الأحد، 23 أكتوبر 2022

عذاب القبر بين الإقرار والتأكيد وقول شَيْخ الإسْلام ابن تيمية

 

ج2.

ج2.

عذاب القبر بين الإقرار والتأكيد  من مجلة التوحيد

سُئِلَ شَيْخ الإسْلام ابن تيمية وهو بمصر عن [عذاب القبر] : هل هو على  النَّفْس والبَدن أو على النفس دون البدن؟ والميت يعذب في قبره حيًا أم ميتًا؟  وإن عادت الروح إلى الجسد أم لم تَعُدْ، فهل يتشاركان في العذاب والنعيم؟  أو يكون ذلك على أحدهما دون الآخر؟
فأجاب :فأما أحاديث عذاب القبر ومسألة منكر ونكير: فكثيرة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثل ما في الصحيحين: عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقبرين فقال: "إنهما ليُعَذَّبان وما يُعَذَّبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشى بالنَّمِيمة، وأما الآخر فكان لا يَسْتَتِر من بَوْله، ثم دعا  بجريدة رطبة فشقها نصفين، ثم غرز في كل قبر واحدة. فقالوا: يا رسول اللّه، لم فعلتَ هذا؟ قال: لعله يُخفَّف عنهما ما لم يَيبَْسَا".
@ وفي صحيح مسلم عن زيد بن ثابت قال"بينا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة ونحن معه إذ جالت به، فكادت تلقيه، فإذا أقبر ستة أو خمسة، أو أربعة. فقال: من يعرف  هذه القبور؟ فقال رجل: أنا. قال: فمتى هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك. فقال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها؛ فلولا ألا تدافنوا لدعوت اللّه أن يُسِمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: تَعوَّذوا باللّه من عذاب القبر.قالوا: نعوذ باللّه من عذاب القبر. قال: تعوذوا باللّه من عذاب النار.قالوا: نعوذ باللّه من عذاب النار. قال: تعوذوا باللّه من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قالوا: نعوذ باللّه من الفتن ما ظهر منها وما  بطن. قال: تعوذوا باللّه من فتنة الدجال. قالوا: نعوذ باللّه من فتنة الدجال"..
@ وفي صحيح البخاري ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري قال"خرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجَبَتِ الشمس، فقال: يهود يعذبون في قبورهم" [وجَبَت الشمس،أي غابت].
@ وفي الصحيحين عن عائشة رضي اللّه عنها قالت "دخلت علىّ عجوز من عجائز يهود المدينة، فقالت: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم. قالت: فكذبتها ولم أنْعَمْ أن أصدقها، قالت: فخرجت فدخل عليَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، فقلت: يا رسول اللّه، عجوز من عجائز أهل المدينة دخلت علىّ، فزعمت أن أهل القبور يعذبون في قبورهم. فقال: صَدَقَتْ، إنهم يعذبون عذابًا يسمعه البهائم كلها فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر".
@@ وهذا الحديث قد رواه أهل السنن والمسانيد مطولًا، كما في سنن أبي داود وغيره عن البراء بن عازب رضي اللّه عنه قال"خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله , كأنما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به الأرض، فرفع رأسه فقال: استعيذوا باللّه من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا، وذكر صفة قبض الروح وعروجها إلى السماء، ثم عودها إليه. إلى أن قال: وإنه ليسمع خَفْقَ نعالهم إذا وَلُّوا مدبرين حين يقال له : يا هذا، من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ".
-فقد صرح الحديث بإعادة الروح إلى الجسد، وباختلاف أضلاعه، وهذا بين في أن العذاب على الروح والبدن مجتمعين. وحديث البراء المتقدم أطول ما في السنن، فإنهم اختصروه لذكر ما فيه من عذاب القبر، وهو في المسند وغيره بطوله.
@@ وفي الصحيحين عن قتادة عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، إنه ليسمع خَفْق نعالهم، أتاه ملكان فيقررانه. فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه محمد عبد اللّه ورسوله.قال: فيقول: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك اللّه به مقعدًا من الجنة". قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : "فيراهما كليهما". قال قتادة: وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعًا، ويملأ عليه خضرًا إلى يوم يبعثون.  ثم نرجع إلى حديث أنس: "ويأتيان الكافر والمنافق فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول كما يقول الناس. فيقول: لا دريت ولا تليت. ثم يضرب بمطارق من حديد بين أذنيه، فيصيح صيحة فيسمعها من عليها غير الثقلين".
@@ وروى الترمذي وأبو حاتم في  صحيحه  وأكثر اللفظ له عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : "إذا قبر أحدكم الإنسان، أتاه ملكان أسودان أزرقان، يقال لهما: منكر والآخر نكير. فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فهو قائل ما كان يقول، فإن كان مؤمنًا قال: هو عبد اللّه ورسوله، أشهد أن لا إله إلا اللّه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. فيقولان: إنا كنا لنعلم أنك تقول ذلك. ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعًا، وينور له فيه، ويقال له: نم. فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم. فيقولان له: نم، كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، حتى يبعثه اللّه من مضجعه ذلك. وإن كان منافقًا قال: لا أدري، كنت أسمع الناس يقولون شيئًا فقلته. فيقولان: إنا كنا نعلم أنك تقول ذلك. ثم يقال للأرض: التئمي عليه، فتلتئم عليه، حتى تختلف فيها أضلاعه، فلا يزال معذبًا حتى يبعثه اللّه من مضجعه ذلك"وهذا الحديث فيه اختلاف أضلاعه وغير ذلك، مما يبين أن البدن نفسه يعذب.
@@ وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا احتضر الميت أتته الملائكة  بحريرة  بيضاء. فيقولون: اخرجي كأطيب ريح المسك، حتى إنه ليناوله بعضهم بعضًا، حتى يأتوا به باب السماء، فيقولون: ما أطيب هذا الريح متى جاءتكم من الأرض ؟ فيأتون به أرواح المؤمنين، فَلَهُمْ أشد فرحًا به من أحدكم بغائبه يقدم عليه، يسألونه: ماذا فعل فلان؟ فيقولون: دعوه، فإنه في غم الدنيا، فإذا قال: إنه أتاكم. قالوا: ذهب إلى أمه الهاوية. وإن الكافر إذا احتضر أتته ملائكة العذاب بمسح. فيقولون: اخرجي مسخوطًا عليك إلى عذاب اللّه، فتخرج كأنتن جيفة، حتى يأتوا به أرواح الكفار".[ وأقول البنداري :كل هذا من الغيب الجائز حدوثه ولا نعلم نحن كيف يحدث لامتناع ذلك علينا لأن قدراتنا كبشر متدنية جدا لا تسمح بتصور هذا وكيف يحدث وليس معني انعدام مقدرتنا علي علم ذلك أو تصوره أنه لا يحدث والفيصل في ذلك هو النقل الصحيح الثابت النسبة إلي الله ورسوله ، وإنكار ذلك هو ضلال وحَيَدٌ عن مقررات العقل والنقل وادعاء بشري لعلم ما لم نعلمه وتصور ما لا يمكن تصوره ]  .                                                                     @@ رواه النسائي والبزار ورواه مسلم مختصرًا عن أبي هريرة رضي اللّه عنه. وعند الكافر ونتن رائحة  روحه، فرد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رِيطَة كانت عليه على أنفه هكذا. [ والرِّيطةُ: ثوب رقيق لين مثل الملاءة].
@@ وأخرجه أبو حاتم في صحيحه وقال: "إن المؤمن إذا حضره الموت حضرت ملائكة الرحمة، فإذا قبضت نفسه جُعِلت في حريرة بيضاء، فتنطلق بها إلى باب السماء، فيقولون: ما وجدنا ريحًا أطيب من هذه الرائحة، فيقال: دعوه يسترح، فإنه كان في غم الدنيا، فيقال: ما فعل فلان، ما فعلت فلانة؟ وأما الكافر إذا قبضت روحه ذهب بها إلى الأرض تقول خزنة الأرض: ما وجدنا ريحًا أنتن من هذه، فيبلغ بها في الأرض السفلى".
ففي هذه الأحاديث ونحوها اجتماع الروح والبدن في نعيم القبر وعذابه، وأما انفراد الروح وحدها فقد تقدم بعض ذلك.
@@ وعن كعب بن مالك رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما نَسَمَة المؤمن طائر يَعْلُقُ في شجر الجنة حتى يرجعه إلى جسده يوم يبعثه".
رواه النسائي، ورواه مالك والشافعي كلاهما [نسمة المؤمن: أي روحه].
[ وقوله: [يَعْلُق] بالضم أي: يأكل] ، وقد نقل هذا في غير هذا الحديث.
@@ فقد أخبرت هذه النصوص أن الروح تنعم مع البدن الذي في القبر إذا شاء اللّه وإنما تنعم في  الجنة وحدها، وكلاهما حق.

 

@@ وفي سنن أبي داود وغيره، عن أوس بن أوس الثقفي، عن النبي صلى الله عليه وسلم  أنه قال: "إن خير أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة، وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة عليَّ.قالوا: يا رسول اللّه، كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرِمْتَ؟ ! فقال: إن اللّه حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء".

 

 @ وهذا الباب فيه من الأحاديث والآثار ما يضيق هذا الوقت عن استقصائه، مما يبين أن الأبدان التي في القبور تنعم وتعذب إذا شاء اللّه ذلك كما يشاء، وأن الأرواح باقية بعد مفارقة البدن، ومنعمة ومعذبة. ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسلام على الموتى، كما ثبت في الصحيح والسنن أنه كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء اللّه بكم لاحقون، يرحم اللّه المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل اللّه لنا ولكم العافية. اللّهم لا تَحْرِمْنَا أجرهم ولا تَفْتِنا بعدهم، واغفر لنا ولهم".
@@ وقد انكشف لكثير من الناس ذلك حتى سمعوا صوت المعذبين في قبورهم، ورأوهم بأعينهم يعذبون في قبورهم في آثار كثيرة معروفة.
@@ وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه"أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثًا، ثم أتاهم فقام عليهم فقال: يا أبا جهل بن هشام، يا أميَّة بن خَلف، يا عُتْبَة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقًا". فسمع عمر رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم . فقال: يا رسول اللّه، كيف يسمعون وقد جيَّفُوا؟ فقال: والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قَلِيب بدر".
@ وقد أخرجاه في الصحيحين عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قَليب بدر فقال: "هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا؟ " ، وقال: "إنهم ليسمعون الآن ما أقول" ، فذكر ذلك لعائشة، فقالت: وَهِم َابن عمر، إنما قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : إنهم ليعلمون الآن أن الذي قلتُ لهم هو الحق ثم قرأت قوله تعالى: (إنك لا تسمع الموتى( [النمل: 80] حتى قرأت الآية".                                   @@ وكل ما رواه أنس وابن عمر في هذا الباب متفق علي صحته ، وإن كانا لم يشهدا بدرًا، فإن أنسًا روى ذلك عن أبي طلحة، وأبو طلحة شهد بدرًا.

 

@@ كما روى أبوحا تم في صحيحه عن أنس عن أبي طلحة رضي اللّه عنه"أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلًا من صناديد قريش، فقذفوا في طَوِىِّ" [أي: بئر مطوية] "من أطواء بدر، وكان إذا ظهر على قوم أحب أن يقيم في عَرْصَتِهم" [العَرْصَة: كل بُقعة بين الدور واسعة، ليس فيها بناء] "ثلاث ليال. فلما كان اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها فحركها، ثم مشى وتبعه أصحابه. وقالوا: ما نراه ينطلق إلا لبعض حاجته؛ حتى قام على شفاء الرَّكِي [أي: البئر] ؛ فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، يافلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم اللّه ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا. فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ً؟ قال عمر بن الخطاب: يا رسول اللّه، ما تكلم من أجساد ولا أرواح فيها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم".
@@  والنص الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم مقدم على تأويل من تأول من أصحابه وغيره، وليس في القرآن ما ينفي ذلك فإن قوله: (إنك لا تسمع الموتى) [النمل: 80] إنما أراد به السماع المرتد علي صاحبه بالنفع والإتباع والذي ينفع صاحبه بالإهتاء، فإن هذا مَثَل ضُرِب للكفار، والكفار تسمع الصوت، لكن لا تسمع سماع قبول بفقه واتباع لعجزهم عن الرجوع إلي الحية الدنيا  ، كما قال تعالى: (ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء) [البقرة: 171] . فهكذا الموتى الذين ضرب لهم المثل، لا يجب أن ينفى عنهم جميعُ السماع المعتاد أنواعَ السماع، كما لم ينف ذلك عن الكفار، بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به، وأما سماع آخر فلا ينفى عنهم.  وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن الميت يسمع خَفْق نعالهم، إذا ولوا مدبرين، وإن كانت تلك الحياة لا يسمعون بها، كما نحن لا نرى الملائكة والجن، ولا نعلم ما يحس به الميت في منامه، وكما لا يعلم الإنسان ما في قلب الآخر، وإن كان قد يعلم ذلك من أطلعه اللّه عليه.

 

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

 

جملة من الأحاديث التي ذكر رسول الله صلي الله عليه وسلم فيها عذاب القبر الذي أخبره به جبريل الملك عن رب العزة وهي أحاديث صحيحة ثابتة بطريق التحمل الفطري والأداء .
@@ عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين ، فقال : إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ؛ أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ، فغرز في كل قبر واحدة . فقالوا : يا رسول الله لم فعلت هذا ؟ قال : لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا .
فيه مسائل :                                                                     @@@ روايات الحديث :
في رواية للبخاري قال : وما يعذبان في كبير ، ثم قال : بلى .
وفي رواية له : وما يعذبان في كبير ، إنه لكبير .
وفي رواية له : أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة .
وفي رواية له أيضا : أما هذا فكان لا يستتر من بوله ، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة .
وفي رواية للنسائي : كان أحدهما لا يستبرئ من بوله .
وفي رواية لأحمد وابن ماجه : أما أحدهما فكان لا يستنزه من بوله .
وفي رواية : لا يتوقّى
مكان القبرين : في المدينة ، فقد جاء في رواية للبخاري قال ابن عباس رضي الله عنهما : مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بحائط من حيطان المدينة أو مكة ، وفي رواية له : بعض حيطان المدينة . ففي هذه الرواية الجزم بأن القبرين في بعض حيطان المدينة .
@ قوله صلى الله عليه وسلم : وما يعذبان في كبير ، ثم قال : بلى .
وفي الرواية الأخرى قال : وما يعذبان في كبير ، إنه لكبير .
المراد به والله أعلم أنه ليس بكبير في نظر الناس ، ولكنه عند الله كبير .
أو أنه ليس بأمر كبير يشق التّحرز منه ، ولكنه كبير عظيم عند الله لأنه يجعل من المؤمن كونه في حالة بطلان لفرائض تأسست علي الطهارة مثل الصلاة وعموم ما يجب أن يكون المؤمن عليه من الطهر ، وأما النميمة فما أسهل انحدار المؤمن فيها وما أعظمها في الخوض في حقوق المؤمنين وتشويه صورهم في أعين الناس بالباطل  .                                                  إثبات عذاب القبر: وهو ثابت في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
فمن الكتاب قوله تعالى عن آل فرعون : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ )
@  وقال جلّ ذِكرُه : ( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ولا إشكال في فهم ذلك فهو محتَمَـل ، كما أنه لا إشكال في ختم الآية بقوله : (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) لما يعلمون من عذاب القبر ، وتُدركه سائر المخلوقات، على ما سيأتي بيانه، وقال عز وجل : ( فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ * يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ *وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) وفي قوله تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ) الآية .
قال أبو سعيد الخدري : يُضيّق عليه في قبره حتى تختلف أضلاعه فيه .
وقال الإمام البخاري : باب ما جاء في عذاب القبر ، وقوله تعالى : ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ ) الآية .قال : هو الهوان ، // وقوله جل ذكره : ( سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ) ثم ساق بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : عذاب القبر حقّ ..
@@@وأما الأحاديث فقد قال ابن كثير : وأحاديث عذاب القبر كثيرة جدا . اهـ
@@قال صلى الله عليه وسلم : ألا إن أحدكم إذا مات عُرض عليه مقعده بالغداة والعشي ؛ إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، حتى يبعثه الله عز وجل يوم القيامة . رواه البخاري ومسلم
@@ وحدّثت عائشة رضي الله عنها فقالت : دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعندي امرأة من اليهود ، وهي تقول : هل شعرت أنكم تُفتنون في القبور ؟ قالت : فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : إنما تفتن يهود . قالت عائشة : فلبثنا ليالي ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل شعرت أنه أوحي إلي ؛ أنكم تفتنون في القبور . قالت عائشة : فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يستعيذ من عذاب القبر . متفق عليه . وفي رواية : قالت وما صلى صلاة بعد ذلك إلا سمعته يتعوذ من عذاب القبر
@@  وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوّذ بالله من عذاب القبر دبر كل صلاة ، وأمر أمته بذلك . كان سعد بن أبي وقاص يعلم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة ويقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ منهن دبر الصلاة : اللهم إني أعوذ بك من الجبن ، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ، وأعوذ بك من عذاب القبر . رواه البخاري .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع ، يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال . متفق عليه .
بل كان يتعوّذ بالله من عذاب القبر صباحا ومساء ، قال عبد الرحمن بن أبي بكرة لأبيه : يا أبت إني أسمعك تدعو كل غداة : اللهم عافني في بدني . اللهم عافني في سمعي اللهم عافني في بصرى لا إله إلا أنت . تعيدها ثلاثا حين تصبح وثلاثا حين تمسى ، وتقول : اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت . تعيدها حين تصبح ثلاثا ، وثلاثا حين تمسى . قال : نعم يا بنى إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهن ، فأحب أن أستنّ بسنته . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
@@ وعذاب القبر حق ، ولكن الله أخفاه عن الناس لِحكمة
وحِكمة إخفاء أصوات المعذبين في قبورهم عن الناس قوله صلى الله عليه وسلم : فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه . رواه مسلم .
فما ترك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سؤالَ اللهِ أن يُسمع هذه الأمة من عذاب القبر إلا خشية ألا يتدافنوا . ولما كانت الحكمة مُنتفية في حق البهائم أُسمعت عذاب القبر . بينما عذاب القبر يسمعه كل من مخلوق عدا الثقلين( الإنس والجن)، قال صلى الله عليه وسلم : إن العبد إذا وضع في قبره وتولّى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم . قال : يأتيه ملكان فيُقعدانه ، فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ قال : فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله ، قال : فيقال له انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة ، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم:فيراهما جميعا . رواه البخاري ومسلم،
زاد البخاري قال: وأما المنافق والكافر فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري كنت أقول ما يقول الناس ! فيُقال : لا دريت ولا تليت ، ثم يُضرب بمطرقة من حديد بين أُذنيه ، فيصيحُ صيحةً يسمعها من يليه إلا الثقلين . يعني تسمعه الدواب ويسمعه من كان قريبا من المكان إلا الإنس والجن .
وقال صلى الله عليه وسلم : إنهم يُعذّبون عذاباً تسمعه البهائم .
@@ وعن زيد بن ثابت قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم لبني النجار على بغلة له ونحن معه إذ حَادَتْ به فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة ، فقال من يعرف أصحاب هذه الأقبر ؟ فقال : رجل أنا . قال : فمتى مات هؤلاء ؟ قال : ماتوا في الإشراك فقال : إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : تعوذوا بالله من عذاب النار ، قالوا : نعوذ بالله من عذاب النار ، فقال : تعوذوا بالله من عذاب القبر . قالوا : نعوذ بالله من عذاب القبر . رواه مسلم .

@@ من أنكر عذاب القبر فقد كفر ، فقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .
&& قال ابن القيم : أحاديث عذاب القبر ومساءلة منكر ونكير كثيرة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
&& وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلا وسؤال الملكين ، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به ، ولا نتكلم في كيفيته إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته لكونه لا عهـد له به في هـذه الدار ، والشرع لا يأتي بما تحيله العقول ولكنه قد يأتي بما تحار فيه العقول . اهـ .
ومن مسائل الحديث :

@@ أن عذاب القبر غير منحصر في هذين السببين .
@@  التساهل في الطهارة ، وعدم التّحرز من النجاسة سبب في عدم صحة الوضوء ، وبالتالي عدم صحة الصلاة ، وقد تقدّم معنا في الحديث الثالث قوله عليه الصلاة والسلام : ويل للأعقاب من النار .
@ قوله :لا يستتر ، وفي رواية : لا يستبرئ ، وفي رواية :لا يستنزه .
هذا كله محمول على عدم التّنزّه والتطهر من البول ، لا أنه على عدم استتاره عن أعين الناس ، إذ لو كان ذلك هو السبب لما قُيّد بحال البول فقط
@  فيه دليل على نجاسة البول ، والمقصود بـ " البول " بول الإنسان نفسه  وفيه دليل على أن هذه الأشياء من كبائر الذنوب .
@ خطورة النميمة ، وأنها من كبائر الذنوب .
والنميمة هي نقل الكلام بين الناس على سبيل الإفساد .
وقد قيل : يُفسد النمام في ساعة ما لا يُفسده الساحر في سنة . وهذا على سبيل المبالغة .
@  شق الجريدة وغرزها على القبر من خصوصيات رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن هذا الأمر من الأمور الغيبية التي لا يُمكن أن يُطّلع عليها أو يعلمها أحد الناس .
@ فيه إثبات شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن مات علي التوبة  من أمته .

