهو جزم وإنما كسرت لاستقبال الألف واللام

وإلا استثناء

خرج القوم إلا زيدا وقدم القوم إلا محمدا و المستثنى إذا لم يكن له شركة في فعل القوم فهو نصب ألا ترى أنك تقول خرج القوم إلا زيدا وقدم القوم إلا محمدا حين أخرجا من عدد القوم على معنى الاستثناء ألا ترى أن زيدا لم يخرج ومحمدا لم يقدم فلذلك انتصبا

 

 

وإلا تحقيق

ما خرج من القوم إلا زيد وما قدم من القوم إلا محمد رفعت زيدا ومحمدا لأن لهما الفعل قال الله تعالى ( ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ) رفع الشهداء على معنى اسم يكن ورفع أنفسهم على التحقيق لأنهم هم الشهداء

وكذلك تقول لا إله إلا الله ولا رجل إلا زيدا وما في الدار إلا محمد وما جاءني إلا أبوك رفعت زيدا على التحقيق وعلى أنه لا يجوز قولك لا رجل حتى تقول إلا زيد وإنما رفعت على التحقيق

وإذا قدمت المستثنى على حرف التحقيق نصبت ما قبله ورفعت ما بعده تقول مالي إلا أباك صديق قال الشاعر

 

 

( ومالي إلا آل أحمد شيعة ... ومالي إلا مشعب الحق مشعب )

وقال آخر

( والناس إلب علينا فيك ليس لنا ... إلا السيوف وأطراف القنا وزر )

نصب السيوف وأطراف القنا لأنه قدم المستثنى وعلى أن إلا في معنى لكن لأن لكن تحقيق وإلا تحقيق

فأما قول الآخر

( والحرب لا يبقى لجاحمها ... التخيل والمراح )

( إلا الفتى الصبار في النجدات ... والفرس الوقاح )

يعنى إلا أن يكون الفتى الصبار والفرس ومثله

( عشية لا تغنى الرماح مكانها ... ولا النبل إلا المشرفي المصمم )

يعني إلاأن يكون

 

 

فأما قول الآخر

( مارام سرك إنسان فيعلمه ... إلا الصحيفة والهادي والقلما )

وإنما أخبرتك ب لكن لأنه خارج من الكلام الأول ومثله قول الله تبارك وتعالى ( وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ) فهذا استثناء من غير لفظه أيضا ومثله ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ) أي أحد إلا الله

وأما قوله ( لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ) يعني لكن من رحم وكذلك ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) أي لكن من ظلم

وتقول ما أتاني إلا زيد ابو عمرو إذا كان زيد هو أبو عمرو وجاز على البدل كما قال الشاعر

( ما كان من شيخك إلا عمله ... إلا رسمية وإلا رمله )

لأن الرسيم هو العمل فأعاد لأنه ما زاده إلا توكيدا

 

 

وإلا بمعنى الواو

مثل قول الشاعر

( وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان )

معناه والفرقدان يفترقان ومثله قول الله تبارك وتعالى ( إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ) معناه والذين ظلموا منهم فلا تخشوهم

ولا بمعنى غير

مثل قوله جل اسمه ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) أي وغير الضالين ومثله أيضا ( انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب ) أي غير ظليل وقال زهير بن أبي سلمى

 

 

( حتى تناهي إلى لا فاحش صخب ... ولا شحيح إذا ما صحبه غنموا )

أي إلى غير فاحش

ولا حشو

مثل قول الله جل وعز ( ما منعك ألا تسجد ) معناه أن تسجد وقال العجاج

( ولا ألوم البيض ألا تسخرا ... من شمط الشيخ وألا تذعرا )

معناه أن تسخرا وأن تذعرا وقال آخر

( في بئر لا حور سرى وما شعر )

أي في بئر حور ولا حشو

 

 

ولا التي للصلة

قوله تعالى ( لا أقسم معناه أقسم ولا صلة وكذلك قوله جل وعز ( لئلا يعلم أهل الكتاب ) أي ليعلم و لا صلة

ولا للنسق

قولك رأيت محمدا لا خالدا ومررت بمحمد لا خالد وهذا محمد لا خالد

وإلا في معنى لكن

قوله جل وعز ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى ) نصب تذكرة على معنى لكن تذكرة لأن إلا تحقيق ولكن تحقيق

ولا للتبرئة

كقولك لا مال لزيد ولا عقل لعمرو ومنه قول الله تبارك وتعالى

 

 

( لا ريب فيه ) ومنه ( فلا رفث ولا فسوق ولا جدال ) و ( لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة ) ومن رفع جعل لا في معنى ليس بيع فيه وليس خلة وليس شفاعة

ولا بمعنى لم

قول الله تبارك وتعالى ( فلا صدق ولا صلى ) أي لم يصدق ولم يصل وقال الشاعر

( لا هم إن الحارث بن جبلة ... ربا على والده وخذله )

( وكان في جيرانه لا عهد له ... واي شيء سيئ لا فعله )

أي لم يفعله

مضى تفسير اللام ألفات وهذا

 

 

11

اختلاف ما في معانيه

الماء ممدود وهو ماء السماء وغير ذلك من المياه وما جحد وما في موضع الاسم وما في موضع ظرف وما في وضع المجازاة وما في موضع حشو ما صلة وما للتكرير وما الذي لا بد له من فاء تكون عمادا

فالماء

الذي يشرب من مياه الأرض والمطر قال الله جل اسمه ( وأنزلنا من السماء ماء بقدر )

 

 

وما في موضع الجحد

كقولك ما زيد أخانا وما عمرو عندنا قال الله جل وعز ( ما هذا بشرا ) ومثله ( وما أنا عليكم بوكيل ) ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) ولا يقدمون خبر ما عليه لا يقولون قائما ما زيد لأنه لا يقدم منفي على نفي

وتميم ترفع على الابتداء والخبر يقولون ما زيد قائم أي زيد قائم وقال الشاعر

( فلا تأمنن الدهر حرا ظلمته ... وما ليل مظلوم إذا هم نائم )

فرفع على الابتداء وخبره

وتقول ما كل سوداء تمرة ولا كل بيضاء شحمة لأن فعل ما نصب وفعل لا رفع لأن النافي في ما أقوى منه في لا

وإذا قدموا خبر ما كان في تقديم الخبر رفع ونص الرفع ما قائم زيد والنصب ما قائما زيد فالرفع على الابتداء وخبره والنصب على تحسين الباء قال الشاعر

 

 

( فما حسن أن يمدح المرء نفسه ... ولكن أخلاقا تذم وتمدح ) وينصب

قال الشاعر

( ما الملك منتقلا منكم إلى أحد ... وما بناؤكم العادي مهدوم )

فإذا قلت ما زيد قائم ولا عمرو منطلق رفعت عمرا ومنطلقا وزيدا وقائما على الابتداء وخبره وقال الشاعر

( ما أنت لي قائما فتجبرني ... ولا أمير علي مقتلد )

وإذا قلت ما زيد قائما ولا منطلق عمرو رفعت على الابتداء لأنه ليس من سبب الأول فتحمل عليه فإذا قلت ما زيد قائما ولا منطلقا أخوه نصبت منطلقا لأنه من سبب الأول وكذلك قائما من سبب الأول كأنك قلت ما زيد قائما ولا منطلقا

وما في موضع الاسم

كقولك ما أكلت تمر وما شربت نبيذ معناه الذي أكلت تمر ومثله قول الله جل اسمه ( ما جئتم به السحر إن الله سيبطله )

وتقول ما أكل زيد خبز عمرو ما و أكل اسم واحد وزيد

 

 

فاعل وعمرو منادى وتقول ما ضرب زيد عمرو بكر زيد فاعل وعمرو مرفوع على الابتداء والمعنى واحد وبكر منادى وكذلك إن ما ركبت فرسك وإن ما دخلت دارك لأن ما في المذكر مثل الذي وفي المؤنث مثل التي