 

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

 

 


 

إثبات عذاب القبر ونعيمه من القرآن الكريم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

من الآيات القرآنية الواضحة في إثبات عذاب القبر قوله تعالى :  {وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)}[غافر].
فعرضهم على النار من الواضح من سياق الآية أنه قبل يوم القيامة ومعنى يعرضون يحرقون .
وقال-تبارك وتعالى-:{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51)}[الأنفال].
وقال-أيضا-:
{وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93)}[الأنعام].
هاتان الآيتان واضحتان أن عذاب الكافر بالضرب يبدأ من قبض روحه .
_  وقال -سبحانه-:{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)}[آل عمران].
_ وقال - تبارك وتعالى-:{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)}[البقرة].
هاتان الآيتان دالتان على أن الشهيد منعم في حياة البرزخ.
قال الإمام الشوكاني- رحمه الله- في تفسيره :
"{ ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون } وفي الآية دليل على ثبوت عذاب القبر ولا اعتداد بخلاف من خالف في ذلك فقد تواترت به الأحاديث الصحيحة ودلت عليه الآيات القرآنية ومثل هذه الآية قوله تعالى : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون }".
@  وقال أبو الحسن الأشعري- رحمه الله- في "الإبانة" :
"مما يبين عذاب الكافرين في القبور قول الله تعالى : ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) فجعل عذابهم يوم تقوم الساعة بعد عرضهم على النار في الدنيا غدوا وعشيا .وقال تعالى : ( سنعذبهم مرتين )[التوبة:101] مرة بالسيف إذا رفضوا الدخول في دين الله تعالي ، ومرة في قبورهم بعد أن يموتوا  ثم يردون إلى عذاب غليظ في الآخرة.
@ وأخبر الله تعالى أن الشهداء في الدنيا يرزقون ويفرحون بفضل الله تعالى، قال الله تعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) وهذا لا يكون إلا في الدنيا لأن الذين لم يلحقوا بهم أحياء لم يموتوا ولا قتلوا ".
@  وقال البخاري-رحمه الله- في صحيحه :
"باب مَا جَاءَ فِى عَذَابِ الْقَبْرِ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى ( إِذِ الظَّالِمُونَ فِى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلاَئِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ ) هُوَ الْهَوَانُ ، وَالْهَوْنُ الرِّفْقُ ، وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ ( سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى ( وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)"
ومن الآيات القرآنية الكريمة التي دلت الأحاديث الصحيحة على أنها نزلت في فتنة القبر وعذابه
قوله تعالى : {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)}[إبراهيم].
وقال تعالى :{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)}[طه].
قال ابن سعدي : "{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي } أي: كتابي الذي يتذكر به جميع المطالب العالية، وأن يتركه على وجه الإعراض عنه، أو ما هو أعظم من ذلك، بأن يكون على وجه الإنكار له، والكفر به { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا } أي: فإن جزاءه، أن نجعل معيشته ضيقة مشقة، ولا يكون ذلك إلا عذابا.
وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر، وأنه يضيق عليه قبره، ويحصر فيه ويعذب، جزاء لإعراضه عن ذكر ربه، وهذه إحدى الآيات الدالة على عذاب القبر. والثانية قوله تعالى: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ } الآية.

 

@@ والثالثة قوله: { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ } والرابعة قوله عن آل فرعون: { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا } الآية.
والذي أوجب لمن فسرها بعذاب القبر فقط ، وقصرها على ذلك -والله أعلم- آخر الآية، وأن الله ذكر في آخرها عذاب يوم القيامة.

 

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

 

من موقع برامج سوفت جاء :الرد على من انكر عذاب القبر، خرجت علينا بعض الصحف بمقالات مطولة ينكر أصحابها عذاب القبر.  وقال الإمام أحمد رحمه اللـه: "عذاب القبر حق ومن أنكره فهو ضال مضل"وقال الإمام ابن القيم رحمه اللـه تعالى: "إن اللـه تعالى قد جعل الدور ثلاثة، وهى: دار الدنيا، ودار ما بعد البرزخ، ودار القرار" ثم قال:"وجعل اللـه لكل دار أحكاماً تختص بها، فجعل اللـه الأحكام في دار الدنيا تسير على الأبدان، والأرواح تبع لها، وجعل الأحكام في دار ما بعد البرزخ تسرى على الأرواح، والأبدان تبع لها، وجعل الأحكام في دار القرار تسرى على الأرواح والأبدان معاً"
ثم قال ابن القيم: "واعلم أن سعة القبر، وضيقه، ونوره، وناره ليس من جنس المعهود للناس في عالم الدنيا".
وترجم إمام الدنيا في الحديث - الإمام البخاري - في كتاب الجنائز باباً بعنوان (باب ما جاء في عذاب القبر) وساق البخاري في هذا الباب الآيات الكريمة عن اللـه جل وعلا وروى فيه الأحاديث الصحيحة عن رسول اللـه ، وسأكتفي بحديث واحد أجمع أهل السنة بلا خلاف على إعتباره عمدة الأحاديث فى هذا الباب:  فعن البراء بن عازب رضى الله عنه أنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فلما انتهينا إلى القبر جلس النبي على شفير القبر (حافة القبر) وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير (لا يتكلمون) وفى يد النبي عود ينكـت بـه الأرض ثم رفـع النبـي رأسـه فنظـر وقـال لأصحـابـه: استعيذوا باللـه من عذاب القبر، استعيذوا باللـه من عذاب القبر، استعيذوا باللـه من عذاب القبر)) قالها النبي مرتين أو ثلاثـة ثـم التفـت إليهــم النبي وقال: ((إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: يا أيتها النفس الطيبة اُخرجي إلى مغفرة من اللـه ورضوان، فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السِّقَاء فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن، وفى ذلك الحنوط، فيخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ،حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له ،فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي إلى السماء السابعة،فيقول اللـه عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوا عبدي إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه ،فيأتيه ملكان، فيجلسانه فيقولان: من ربك؟ فيقول: ربى اللـه، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هو رسول اللـه، فيقولان له وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب اللـه فأمنت به وصدقت، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها ،ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة، رب أقم الساعة، حتى أرجع إلى أهلي ومالي، وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه، معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه،فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من اللـه وغضب، فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلاَّ قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟! فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا فيستفتح له، فلا يفتح له، ثم قرأ لا تفتح لهم أبواب السماء فيقول اللـه عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحاً فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه.. هاه.. لا أدرى، فيقولان: له ما دينك؟ فيقول: هاه.. هاه.. لا أدرى، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعِثَ فيكم؟ فيقول: هاه.. هاه.. لا أدرى، فينادي منادٍ من السماء: أن كذب عبدي، فأفرشوه من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذى يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد فيقول: من أنت فوجهك الوجه يجئ بالشر؟ فيقول: أنا عم

الرد علي كتاب: عذاب القبر والثعبان الأقرع لأحمد صبحي منصور زعيم جماعة  منكري السنة                                                                                                                                    قام بالرد والتعقيب : الدكتور عبد الغفار سليمان عبد الغفار البنداري

 

تقديم بقلم الدكتور عبد الغفار سليمان

 

https://www.blogger.com/img/img-grey-rectangle.png

 

الدكتور عبد الغفار البنداري

 

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم علي المبعوث رحمة للعالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي  الصالحين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدي الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حتي أتاه اليقين .. أما بعد :

 

يَفترض أحمد صبحي أن الميت لكي يعذب في قبره لابد أن نعاين صوت التعذيب وأن ترجع الروح  إلي الميت وأن تنشأ حالة حياة مثالية جديدة ، يجتمع فيها الروح والبدن مرة أخري ، ولما لم يحدث ذلك ولن يكون  فقد بدا  له  أن عذاب القبر مستحيل لعدم رجوع الروح إلي البدن ، لقد غاب عن أخمد صبحي أن الميت مادام قد مات فإن نفسه (روحه) قد فارقت جسده  إلي يوم القيامة، وأن فرض المسلمات التالية سينُشِأُ حالةً من الوصف عرفها القرآن وسنة النبي (صلي الله عليه وسلم ) بعذاب القبر أما الفروض المسلمة فهي :

 

الفرض الأول : وهو فرض مُعاين مرئي هو عند موت الفرد فإن حالة من التغيرات البيولوجية تنشأ سنصفها لا حقا يتم من خلالها فساد الجسد وتعفنه وتحلله إلي تراب في النهاية المرئية القريبة .

 

الفرض الثاني : وهو فرض معاين مرئي ، هو انعدام رجوع الجسد إلي الحياة الدنيا مرة أخري لفنائه وتحلله ، وانسلاخ نفخة الحياة منه ( النفس أو الروح)

 

الفرض الثالث : وهو فرض  معاين مرئي في شكل حقيقة نقلية يقوم علي إثباتها أدلة التحمل والأداء النقلي والعقلي  وردت في القرآن الكريم وفصلها النبي (صلي الله عليه وسلم )  في سنته (صلي الله عليه وسلم ) ، وإزاء هذا الفرض نحن أمام أحد احتمالين : أولهما احتمال انهيار ه من أصله إما بنقله نقلاً كاذباً ، أو بتوارده في مظانه توارداً صبحياً كما يزعم صبحي أنه من المؤلفات النقلية ، أو لم يقل به النبي (صلي الله عليه وسلم ) ولا القرآن الكريم . وثانيهما : هو انتصابه وقيامه قياماً صحيحا وذلك بنقل صحيح ثابت ، أو بتوارده في مظانه تواردا نقليا صحيحا غير مؤلف ولا مقصوص علي عكس ما يزعم صبحي ، وقد قاله الله وبينه رسوله علي الوجه الذي وصلنا به ويشاكس فيه منكروا السنة من القديم إلي اليوم، وهنا يتحكم فرض تساؤلي هو ماذا لو كان هو الفرض الصحيح ؟؟ وكيف نعقل في ضوء انتصابه  بجانب سائر الفروض السابقة حدوث عذاب القبر كما جاء بيانه بهذه التفصيلات ، إن هذا لفرض النقلي  المشاهد المعاين ليس فرضا عقليا مستحيلا بمعني أنه من الجائزات قبوله علي   أنه نقلٌ وأخبار  قد قيلت فعلا من الله ومن رسوله ؟؟

 

الفرض الرابع : وهو فرض غير معاين ولا مشاهد باعتباره تفصيلات الأحداث الغيبية التي تحتويها الأحاديث والآيات التي افترضنا للتو أنها منقولة نقلاً خبريا صحيحا تقوم به الحجة الشرعية وينتصب به دليل صحة محتواها من أخبار غيبية تُفصِّل جزئيات عذاب القبر من تضيق  القبر علي صاحبه واستبقائه في حفرة جحيمية ، ومن رؤية مكانه  ومقعده في النار إن كان من الكافرين أو مكانه من الجنة إن كان من الصالحين .

 

الفرض الخامس: انعدام إمكانيتنا كبشر علي معاينة هذا التعذيب الممكن وقوعه واستحالة رؤيته أو تصوره بالنسبة لنا،

 

- وعليه فإن عدة نتائج ستترتب علي هذه الفروض الخمسة: 

 

النتيجة الأولي : المترتبة علي جملة هذه الفروض الخمسة : بما أن الجسد قد تحلل ، والروح لن ترد إلي صاحبها ، والأخبار الصحيحة   التي أوردت حقيقة وقوع عذابٍ في القبر ممكنة ويقبلها العقل ولا يستحيلها ، والتعذيب موصوف بالفعل وقائم وإمكانيتنا كبشر علي رؤية أحداث التعذيب في القبر  منعدمة  وعليه فإن التعذيب في القبر علي هذه الفروض الخمسة حقيقة واقعة ويبقي تصور كيف يقع ، وفي هذا الأمر فرضان -آخران: الفرض الأول:-الآخر  هو إمكانية رؤيتنا لأحداث التعذيب وهنا يتطابق الخبر مع المعاينة ، أو استحالة تمكننا كبشر ٍمن رؤيتنا لأحداث التعذيب في القبر  ، في ظل الفروض الخمسة  السابق  ذكرها وعليه ففرض حتمية  قبول صدق وقوع أحداث عذاب القبر هو الفرض الصائب بحيث يجب أن نؤمن بالفروض المعاينة المرئية الخمسة  علي المعاينة والمشاهدة  ،ونقبل صدق  وقوع تفصيلات العذاب القبري وإن لم نتمكن من رؤية أو نصوره أو معاينة أحداث عذاب القبر نفسه .

 

الفرض الثاني -الآخر: المترتبة علي جملة هذه الفروض الخمسة: هو عدم  إمكانية رؤيتنا لأحداث التعذيب  مع بقاء سائر الفروض الخمسة  افتراضاً صحيحاً// وهنا لن يتطابق  الخبر مع المعاينة قي ظاهر الأمر  وهنا الفتنة الصبحية التي وقع فيها صبحي إذ أنه أهمل سائر الفروض التي تدعونا للإيمان بما لم نعاينه من أحداث عذاب القبر حتي وإن لم نعاينها أو ننظر إليها  // إن  استحالة تمكننا كبشر من رؤيتنا لأحداث التعذيب ، في ظل الفروض الخمسة  السابق  ذكرها يدعونا إلي أن لا ننكر إمكانية حدوث عذاب القبر ، باعتبار سائر الفروض الخمسة صحيحة وباعتبار ضرورة أن يؤمن المؤمنون بالغيب كما قال الله تعالي في كتابه العزيز في أول سورة البقرة (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) ) ، وعليه ففرض حتمية  قبول صدق وقوع أحداث عذاب القبر هو الفرض الصائب في كلا  الاحتمالين ،  بحيث يجب أن نؤمن بالفروض المعاينة المرئية الأربعة علي المعاينة والمشاهدة  ،ونقيل صدق  وقوع تفصيلات العذاب القبري وإن لم نتمكن من رؤية ومعاينة أحداث عذاب القبر نفسه .

 

إن أكثر ما حولنا نعايشه ولا نعاينه ( أي لا نراه بالعين) ، وما لم نعاينه فلا نعرف ماهيته، فالملائكة نعايشها ولا يمكن لنا معاينتها ، والجن والشياطين ، نعايشهم ولا نعاينهم ، ( يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ ..}الأعراف27 )، وكذلك نعايش البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات ولا نعاينها ( أي لا نراها بالعين ) ولكننا نؤمن بوجود كل هذا إما لنقل يخبر عنه، أو بعلم تجريبي مستيقن علَّمناه رب البرية وكشفه لنا ، ونحن نعايش كل عوالم الدنيا وبلاد المشرق والمغرب والشمال والجنوب ولكننا لا نعاين ذلك كله إلا بما امتن الله علينا منه بسلطان علم ( كتلفاز أو ما شابهه) ، أو سطوة نقل خبري مؤكد صحته ، ونحن كذلك نعايش من يُعذب في القبر من الكفار والعُصاة ونتعرف علي ذلك بنقل صحيح من القرآن والسنة ، لكننا لا نستطيع معاينة ذلك ، ولا يمكن لنا رؤية ذلك بالعين المجردة ، وانعدام المقدرة لدينا علي المعاينة لا تعني انعدام وجود الشيء ، فانعدام المقدرة لدينا بمعاينة الفيروسات ، لا تعني انعدام وجودها بل هي موجودة لكننا لا نراها ، وكذلك من يعذبون في القبر ، نُعايشهم ولا يمكن لنا أن نعاينهم ، وأحمد منصور يخلط الأوراق ويستدل بالمستيقن من أدلة علي حدوث عذاب القبر علي أنه حسب زعمه،ليس بموجودٍ ، ففرعون أنجي الله تعالي جسده ، وقضي عليه وآله بالعذاب في قبورهم غدواً ،وعشياً ، وبيّن أن ذلك يكون في الدنيا وأننا سنري جسده سليما رغم العذاب اليومي غدواً وعشياً، وأنه سيكون لمن خلفه آية ، ويكون عبرة هذا برغم تقرير العذاب اليومي غدواً وعشياً،  وقد رأيناه فعلا مُحنَّطا بالمتحف القومي للآثار المصرية ،فتلك هي معايشتنا لهم ولكننا لا يمكن لنا أن نعاين تعذيبهم، وعرضهم علي النار غدواً وعشياً، برغم حدوثه في قبورهم  ذلك لانعدام وجود علم من  نقل أو عقل يمكننا  أن نتصوره من خلاله وقد استأثر الله تعالي بغيب ذلك كله وأخبر نبييه يبعضه ، وأخفي عليه أكثره ، لكن الصعلوك صبحي مصمم علي إقحام نفسه في منطقة الممتنع علي البشر علمه، والمقصورة علمها علي الله جل وعلا، ويزعم سفاهة بأنه يعلمه،ويستدل بلا أدلة ويرسل أقوالاً من صنع خياله ويرسم صورا هزيلة ويحاكم الناس إليها. 

 

@ قلت البنداري: وكلام أحمد صبحي منصور في إنكار عذاب القبر هو كلام من ينظر تحت قدميه فلا يري غير ما تحتهما في أفق مترامي الأبعاد لا نهاية له في المنظور المادي ذلك لأننا سبقناه في بيان أن الإنسان عبارة عن ( نفس، وجسد) وأن النفس هذه هي نفخة من روح الله تعالي أودعها كتلة طين ( بحكمةٍ إلهيةٍ ) كانت مصورة وموضوعة أحقاباً طويلة في طريق الملائكة ومعهم إبليس حين كان  في الملأ الأعلى وتحرك الطين المخلوق والمصور في هيئة آدم عليه السلام بعدما بث الله تعالي فيه نفخته، وحين تُسلب الروح(النفس) من البدن يعود الجسد إلي حالته الأولي من العدم لكن الله تعالي إذا أودع هذه الروح حجراً سيصير الحجر بهيئة آدم هو ،هو ،وما القبر في شعائر الله تعالي إلا المدخل إلي مراد الله تعالي في المخلوق الجسدي بنفسه المستودعة عند الله وجسده أيما كان من طين أو حجر أو حواصل طير خضر أو أي هيئة طينية يمكن للنفس (الروح) أن تعاين الحياة فيها مرة أخري ولكن في شق آخر غير مرئي لنا ، كشف الله تعالي عن صفحة من صفحاته عندما تكلم عن المقتول في سبيل الله تعالي ، وكشف لنا صفحة أخري من صفحاته عندما تكلم عن آل فرعون وتعذيبهم غدواً وعشياً في الدنيا رغم أن جسده ملقح مرمي علي أعين الخلق جميعا ليس به في منظورنا عذاب ، فالقادر سبحانه يستطيع أن يستبدل هذا الجسد، بجسد من عنده بأي شكل يريده ومن مادة طينية وهيئة مختلفة لكن روحه هي ،هي ، أو هو قادر علي أن يجري العذاب علي هذا الجسد المسجى في الغيب الغير منظور أمامنا وجسده الذي يجري عليه العذاب أمامنا لا نري من منظورنا البشري المحدود جدا  من أثر لعذاب عليه وهو في الحقيقة يحرق بجسده هو، هو ،ويعذب ،  وأما مكان قبره الجديد فعلم وجوده عند الله تعالي أو نفس القبر الذي يعذب فيه لأننا ممتنعين عن إمكانية معاينته وهو موجود ، وقد يكون التعذيب في القبر ذاته، يراه الله والملائكة وكثير من المخلوقات غيرنا لكننا لا نراه، لأنه ممتنع علينا رؤيته،  أليس ممتنعا علينا رؤية الكرام الكاتبين فلا نراهم وهم ملازمين لنا يرون ويسمعون ويكتبون كل ما نفعل ؟؟؟ والحفظة البررة من الملائكة (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ .... } الرعد11 ) وقوله تعالي (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8) كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) سورة الإنفطار  ) وبرغم معايشتنا لجسد فرعون في المتحف المصري للآثار بمصر ،لكننا لم نعاين ولا يمكن لنا أن نعاين كيف يُعرض هو وآله علي النار غدواً وعشياً وهل عرضه علي النار بالغداة  والعشي يكون بهذا الجسد أم يخلق الله له جسدا غيره ، وهل هو في نفس مكان التقبير أم يستوفيه الله تعالي من القبر إلي مكان لا نعرفه في شكل جسد غير هذا الجسد ويكون شكل الجسد هو مجرد ثوب يدخل إليه العذاب منه حتي لو كان الجسد الذي ستنزل فيه الروح بمعرفته هو سبحانه، حجرا أو شجرا أو خلافه، ، وقد يكون الحدث كله أمام أعيننا ولا نري منه غير الجسد المسجي بالمتحف المصري ، كما يحدث لنا في امتناع معاينة الملائكة الكتبة أو الكرام الحفظة ،  ويدل القرآن ويشير إلي ذلك بقوله: (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }غافر46،) ،// إن كلام ابن الصبحي لكي يستقيم زعمه - وهو محال- فإن عليه أن يثبت المستحيل ولن يستطيع ، فأما المستحيل الذي عليه أن يثبته هو أن يكشف لنا عن الوجه الغير مُعَاين في شأن البشر وعليه أن يكشف لنا الملائكة الكاتبين والملائكة المكلفين بحفظ الإنسان من أمر الله ( المعقبات ) بل عليه أن يكشف لنا عالم الجن والشياطين لنعاين وجودهم إذ نحن نعايشهم في كل لحظة لكننا لا نراهم ، فإذا عجز عن ذلك فما عليه إلا أن يُصدِّق بالوجه الغيبي من عذاب الله لمن يعصونه من خلقه في قبورهم لأن النقل والقرآن  قد أقر عذابهم في قبورهم ويستحيل علينا معرفة كيف يحدث ذلك ,إن معايشة الشيء لاتعني بالضرورة معاينته فالمعايشة أمر في مقدور البشر ويلزم فيه عدم ضرورة العلم بشأن وتفاصيل أحوال وأوضاع من نعايشه  أما المعاينة فهي في أكثر شئون الحياة البشرية، ويستحيل  علي الإنسان إدراكها، لأنها تتصل بقدرة الله تعالي القدير علي إنفاذ أمره من ناحية وعجز الكائن البشري علي إدراك معاينة أمر الله تعالي من الناحية الأخرى، وما يدور في القبر شأن من شأن الله تعالي تعجز أعيننا وآذاننا وأنفسنا علي معاينته وبرغم ذلك فنحن نصدق به كما نصدق بوجود الكرام الكتبة والمعقبات الحفظة من الملائكة.]               

 

[ قلت البنداري : وإن من أخطاء أحمد صبحي الشائعة أنه يقول علي الموت نوم ، وربما جاء ذلك الخلط عنده من تخيله الضعيف لقوله تعالي (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الزمر42) ومرارا نقول:  أن الموت غير النوم حتي في سياق الآية القرآنية المذكورة، والفارق بينهما أن الموت وفاة بمعني استرجاع النفس إلي بارئها وكذلك النوم يسترجع الله النفس إليه حين يكون الفرد نائما، والموت هو حالة تحطم بيولوجي كيماوي فسيولوجي للخلايا البشرية للأعضاء ، تبدأ عقب رجوع النفس إلي بارئها بدون رجعة ( إمساكها ) بينما في النوم يستوفي الله النفس ويسترجعها إليه ولكن بدون قرار إمساكها ، مع بقاء كافة العمليات البيولوجية والكيميائية والفسيولوجية ،مستقيمة بالجسم البشري أثناء النوم دون تحطم لشيء من خلايا الجسم ،فالقلب ما زال يعمل والمخ والخلايا والأعضاء بشكل طبيعي ، وفي الموت ، لا أحلام ولا منامات ، بينما يكون ذلك كله في النوم ، ويسمي الموت والنوم وفاة ليس باعتبار نهايتهما بل باعتبار بدايتهما فكلاهما يحدث فيه الاستيفاء والاسترجاع للنفس بقدرة الله القوي القاهر ، ففي النوم تعود النفس إلي جسدها استجابة إلهية لمؤثرات الاستيقاظ بينما في الموت لا تعود النفس إلي جسدها حتي ولو أجرينا تدليكا للقلب أو أعطيناه صدمة كهربائية وخلافه ، وفي النوم تظل الأعضاء بحيويتها البيولوجية لا تتغير ، بينما في الموت يحدث تغير متتابع متراكم بيولوجي وكيماوي للخلايا كالآتي :                                                        1و2- تتحطم الإنزيمات المسؤلة عن تبادل السوائل المكهربة داخل الغشاء الخلوي فتتوقف، ويحدث توقف لميكانيزم ضخ (الصوديوم – بوتاسيوم بامب ) ، فتتوقف عملية تبادل السوائل الكهربية بين الغشاء الخلوي نتيجة لتحطم هذه الإنزيمات المسؤلة عن هذه العملية ،                                  3- يحدث تغير في الأزمولاريتية ويختل فرق الضغط الأزموزي خارج وداخل الغشاء الخلوي مما ينتج عنه حالة من انعدام ضبط دخول أو خروج البوتاسيوم أو الصوديوم بالتوازن البيولوجي الذي كان قبل الموت ،                                     4-  فتنكمش الخلية البشرية في جزءٍ من أحوالها وتنفجر في الجزء الآخر من الجسم                                                                                5- وفي كل الأحوال يحدث تشقق وتفتح وقشط للجدار الخلوي وتتبعثر محتويات الخلية وأهمها الشريط الوراثي الذي يمر بنفس الخطوات من التحطيم وتنهار الخلية                                                                  6- تبدأ عوامل التحلل الإنزيمي الكيميائي للمحتويات وتهضم الخلية نفسها مما يسمح لنمو بكتيري فطري حشري عظيم علي الأنسجة المتحللة ويعقب ذلك انبعاث عظيم للغازات الخارجة من عمليات التحلل الكيميائي ، فكيف يكون الموت هو النوم أو يكون النوم موت مؤقت ؟؟ إن هذا من أوهام أحمد صبحي وخيالاته المفرطة ، وأما عن أحوال النفس في البرزخ فهو يقول أن النفس تبقي في البرزخ وليس الأمر كذلك ؟؟ إن البرزخ هو القناة التي تنزلق منها النفس( الروح)، أو الحاجز الذي يمنع رجوع النفس إلي الحياة الدنيا، لتبقي في مكان ما بعد البرزخ، لا يعلم ماهيته إلا الله الواحد ، أي هو الحاجز الذي يمنع رجوع النفس إلي دنياها الأولي بشكل مطلق لا استثناء فيه إلا بإذن الله، فمن يطلق علي هذا المكان( الذي تستودع فيه الأنفس) برزخا فقد وهم وأخطأ وهذا الحاجز أوالقناة ،لم نعلم من شأنها غير مسماها فقط أما ماهيتها فإنما هو غيب يستحيل تصوره إلا بنقل صحيح ثابت من كتاب الله وسنة نبييه (صلي الله عليه وسلم ) ولا يوجد نقل صحيح في ذلك،  وكل من أفتي فيه بغير نقل فقد تقوَّلَ علي الله تعالي ما لم يقله ، وقد أكثر أحمد صبحي من التقول علي الله تعالي ما لم يتكلم به الله ولا رسوله خاصة في شأن البرزخ، وإذا كان محمد النبي (صلي الله عليه وسلم ) لا يعلم من أمر الغيب إلا ما يخبره جبريل الملك به فأنَّي لابن ألصبحي - وهو ضال جهول بعلمه ونفسه لا يفقه قليلا ولا كثيرا - أن يعلم شيئا من غيب البرزخ وما وراءه من مستودع الأنفس؟؟ ]، [ وأقول البنداري:

 

jouba-0033

 

الدكتور عبد الغفار سليمان عبد الغفار البنداري : يقول:

 

قال منكر السنة: مقدمة الطبعة الأولى : فى الوقت الذى يستعد فيه العالم للارتياد القرن الحادى والعشرين بمزيد من التقدم فى العلوم تقدماً يقترب من الخيال، يحصر المسلمون اهتماماتهم حول قضايا ترجع إلى خرافات تنتمى إلى القرن الحادى والعشرين قبل الميلاد. من نوع عذاب القبر والثعبان الأقرع التى اخترعها أجدادنا المصريون القدماء ثم عادت إلينا منسوبة زوراً إلى النبى ، ونحن مشغوفون بهذه الخرافة ونعتبرها من المعلوم من الدين بالضرورة من أنكرها يكون كافراً.[ قلت البنداري : عجبت لابن صبحي ، يخلط التقدم التكنولوجي كما يريد أن يقول بالمعتقدات الدينية ويعتبر التخلي عن كل معتقد ديني هو خطوة علي طريق التقدم في العلوم تقدما يقترب من الخيال، ويضرب مثلا بعذاب القبر لكنه يضيف قوله ( والثعبان الأقرع ) [ أقول أنا  البنداري: برغم أن حديث الثعبان الأقرع هذا من الموضوعات الخطيرة في دين الله والمدسوسة باطلا علي سنة نبيه صلي الله عليه وسلم] ولو كان صبحي كما يزعم مدرسا في جامعة الأزهر قبل أن يُطرد منها لما أورده هنا في مناط الاستدلال علي خرافات يزعمها في حق الإسلام والمسلمين ،إذ يفترض أن يرد هو علي القائلين به أن هذا من المناكير أو الموضوعات ، لكنه التصيد لتثبيت تهمة علي المسلمين ليسوا مطالبين بجرا يرها ،وقد جاء نقده بلا هوادة من توجهه المعروف عنه إنكار السنة لأن سنة النبي (صلي الله عليه وسلم) عليه وسلم هي المعنية دائما بتفصيل المجمل من القرآن وتبيين المجمل منه والمفصل هكذا قضي الله تعالي وإن أبى أحمد منصور ومن حالفه ، قال تعالي مبينا أن هذا منهج الأنبياء جميعهم وليس فقط منهج النبي (صلي الله عليه وسلم):(  وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ }آل عمران187) ، وقد يجادل هذا المنكر للسنة في الآية ويضع لها مُقيداً مرسلاً من عند نفسه فيقول المقصود بالتبيين هنا أن يكون تلاوة من القرآن أو من الكتاب المنزل وطبعا يبقي هذا مما يؤكد جهل هذا الصبحي لأن تلاوة المُنَزّل من القرآن أو الكتب الأخري لا يسمي تبيين بل يسمي تلاوة ، فلو قصد الله تعالي من قوله ( لتبيننه ) التلاوة، لقال لتتلونه ، فمثلا عندما قصد سبحانه التلاوة في الآية قال : ( وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ ) يونس/61 ، وقوله تعالي (كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَـنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ }الرعد30 ، وقوله تعالي (  وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ }القصص45 ، وقوله تعالي (  وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ }العنكبوت48 ،

 

وهذا التكليف بالتبيين  يختلف تماما عن التكليف بتلاوة القرآن علي الناس كما في قوله تعالي (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }النحل)44 ) ،وقوله تعالي: ( وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }النحل64   ، وهو بخلاف قوله تعالي: (لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ) // ولا تؤدي التلاوة وحدها الأثر المطلوب في الوصول الي الهدي بل يلزم تبيين النبي خاصة في مواضع الأختلاف ،فهؤلاء اليهود والنصاري كانوا يتلون الكتاب ولم يكونوا يعرفون كيف يهتدون به قال تعالي ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }البقرة113، ولو كانت تلاوة الكتاب كافية للوصول الي الهدي بذات التلاوة ما قال الله تعالي في الآية : (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ }البقرة129 ، - ويعلمهم الكتاب والحكمة- فالله تعالي أتي علي لسان إبراهيم بثلاث قضايا  1- أن يجعل الرسول نبياً منهم.  2- وأن يتلو عليهم القرآن 3- وأن يعلمهم الكتاب والحكمة ، ولو كانت التلاوة تغني عن التبيين والتعليم ما جاء بالقضية الثالثة "( ويعلمهم ) [فيتلو عليهم ] غير [يعلمهم ] ، وذلك مثل قوله تعالي ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ }البقرة151، فالتلاوة غير التزكية والتعليم ،ما علموه من الآيات وما لم يكونوا يعلموه .وهي نفس القضية التي فصلها الله تعالي فقال (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }آل عمران164، ولو كانت التلاوة هي التبيين لما فرق الله تعالي بين التلاوة وبين إقامة الصلاة و والإنفاق المالي  ، في قوله تعالي ( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ }فاطر29،وقوله تعالي (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }الجمعة2، وقوله تعالي (رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً }الطلاق11 ، مبينا وظيفة الرسول في نقطتين 1= يتلو / 2= يُخرج، بنسبة الإخراج للنبي ]]]، ثم يستأنف أحمد صبحي قوله :وهكذا ينفصل المسلمون عن عصرهم بأكثر من أربع آلاف سنة مع أن الإسلام حين نزل في القرن السابع الميلادي وقف موقفاً حازماً من الأساطير والخرافات ووضع منهجاً علمياً تجريبياً فى القرآن للبحث والاكتشاف.. لكن الأسلاف ركنوا إلى الخرافة وأهملوا ما جاء فى القرآن الكريم من منهج علمي تجريبي  [ قلت البنداري : إن أحمد صبحي يهذي بعبارات غير مترابطة وجدها تعبر عن امتهان المسلمين فصاغها ولم يهتم بترابطها ولا مدلولها ، فليس هناك ترابط بين قوله (وهكذا ينفصل المسلمون عن عصرهم بأكثر من أربع آلاف سنة) وبين تعبيره بأن القرآن رفض الأساطير والخرافات ، ووضع منهجا علميا تجريبيا في القرآن للبحث والاكتشاف ، وأقول له أن أي بحث واكتشاف في شق إيماني ،غيبي جعل الله تعالي شرط الإذعان له والتصديق به هو الإيمان بهذا الغيب قال تعالي ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }البقرة3، وقوله تعالي ( جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً }مريم61، فجعل الله تعالي من شرط الإيمان به أن يؤمن المسلم بالغيب ،وأي منهج علمي تجريبي  ، ذلك الذي يكون في الصلاة والتهجد والعبادة والإيمان بالغيب وبالقدر وبالملائكة وباليوم الآخر وأكثر عناصر هذا الدين خاضعة لإرادة الله تعالي بطاعة  غير معللة ، قال تعالي(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }النور51، وقوله تعالي : (  وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ }النحل30 ، وقوله تعالي : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }البقرة285 ،وقوله تعالي : ( بَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ }آل عمران193، وقوله تعالي : (  وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء46، وقوله  تعالي : (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }المائدة7، وقوله تعالي : (  وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً }الجن13 ) إن المنهج العلمي التجريبي الذي يحكي عليه أحمد صبحي هو الذي يرفضه هو حيث ينبغي أن يكون حقيقة في إثبات ماهية هذا الدين والتصديق الذي هو أبعد الناس عنه بنبوة محمد (صلي الله عليه وسلم ) ، والتصديق بوحي السماء وما نزل علي رسول الله من القرآن ، وتطويع هذا المنهج العلمي في كيفية إثبات صحة هذا الدين وذلك التراث الإسلامي الذي فرض نفسه ، لكونه واقعا لا يرد ولا يرفضه الا ملحد مُمَارٍ في آيات الله ، أما ما يأتي بعد ذلك من تشريع  فليس للمنهج العلمي دخل به إنما هو من شأن المنهج الإلهي التعبدي أو الغيبي فالنار غيب والجنة غيب والبعث غيب والقيامة غيب وعذاب القبر غيب والملائكة غيب والجن غيب وكثير من مرقومات التنزيل غيبٌ فما للمنهج العلمي وهذا الغيب ؟؟؟ والفيصل في بيان الغيب من العلم هو حقيقة الشيء وماهية تواجده بالشرع أو قل هل هو حق أو هل هو باطل ولا يستدل علي الحق أو الباطل بالمنهج العلمي المزعوم إنما يستدل علي الحق بمراد الله في الشيء ،ويبين ذلك بنقل ثابت صحيح منزل من قرآن أو حديث صحيح ثابت ] ،قال الصبحي :.. وعندما بدأت الصحوة فى العصر الحديث فوجئنا بخرافات العصور الوسطى التى يرفضها القرآن الكريم وقد عادت إلى الظهور والتأثير على عقول الشباب المتدينين ليزدادوا تخلفاً باسم الإسلام وهو دين العلم ودين التعقل والتبصر.[ قلت البنداري: قد أثبتنا أن سنة النبي (صلي الله عليه وسلم) خالية من هذه الروايات الموضوعة ، وأن الخرافات هي ما يقوله أحمد صبحي ]، ثم يقول منكر السنة :مرة أخرى.. ماذا يراد بنا ؟! هل يراد بنا أن نكون رقيق القرن الحادى والعشرين نعيش فى زوايا النسيان بينما يتقدم العالم من حولنا.. هل يراد بديننا الحنيف أن يكون عنواناً للإرهاب والعجز والتخلف والخرافة؟! [ قلت البنداري : لم يزل المسلمون سادة العالم وروادها كلما التزموا جانب دينهم وأطاعوا ربهم حتي فيما يتصوره منكر السنة أنها خرافات ( الموضوعات الغيبية ومنها عذاب القبر ) ، ولم ينحط  المسلمون  ولم يصيروا عبيدا بالفعل إلا بعد أن ابتعدوا عن دينهم وركضوا وراء كل رخيص جاء به الغرب يتتبعون ويقتفون أثره مشدوهين بتقدمه المزعوم  ،بل لقد صور القرآن هذا التقدم الغربي علي أنه زخرف وقضي الله تعالي فيه بأنه زائل مدموغ قال تعالي (حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }يونس24)  ،بل حكم فيه سبحانه بقوله )  لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198) }آل عمران196 (كما يقول تعالي: (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35) وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) [ الزخرف] ، مبينا أن هذا التقدم المزعوم هو الزخرف الذي ينشد أكثره الكافرون وأن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا أما أحمد صبحي ومن انبهر بزخرف الغرب وقالوا عليه تقدما فهم الشريحة من الناس الذين قال فيهم رب العزة (  وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) [ الزخرف]، ثم يستأنف أحمد صبحي كلامه قائلا: إن هذه الدراسة الموجزة عن عذاب القبر وأساطيره محاولة متواضعة لتبرئة الإسلام وتنبيه المسلمين،[ قلت البنداري بل هي محاولة شيطانية لاتهام الإسلام والمسلمين وصد عن سبيل الله ويحسب أنه من المهتدين .]   ويقول صبحي : وهو هدف نبيل يستحق أن نتحمل من أجله المزيد من أذى وتطاول الذين اتخذوا القرآن مهجوراً، وأن نصبر ونتسامح.. والله تعالى ولى الصابرين.
القاهرة فى 1994. [ قلت البنداري لا ولا.. بل هو هدف شيطاني مشبوه الدافع مشبوه الغاية مقيض بشيطان هو له قرين ، وذلك للصد عن سبيل الله ويحسبون أنهم مهتدون. ] يذيل صبحي تقديمه مؤرخه في 1414هـ- 1994م

 