وما في موضع حشو

قال الله تعالى ( فبما رحمة من الله ) أي فبرحمة ومثله ( عما قليل ) أي عن قليل وما حشو ومثله قول الشاعر

( وقد خفت حتى ما تزيد مخافتي ... على وعل في ذي المطارة عاقل ) الوعل بكسر العين تيس الجبل يعني حتى تزيد مخافتي وما صلة وقال مخافتي وإنما أراد خوفي فأقام المصدر مقام الاسم كقول الله جل وعز ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر ) يعني ولكن البار من آمن بالله واليوم الآخر وقال تزيد مخافتي على وعل أي على خوف وعل

وما في موضع الظرف

قول الله تبارك وتعالى ( ما دامت السماوات والأرض ) أي بقاء السماوات والأرض وموضعها النصب

 

 

وما في المجازاة

قولهم ما تفعل أفعل وما تقل أقل جزم بالمجازاة وجوابها قال الله تعالى ( ما يفتح الله الناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ) وصار جوابه بالفاء

وما الاستفهام

مثل قولك ما لك وما لزيد وما يعمل قال الله جل ذكره ( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ) وإن كان الله تبارك وتعالى لا يستفهم ولا يستفهم

وتقول ما أنت والماء لو شربته ما أنت وحديث الباطل رفع كله لأن ما ههنا اسم ولو كان أضمر فعلا لنصب قال الشاعر يازبرقان أخا بني خلف ما أنت ويل أبيك والفخر وقال آخر

( تكلفني سويق الكرم جرم ... وما جرم وما ذاك السويق )

 

 

رفع لأن ما ههنا اسم ألا ترى أنك لا تقول ما أنت مع السويق ولا ما أنت مع الفخر

وأما قول الآخر

( أتوعدني بقومك با بن حجل ... أشابات تخالون العبادا )

( نعما جمعت حصن وعمرو ... وما حصن وعمرو والجيادا )

فإنه حذف مع وأضمر كان ونصب

وما الوصل

توصل بلم فتثقل مثل قولهم لما يذهب زيد ولما يخرج محمد ولما يعلم عمرو معناه لم يذهب ولم يخرج ولم يعلم وما صلة قال الله جل ذكره ( كلا لما يقض ما أمره ) جزم يقض ب لم وما صلة

وما التكرير

مثل قولهم إما زيدا رأيت وإما عمرا وإما زيد أتاني وإما عمرو ومررت إما بزيد وإما بعمرو لا بد من أن تكرر إما والكلام يجري على ما يصيبه الإعراب

وأما بفتح الألف

فلا بد له من فاء تكون عمادا تقول أما زيد فعاقل وأما محمد فلبيب فالفاء عماد والعاقل خبر الابتداء قال الله جل ذكره ( أما السفينة فكانت

 

 

لمساكين ) وقال ( فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر ) نصب اليتيم والسائل برجوع الفعل عليهما والفاء عماد

مضى تفسير جمل الوجوه فيا أتينا على ذكره من النحو تم الكتاب بحمد الله ومنه وحسن توفيقه وصلى الله على محمد النبي وآله الطاهرين وسلم كثيرا ولذكر الله أكبر

وجدت مكتوبا فكتبته لما استحسنته

( أبا قاسم أكرمتنا ووصلتنا ... فلا زلت للمعروف والعلم معدنا )

( ولا برح الإقبال تهمي سماؤه ... عليك ويمن الله يأتيك بالغنى )

( وبدلت بعد العسر يسرا ورفعة ... وعشت مدى الأيام للجود موطنا )

( وهذا قليل من كثير أكنه ... وإن كان نطقي فيه بالشكر معلنا )

تمت الأبيات الحسنة

تم كتاب وجوه النصب بتاريخه المذكور فيه

 

 

تفسير الفاءات

أيضا من جملة كتاب وجوه النصب وهي سبع

فاء النسق وفاء الاستئناف وفاء جواب المجازاة وفاء جواب الأشياء الستة وفاء العماد وفاء في موضع اللام وفاء السنخ

ففاء النسق

قولك مررت بزيد فعمرو وأكرمت بكرا فقيسا

وفاء الاستئناف

قولك جربت فصاحب زيد خير رجل ومثله فنحن الليوث

وفاء جواب المجازاة

قولك إن خرج زيد فبكر مقيم قال الله تعالى ( ومن عاد فينتقم الله منه ) ولا بد للمجازاة من جواب ولا يكون جوابه إلا الفعل والفاء

والفاء التي تكون جوابا للأشياء الستة

وهي الأمر والنهي ولاستفهام والجحود والدعاء ينصب بالفاء فإذا أخرج الفاء كان جزما نحو قولك لا تضرب زيدا فتندم وأكرم بكرا فيكرمك

 

 

وهل زيد خارج فأخرج معه وليت زيدا حاضر فأستفيد منه وفي الجحد ما زيد أخانا فنعرف حقه وفي الدعاء يا زيد رزقك الله مالا فتفيض منه علينا وفي النفي لا مكان لك فأكرمك

وفاء العماد

أما زيد فخارج فالفاء عماد أما وقد مضى

والفاء التي تكون في موضع اللام

قول الشاعر

( لنا هضبة لا يدخل الذل وسطها ... ويأوي إليها المستجير فيعصما ) معناه ليعصما

وفاء السنخ

نحو فرقد وفتق

 

 

13

تفسير النونات

وهي عشرة

نون سنخية ونون إضمار جمع المؤنث ونون الإعراب ونون الكناية ونون زائدة في أول الفعل ونون الاثنين ونون الجمع ونون زائدة في الاسم ونون التأكيد ونون الصرف

فالنون السنخية

مثل المساكين والدهاقين

ونون إضمار جمع المؤنث

قوله تعالى ( إلا أن يعفون ) فجعل النون ضمير جمع المؤنث في يعفون

ونون الإعراب

نحو يخرجان ويخرجون ويكرمون علامة الرفع في ذلك ثبات النون وتحذفها عند الجزم والنصب لم يخرجا ولم يخرجوا ولن يخرجا ولن يخرجوا

 

 

ونون الكناية

نحو أخرجني ضربني زيد فالياء اسم مكني والنون أدخلت ليبقى الفعل على فتحته

والنون الزائدة في أول الفعل

نحو تقوم وتقعد

ونون الاثنين

نحو قولك الزيدان

ونون الجمع

نحو قولك الزيدون

والنون الزائدة في الاسم

نحو قولك رجل رعشن من الرعشة وضيفن

ونون التأكيد

نحو اضربن زيدا واضربن أيضا بالتشديد

فإن لقي الخفيفة ساكن حذفتها لالتقاء الساكنين ولم تحرك كما يحرك التنوين كما قال الشاعر

 

 

( لا تهين الفقير علك أن ... تركع يوما والدهر قد رفعه )

وتقول على هذا اضرب الرجل أي اضربن فتحذف النون لالتقاء الساكنين

ونون الصرف

نحو رأيت زيدا يا هذا وتسمى تنوينا وهي نون خفيفة في الحقيقة وتحرك إذا لقيها ساكن نحو جاءني زيد اليوم

 

 

14

تفسير الباءات

وهي أربع

الباء الزائدة وباء التعجب وباء الإقحام وباء السنخ

فالباء الزائدة

حرف خفض نحو مررت بزيد

وباء التعجب

نحو أكرم بزيد أي ما أكرمه

وباء الإقحام

مثل قوله تعالى

( وزوجناهم بحور عين ) معناه حورا عينا وقوله ( تنبت الدهر ) أي تنبت الدهر وقوله ( اقرأ باسم ربك )

وباء السنخ

مثل بحر وبر وباب

 

 

15

تفسير الياءات

وهي ثمانية ياء الإضافة والياء الأصلية والياء الملحقة وياء الإطلاق والياء المنقلبة وياء التأنيث وياء التثنية وياء الجمع وياء الخروج