ثم يقول ابن الصبحي: الفصل الأول [ قلت هو أول كتاب أحمد صبحي منصورالمسمي بعذاب القبر ]، قال المنكر: عذاب القبر والثعبان الأقرع فى ضوء القرآن والسنة،العقائد التى لا وجود لها فى القرآن يحاول أصحابها إيجاد سند شرعي لها بتأويل الآيات وتأليف الأحاديث ونسبتها للرسول عليه الصلاة والسلام. ذلك ما ينطبق على موضوع عذاب القبر ونعيمه والثعبان الأقرع أو الشجاع الأقرع..[ قلت البنداري والمسلمون : إن أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم  هي ضرورة من ضرورات النقل الخبري القائم علي قاعدة التحمل والأداء العقلي باعتبار وجود النبي محمد (صلي الله عليه وسلم  وزمانه واقع لا ريب فيه)،( إن منهج التحمل والأداء هو منهج عقلي واقعي لا ينفك عن أي خبر يتم تناقله بين الأحياء من الجنس الواحد ، فمجرد أن يَعي المرء لفظا أو عبارة أو جملة من فم رجل آخر فقد تحمل السامع باللفظ المسموع شاء السامع أو أبي ، لأن الأذن هي سبيل التحمل الأول في امكانيات السامع ، ويشترط في التحمل توافر العقل وانعدام ذهابه ( بالمغيبات كالخمر أو التخدير أو بعدم التأهيل وقلة الوعي كبعض حالات الطفولة وما قبل البلوغ ) وكل من تحمّل بخبر يصير مؤهَّلا لأداء نقله ( وهو الشق الثاني من قاعدة التحمل العقلي والأداء) ، والأداء لما سبق تحمله من أخبار ونقله للغير غريزة خلقت في الكيان البشري ، وقد يكون بعض المؤديين من ذوي الدَفعة الغريزية فينقلون أخبارا قد تضر بالمصلحة القومية للبلاد أو ينقلون أخبارا عسكرية أو اقتصادية أو سياسية مبكرا في غير وقتها فتضر بالبلاد ، لكن الأخبار الدارجة اليومية المنقولة من الشاهد الي الشاهد أو من الشاهد الي الغائب فهذه مالا مضرة فيها لكن يقع عبئ صحة وسلامة نقلها علي قدر ضبط واتقان الناقل اليها ودرجة عدالته النوعية ، وأقول عدالته النوعية لأن مطلق العدالة قد لا يشترط في صحة الأداء فضلا عن توافر عدالة النقل الخبري لكثير ممن ليسوا مسلمين كما في دهاليز السياسة والاقتصاد والمؤسسات العلمية لأكثر أهل أوربا مما يصدر عنهم من أخبار تقوم وكالات الأنباء المختلفة لتحمل أخبارها ثم أداء نقلها إلي انحاء الدنيا من خلال وسائل البث الخبري ، وما فعله رواة الأحاديث في سلسلة الرواية - التي تضايق أحمد منصور وتثير أعصابه وتلهب غضبه – ما هو إلا صورةً دقيقةً لما تقوم به وكالات الأخبار اليوم من تحمل للأخبار ثم أداءها ، ولحرص الناقلين علي نقل تلك الأخبار باعتبارها منقولة عن نبي عظيم له شأنه عند ربه وعند الناس فقد تحوط الناقلون للأخبار وتقعروا في طريقة تحملها بشكل مفرط فيه لدرجة تكوُّن عفويٍ تلقائيٍ  لروح الفريق في نقل أخبار وسيرة الاسلام ونبي الاسلام وقران المسلمين ، فاهتم الرواة بحفظ الأحاديث ودققوا في حفظها وحفظوا فروق الروايات عمن سمعوها كما تحملوها ، لدرجة أن بعضهم كان يكتب أحاديث حفظه في صحائف تسمت وجادة مثل وجادة عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده عمرو ابن العاص عن النبي (صلي الله عليه وسلم )  وتقعر بعضهم في اسلوب التحمل بعمل لقاءات لإلقاء الأحاديث النبوية الشريفة  معروفة في المساجد يأتيها المتحملون من كل فج ومكان ومن كل بلد قاص أو دان ، يتحملون الأخبار بالسماع ثم يعودوا أدراجهم إلي بلدانهم أو مكاتبهم ليؤدونها لغيرهم إما بالالقاء أو بالكتابة والتدوين ، وما الكتابة والتدوين الا صورة من صور وكالات الأنباء اليوم ، حيث تتم عملية الأداء من خلال هذه التقنية ، وقد برع في عملية الأداء بالتدوين من العصور السابقة ، والمشابهة لوكالات الأنباء اليوم  حفاظ الحديث المصنفين بالتدوين كالبخاري ومسلم ابن الحجاج وأبو داود وأحمد ابن حنبل ، والترمذي والنسائي ، وابن ماجة والبيهقي والدارمي، وأبو حاتم ، والطياليسي ، وابن حبان والضياء المقدسي ، وابن ابي عاصم وكثير من الكتاب الذين دونوا محفوظاتهم التي تحمَّلوها حفظا من كبار شيوخهم ، وبأدائهم التصنيفي هذا يكونوا قد نبغوا في وضع حد لسلسلة التحمل والأداء النقلية الشفهية الي التحمل والاداء التدوينية بحيث أنهم قد أغلقوا تسلسل النقل علي مر الزمان ليتوقف عند صفحات مدوناتهم التي كتبوها وصنفوها . وقد أردت التقديم بهذه النبذة البسيطة في معرض كذب أحمد صبحي منصور الواسع علي هؤلاء الحفاظ وحملةِ مشاعل نور الاسلام من زمن النبوة وحتي وصلتنا مدوناتهم في شكل مخطوطات موثقة معارضة مختومة وممهورة بخاتم كل واحد منهم وممن راجعوها وحققوها وقابلوها وأثبتوا فوارق النسخ وتواريخ كتاباتها ونسبتها الي مصنفيها ، ]، ثم يقول الُمنكِر: وإذا ما حاول باحث مخلص لدينه حريص على تبرئة النبى عليه الصلاة والسلام مما ينسب إليه من أكاذيب- إذا ما حاول الاحتكام إلى القرآن الكريم فى توضيح تلك القضايا تناولته الاتهامات من كل جانب وأسهلها أنه منكر لسنة النبى عليه السلام،[ قلت البنداري: إن الباحث المخلص لدينه هو من تبع أصول الحق في الإخلاص لهذا الدين وإن من هذه الأصول وقواعد الإخلاص للدين الآتي :1- التعامل مع هذا الدين بمكيال واحد لا بمكيالين 2- الإذعان الكامل لله الواحد في كل ما يريد ومن إرادته قوله تعالي ( وأطيعوا الرسول ) وقوله تعالي (وإن تطيعوه تهتدوا)  3- اتباع النبي محمد صلي الله عليه وسلم  فيما يثبته العقل من شمائل الرسول وسنته إثباتا صحيحا ، 4- إثبات تراث أمة الإسلام وتاريخها دون استهتار أو إهمال لقيمة من قيم هذا الدين القيم .                                                                                 اما اولاً:                                                                                                    1- التعامل مع هذا الدين بمكيال واحد لا بمكيالين ، فمن ذا الذي رخص لك أخذ الكتاب دون السنة وكلاهما منقول بطريقة واحدة هي طريق التحمل والأداء النقلي فالقرآن قد نقله العدول عن النبي صلي الله عليه وسلم  ونقل عن العدول عدولاً وعنهم كذلك مثلُهم إلي منتهي السند فما الذي جعلك تفرق بين المنقول بطريق التحمل والأداء من القرآن عن ذاك المنقول بنفس الطريقة من سيرة النبي صلي الله عليه وسلم  وسنته وسيرة أصحابه إلا الهوي ونفسك الرديئة ،إن العقل ليتعامل مع الخبر بمنطق الترجيح لا اليقين ، حتي في تناول القرآن ، فليس الذي رأي النبي صلي الله عليه وسلم وهو يتلو القرآن ويسمعه [ وهذا يسمي الشاهد أو  المعاين] كالذي نُقل إليه أداءاً بعد تحمله [ ويسمي هذا  الغائب]، والقبول لدي العقل يقاس بدرجات اصطلح عليها غريزة  تبدأ من الترجيح وتمر بدرجاته المتفاوتة كما يتفاوت نسبة العلم بها  والحدوث عنده بالانتقال من 51% ليتعالي في المصادقة حتي تصل إلي نسبة ال99% وهي أعلي نسبة ترجيح يمكن للعقل البشري الوصول إليها في منظور الغائب،[ كما هو في قبول القرآن الكريم، وثبوته] يأتي بعدها المعاينة واليقين مباشرة (100%) ( وهي دليل الشاهد ) ، والعقل حين يتخذ هذه المقاييس الفطرية الغريزية  في مباشرته العفوية للأخبار إنما يتخذها من ضرورة التصرف الفطري الغريزي  المفروض عليه ومحاولته قيادة هذا الكيان الجسمي البشري المعقّد بحكم الضرورة الغريزية إلي بر الأمان ولمِا لا وقد تبين أن هذه غريزته وفطرته حتي فيما تخول فيه من حواس مثل اللمس والشم والإبصار والسمع والتذوق ، والتوجس والإيحاء ، فما ترجح عنده من خطرٍ- آتٍ علي الجسم يأتيه من حاسة اللمس يتعامل معه علي أنه خطر يجب الابتعاد بالجسم عنه، حتي يتبين له أنه كذلك أو يتأكد من العكس ، وإذا وصل لمجموعة من الناس خبر من آتٍ عليهم بأن ناراً  آتية علي القرية من جهة الشرق مثلاً فأول رد فعل يتخذه الناس بهذه القرية هو التأهب والتعامل مع الخبر بمنطق الصدق لأن الأصل في المخبر الصدق حتي يثبت العكس مالم يجرب الناس عليه كذبه، وذلك لأن المخبر بخبره طارئ علي أصل، وإذا ألقي أحدهم بخبر طوفان قادم كطوفان (تسونا مي ) فالراجح لدي العقل تصديق الخبر بنسبة الخبر وما عليه حال المخبر من انفعال ، أو ركض أو هلع ويزداد الترجيح عند سماع  أصوات لهدر مائي آتيةً من ناحية ما أشار ، وكلها مُرَقَّيات لما ترجح للعقل مبدئيا التعامل معه علي الترجيح المبدئي من القبول (51%) فكذلك الخبر الآتي لنا منسوبا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ، يتعامل العقل معه من واقع تكليفه بمُسلّمةٍ نقلية تأصلت عنده وتولدت من قوله تعالي ( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }النساء80 ) ، فهو مكلف بمطلق الطاعة دون قيد ،في الشهادة والغيب ،لأن اللفظ يحتمل المدلولين لدي العقل ،وذلك لأن الآية تخاطب الشاهد والغائب ، وكذلك، من قوله تعالي (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }النور54) فلما وقع لدي العقل مُسلّمةُ حتميةِ الاهتداء بطاعته ( أي النبي صلي الله عليه وسلم  )،المنصوص عليها من الآية فقد أوجب العقل علي النفس ضرورة تلقي أخبار النبي صلي الله عليه وسلم  علي مبدأ القبول ألنقلي عنده والمحكوم بقاعدة التلقي والأداء ،وبنسب الترجيح المعروفة في غريزته الفطرية، ثم هو يطلُب مرجِّحاتِ القبول لتأمين صحة المنقول تحقيقا لمُسَلّمة قبول الخبر المنبثقة من التكليف الإلهي بحتمية طاعة الرسول ، المرتبطة  عنده ارتباطاً شرطياً بطاعة الله  ومن قوله تعالي (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ }الأنفال20 ) ومن قوله تعالي (لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63 .

 

- وأما ثانياً : من قول صبحي عن الباحث المخلص لدينه أقول البنداري :  فالباحث المخلص لدينه هو من تبع أصول الحق في الإخلاص لهذا الدين وإن من هذه الأصول وقواعد الإخلاص للدين بالإذعان الكامل لله الواحد في كل ما يريد ومن إرادته قوله تعالي ( وأطيعوا الرسول ) وقوله تعالي ( وإن تطيعوه تهتدوا) ، وقال تعالي (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }النساء14) وقال تعالي (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً }الأحزاب36) وقال تعالي (  وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الممتحنة12) وقوله تعالي (  إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً }الجن23) 

 

4= وأما رابعا : إثبات تراث أمة الإسلام وتاريخها دون استهتار أو إهمال لقيمةٍ واحدةٍ من قيم هذا الدين القيم قال تعالي ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }الروم30)  ، وقال تعالي : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ }الروم43 ) ، وقال تعالي : (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }التوبة36) وقوله تعالي (  إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف40) وقوله تعالي : (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }البينة5)؟// أو قوله تعالي (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }الحج32 )،وما زال يتكلم ابن الصبحي  فيقول:علاقة السنة بالقرآن: والسؤال الذى يفرض نفسه هنا: ما المعنى المراد بسنة النبى التى يرفعون منها شعاراً يدارى عجزهم عن الاجتهاد ورفضهم للحق القرآنى؟ [ قلت البنداري: وهكذا سيفصح أحمد صبحي عن غبائه من الآن فصاعدا في الفهم والاستدلال إذ من قال أن سنة النبي صلي الله عليه وسلم شعارٌ فقط، وما هو قدر الاجتهاد البشري المزعوم بدون هَدي نبي الله المرسل صلي الله عليه وسلم  وهل تعتقد أن اجتهاد ابن الصبحي، أو غيره من البشر ، سيتساوي في قليل أو كثير مع هَدي من قال الله تعالي فيه (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ }الطور48 ) أو من قال الله تعالي فيه:  (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) }2/النجم، وقوله تعالي (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) (سورة الشرح) ، وأي عجز هذا الذي يزعمه أحمد صبحي الذي ينام ويقوم وتجري عليه سنن البشر دون الأنبياء منهم ، بل قل إن شئت فهو مشبوه العلاقة ببايبس اليهودي وقد ثبتت تقارير أوردها فهمي هويدي رئيس المخابرات الأسبق عن عمالة أحمد صبحي منصور المباشرة مع الكاهن اليهودي بايبس بل هو يتولي بالفعل  إدارة المركز العالمي للقرآن الذي أنشأه بايبس اليهودي ويموله اللوبي اليهودي ؟ ] ويستأنف منكر السنة قائلا: إن النبى عليه السلام كان متبعاً للقرآن ، ومن يحب النبى فعلاً هو ذلك الذى يؤمن بأن أقوال النبى وأفعاله كانت تأكيداً للقرآن ولم تكن أبداً مناقضة للقرآن، أى كانت طاعة لله تعالى وكتابه الكريم ولم تكن عصياناً لله تعالى وقرآنه.. وذلك الذى يؤمن بالنبى ويحبه يكون أحرص على تبرئة النبى من ذلك الزيف الذى نسبوه إليه والذى يجعله يقول ما يخالف القرآن ويضعه فى موقع العصيان للرحمن..[ قلت البنداري :يختلط علي أحمد صبحي القرآنيّ قضيتين مهمتين لا يستطيع عقله التمييز بينهما القضية الأولي هي: النص القرآني أو النبوي ،،، أما الثانية فهي فهمه هو وتصوره لهذا النص القرآني أو النص النبوي ، والخطأ الفادح الذي وقع فيه أحمد صبحي هو أنه أخضع كل قضاياه لتصوراته هو.. والتي تستوحيها نفسه من النص القرآني، وليس للنص القرآني نفسه بمدلوله اللغوي الأصيل المبين في لسان العرب ( لغة القرآن ) ورفض بالكلية إخضاع نفسه للنص النبوي الصحيح بمدلوله اللغوي الصحيح المتناسق مع سائر مدلولات النصوص القرآنية والنبوية ، بل أخضع هذا كله لفهمه المتهرئ ، وتصوراته الواهمة وجهله العميق ، وظن أن فهمه هو النص وتعامل مع هذا الفهم بهذه التقنية الباطلة فتصور أشياءً كثيرة علي أنها زيف وهي ليست كذلك وتصور قضايا أقامها علي الوهم والتأليف وهي باطلة من أصلها ] ، ثم يستأنف أحمد صبحي فيقول :أما الذى يحرص على نسبة ذلك الزيف للنبى بزعم أنها سنة النبى ويغلق عقله عن تدبر آيات القرآن الكريم فإنما يضع نفسه فى قائمة أعداء النبى دون أن يدرى، لأن السنة الحقيقية للنبى تطابق القرآن [ أقول البنداري : إن السنة بمفهوم أحمد منصور بمعني مطابقتها للقرآن ، يريدها هو أن تتطابق مع مفهومه ، وخياله الرخيص مشيرا إلي أن ما يتصوره هو علي أنه القرآن وأنه الشرع ، وعليه فما لم يتطابق مع ما يراه فليس سنة ولا هو قرآن وما يتطابق مع تصوره فهو القرآن ]، ثم يقول صبحي: ولأن القرآن و المنهج الذى كان يحكم به النبى عيه الصلاة والسلام،[ قلت البنداري: ومن مسلمات هذا المنهج القرآني الذي كان يحكم به رسول الله صلي الله عليه وسلم كما يزعم أحمد صبحي وجوب طاعة الرسول بأمر الله إذا أمر الرسول أمراً ووجوب الإنتهاء عما نهي الرسول رسول الله صلي الله عليه وسلم كلما نهي عن شيء وهذا الوجوب منبثق من قوله تعالي (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الحشر7 ) ، ومن قوله تعالي (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }النور54 ) // ] ثم يقول أحمد صبحي: ولأن الله تعالى جعل مقياس العداوة للنبى هو فى إتباع الأحاديث الشيطانية التى ينسبها شياطين الأنس والجن لله ورسوله وهى تخالف الكتاب العزيز،[ قلت البنداري : إذا كان مقياس حب الله ورسوله هو في طاعة رسوله كما قال تعالي: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31 ) وأن هذا الأمر بإتباع النبي صلي الله عليه وسلم هو حتما في الغيب والشهادة ، فطاعته في الشهادة لا خلاف عليها ، ويبقي الأمر بطاعته في الغيب ، ولن تكون طاعته في الغيب إلا إخبارا عن سنته بطريق التحمل والأداء النقلي العقلي بنقل العدل الضابط عن مثله إلي منتهي السند بغير شذوذ ولا علة ، فإذا تم نقل سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم بهذا الطريق النقلي الصحيح فلن يبقي من فرض يفترضه ابن الصبحي في زعمه الخرافي " الأحاديث الشيطانية " إلا أنها هي التي يرويها الضعفاء من الرواة والوضاعين ، وهذه لها كتبٌ ومواطنٌ ومظانٌ أخري غير التي تحتويها مصنفات السنة الصحيحة مثل البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وأبو داود والنسائي وغيرهم  ،ويبقي توجه احمد صبحي الواهم بأن كل أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم تسمي أحاديث شيطانية بل هي أحاديث نبوية عليها جلال النبوة ونورها ، والأحاديث الشيطانية في الحقيقة هي تلك التي يتكلم بها صبحي منصور ويملأُ الدنيا بها محاربا لله ورسوله صلي الله عليه وسلم] ثم يسترسل صبحي في ضلاله فيقول : واقرأ قوله تعالى عن مشاهد يوم القيامة ﴿وَيَوْمَ يَعَضّ الظّالِمُ عَلَىَ يَدَيْهِ يَقُولُ يَلَيْتَنِي اتّخَذْتُ مَعَ الرّسُولِ سَبِيلاً.[ قلت البنداري: هو في الشهادة طاعته مباشرة وفي الغيب طاعته فيما يصلنا عنه صلي الله عليه وسلم من رواية أو حديث صحيح عنه ] يَوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتّخِذْ فُلاَناً[ هو أحمد صبحي ومن ماثله ممن يُضل الناس عن اتخاذ سبيلاً مع النبي صلي الله عليه وسلم]   خَلِيلاً. لّقَدْ أَضَلّنِي عَنِ الذّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ الشّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً. وَقَالَ الرّسُولُ يَرَبّ إِنّ قَوْمِي اتّخَذُواْ هَـَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً. وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نَبِيّ عَدُوّاً مّنَ الْمُجْرِمِينَ[ قلت البنداري:هو أحمد صبحي منصور ومن سار علي دربه] ، وَكَفَىَ بِرَبّكَ هَادِياً وَنَصِيراً﴾ (الفرقان 27: 31).  يندم المجرم يوم القيامة يتمنى لو اتخذ مع الرسول عليه الصلاة والسلام سبيلاً وليته ما اتخذ فلاناً خليلاً[ قلت البنداري:هو أحمد صبحي منصور ]، ذلك الذى أضله عن الذكر- أى القرآن وسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم الثابتة الصحيحة ، إذن فسبيل الله ورسوله هو القرآن (وسنته صلي الله عليه وسلم ) ، قال تعالي (وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }البقرة231 ) ،وقال تعالي : (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ }البقرة129  ) وقال أيضاً ) كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ }البقرة151 ) وقال أيضاً (   لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }آل عمران164 ) وقال أيضاً: (  وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً }النساء113 ) وقال أيضاً: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً }الأحزاب34 ) وقال أيضاً :( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }الجمعة2 ) ] ، ثم يقول المنكر: وهو الذكر، يقول تعالى: ﴿صَ وَالْقُرْآنِ ذِي الذّكْرِ﴾ (سورة /ص 1)  ( ثم يستأنف صبحي كلامه فيقول: ويندم على أنه أسلم قياده للشيطان فخذله الشيطان، ثم ينتقل القرآن إلى مشهد آخر يعلن فيه الرسول براءته ممن اتخذ القرآن مهجوراً، ولم يقل القرآن وقال الرسول يا رب إن قومى هجروا القرآن، وإنما قال "اتخذوا القرآن مهجورا" أى اتخذوه فى صورة كان فيها موجوداً وكان أيضاً مهجوراً، فكيف كان موجوداً ومهجوراً فى نفس الوقت؟ هذا هو ما يحدث الآن، فالقرآن معنا ولكننا نهجره إلى أقاويل أخرى تناقصه وتعارضه، وإمعاناً فى الكيد لله ورسوله نصمم على نسبة تلك الأقاويل للنبى...!! ولذلك يقول رب العزة فى التعليق ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نَبِيّ عَدُوّاً مّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَىَ بِرَبّكَ هَادِياً وَنَصِيراً﴾ (الفرقان 31). وما زال الكلام موصولا للمُنكِر فيقول :الأحاديث المزورة ليست سنة النبى[ قلت نعم إن الأحاديث المزورة ليست سنة النبي صلي الله عليه وسلم ولكن من يحكم بأنها مزورة أو غير مزورة؟؟؟ هل هو الجهول ابن الصبحي ؟؟ أم مسلمة التحمل والأداء النقلي والعقلي الذي اتفق عليها البشر كسبيل وحيد لنقل الأخبار حتي في وكالات الأخبار المعاصرة ، إن مجرد الدعوي والزعم  الصبحي بأن هذه الأحاديث مزورة من عدمه هي دعوي باطلة وكلام مرسل لا يستند إلي دليل ، بل كلامه باطل لوجود الأدلة الصحيحة القائمة علي بيان أن المنهج الصحيح في بيان الأحاديث الصحيحة الربانية من المزورة هو منهج التحمل والأداء والمعترف بها في كل وكالات أنباء الدنيا في القديم والحديث ( سيأتي الكلام عن هذا المنهج في طيات هذا الكتاب فتابعه ] ثم يقول المنكر:إن هجر القرآن وعدم الاعتداد به هو عداء لله تعالى ورسوله، وهو خصومة للرسول تجعله يعلن براءته ممن يصمم على نسبة أقوال الزور إليه وهى تخالف القرآن الحكيم، علاوة على أنه عليه الصلاة والسلام لم يقلها ولم يعرفها، بل إنه- كما هو معروف- نهى عن تدوين غير القرآن، وأمر بمحو أى كلام له : "لا تكتبوا عنى غير القرآن، ومن كتب غير القرآن فليمحه" .[ قلت البنداري :مازال ابن الصبحي مصمماً علي إثبات جهله وعدم مفهوميته ، ذلك لأن كتابة السنة حدثت في عهود التدوين ألحديثي بعد حوالي مائتين وخمسين سنة هجرية في عهود المصنفين الأفزاز من الحفاظ أمثال البخاري ومسلم ،بينما كان نهي النبي صلي الله عليه وسلم بعدم كتابة غير القرآن في زمنه هو صلي الله عليه وسلم وأثناء توالي نزول الوحي حتي لا يختلط شيئا من المكتوبات الحديثية بآيات القرآن ، ولكن بعد أن حفظ القرآن ودون وانقضت عقود طويلة علي مدارسته وحفظه وتلاوته واتقانه وتدوينه وجمعه وصار محفوظا في الصدور والصحائف ومعروفا هيئة ولفظا وآيات ورسماً ،لم يكن من محاولات تدوين سنة النبي صلي الله عليه وسلم أي خوف علي اختلاطها بالقرآن بدأ إذ ذاك تدوين السنة ، وتدوينها في ذاك الوقت خارج بالكلية عن نطاق حديث نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن تدوين غير القرآن لاختلاف الزمنين ، وتباين العهدين........ ]   ، يقول صبحي: وعلى ذلك سار الصحابة، ما كان معهم كتاب غير القرآن وأول خطبة لعمر بن عبد العزيز قال فيها "أما بعد فإنه لا كتاب بعد القرآن وإنى متبع ولست بمبتدع.."  ثم حدثت الأهواء وانتشرت أحاديث منسوبة للنبى أتيح لها أن تكتب منذ القرن الثالث الهجرى كتابة منظمة، وكل منهم يكتب من الأحاديث ما يتصور أنه سنة النبى، وكل منهم يكتب ما يخالف به الآخر، بل ويناقض نفسه أحياناً فى الصفحة الواحدة، علاوة على ما فيها من أحاديث تتناقض صراحة مع الكتاب العزيز وما كان عليه خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام.. ومع ذلك فقد اختلفوا فيما كانوا يكتبون، وعكفوا عليه قروناً من الزمان يختلفون فى هذه الرواية وذلك السند وتلك السلسلة،[ قلت البنداري: سيتضح آتياً أن كلام ابن الصبحي هو من تآليفه وأوهامه في هذه القضية التي نصبها وجري عل دربها مصدقا أنها من الحق ونسي أنها من تأليفه ووهمه كما فعل جحا بنفسه ، وأشعب بوهمه

 

قلت البنداري :هذه نبذة مختصرة عن تدوين السنة : لقد استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - الكتابة في تدوين ما ينزل من القرآن ، واتخذ لذلك كتاباً من الصحابة ، فكان القرآن يكتب كله بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرِّقاع والأضلاع والحجارة والسعف ( أغصان النخيل ) ، وكانت الآية من القرآن تنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأمر كاتب الوحي بكتابتها في موضع كذا من سورة كذا ، واستمر الأمر على هذه الحال حتى وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا والقرآن محفوظ مكتوب لا ينقصه إلا الجمع في مصحف واحد .

 

أما السنة فلم يكن شأنها كذلك حيث إنها لم تدون جميعها تدوينًا رسميًا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما دُون القرآن، ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بذلك. وقد كانت هناك  أسباباً عديدة لعدم تدوين السنة في العهد النبوي : منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاش بين أصحابه بعد البعثة ثلاثًا وعشرين سنة ، فكان تدوين كل كلماته وأقواله وأفعاله وكتابتها فيه من العسر والمشقة الشيء الكثير ، لما يحتاجه ذلك من تفرغ كثير من الصحابة لهذا العمل الجليل ، ونحن نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا جميعا يحسنون الكتابة بل كان الكاتبون منهم أفراداً قلائل ، وكان تركيز هؤلاء الكتبة من الصحابة على كتابة القرآن دون غيره من السنة حتى يؤدوه لمن بعدهم تامًا مضبوطًا لا يُنْقص منه حرف .

 

* ومن الأسباب أيضاً الخوف من حدوث اللبس عند عامة المسلمين فيختلط القرآن بغيره من الحديث ، وخصوصاً في تلك الفترة المبكرة التي لم يكتمل فيها نزول الوحي ، وكان القرآن ينزل فيها مفرقاً حسب الوقائع والأحداث ، إضافة إلى أن العرب كانوا أمة أمية ، وكانوا يعتمدون على الذاكرة فيما يودون حفظه واستظهاره ، ولذلك عُرفوا بقوة الذاكرة وسرعة الحفظ ، وكان نزول القرآن مفرقاً على آيات وسور صغيرة أدعى للتفرغ لحفظه واستذكاره والاحتفاظ به في صدورهم ، أما السنة فكانت كثيرة الوقائع متشعبة النواحي شاملة لأعمال الرسول وأقواله منذ بدء الرسالة إلى أن توفاه الله عز وجل ، فلو دونت كما دون القرآن ، للزم أن ينكبَّ الصحابة على حفظ السنة مع حفظ القرآن ، وفيه من الحرج والمشقة ما فيه ، فكان لا بد من توفرهم - في تلك الفترة - على كتاب الله حفظاً ودراسة وتفهما .

 

 

 

كل ذلك وغيره - مما توسع العلماء في بيانه - كان من أسرار عدم تدوين السنة في العهد النبوي ، وبهذا نفهم سر النهي عن كتابتها في الحديث الوارد في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري عندما قال عليه الصلاة والسلام : ( لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ) . وهذا لا يعني أبداً أن السنة لم يكتب منها شيء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد وردت آثار صحيحة تدل على أنه قد وقع كتابة شيء من السنة في العصر النبوي

 

، ولكن هذا التدوين والكتابة كان بصفة خاصة ، ولم يكن عاماً بحيث تتداول هذه الكتب بين الناس ، فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في فتح مكة أن يكتبوا لأبي شاة ، وكتب - صلى الله عليه وسلم - كتباً إلى الملوك والأمراء يدعوهم فيها إلى الإسلام ، كما ثبت أن بعض الصحابة كانت لهم صحف خاصة يدونون فيها بعض ما سمعوه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص التي كان يسميها بالصادقة ، وكانت عند علي رضي الله عنه صحيفة فيها أحكام الدية وفكاك الأسير ، كما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب لبعض أمرائه وعمَّاله كتبًا حددَّ لهم فيها الأنصبة ومقادير الزكاة والجزية والديات ، إلى غير ذلك من القضايا المتعددة التي تدل على وقوع الكتابة في عهده عليه الصلاة والسلام .

 

إذاً فقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تدون السنة تدويناً كاملاً كما دون القرآن. ثم جاء عهد الخلفاء الراشدين ، فلم يدونوا الحديث في الصحف كراهة أن يتخذها الناس مصاحف يضاهون بها صحف القرآن ، وأحجموا عن كتابة السنة وتدوينها مدة خلافتهم ، حتى إن عمر رضي الله عنه فكر في أول الأمر في جمع السنة فاستفتى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فأشاروا عليه بأن يكتبها ، فطفق عمر يستخير الله فيها شهراً ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال : " إني كنت أريد أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً ، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني- والله - لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً " ، وكان هذا الرأي من عمر متناسباً مع حالة الناس في ذلك الوقت ، فإن عهدهم بالقرآن لا يزال حديثاً ، وخصوصاً من دخل في الإسلام من أهل الآفاق ، ولو أن السنة دونت ووزعت على الأمصار وتناولها الناس بالحفظ والدراسة لزاحمت القرآن ، ولم يؤمن أن تلتبس به على كثير منهم ، ولم يكن في هذا الرأي تضييع للأحاديث فقد كان الناس لا يزالون بخير ، ولا تزال ملكاتهم قوية وحوافظهم قادرة على حفظ السنن وأدائها أداءً أميناً ، وقد تتابع الخلفاء على سنة عمر رضي الله عنه ، فلم يعرف عنهم أنهم دونوا السنن أو أمروا الناس بذلك .

 

وهكذا انقضى عصر الصحابة ولم يُدَوَّن من السنة إلا القليل، حتى جاء الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز فأمر بجمع الحديث لدواع اقتضت ذلك، بعد حفظ الأمة لكتاب ربها، وأمنها عليه أن يشتبه بغيره من السنن.                                                                                                  @  كاد القرن الأول الهجري أن ينتهي ، ولم يصدر أحد من الخلفاء أمره بجمع الحديث وتدوينه ، بل تركوه موكولاً إلى حفظ العلماء والرواة وضبطهم ، وبعض الكتابات الفردية ، وكان مرور مثل هذا الزمن الطويل كفيلاً بتركيز القرآن وتثبيته في نفوس الناس ، فقد أصبح يتلوه القاصي والداني ، ويعرفه الخاص والعام ، ولا يختلف فيه أحد أو يشك في شيء من آياته ، كما كان مرور هذا الزمن الطويل أيضاً كفيلاً بأن يذهب بكثير من حملة الحديث من الصحابة والتابعين في الحروب والفتوحات ، وأن يتفرقوا في الأمصار ، مما هيأ لأهل الأهواء والبدع - الذين ظهروا في هذه الفترة - أن يزيدوا في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن يُدْخلوا فيه ما ليس منه مما يؤيد بدعتهم ويلبي انحرافهم ، كما أن انتشار الإسلام وتوسع الدولة الإسلامية جعل العرب يختلطون بغيرهم من الأعاجم في البلدان المختلفة مما نتج عنه قلة الضبط في نقل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبب ضعف ملكة الحفظ عند الناس .

 

وفي العام التاسع والتسعين للهجرة تولى الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه خلافة المسلمين ، فنظر إلى الأحوال والظروف التي تمر بها الأمة ، فرأى أن عليه البدء بكتابة الحديث وتدوينه حفظا له من الضياع والتحريف ، حيث أن المانع الذي كان يمنع تدوين الحديث قد زال ، ومصلحة المسلمين باتت تستدعي جمع الحديث وتدوينه .

 

فكتب إلى عُمَّاله وولاته يأمرهم بذلك ، حيث أرسل إلى أبي بكر ابن حزم ـ عامله وقاضيه على المدينة ـ قائلاً له : " انظر ما كان من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاكتبه ، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء " ، وطلب منه أن يكتب ما عند عَمْرة بنت عبد الرحمن الأنصارية ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر ، وكتب إلى علماء المسلمين في الأمصار المختلفة " انظروا إلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجمعوه " ، وكان ممن كتب إليهم الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أحد الأئمة الأعلام ، وعالم أهل الحجاز والشام المتوفى سنة 124هـ ، حيث استجاب لطلب عمر بن عبد العزيز فجمع حديث أهل المدينة وقدمه له ، فبعث عمر إلى كل أرض دفتراً من دفاتره ، وكانت هذه هي المحاولة الأولى لجمع الحديث وتدوينه بشمول واستقصاء ، وكان تدوين الإمام الزهري للسنة عبارة عن جمع ما سمعه من أحاديث الصحابة من غير تبويب على أبواب العلم ، وربما كان مختلطًا بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين ، وهذا ما تقتضيه طبيعة البداءة في كل أمر جديد ، وبذلك مهد الإمام الزهري الطريق لمن أعقبه من العلماء والمصنفين ، ووضع حجر الأساس في تدوين السنة في كتب خاصة .

 

ثم نشطت حركة التدوين بعد ذلك ، وأخذت في التطور والازدهار ، وتعاون الأئمة والعلماء في مختلف الأمصار ، فكتب ابن جريج بمكة ، وكتب مالك وابن إسحاق بالمدينة ، وكتب سعيد بن أبي عَروبة والربيع بن صُبيح وحماد بن سلمة بالبصرة ، وكتب سفيان الثوري بالكوفة ، وكتب أبو عمرو الأوزاعي بالشام ، ، وكتب عبد الله بن المبارك بخراسان ، وكتب معمر باليمن ، وغيرهم من الأئمة ، وكانت طريقتهم في التدوين هي جمع أحاديث كل باب من أبواب العلم على حدة ، ثم ضم هذه الأبواب بعضها إلى بعض في مصنف واحد ، مع ذكر أقوال الصحابة والتابعين ، ولذلك حملت المصنفات الأولى في هذا الزمن عناوين مثل " مصنف " و " موطأ " و " جامع " .

 

 

 

ثم جاء القرن الثالث فحدث طور آخر من أطوار تدوين السنة تجلى في إفراد حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتصنيف دون غيره من أقوال الصحابة والتابعين ، فألفت المسانيد التي جمعت أحاديث كل صحابي على حدة ، من غير مراعاة لوحدة الموضوع ، كمسند الإمام أحمد ، ومسند إسحاق بن راهُوْيَه ، ومسند عثمان بن أبي شيبة وغيرها من المسانيد ، ولم تقتصر هذه المسانيد على جمع الحديث الصحيح بل احتوت على الصحيح وغيره مما جعل الإفادة منها والوقوف على أحاديث مسألة معينة من الصعوبة بمكان إلا على أئمة هذا الشأن ، خصوصاً وأنها لم ترتب على أبواب الفقه ، مما حدا بإمام المحدثين في عصره محمد بن إسماعيل البخاري أن ينحو بالتأليف منحىً جديدًا اقتصر فيه على الحديث الصحيح فحسب دون ما عداه ، فألف كتابه الجامع الصحيح المشهور بـ" صحيح البخاري " ، وجرى على منواله معاصره وتلميذه الإمام مسلم بن الحجاج القشيري فألف صحيحه المشهور بـ " صحيح مسلم" ، وقد رتبا صحيحيهما على أبواب الفقه تسهيلاً على العلماء والفقهاء عند الرجوع إليهما لمعرفة حكم معين ، فكان لهذين الإمامين الفضل بعد الله عز وجل في تمهيد الطريق أمام طالب الحديث ليصل إلى الحديث الصحيح بأيسر الطرق .

 

وقد تابعهما في التأليف على أبواب الفقه أئمة كثيرون سواء ممن عاصرهم أو ممن تأخر عنهم ، فألفت بعدهما السنن الأربعة المشهورة وهي سنن أبي داود ، والنسائي ، والترمذي ، وابن ماجه ، إلا أن هؤلاء الأئمة لم يلتزموا الصحة كما التزمها الإمامان البخاري ومسلم ، فوُجد في هذه المؤلفات الصحيح وغيره ، وإن كان الصحيح هو الغالب .

 

وقد اعتبر العلماء القرن الثالث الهجري أزهى عصور السنة وأسعدها بالجمع والتدوين ، ففيه دونت الكتب الستة التي اعتمدتها الأمة فيما بعد ، وفيه ظهر أئمة الحديث وجهابذته ، وفيه نشطت رحلة العلماء في طلب الحديث ، ولذلك جعل كثير من أهل العلم هذا القرن الحدَّ الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين من نقاد الحديث .

 

وبانتهاء هذا القرن كاد أن ينتهي عصر الجمع والابتكار في التأليف ، فقد اقتصر دور العلماء في القرون التالية على الاختصار والتهذيب والترتيب ، والاستدراك والتعقيب ، وانصب اهتمامهم على الكتب المدونة ، وقلَّت بينهم الرواية الشفهية . ومن خلال ما سبق يتبين لنا أن تدوين الحديث النبوي قد مر بمراحل منتظمة ، وأطوار متلاحقة ، حققت حفظه ، وصانته من العبث والضياع ، وكان لجمع الحديث وتدوينه أعظم الأثر في تسهيل الطريق للاجتهاد والاستنباط ، وبهذا نعلم مقدار الجهد العظيم الذي بذله الأئمة في جمع السنة وتبويبها ، حيث تركوا لنا تراثاً عظيماً في عشرات المصنفات والدواوين ، حتى أصبحت هذه الأمة تمتلك أغنى تراث عرفته البشرية ، فجزى الله أئمة الإسلام عنَّا خير الجزاء .آخر مختصر النبذة في تدوين السنة النبوية ].

 

@ثم يقول مؤلفاً: إلى أن فاجأنا غزو نابليون بونابرت فهرع الشيوخ إلى كتب البخاري يلتمسون منه العون والمدد أمام مدافع الفرنسيين فلم يغن عنهم البخاري شيئاً، بل اقتحم الفرنسيون الأزهر بخيولهم.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!!  طريقان للصحوة ،وأحدثت الحملة الفرنسية ـ وقبلها التدخلات البريطانية فى الخليج العربى والدولة العثمانية ـ هزة عنيفة فى المجتمعات الإسلامية التى بدأت فى النهوض واتخاذ طريقين.. فى صحراء نجد ظهرت الدعوة الوهابية تنشد العودة إلى الماضى وتعتبر التصوف وحده سبب التخلف وتزعم أن الأحاديث التى رواها السلف هى سبيل النجاة.. وفى مصر نهض محمد على إلى إنشاء دولة عصرية على النسق الأوروبى، وسار مشروع الدولة الحديثة يتقدم حيناً ويكبوا أحياناً حسب النفوذ الأجنبى وشخصية الحاكم، بينما قامت الدولة الوهابية السعودية ثلاث مرات وسقطت مرتين.. إلى أن جاء عصر النفط وأتيح لثقافة الوهابيين أن تغزو عقول المصريين والمسلمين عبر قطار النفط السريع فأعيدت إلى المناقشات الفكرية قبيل القرن الحادى والعشرين قضايا كانت تعتبر فى العصور الوسطى فى قاع التراث مثل اللحية والجلباب والثعبان الأقرع وعذاب القبر وسائر الغيبيات الخرافية التى يرفضها القرآن الحكيم..
عصر النفط والصحوة: وقبل عصر النفط كان فى مصر حركة اجتهاد دينى بين جنبات الأزهر تزعمها الإمام محمد عبده ومدرسته المتفتحة، وظل عطاء هذه المدرسة قائماً ومتجدداً حتى الستينات من هذا القرن العشرين فى شخص الشيخ محمود شلتوت، والذى ردد أقوال الإمام فى كتبه (الإسلام عقيدة وشريعة)، (الفتاوى)، (من توجيهات الإسلام) وقدم لنا الوجه الحقيقى للاستنارة الإسلامية فى موضوعات البنوك والفوائد، وفيما يخص أمور الغيبيات مثل علامات الساعة وأحوال اليوم الآخر أعلن أن مصدرها الوحيد هو القرآن الكريم لأن أغلبية الأحاديث أحاديث تفيد الظن ولا تفيد اليقين.. وبالتالى فإنه لم يعط مشروعية دينية أو أصولية للخرافات (المقدسة) التى تتحدث بالأحاديث عن عذاب القبر ونعيمه وغيرها من الغيبيات.  وتلك النهضة العقلية التى ظلت ترفع الاستنارة فى الأزهر وتنتشر منه للعالم الإسلامى ما لبث أن أطاح بها عصر النفط الذى أعاد فى عقول الشباب أسوأ عصور التراث فى القرون الوسطى، بحيث أن ترديد أفكار الشيخ شلتوت التى كانت تقال منذ ثلاثين عاماً فقط تعتبر مخاطرة ودخولاً فى دائرة المحظور، والأكثر مخاطرة والأكثر تهديداً لحياتك أن ترجع للقرآن الكريم وتحتكم إليه، فإنك بذلك تضع خصومك أمام موقف حرج لا يستطيعون التخلص منه إلا بكيل الاتهامات لك واضطهادك ما أمكن، وذلك موجز تاريخ كاتب السطور فى العشرين سنة الماضية. على أنه لا مفر لنا من الاحتكام للقرآن فى هذه القضية فى موضوع عذاب القبر نفسه وفى الأحاديث المنسوبة للنبى عليه الصلاة والسلام بشأنها، ونرجو الهداية لنا ولغيرنا ونتمسك بالتسامح والغفران لمن يترك الموضوع وينهال علينا بالسباب والتجريح.. عندما يعجزه الرد.  يقول أحمد صبحي منصور: هل للنبى أحاديث فى عذاب القبر؟ عذاب القبر وما يحدث فى اليوم الآخر وعلامات الساعة كلها تدخل فى نطاق السمعيات أو الغيبيات.. وهناك قسم كبير من الأحاديث المنسوبة للنبى فى كتب التراث تتحدث عن هذه الغيبيات منها أحاديث علامات الساعة وقيامها والمهدى المنتظر وأحوال الآخرة والشفاعة والخروج من النار والمبشرين بالجنة.. كل تلك الأحاديث تدخل فى إطار الغيبيات والسمعيات.. والسؤال الهام الآن [ قلت البنداري : الصواب – المهم- نصحح جهل ابن الصبحي حتي في اللغة إذ يقول الهام بدلا من المهم  - ) يستأنف فيقول: هل قال النبى فعلاً تلك الأحاديث؟..إن علماء الأصول يقولون أن أمور السمعيات أو الغيبيات لا تؤخذ إلا من القرآن الكريم والأحاديث المتواترة فقط..[ قلت البنداري: فعن حدود العقل في قبول أحاديث الغيبيات : المعلوم أن العقل له مقاييس يتعامل بها مع نطاق الكون المحيط به ، ومن هذا النطاق ضرورة التعامل مع الأخبار عموما وخاصة اخبار الغيبيات منها ،فالعقل يتعامل مع المحيط الكائن حوله بالمسلمات (البديهيات )والتي يقسمها إلي :1- مسلمات ( وتسمي أيضا: بديهيات أو فروض عقلية، وتقاس لدي العقل بمنطق الواجب عقلا والفرض نقلا أو واقعا  )

 

2= مستحيلات ( وتسمي أيضا بديهيات مستحيلة، أو فروض عقلية مستحيلة وتقاس لدي العقل بمنطق المستحيل عقلا والممتنع حدوثه نقلا والمستحيل وقوعه في الواقع )

 

3= جائزات عقلية ( وتسمي أيضا : الممكنات العقلية أو شرعية أو واقعية، وهي التي لا تقبل بداهة المستحيل ( ولا بداهة الفرض أي بداهة المسلمة) وتقاس بمنطق الجائز حدوثه بترجيح النفي أو ترجيح الإثبات ، وهي التي يتعامل فيه العقل بدرجات الترجيح التي تبدأ من الراجح ثم الراجح أكثر ثم الراجح جدا ثم [ المقارب لليقين وذلك  إما بالتواتر النقلي أو التواجد القرآني ، أو ما اجتمع علي ثبوته شخوص استقر العقل علي توصيفها – كتواجد الحفاظ في جيل يقبل العقل واقعية تواجدهم علي سبيل الترجيح ثم الي مقاربة اليقين  أو اجتماعهم أو اتفاقهم وهكذا )] ولو نظرنا إلي الأخبار الغيبية في دين الله تعالي فسنجد أنها يحكمها ضابطان الأول منهما : مسلمة امتناع العلم بها بذات الإنسان أو بقدراته الطبيعية، لانعدام ملكات المعرفة بها في نفس البشر ،لكنها تصير ممكنة إذا دخل علي هذه الملكات المحدودة ما يمكن الإنسان البشري من العلم بهذا الغيب ( كوكالات أخبار موثوق بها أو هيئات تأريخية محايدة أو بحوث جيولوجية وحفرية استقر الناس عليها ، وكل هذا جائز جدا لكن في غيب الماضي ، ولكن فيما يتعلق بغيب المستقبل فالأمر منوط لدي العقل بأحد ثلاثة وسائل /// يصير غيب المستقبل  بها  ممكن المعرفة عندما  تدخل علي هذه الملكات المحدودة للإنسان البشري وتمكّن الإنسان البشري من العلم بهذا الغيب المستقبلي هذه الممكنات الثلاثة هي ( قراءات إحصائية متقنة عن تطورات الواقع المحيط للعقل بشرط استقرار عوامل الإحصاء أو دراسات شفرية جينومية موضوعة علي خريطة الجينوم البشري ، أو أخبار غيبية آتية من قبل نبي مرسل صدق العقل برسالته ، لضرورة اتصاله بعنصر طارئ علي ملكاته يخبره بالغيب المستقبلي كجبريل الملك ، فإذا تخلي جبريل الملك عن هذا النبي في وقتٍ ما.. سكت هذا النبي واستحال معرفته للغيب المستقبلي أو الماضي أو الحاضر بنفسه ، وجري عليه أصله بانعدام إمكانية معرفته للغيب مالم يواصله جبريل الملك ، أما الأدلة علي امتناع أن يعرف أحدٌ الغيب إلا بواسطة يُعَيَّنُها الله تعالي قوله تعالي (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيه إِلَيكَِ }آل عمران44) ، وقوله تعالي (  وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ }آل عمران179   وقوله تعالي (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ }الأنعام50 وقوله تعالي (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }الأعراف188 ) وقوله تعالي(وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ }يونس20 ) وقوله تعالي (  وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ..) هود 31 ، وقوله تعالي (  تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }هود49 ، وقوله تعالي (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ }يوسف102 ) وقوله تعالي (  قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }النمل65 ) ، فكل هذه الآيات تكلمت عن امكانية أن يعرف النبي صلي الله عليه وسلم الغيب بأنواعه في حالة وجود واسطة هي جبريل الملك،ثم يضيف أحمد صبحي فيقول: ونتساءل ما هى الأحاديث المتواترة التي يمكن أن نأخذ منها أمور الغيبيات مأخذ العلم اليقين والتسليم؟ إن الحديث المتواتر هو الذي يفيد اليقين وليس محلاً للشك أو الظن، وعند أكثرية المحققين مثل الحازمى والشاطبى وأبى حيان والبستى والنووي فإنه لا وجود للحديث المتواتر [ وأقول البنداري :بالنسبة للحديث المتواتر، فتعريف المتواتر لغة في مختار الصحاح : [وتر] و ت ر: الوِتْرُ بالكسر الفرد وبالفتح الذحل هذه لغة أهل العالية وأما لغة أهل نجد فبالضم ولغة أهل تميم بالكسر فيهما والوَتَرُ بفتحتين وتَرُ القوس و الوَتِيرَةُ الطريقة يُقال ما زال على وَتِيرةٍ واحدة ووَتَرَهُ حقَّه يتِره بالكسر وِتْرَاً بالكسر أيضا نقصه وقوله تعالى {ولن يَتِركم أعمالكم} أي في أعمالكم كقولهم دخلت البيت أي في البيت و أَوْتَرَهُ أَفذه ومنه أوتر صلاته وأوتر قوسه و وَتَّرها تَوْتِيراً بمعنى و المُوَاتَرَةُ المُتابعة ولا تكون بين الأشياء إلا إذا وقعت بينها فترة وإلا فهي مُداركة ومُواصلة ومُواتَرةُ الصوم أن تصوم يوما وتُفطر يوما أو يومين وتأتي به وِترا ولا يُراد به المُواصلة لأن أصله من الوِتر وكذلك وَاتَرَ الكُتُب فَتَوَاتَرَتْ أي جاء بعضها في إثر بعض وِترا وِترا من غير أن تنقطع و تَتْرَى فيها لغتان تُنوَّن ولا تُنوَّن فمن ترك صرفها في المعرفة جعل ألفها للتأنيث وهو أجود وأصلها وَتْرَى من الوِتْر وهو الفرد قال الله تعالى {ثم أرسلنا رُسلنا تَتْرى} أي واحدا بعد واحد ومن نوَّنها جعل ألفها مُلحِقة ،[ قلت البنداري فالتواتر معناه رواية الحديث بعضه في أثر بعض ، وهو تعريف كما تراه له سورٌ أمامي وليس له سورٌ واضح خلفي لكن المفهوم منه علي مقاييس قبول العقل للخبر أنه أرجح ما يكون ثبوتا وما من خبر يدل علي اليقين إلا بالمشاهدة والمعاينة ، وما دون ذلك فالعقل يتعامل معه بمنطق الترجيح وهو منطق يفرض العقل القبول الخبري به في غيبة وجود خبر الشاهد أو المعاين ، ويبدأ الترجيح الملزم  لدي العقل بارتقاء الثبوت فوق 51% ويتزايد الثبوت والاطمئنان بالقبول كلما ارتقي الثبوت في النسبة من 51% إلي 99% مارا بنسب الترجيح 52% .و.و....و 65% و...77% و .. باقي النسب إلي نسبة ما قبل اليقين والمعاينة 99% ، وكل هذه النسب تبدأ من نسبة التكليف بالقبول العقلي للخبر 51% ( الراجح ) لان المرجوح من الخبر هو ما قاسه العقل فاستقر عنده تحت مستوي القبول (49%) ، إن الفرق بين الراجح والمرجوح خطوة واحدة أو ( 1%  ) تلك الخطوة هي التي ينقلب بها الشيء لضده فالليل يتحول إلي نهارٍ بدءا من هذه الدقيقة الأخيرة فيه ثم يزداد الضوء تدريجيا بمرور الوقت حتي يضحي النهار وينبثق النور بكامله ، ومن يدخل مبني أو عمارة أو منزلا لا يكون داخلا فيه حتي يجتاز هذه الخطوة الأخيرة في مشواره عند عتبة المنزل(49%) ليكون بعدها داخله وكلما خطا خطوة فيه كلما ترقي في الدخول مثلما يقبل العقل الترقي في الخبر بعد ثبوته (51%)  ، فال 51% هي بداية التحقيق للقبول الخبري وهي درجة كما يبدو شرطية في تواصل ثبوت الخبر من نقطة الترجيح العقلي للقبول، وعليها يُعوِّل العقل كل التعويل للتفريق بين الصحيح الراجح من الخبر والضعيف المرجوح منه ، وإن جاز لي أن أسمي نقطة الفصل بين الراجح والمرجوح ( حد الترجيح الأدنى – 51 %-  ) ، بينما أسمي نسبة القبول إل- 99% حد القبول الأعلى للخبر، أو نسبة الترجيح الأعلى لقبول الخبر ، والحديث المتواتر هو حديث استوفي حد القبول الأدنى (51 %) ، أي الحد الذي يوجب العقل العمل بالخبر علي أنه ثابت صحيح ،وتزيد نسبة ثبوته لتلاحق الرواة علي روايته ( كما جاء في تعريف المتواتر ) ، لكنه أبدا لا يصل إلي تحقيق المعاينة كما يزعمون ولا يفيد اليقين كما يدعون بل يفيد ( تحقيق حد القبول الأدنى +زيادة نسبة الصحة والثبوت لدي العقل ) وما يهمنا أنه يفيد كحديث الآحاد حد القبول الأدنى أي الحد العقلي الملزم بالعمل والمحقق للتكليف،إن أحاديث الآحاد هي بمنطق العقل الغريزي الفطري أحاديث يوجب العقل العمل بها مالم تتعارض مع آية بينة أو حديث أكثر منه ثبوتا ، والتعارض هنا يحققه مخالفة الفرد للجمع من الرواة أو الضابط للأضبط ، والعدد في الرواة لا يحقق الثبوت بل يحقق الترقي في درجة الثبوت ويعتبر كعامل ترجيح فقط في حالة تعارض حديث الآحاد مع حديث التتابع ثم أحاديث التواتر ، ولكن ما هو حديث الآحاد وحديث التتابع وحديث التواتر ؟؟ أما حديث الآحاد فهو ما تقارب في نسبة ثبوته بما يزيد علي ال( 51 %) وهو المتطابق مع المُتَفَرَدِ بروايته دون معارضة من قرآن أو حديث ،أما حديث التتابع فهو ما تقارب في نسبة ثبوته بما يزيد علي(  52 % ) مترقيا في درجات الثبوت إلي (90 %) , وذلك برواية من يُتَابِع علي حديثه بمتابعات أو شواهد أو طرق أخري تحقق الزيادة في الثبوت إلي هذه الدرجة ومنها بالطبع انتفاء التعارض وانعدامه مع الآية الصريحة أو الأحاديث الثابتة بدرجة أكبر ، ولكن يُنتبه إلي أن حديث التتابع إذا تعارض مع حديث متابع عليه أيضا وكلاهما استوفيا حد الثبوت الأدني + الترقي في الدرجات ، فإن ذلك يلفتنا إلي إعمال عنصر التراخي الزمني بين الحديثين لبيان ما نُسخ مما هو ناسخ من الحديثين فاللاحق حتما يكون مهيمنا علي السابق في الزمان وناسخا له أو معدلا أو مبدلا له ( راجع كتاب الناسخ في الرد علي مزاعم أحمد صبحي في نفيه للنسخ )]                                                                          - ثم يستأنف أحمد صبحي فيقول : وبعضهم أثبت وجود حديث واحد متواتر هو حديث "من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" على اختلاف بينهم فى وجود كلمة "متعمداً" أو حذفها.. بعضهم ارتفع بالحديث المتواتر إلى ثلاثة أو خمسة.. ولكن ليس من بينها إطلاقاً حديث عن عذاب القبر أو نعيمه، وبالتالى فإن المرجع فى موضوعنا هو القرآن فقط.. وإذا نحينا الحديث المتواتر جانباً وجدنا أمامنا غير القرآن تلك الألوف المؤلفة من الأحاديث التى يقال عنها أحاديث آحاد والتى تفيد الظن ولا تفيد العلم واليقين؟،[ قلت البنداري : قد قتلنا هذا الأمر بحثا وأثبتنا أنه لا يفيد اليقين الا المعاينة والمشاهدة وأن المتواتر هو من جنس الآحاد وكلاهما يوجب العقل التكليف بهما دون تفريق وإنما التفريق يكون فقط في حالة الثبوت عند  التعارض بين الخبرين وأيهما نقدم : فنقدم الخبر المتواتر علي الأقل تواترا والمتابع علي الآحاد وما لم يكن فيه معارضة فالحق أن حديث الآحاد ملزم ويفيد الثبوت ]، ويستأنف المنكر فيقول: وبالتالى فليست محلاً للاعتماد عليها فى أمور الغيبيات والسمعيات كما قال علماء الأصول. ونتساءل ( أي المنكر) : إذن فلماذا نحتاج إلى وجود تلك الأحاديث  التى تملأ كتب التراث وهى تتحدث بالظن والتخمين وليس بالعلم واليقين عن قضايا اعتقادية مثل الغيبيات والسمعيات؟.[ قلت البنداري : هواا  خيار وفاقوس يا أحمد صبحي ؟؟ إنما هو شرع ، وهو الدين الحنيف الذي جعل الله تعالي فيه النبي (صلي الله عليه وسلم) مطاع الأمر بأمره سبحانه، مستحق الطاعة فيما يشرع وله حق التحريم والتحليل،  قال تعالي  (  الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف157 ) وفي هذا الشأن مع سائر الأنبياء ومنهم عيسي عليه السلام قال تعالي (  إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) }آل عمران50 ، فلم يُعط عيسي حق التشريع فقط بل أذن الله تعالي له في أن يخلق لهم من الطين كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ َفينْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ويبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَينَبِّئُهمْ بِمَا يأكُلُونَ وَمَا يدخِرُونَ فِي بُيُوتِهم، وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّه مِنَ التَّوْرَاةِ ثم يقول سبحانه علي لسان عيسي ابن مريم ( وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) ، فلماذا يستكثر القرآنيون علي رسول الله (صلي الله عليه وسلم) حقه فيما أذن الله له من تحليل أو تحريم ؟؟ ومن أنت يا ابن الصبحي حتي تتألي علي الله فيما مَنحهُ الله لرسوله أو رسله عموما ؟ ولماذا تفرض تصوراً أعرجا لا ينهض أن تقوم به حجة ولا يصلح أن يتقوم به دليل وتحاول أن تخضع الناس له؟؟ ، وما لنا وضحالة ذهنك ورداءة فكرك وسوء تصورك ؟ إن ما تراه يا ابن الصبحي هو بصمة فكرك الذي يشوبه الغباء والعمالة لليهود وبوش ودولته ، وهو رؤية عرجاء بكماء صماء مشوهة لا تفرضها بغباء منطقك وجسارة موقفك علي أمة بأكملها بدأت منذ بدأ التاريخ مع النبي (صلي الله عليه وسلم)  ولن تنتهي حتي تقوم الساعة ، أما عن قولك عن الأحاديث التي   تتحدث بالظن والتخمين وليس بالعلم واليقين عن قضايا اعتقاديه مثل الغيبيات والسمعيات  فأقول لك : إن الحديث إذا ثبتت نسبته إلي رسول الله (صلي الله عليه وسلم)  ، وأقره العقل ورجحه فقد وجب العمل به لأن المفترض بمقتضي هذه البداهة العقلية أن يكون قد صدر بالفعل من جانب النبي (صلي الله عليه وسلم) قوله، وقد أثبتنا في صدر هذا الكتاب تصرف العقل حيال الغيبيات ونعرض منه المهم هنا علي سبيل الإيجاز فنقول:( إن قبول أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم  هي ضرورة من ضرورات النقل الخبري القائم علي قاعدة التحمل والأداء العقلي ( حيث أن منهج التحمل والأداء هو منهج عقلي واقعي لا ينفك عن أي خبر يتم تناقله بين الأحياء من الجنس الواحد ، فبمجرد أن يَعي المرء لفظا أو عبارة أو جملة من فم رجل آخر فقد تحمل السامع باللفظ المسموع شاء السامع أو أبي ، لأن الأذن هي سبيل التحمل الأول في امكانيات السامع ، ويشترط في التحمل توافر العقل وانعدام ذهابه ( بالمغيبات كالخمر أو التخدير أو بعدم التأهيل وقلة الوعي كبعض حالات الطفولة وما قبل البلوغ، والجنون  ) وكل من تحمل بخبر يصير مؤهلا لأداء نقله ( وهو الشق الثاني من قاعدة التحمل العقلي والأداء) ، لما سبق تحمله من أخبار ونقله للغير غريزة خلقت في الكيان البشري ، وقد يكون بعض المؤديين من ذوي الدَفعة الغريزية فينقلون أخبارا قد تضر بالمصلحة القومية للبلاد أو ينقلون أخبارا عسكرية أو اقتصادية أو سياسية مبكرا في غير وقتها فتضر بالبلاد ، والأخبار الدارجة اليومية المنقولة من الشاهد الي الشاهد أو من الشاهد الي الغائب فهذه مالا مضرة فيها لكن يقع عبئ صحة وسلامة نقلها علي قدر ضبط واتقان الناقل اليها ودرجة عدالته النوعية ، وأقول عدالته النوعية لأن مطلق العدالة قد لا يشترط في صحة الأداء فضلا عن توافر عدالة النقل الخبري لكثير ممن ليسوا مسلمين كما في دهاليز السياسة والاقتصاد والمؤسسات العلمية لأكثر أهل أوربا مما يصدر عنهم من أخبار تقوم وكالات الأنباء المختلفة لتحَمُّل أخبارها ثم أداء نقلها إلي انحاء الدنيا من خلال وسائل البث الخبري ، وما فعله رواة الأحاديث في سلسلة الرواية  ما هو إلا صورةً دقيقةً لما تقوم به وكالات الأخبار اليوم من تحملٍ للأخبار ثم أداءها ، ولحرص الناقلين علي نقل تلك الأخبار باعتبارها منقولة عن نبي عظيم له شأنه عند ربه وعند الناس فقد تحوط الناقلون للأخبار وتقعروا في طريقة تحملها بشكل مفرط فيه لدرجة تكون عفوي تلقائي  لروح الفريق في نقل أخبار وسيرة الإسلام ونبي الإسلام وقران المسلمين ، فاهتم الرواة بحفظ الأحاديث ودققوا في حفظها وحفظوا فروق الروايات عمن سمعوها كما تحملوها ، لدرجة أن بعضهم كان يكتب أحاديث حفظه في صحائف تسمت وجادة -  وتقعر بعضهم في اسلوب التحمل بعمل مجالس حديثية يلقي فيها الأحاديث النبوية الشريفة  وكانت هذه المجالس معروفة في المساجد يأتيها المتحملون من كل فج ومكان ومن كل بلد قاص أو دان ، يتحملون الأخبار بالسماع ثم يعودون أدراجهم إلي بلدانهم أو مكاتبهم ليؤدونها لغيرهم إما بالإلقاء أو بالكتابة والتدوين ، وما الكتابة والتدوين الا صورة من صور وكالات الأنباء اليوم ، حيث تتم عملية الأداء من خلال هذه التقنية ، وقد برع في عملية الأداء بالتدوين من العصور السابقة ، والمشابهة لوكالات الأنباء اليوم  حفاظ الحديث المصنفين بالتدوين كالبخاري ومسلم ابن الحجاج وأبو داود وأحمد ابن حنبل ، والترمذي والنسائي ، وابن ماجة والبيهقي والدارمي، وأبو حاتم ، والطياليسي ، وابن حبان والضياء المقدسي ، وابن ابي عاصم وكثير من الكتاب الذين دونوا محفوظاتهم التي تحملوها حفظا من كبار شيوخهم ، وبأدائهم التصنيفي هذا يكونوا قد نبغوا في وضع حد لسلسلة التحمل والأداء النقلية الشفهية الي التحمل والأداء التدوينية بحيث أنهم قد أغلقوا تسلسل النقل علي مر الزمان ليتوقف عند صفحات مدوناتهم التي كتبوها وصنفوها . وقد أردت التقديم بهذه النبذة البسيطة في معرض كذب أحمد صبحي منصور الواسع علي هؤلاء الحفاظ وحملة مشاعل نور الإسلام من زمن النبوة وحتي وصلنا مدوناتهم في شكل مخطوطات موثقة معارضة مختومة وممهورة بخاتم كل واحد منهم وممن راجعوها وحققوها وقابلوها وأثبتوا فوارق النسخ وتواريخ كتاباتها ونسبتها الي مصنفيها ]، [ثم أقول أنا البنداري : فعن حدود العقل في قبول أحاديث الغيبيات : المعلوم أن العقل له مقاييس يتعامل بها مع نطاق الكون المحيط به ، ومن هذا النطاق ضرورة التعامل مع الأخبار عموما وخاصة أخبار الغيبيات منها ،فالعقل يتعامل مع المحيط الكائن حوله بالمسلمات (البديهيات )والتي يقسمها إلي 1- مسلمات ( وتسمي أيضا: بدهيات أو فروض عقلية، وتقاس لدي العقل بمنطق الواجب عقلا والفرض نقلا أو واقعا  )

 

2- مستحيلات ( وتسمي أيضا بدهيات مستحيلة، أو فروض عقلية مستحيلة وتقاس لدي العقل بمنطق المستحيل عقلا والممتنع حدوثه نقلا والمستحيل وقوعه في الواقع )

 

3- جائزات عقلية ( وتسمي أيضا : الممكنات العقلية أو شرعية أو واقعية، وهي التي لا تقبل بداهة المستحيل ( ولا بداهة الفرض أي بداهة المسلمة) وتقاس بمنطق الجائز حدوثه بترجيح النفي أو ترجيح الإثبات ، وهي التي يتعامل فيه العقل بدرجات الترجيح التي تبدأ من الراجح ثم الراجح أكثر ثم الراجح جدا ثم [ المقارب لليقين وذلك  إما بالتواتر النقلي أو التواجد القرآني ، أو ما اجتمع علي ثبوته شخوص استقر العقل علي توصيفها – كتواجد الحفاظ في جيل يقبل العقل واقعية تواجدهم علي سبيل الترجيح ثم الي مقاربة اليقين  أواجتماعهم أو اتفاقهم وهكذا )] ولو نظرنا إلي الأخبار الغيبية في دين الله تعالي فسنجدها يحكمها ضابطان الأول منهما : مسلمة امتناع العلم بها بذات الإنسان أو بقدراته الطبيعية، لإنعدام ملكات المعرفة بها في نفس البشر ،لكنها تصير ممكنة إذا دخل علي هذه الملكات المحدودة ما يمكن الإنسان البشري من العلم بهذا الغيب ( كما يأتي علي موجات وكالات الأخبار الموثوقة أو هيئات تأريخية محايدة أو بحوث جيولوجية وحفرية استقر الناس عليها ، وكل هذا جائز جدا لكن في غيب الماضي ، ولكن فيما يتعلق بغيب المستقبل فالأمر منوط لدي العقل بأحد ثلاثة وسائل،يصير غيب المستقبل  بها  ممكن المعرفة عندما  تدخل علي هذه الملكات المحدودة للإنسان البشري وتمكّن الإنسان البشري من العلم بهذا الغيب المستقبلي هذه الممكنات الثلاثة هي 1- ( قراءات إحصائية متقنة عن تتطورات الواقع المحيط للعقل بشرط استقرار عوامل الإحصاء 2- أو دراسات شفرية جينومية موضوعة علي خريطة الجينوم البشري ، 3- أو أخبار غيبية آتية من قبل نبي مرسل صدق العقل برسالته ، لضرورة اتصاله بعنصر طارئ علي ملكاته يُخبره بالغيب المستقبلي كجبريل الملك ، حيث يقول تعالي : وقوله تعالي (  قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }النمل65 ) ، ويقول تعالي : ( وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ) فإذا تخلي جبريل الملك عن هذا النبي في وقتٍ صمتَ هذا النبي واستحال معرفته للغيب المستقبلي أو الماضي أو الحاضر بنفسه ، وجري عليه أصله بانعدام إمكانية معرفته للغيب مالم يواصله جبريل الملك ، أما الأدلة علي امتناع أن يعرف أحد الغيب إلا بواسطة يعينها الله تعالي قوله تعالي (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيه إِلَيكَِ }آل عمران44) ،فالواسطة في معرفته (صلي الله عليه وسلم ) الوحي ( نوحيه إليك)  وقوله تعالي (  وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ }آل عمران179  ، وقوله تعالي (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ }الأنعام50 ) فالواسطة لمعرفة النبي (صلي الله عليه وسلم) هنا هي الوحي (إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى ) ، وقوله تعالي (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }الأعراف188 ) ، وقوله تعالي(وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ }يونس20 ) ، وقوله تعالي (  وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ..) هود 31 ، وقوله تعالي (  تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }هود49 ، والواسطة هنا في معرفته للغيب  هي الوحي (نُوحِيهَا إِلَيْكَ ) ، وقوله تعالي (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ }يوسف102 ) فالواسطة هنا لمعرفة النبي (صلي الله عليه وسلم) بالغيب هي الوحي ]،ثم يستأنف احمد صبحي قوله : كان ذلك مأزقاً شديداً أمام علماء الأصول، وخرجوا منه بأن تلك القضايا الغيبية قضايا خلافية اجتهادية، وكل فريق عزز مذهبه فيها بالأحاديث التى عنده، ولذلك امتلأت كتب الفرق الإسلامية مثل كتاب "مقالات المسلمين" بالاختلافات المتشعبة مع أنهم جميعاً مسلمون. ونترك علماء الأصول وآراءهم واجتهاداتهم ونلتفت إلى القرآن الكريم نحاول الإجابة على نفس السؤال: هل تحدث النبى عن عذاب القبر، وبمعنى آخر: هل كان النبى يتحدث عن الغيبيات؟ وبمعنى آخر: هل كان النبى يعلم الغيب ويتحدث فى الغيبيات من واقع علمه بالغيب؟.. إن الإجابة على هذه الأسئلة من القرآن الكريم تستلزم منا أن نضع عناوين للعديد من الآيات التى تؤكد نفس المعنى الذى يحتويه العنوان والتى لا يستطيع المسلم إلا أن يقول لكل آية عبارة واحدة هى "صدق الله العظيم".                                                                                         الله وحده هو الذى يعلم الغيب:  هذا المعنى تؤكده الآيات الكريمة الآتية ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاّ هُوَ ﴾ (الأنعام 59). ﴿فَقُلْ إِنّمَا الْغَيْبُ للّهِ﴾ (يونس 20). ﴿وَللّهِ غَيْبُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلّهُ﴾ (هود 123). ﴿ وَلِلّهِ غَيْبُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾ (النحل 77). ﴿قُل لاّ يَعْلَمُ مَن فِي السّمَاواتِ والأرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللّهُ﴾ (النمل 65).

وكل الآيات الكريمة تؤكد نفس المعنى بأسلوب القصر والحصر، أى لا يعلم الغيب إلا الله، مثل قولك لا إله إلا الله.. لأن العلم بالغيب صفة إلهية[ قلت البنداري نعم إن الغيب لله وحده ولكن قد أذن الله تعالي لبعض خلقه أن يعلموا الغيب وخلق فيهم ملكة العلم وبعضهم قد امتن عليهم بمعرفة الغيب عن طريق الوحي جبريل ، قال تعالي (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27)  }الجن26-27  ، وجاء في القاموس المحيط ما نصه: [سلك] س ل ك: السِّلْكُ بالكسر الخيط وبالفتح مصدر سَلَك الشيء في الشيء فانْسَلَك أي أدخله فيه فدخل وبابه نصر قال الله تعالى {كذلك سلكناه في قلوب المجرمين} و أسْلَكَهُ فيه لغة ولم يذكر في الأصل سَلَكَ الطريق إذا ذهب فيه وبابه دخل وأظنه سها عن ذكره لأنه مما لا يترك قصدا ،وقوله تعالي (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }آل عمران179  فقضي الله تعالي أن علم الناس بالغيب منقطع إلا من يبعثه من رسول لأنه اجتباه سبحانه أي اصطفاه، قلت: [جبا] ج ب ا: و اجْتَبَاهُ أي اصطفاه ، وفي المعجم الوجيز :اجتباه:أي اختاره واصطفاه لنفسه ، والاصطفاء هنا بمناسبة الإطّلاع علي الغيب . والأنبياء إزاء الغيب نوعان : الأول : يخلقه الله تعالي بصفة الإجتباء الأصلي وعنده ملكة الإطلاع علي الغيب ، كعيسى ويوسف عليهما السلام ، فمثل عيسى قال الله تعالي فيه (  وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) البقرة / 87 ، 253) وقوله تالي : (إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }المائدة110 ) ،[وأقول أنا البنداري : فعن حدود العقل في قبول أحاديث الغيبيات : المعلوم أن العقل له مقاييس يتعامل بها مع نطاق الكون المحيط به ، ومن هذا النطاق ضرورة التعامل مع الأخبار عموما وخاصة اخبار الغيبيات منها ،فالعقل يتعامل مع المحيط الكائن حوله بالمسلمات (البديهيات )والتي يقسمها إلي :                                                        1- مسلمات ( وتسمي أيضا: بديهيات أو فروض عقلية، وتقاس لدي العقل بمنطق الواجب عقلا والفرض نقلا أو واقعا  )

 

2- مستحيلات ( وتسمي أيضا بديهيات مستحيلة، أو فروض عقلية مستحيلة وتقاس لدي العقل بمنطق المستحيل عقلا والممتنع حدوثه نقلا والمستحيل وقوعه في الواقع )

 

3- جائزات عقلية ( وتسمي أيضا : الممكنات العقلية أو شرعية أو واقعية، وهي التي لا تقبل بداهة المستحيل ( ولا بداهة الفرض أي بداهة المسلمة) وتقاس بمنطق الجائز حدوثه بترجيح النفي أو ترجيح الإثبات ، وهي التي يتعامل فيه العقل بدرجات الترجيح التي تبدأ من الراجح ثم الراجح أكثر ثم الراجح جدا ثم [ المقارب لليقين وذلك  إما بالتواتر النقلي أو التواجد القرآني ، أو ما اجتمع علي ثبوته شخوص استقر العقل علي توصيفها – كتواجد الحفاظ في جيل يقبل العقل واقعية تواجدهم علي سبيل الترجيح ثم الي مقاربة اليقين  أو اجتماعهم أو اتفاقهم وهكذا )] ولو نظرنا إلي الأخبار الغيبية في دين الله تعالي فسنجدها يحكمها ضابطان الأول منهما : مسلمة امتناع العلم بها بذات الإنسان أو بقدراته الطبيعية، لانعدام ملكات المعرفة بها في نفس البشر ،لكنها تصير ممكنة إذا دخل علي هذه الملكات المحدودة ما يمكن الإنسان البشري من العلم بهذا الغيب ( كما يأتي علي موجات وكالات الأخبار الموثقة أو هيئات تأريخية محايدة أو بحوث جيولوجية وحفرية استقر الناس عليها ، وكل هذا جائز جدا لكن في غيب الماضي ، ولكن فيما يتعلق بغيب المستقبل فالأمر منوط لدي العقل بأحد ثلاث وسائل // يصير غيب المستقبل  بها  ممكن المعرفة عندما  تدخل علي هذه الملكات المحدودة للإنسان البشري وتمكّن الإنسان البشري من العلم بهذا الغيب المستقبلي هذه الممكنات الثلاثة هي 1- ( قراءات إحصائية متقنة عن تتطورات الواقع المحيط للعقل بشرط استقرار عوامل الإحصاء 2- أو دراسات شفرية جينومية موضوعة علي خريطة الجينوم البشري ، 3- أو أخبار غيبية آتية من قبل نبي مرسل صدق العقل برسالته ، لضرورة اتصاله بعنصر طارئ علي ملكاته يُخبره بالغيب المستقبلي كجبريل الملك ، حيث يقول تعالي : وقوله تعالي (  قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }النمل65 ) ) ، ويقول تعالي : ( وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ) فإذا تخلي جبريل الملك عن هذا النبي في وقتٍ سكت هذا النبي واستحال معرفته للغيب المستقبلي أو الماضي أو الحاضر بنفسه ، وجري عليه أصله بانعدام إمكانية معرفته للغيب مالم يواصله جبريل الملك ، أما الأدلة علي امتناع أن يعرف أحد الغيب إلا بواسطة يعينها الله تعالي قوله تعالي (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيه إِلَيكَِ }آل عمران44) ،فالواسطة في معرفته (صلي الله عليه وسلم) الوحي ( نوحيه إليك)  وقوله تعالي (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ }آل عمران179  ، وقوله تعالي (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ }الأنعام50 ) فالواسطة لمعرفة النبي (صلي الله عليه وسلم) هنا هي الوحي (إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى ) ، وقوله تعالي (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }الأعراف188 ) ، وقوله تعالي(وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ }يونس20 ) ، وقوله تعالي (  وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ..) هود 31 ، وقوله تعالي (  تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }هود49 ،والواسطة هنا في معرفته للغيب  هي الوحي (نُوحِيهَا إِلَيْكَ ) ،وقوله تعالي (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ }يوسف102 ) فالواسطة هنا لمعرفة النبي(صلي الله عليه وسلم) بالغيب هي الوحي ] ثم يستأنف احمد صبحي ضلاله وجهله فيقول: الأنبياء والغيب: يقول تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رّسُلِهِ مَن يَشَآءُ﴾ (آل عمران 179).. ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىَ غَيْبِهِ أَحَداً. إِلاّ مَنِ ارْتَضَىَ مِن رّسُولٍ﴾ (الجن 26: 27( ،وقد أعطى الله بعض أنبيائه مثل يوسف وعيسى بعض الغيوب مثل تفسير الأحلام كوسيلة من وسائل إثبات نبوتهم.[ قلت البنداري:  إذن فأحمد صبحي يقر الآن بأن الله تعالي له أن يُعطي بعض النبيين بعض علم الغيب فما المشكلة إذن ولماذا هذه الغاغة والهيصة الفاضية إذا كان هذا الذي يراه مستحيلا هو ممكنا ، وأضيف أن محمدا النبي ((صلي الله عليه وسلم) هو أحد الأنبياء الذين لا يعلمون الغيب غير أن الله تعالي قد امتن عليه فجعل البديل لذلك هو وحي جبريل فهو لا يعلم الغيب بذاته ولكن بواسطة الوحي .والفرق بين الأنبياء الذين أعطوا خاصية معرفة الغيب ذاتيا وبين النبي محمد (صلي الله عليه وسلم) يكمن في الميزة المتحصلة من وراء انعدام ملكة الغيب الذاتية التي تميز بها النبي محمد ((صلي الله عليه وسلم) فهل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان يعلم الغيب وابادر فاقول ان محمداً صلى الله عليه وسلم لايعلم الغيب من  تلقاء نفسه انما يعلمه بواسطة الوحى فقط وهو بذلك يختلف عن بعض الرسل الذين اعطاهم الله تعالى خاصية علم الغيب بغير واسطة ولاوحى مثل يوسف الصديق، وعيسى عليهما السلام فالغيب هو علم مقصور على الخالق وحده وهو من خصائص الاله العظيم خالق الكون وهو بهذا المعنى بيان او قراءة لصفحة من صفحات المستقبل الذى لم يات زمانه او الماضى الذى انقطع خبره وذهبت أثاره او الحاضر الذي خفي عن الخواطر والعيون وهو بهذا المعنى علم أصيل مقصور على العليم الخبير – لكن الله تعالى خص بعض عباده واذن لهم بعلم بعض الغيب بغير وحي ونعلم منهم عيسي ويوسف عليهم وعلى نبينا السلام او هو علم اصيل مقصور على العليم سبحانه يجعله هبه لبعض أنبيائه فيعطي موهبة المقدرة على تأويل الأحاديث والاخبار بما خفى عن الناس قال تعالى على لسان عيسي عليه السلام (وانباكم بما تاكلون وما تدخرون فى بيوتكم )، وعلى لسان يوسف عليه السلام (وعلمتني من تأويل الأحاديث ) فهى اذن موهبة معطاة ليوسف بذاته كإذن له من الله تعالى بالإخبار عن غيب لكن صلى الله عليه وسلم لم يعطى هذه الموهبة –علم الغيب –ولم يؤذن له بها لحكمة يعلمها الله تعالى لكنه سبحانه استبدلها عند محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي اللصيق هذا الوحي جبريل عليه السلام الذي يتنزل باذن ربه قال تعالى (وما تنزل إلا بإذن ربك )*فجبريل يحمل إليه ما يخبره به ربه مما كان او سيكون او ماهو كائن فعلم الغيب ليس علما أصيلا عند النبي صلى الله عليه وسلم ولم يختص به ،وليس من صفاته ان يعلم الغيب من تلقاء نفسه او بذاته بل يعلم الغيب عن طريق جبريل عليه السلام او رؤيا يُراها وانما جُعل ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم للأسباب الآتية:  

 

1- حتى لايُفتن الناس به صلى الله عليه وسلم وبذلك تبقى له صفته كنبي رسول وصفته كنبي بشر (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً }الإسراء93 ) قال تعالى (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ }الأنعام50 ) وبذلك يرد الله عنه سؤال الناس له بعواقب أمورهم فيعملون ويجتهدون فى العبادة ويقيه الله تعالى ان يجيب على أمور لا تقدم أو تؤخر فى مسالة التكليف وأمور العبادة كعلم يم القيامة متى هو ؟والسؤل عن الروح . قال تعالى (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً }الجن25 ، وقال تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }الأعراف187 ، ، وقال أيضا (  قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }النمل65)  .

 

2- لبيان ان النبي (صلي الله عليه وسلم)  لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا الا ما شاء الله ، فقد يحمى نفسه من الأخطار من يعلم الغيب قال تعالى (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }الأعراف188 )

 

3— سُلِبَ النبي (صلي الله عليه وسلم) - خاصية معرفة الغيب بذاته ليعايش المؤمنين بحسه البشرى أملا وألما  -حزنا وفرحا –حتى الخوف والأمن فهو صلى الله عليه وسلم – لأنه لا يعلم الغيب – يصبح فيدعوا ربه خير هذا النهار وخير ما بعده ويستعيذ بالله من شر هذا النهار وشر ما بعده فهو لا يعلم الغيب وعندما يدخل المعارك والحروب ولا يعلم كيف سيكون الأمر فتزداد عزيمته ومن معه من المؤمنين بالله وتوكلهم عليه وصبرهم ودعاءه لربه تضرعا ورجاءا فى نصره فينصره الله كثيرا كثيراً – وأحيانا تدور الدائرة على جيش المسلمين كما فى غزوة حنين – فيقتل منهم الكثير قال تعالى (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ }التوبة25 ) ثم يصمد النبي (صلي الله عليه وسلم)  وينادى فى المسلمين ....يا أصحاب الشجرة يا...ويا ... انا النبي لا كذب أنا ابن  عبد المطلب حتى يلتف المسلمون حوله مرة أخرى ويعودون إليه يؤيدهم بالله ويكتب الله لهم النصر ثم يعاتبهم الله تعالى ,ترى لوأن محمدا كان يعلم الغيب أكان يقع فى هذه الانتكاسة المؤقتة لكنه  (صلى الله عليه وسلم) أمر بالعمل والصبر والمثابرة والتوكل على الله تعالى وضرب المثل والقدوة وكذا فقد شارك المسلمين ألآمهم كما في غزوة بدر الصغرى حين كسرت رباعيته وشجت رأسه ( صلى الله عليه وسلم ) – فداه نفسي وأمي وأبى – فعدم علمه للغيب ضاعف كل معاني العبادة والجهاد والصبر والمثابرة وضرب المثل بالقدوة ومشاركة المسلمين آلامهم وآمالهم فإذا جاعوا جاع معهم وإذا فرحوا فرح معهم وإذا تألموا تألم لهم أو أملوا بسط في آمالهم .

 

4- ومن أسباب سلب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لخاصية معرفة الغيب بذاته أن يحكم بحكم الله تعالى وليس بما يعلم من غيب ، قال تعالى:"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم أن الله لا يحب من كان خواناً أثيما" صدق الله العظيم.

 

وأرجأ ( صلى الله عليه وسلم ) الحكم فى أمر الثلاثة الذين خلفوا: كعب بن مالك ومرارة بن ربيعه.

 

والخلاصة ( قل ما كنت بدعاً من الرسل ولا أعلم الغيب ولا أقول أنى مَلَكْ وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلى وما أنا إلا نذير مبين ) الأحقاف آيه 9 ..

 

إذن ما هو الفارق بين النبي محمد صلي الله عليه وسلم،  والأنبياء الذين يعلمون الغيب بذاتهم مثل عيسى ويوسف عليهما السلام أولا:في علم الغيب عند عيسى ويوسف عليهم السلام  علم ذاتي وهبة - الله تعالى- لهم بإذنه فهما يعلمان بعض الغيب بذاتهما اى بدون وحى ويقدران عليه . أما النبي (صلي الله عليه وسلم) فهو علم مكتسب بوحي وهو لا يقدر عليه بنفسه إنما هو الوحي.                                                                  -ثانيا- إذن عيسى ويوسف يعلمان من الغيب ما يجدانه في الواقع بذات مخلوقة معهما فيمكن لعيسى عليه السلام أن يعلم المسلم بعينه هل هو من أهل الجنة أم لا وما هي دراجاته ونوع جناته وهكذا سيحدث المؤمنين  فى اخر الزمان بدراجاتهم فى الجنة اما محمد (صلي الله عليه وسلم) فانه يحدث بعض أصحابه بدرجاتهم فى الجنة وحيا أما مالم  يوحى إليه فلا يعلم  حيث يقول في عثمان ابن مظعون لامرأة قالت فيه: شهادتي عليك انك من أصحاب الجنة :(قال وما يدريك؟ أنا وأنا نبي لا أدرى مايُفعل بى ولا بكم )                                                                                   ثالثآ :- جعلت معجزة عيسى ويوسف فى الإخبار عن الغيب بذاتيه تلقائية مخلوقة فيهما أما محمد (صلي الله عليه وسلم) فبالوحي  والقران فان تاخر نزول الوحى توقف لأنه لا يعلم فان اعرض الوحي عن الأخبار  لم يحدث العلم مثل السؤال عن الساعة وعن الروح .                                                        -رابعا-: أن ما صح نقله عن النبى (صلي الله عليه وسلم)  فيما هو غيب تكلم به علمنا أنه تكلم بالوحي فقط  وليس بذاتيه من عنده إذن نعود فنقول إن كل ما صح مخرجه من الرسول أو أشار إليه بيده في كل غيب مثل غيب الكلام عن يأجوج ومأجوج إنما هو بوحي من السماء عن طريق جبريل – عليه السلام أو رؤيا  ورؤيا الأنبياء حق فما أحاديث الساعة كلها وأحاديث البعث وأحاديث الجنة والنار وعذاب القبر وفتنته وأحاديث علامات الساعة الصغرى والكبرى إلا حق لا مراء فيها القي بها جبريل الأمين على قلب محمد (صلي الله عليه وسلم) ليكون من الموقنين فصارت غيبا معلوما مكتسبا لمحمد النبي عن طريق الوحي وليس بذاتيه فى نفسه ]
ويستأنف ابن الصبحي فيقول: لكن أنبياء آخرين لم يعطهم الله العلم بشىء من الغيب وقد أعلنوا ذلك صراحة مثل نوح عليه السلام الذى كان يقول لقومه ﴿ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ (هود 31).
وقد أكد القرآن على أن خاتم النبيين لا يعلم الغيب فى قوله تعالى: ﴿قُل لاّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلآ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلآ أَقُولُ لَكُمْ إِنّي مَلَكٌ إِنْ أَتّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَىَ إِلَيّ﴾ (الأنعام 50- أى أن الله تعالى أمر خاتم النبيين بأن يعلن أنه لا يملك خزائن الله وأنه لا يعلم الغيب وأنه ليس ملكاً من الملائكة، ويزيد على ذلك بتأكيد أنه يتبع الوحى، وأنه لا يمكن أن يتكلم بما يخالف الوحى وأوامر به له ﴿إِنْ أَتّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَىَ إِلَيّ..﴾.

والله تعالى يأمر خاتم النبيين بأن يعلن بأنه لا يعلم موعد الساعة أقريب هو أم بعيد، لأن الله لم يطلع على غيبه إلا من ارتضى من رسله وليس هو منهم ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِيَ أَقَرِيبٌ مّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبّيَ أَمَداً. عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىَ غَيْبِهِ أَحَداً. إِلاّ مَنِ ارْتَضَىَ مِن رّسُولٍ﴾ (الجن 25: 27-  كانوا يسألون النبى عن الساعة وكان النبى يرفض الإجابة ونزل الوحى يقول: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْسَاهَا. فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا. إِلَىَ رَبّكَ مُنتَهَاهَآ. إِنّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا﴾ وقوله تعالى للنبى(صلي الله عليه وسلم) ﴿فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا﴾ تساؤل ينكر من البداية توجيه ذلك التساؤل إليه، لأن أمور الساعة من الغيبيات، والنبى لا شأن له بمعرفة الغيبيات.
وتكرر السؤال للنبي(صلي الله عليه وسلم) وجاءت الإجابة بشكل أكثر تفصيلاً وأكثر تحديداً، يقول تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنّكَ حَفِيّ عَنْهَا قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـَكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (الأعراف 187). والآية بعد أن تؤكد علم الساعة هو من عند الله وحده، تؤكد على أن النبى(صلي الله عليه وسلم) لا يعلم شيئاً عنها، ويأتى ذلك بصورة استنكارية ﴿يَسْأَلُونَكَ كَأَنّكَ حَفِيّ عَنْهَا﴾..
ثم تأتى الآية التالية تؤكد أن النبى لا يعلم الغيب ﴿قُل لاّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاّ مَا شَآءَ اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسّنِيَ السّوَءُ إِنْ أَنَاْ إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (الأعراف 188). أمره ربه أن يعلن أنه لا يملك لنفسه- فضلاً عن غيره- نفعاً ولا ضرراً إلا ما شاء الله، وإنه لو كان يعلم الغيب لاستكثر من الخير وما أصابه السوء.. وفعلاً لو كان يعلم الغيب ما حدثت له الهزيمة فى أحد ولاستكثر من النصر فى بدر وغيرها..
ولو كان يعلم الغيب ما وقع ضحية لخداع المنافقين حين كانوا يكذبون عليه فيصدقهم، وفى إحدى المرات أقنعوه بأن اللص ليس لصاً بل برئ وطلبوا منه أن يدافع عن ذلك اللص البرئ فدافع عنه النبى مخدوعاً بكلامهم، ونزل الوحى يعتب على النبى ويقول له: ﴿إِنّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِمَآ أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُنْ لّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً﴾ أى لا تكن محامياً عن الخائنين، ثم يأمره بالاستغفار ﴿وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رّحِيماً﴾ ويأمره ربه بألا يدافع عن الخونة: ﴿وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ مَن كَانَ خَوّاناً أَثِيماً﴾ (النساء 105: 107). أولئك الذين يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله، وكانوا يتآمرون على خداع النبي(صلي الله عليه وسلم)، وصدقهم النبي(صلي الله عليه وسلم) لأنه لا يعلم الغيب، ثم نزل الوحى يخبر بالحقيقة ولو كان النبى(صلي الله عليه وسلم) يعلم الغيب ما استطاعوا خداعه.. وكانوا يدخلون عليه يقدمون له فروض الطاعة ثم يخرجون من عنده يتآمرون عليه، وهو لا يعلم شيئاً عن ذلك الغيب إلى أن ينزل الوحى يخبره: ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيّتَ طَآئِفَةٌ مّنْهُمْ غَيْرَ الّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَىَ بِاللّهِ وَكِيلاً﴾ (النساء 81). لم يكن يعلم الغيب وكان ذلك واضحاً فى سيرته القرآنية أو غزواته التى حكاها المؤرخون. وبالتالي فقد كان يتصرف فى غزواته وفق إمكاناته البشرية. وكانوا يسألونه عن الغيبيات مثل أمر الساعة فينزل القرآن يستنكر ذلك السؤال ويؤكد على أن النبي لا يعلم الغيب.. وهناك آية جامعة محكمة فاصلة فى الموضوع: ﴿قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مّنَ الرّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَىَ إِلَيّ وَمَآ أَنَاْ إِلاّ نَذِيرٌ مّبِينٌ﴾ (الأحقاف 9). أى أمره ربه بأن يعلن أنه ليس متميزاً عن الرسل ﴿قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مّنَ الرّسُلِ﴾. وأمره أن يعلن أنه لا يدرى ولا يعلم ما سيحدث له أو ما سيحدث لغيره فى المستقبل سواء فى الدنيا أو عند الموت أو فى البرزخ، أو عند قيام الساعة أو فى الآخرة، وبالتالى فلا يمكن أن يتكلم فى أشياء لا يعلمها فقد أمره ربه أن يعلن أنه يتبع ما يوحى إليه فقط أى يطيع أوامر ربه ﴿إِنْ أَتّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَىَ﴾ ومعناه أن النبى لا يمكن أن يتكلم مثلاً عن عذاب القبر لأنه غيب [ وأقول البنداري : هنا يلجأ المنكر للسنة فيحرف المعني الذي أثبته للتو  فهو الذي قال قبل سطرين (فقد أمره ربه أن يعلن أنه يتبع ما يوحى إليه فقط أى يطيع أوامر ربه ﴿إِنْ أَتّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَىَ﴾ ، ومن هذا ما أقره الله تعالي وأثبته في قوله (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ }آل عمران44، وقوله تعالي (تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }هود49 ، وقوله تعالي (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ }هود100 ، وقوله تعالي (  وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ }هود120 ، وقوله تعالي (َلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ }يوسف102 ، وقوله تعالي (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً }طه99 ، وقوله تعالي (وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ }القمر4 . والمعني المستفاد مما سبق سرده هو أن النبي (صلي الله عليه وسلم) لا يعلم الغيب من تلقاء نفسه إنما يعلم من الغيب ما يوحي به إليه ربه ، ولا نتألي علي الله تعالي في كم من الأنباء يخبره به ربه عن طريق الوحي إنما نحن مطالبون بالتصديق  بأن ما يخبر به النبي (صلي الله عليه وسلم) مما ثبت لدينا صحيحا نسبته إلي النبي (صلي الله عليه وسلم) إنما هو مما أوحي الله به إليه عن طريق الوحي جبريل الملك وما يقوله احمد صبحي منصور يؤكد عدم اطلاعه علي الآيات التي ذكرناها أو عدم فهمها وجهله بمدلولاتها  أو إغماض عينيه عنها ،] ولذلك فهو يقول بجهل :( والمعنى المستفاد مما سبق أن النبى لم يتكلم أبداً عن الغيبيات، ومن واجب المؤمن تبرئة النبى من ذلك الزيف المنسوب إليه والذى يخالف القرآن..( [ وأقول البنداري : لا يكون إخبار النبي ( صلي الله عليه وسلم ) بالغيب مخالفة للقرآن لأننا نعرف أنه قد أقر بالهد بذلك ( قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ .. }الأنعام50 ، فكل غيب يخبر به رسول الله ((صلي الله عليه وسلم) يجب أن نعلم أنه حق وأنه لم يكن إلا بوحي جبريل الملك ، مهما كثر هذا الغيب والإخبار به فما يجري علي القليل من الإخبار بالغيب  يجوز علي الكثير منه . ] ويستأنف المنكر فيقول :   والآيات السابقة وهى تؤكد على أن النبى لا يعلم الغيب تضع الذين يتمسكون بأحاديث الغيبيات وعذاب القبر والشفاعة فى موقف حرج.. فهم إن آمنوا بتلك الأحاديث فقد كفروا بآيات القرآن، وإن آمنوا بالقرآن فقد كفروا بتلك الأحاديث..[ وأقول البنداري :طبعا أحمد منصور والمفتونون به واهمين كل الوهم، فأي حرج هذا الذي صنعه ( وهمه وخياله وجهله، فأما وهمه فلأنه حاد عن الحقيقة وغض الطرف عن مدلول الاستثناء في آيات الغيب ،[ قال تعالي (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27)سورة الجن ) وقوله تعالي ( إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ) و(نُوحِيهِ إِلَيكَ) آل عمران 44 و(  وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ) آل عمران /179 ، و(إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ) الأنعام / 50، و ِ( تلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }هود49 ، و(  ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) يوسف 102 .وأما خياله فلأنه مَعَرَ معرةً واسعة لا يمعُرُها إلا أصحاب الخيال الواسع البعيد عن الحقيقة عندما نفي عن النبي أن الوحي يخبره بمراد الله تعالي وقد علمنا أن الله قد أقر بإطلاع محمد علي ما يريد الله تعالي من غيبه،وأما جهله:  فلا يستدل عليه لأن كل مقالاته وزعمه جهل مطبق بعيدة عن العلم]، ثم يقول هذا الجاهل أحمد صبحي:  ولا يمكن أن يؤمن الإنسان بالشىء ونقيضه.. والمتمسكون بتلك الأحاديث التى تخالف القرآن مضطرون لأن يعلنوا باللسان إيمانهم بالقرآن، ولكن مأزقهم الحقيقى فى أنهم يؤمنون فعلاً بتلك الأحاديث مهما تناقضت مع القرآن، ولا يستطيعون نفى الآيات القرآنية التى تخالف هواهم ولكى يخرجوا من هذا المأزق فإنهم ينسون القضية تماماً ويكتفون بكيل الاتهامات والسباب لكاتب هذه السطور بسيطة...!! لكن هل يستطيع السباب أن يحل المشكلة؟ ..لا أعتقد...!! [ وأقول البنداري : كل هذا من خيال وجهل المنكر . وقد أوردنا الحقيقة قبل أسطر ليست ببعيدة , ] ويستأنف المنكر فيقول :ونخلص مما سبق إلى تقرير الآتى:
1-  أن السنة الحقيقية هى اتباع القرآن، وأن القرآن يؤكد على أن النبى لا يعلم الغيبيات ولا يتحدث فى الغيبيات،[ أقول البنداري : في قول أحمد صبحي تحريف لمعاني الآيات لسببين :

 

الأول منهما : أن اتباع آيات القرآن ليست هي كما يراها أحمد صبحي بل كما وصفها الله تعالي في كتابه وذلك بتصديق الله فيما يقول ، وقد قال سبحانه أنه يوحي من أنباء الغيب للرسول محمد (صلي الله عليه وسلم) في سورة هود وسورة آل عمران وسورة يوسف وسورة طه، وأمرنا بأن نأخذ ما جاءنا به الرسول سوآء في غيب أو في شهادة: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الحشر7 ) ،وأما ما أمر الله به نبييه وأكد علي أنه سيعلمه بالغيب ، وجعل الإعلام بالغيب حق لمحمد (صلي الله عليه وسلم )،نعم إن محمداً (صلي الله عليه وسلم) لا يعلم الغيب بذاته وليس هذا بحق من حقوق نبوته ولكنه قد أوتي حق الإخبار بالغيب حسبما يريد الله تعالي وبأي عدد من موضوعات الغيب يريد أن يخبره وبأي تفصيل شاء الله تعالي أن يبينه من الغيب لنبييه (صلي الله عليه وسلم) ففي قوله تعالي (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ..آل عمران / 44 ) تقرير إلهي لمحمد بأنه أعطي حق الإخبار بالغيب من الله تعالي علام الغيوب ، ولفظة من أنباء تفيد الأحقية الكمية والكيفية عن طريق الوحي ،  وقوله تعالي (تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا }هود49 ، وقوله تعالي (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ) }هود100 ) وقوله تعالي ( وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ ) }هود120  ، وقوله تعالي (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ)  }يوسف102، وقوله تعالي (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً }طه99 .؟؟]، ويستأنف المنكر إنكاره فيقول : إذن فالسنة الحقيقية للنبى تخلو من أى حديث له عن عذاب القبر وغيره من الغيبيات.. ذلك هو ما نستخلصه من القرآن العزيز..[قلت البنداري : طبعا هو قد فبرك المعادلة المنطقية بالطول أو بالعرض ،فهو قد وضع معادلة( الحقيقة ) مكونة من ثلاثة مقدمات ونتيجة ، ( فقال: الحقيقية هى اتباع القرآن، وأن القرآن يؤكد على أن النبى لا يعلم الغيبيات ولا يتحدث فى الغيبيات  ) فالمقدمة الأولي عنده هي اتباع القرآن ، ووجدناه يقررها من الناحية النظرية دون التطبيق ، إذ لو اتبع القرآن لآمن بمحمد وحقه في أن يخبر بالغيب ( لا أقول :في أن يعلم بل يخبر بالغيب ) ، وعليه فالمقدمة الأولي في معادلة الحقيقة عنده باطلة ، أما المقدمة الثانية قوله: وأن القرآن يؤكد على أن النبى لا يعلم الغيبيات فهي مقدمة ناقصة فيجب أن يضاف إليها كي تستقيم في المعادلة، لكن من حقه أن يُخبر به ،وعليه فالمقدمة الثانية في معادلته باطلة لعدم الاستيفاء، وأما المقدمة الثالثة في معادلته التي سماها الحقيقة فهي قوله المنحرف ( ولا يتحدث فى الغيبيات )، وهي مقدمة ماتت قبل أن تولد ، ذلك لأن النبي (صلي الله عليه وسلم) قد أمر بإنذار الناس وتبشيرهم بكل هذا الغيب وأن يتكلم به فالجنة غيب والنار غيب والنبييون غيب بالنسبة لنا ، والملائكة غيب ،والجن غيب والبعث غيب والنشور غيب والقيامة غيب والصراط غيب والقضاء بين العباد غيب ،وكثير مما ذكره القرآن ، وضمنه الله تعالي في كتابه غيب مثل يأجوج ومأجوج ،والدابة والنار التي تحشر الناس ، وذي القرنين ، وكثير من أكثر لا يتسع المجال هنا لروايته من بين ضفتي الكتاب ( القرآن) وعليه فالمقدمة الثالثة من معادلة ابن الصبحي باطلة جدا وباتت قضية أحمد صبحي قضية باطلة من أصلها ]، ثم يستأنف ابن الصبحي فيقول :                                                                                    2- إن علماء الأصول يقرون أن أمور الغيبيات لا تؤخذ إلا من القرآن والحديث المتواتر، وحيث أن الحديث المتواتر لا وجود له عند أغلب المحققين وحيث أن من أثبت وجود بعض الأحاديث المتواترة فليس منها شىء عن عذاب القبر، لذلك فالأحاديث الأخرى- أحاديث الآحاد- ليست مصدراً معتمداً ٌلإثبات عذاب القبر أو نفيه، لأن القرآن وحده هو المرجع.[ أقول البنداري: إن من يقول بذلك هم قوم شكوا في الله وقصرت هممهم ذلك لأن حديث الآحاد هو واحد من شيئين : الأول : أنه شرع.  والثاني :  أنه ليس بشرع ، وفي كلتا الحالتين فالقضية محسومة، فإذا أقروا بأنه شرع فالعقل والنقل يوجب العمل به وجوبا في غيب أو شهادة ، وإنما يكون التعويل علي درجة الثبوت حين المعارضة ،فما لم تكن معارضة فالأمر أُنُف والتكليف بموضوعه فريضة،ويكون ذلك بعدم مخالفة الآحاد إلي آية قرآنية قطعية الدلالة ظَهَرَ مدلُولها ونُسِّق في ضوء جميع الآيات النازلة في شأن موضوعها، وفي ظل تناسق العنصر الزمني للتشريع (السابق واللاحق )، أو عدم معارضته لحديث تتابعي مدعوم بمتابعات أو شواهد أو طرق أخري أو تكاثر الرواة العدول الضابطين علي روايته،فحين ذلك يقدم الأضبط علي الضابط  والأعدل علي العادل والأوثق علي الثقة والجمع علي الفرد والكثير علي القليل، أو الإحتمال الثاني : أن يقروا بأن خبر الآحاد ليس بشرع فيكونوا قد أنكروا سنة نبي الله تعالي كالمُنكِر أحمد صبحي منصور، وخالفوا مقررات العقل والفطرة والنقل والشرع ، فالبلاغ الخبري في شريعة الله تعالي حده الأدنى آحاد والأعلى معاينة ومشاهدة ، فالرسول أول داعٍ إلي الله وماهيته علي الفردية قال تعالي (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }المائدة67، وهذا انفراد موسي بخبر ربه إلي قومه يُكلفهم به ويأمرهم فيقوله تعالي (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }البقرة67 فلماذا لم يعترض اليهودُ ويقولون لموسي هذا خبر آحاد وما تقول به بالنسبة لنا غيب ؟ لقد جعلت يا أحمد منصور اليهود خيراً وأهدي منك وهم ضلال !!، فما بالك أنت؟؟  ولقد تحدث الله تعالي علي من يُخبر الناس بدين الله أو بجزء منه وهم آحاد يُقر فعلهم ويُلزم به قال تعالي (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }آل عمران21 ، وما يسري علي الفرد يسري علي الأمة من التكليف قال تعالي ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104 ) ، وقد يكون فردٌ واحدٌ من الناس أمةً وحده ، كما قال الله تعالي في إبراهيم ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }النحل120 ) ،وقوله تعالي (  يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) آل عمران114 ، ولقد امتدح الله تعالي شخص محمد النبي ، بمفرده ونفسه وألزم المؤمنين بخبره وهو فرد خبره آحاد فقال تعالي (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف157)  ، ولقد فرض الله تعالي وكلف المؤمنين جماعة وفرادى بالإخبار عنه سبحانه والقيام بتبليغ ذلك الدين الحنيف كله أو بعضه ، فقال ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة71 ) وأقر الله تعالي بوضوح لا غموض فيه وبيان ليس بعده بيان وجوب الأخذ بخبر الآحاد عندما أصل وقنن ذلك في قوله تعالي (  وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }النحل76  ، ولا جدال بعد هذه الآية حيث قارن الله بين رجلين أحدهما ناقل لأخبار القرآن والشرع بشكل فردي ( آحاد) وحكم له بأنه علي صراط مستقيم لأنه مجرد آمرٌ بالعدل ( وهو فرد ) وقوله تعالي في ( إسماعيل) وهو فرد حين قال:(  وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً }مريم55 ، وكل هذه الأمثلة لم يكن التعويل فيها علي كونه آحاد أم جمع ،وتواتر ؟؟ بل سوي الله تعالي بينهم في النقل والتكليف بهم ، ما دام قد ثبت للجمع أو الفرد سواءً بسواءٍ عدالة روايتهم ، واستقامة أخبارهم ]،ويستأنف احمد صبحي فيقول:  3- إذا كان الله تعالى لم يعط النبى علم الغيب وإذا كان النبى لم يتحدث عن الغيبيات فإن غير النبى أولى بعدم معرفة الغيب، وبالتالى لا تؤخذ منه أقوال عن غيبيات القبر ولا يصح الاحتجاج به. ومع ذلك تحفل كتب الحديث بالأحاديث المنسوبة زوراً إلى النبى الكريم ومن بينها أحاديث تعرض للوسائل التى تنجى المؤمن من عذاب القبر مثل الموت يوم الجمعة أو ليلتها؟! أو الموت بداء البطن؟! فيزعمون أن الرسول قال: "ما من مسلم يموت يوم الجمعة إلا وقاه الله تعالى فتنة القبر" وقوله "من تقتله بطنه فلا يعذب فى قبره؟!".[ قلت البنداري : نعم إن محمداً (صلي الله عليه وسلم) لا يعلم الغيب بذاته وليس هذا بحق من حقوق نبوته ولكنه قد أوتي حق أن يُخبَرَ بالغيب حسبما يريد الله تعالي وبأي عدد من موضوعات الغيب يريده الله ، وبأي تفصيل شاء الله تعالي أن يبينه من الغيب لنبييه (صلي الله عليه وسلم) ، وبناءا عليه فله الحق في أن يَقصَّ ما علِمه لأمته، وأن يُخبر به ووجب علي أمة الإسلام تصديقه في كل ما يقصُّه (صلي الله عليه وسلم