فياء الإضافة

تكون في الاسم والفعل نحو ضاربي وثوبي وضربني في الفعل ولا بد في الفعل من النون لئلا يقع الكسر في الفعل فأما في الاسم فلا لأنه يدخله الجر

والياء الأصلية

نحو يسر وأيسر وهدي ونحو يقضي في الفعل

والياء الملحقة

نحو سلقى يسلقي وألحق ب دحرج يدحرج وهي زائدة تشبه الأصلي

 

 

وياء التأنيث

نحو اضربي ولا تذهبي وتخرجين يا هند

وياء الإطلاق

مثل قول الشاعر

( أمن أم أوفى دمنة لم تكلمي فهي تقع في إطلاق القافية في الشعر وفي الفواصل كقوله تعالى ( وإياي فارهبوني ) وقوله ( وإياي فاتقوني )

والياء المنقلبة

نحو يغزي ويعطي انقلبت من الواو في غزوت وعطوت

وياء التثنية

نحو صاحبيك وغلاميك

 

 

وياء الجمع

نحو مسلميك

وياء الخروج

تكون بعد هاء الإطلاق في الشعر نحو قول الشاعر

( تخلج المجنون من كسائهي )

الهمزة روي والألف ردف والهاء وصل والياء الخروج

 

 

18

فصل في رويد

يجيء على أربعة أوجه يكون اسما للفعل وصفة وحالا ومصدرا فالأول نحو رويد زيدا أي أمهله والصفة نحو سار سيرا رويدا أي مترفقا والحال نحو دخل القوم رويدا أي دخلوا متمهلين

والذي بمعنى المصدر فنحو رويد نفسه يكون مضافا وينصب بفعل محذوف ولو فصلته من الإضافة قلت رويدا نفسه كما تقول ضربا زيدا أي اضرب ضربا زيدا فكأنك قلت أرود رويدا زيدا

فأما الذي هو اسم للفعل فمبني على الفتح لا يضاف ولا يدخله التنوين

 

 

17

فصل في الفرق بين أم وأو

اعلم أن أم استفهام على معادلة الألف بمعنى أي أو الانقطاع عنه وليس كذلك أو لأنه لا يستفهم بها وإنما أصلها أن تكون لأحد الشيئين

وإنما تجيء أم بعد أو يقول القائل ضربت زيدا أو عمرا فتقول مستفهما أزيدا ضربت أم عمرا فهذه المعادلة للألف كأنك قلت أيهما ضربت فجوابه زيد إن كان هو المضروب أو عمرو إن كان قد وقع به الضرب ولو قلت أزيدا ضربت أو عمرا لكان جوابه نعم أو لا لأنه في تقدير أحدهما ضربت

فأما أم المنقطعة فنحو قولك إنها لإبل أم شاء كأنه قال بل شاء هي فمعناها إذا كانت منقطعة معنى بل ولذلك لا تجيء مبتدأة إنما تكون على كلام قبلها مبنية استفهاما أو خبرا فالخبر مثل قوله جل اسمه

 

 

( لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه ) فأما قوله تعالى ( وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون أم أنا خير ) فمخرجها مخرج المنقطعة ومعناها معنى المعادلة لأنه بمنزلة أفلا تبصرون أم أنتم بصراء

وتقول ما أبالي أذهبت أم جئت وإن شئت قلت أو جئت وتقول سواء علي أذهبت أم جئت ولا يجوز أو هنا لأن سواء لا بد فيها من شيئين لأنك تقول سواء علي هذان ولا تقول سواء علي هذا فأما ما أبالي فيجوز فيه الوجهان وتقول ما أدري أأذن أو أقام إذا لم تعتد بأذانه ولا إقامته لقرب ما بينهما أو لغير ذلك من الأسباب فإن قلت ما أدري أأذن أم أقام حققت أحدهما لا محالة وأبهمت أيهما كان فمعنى الكلام مختلف والله أعلم نجز الكتاب تصحيحا وفهرسة بعون الله يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من رجب سنة 404 او الرابع والعشرين من نيسان سنة 1984 م في مدينة حلب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق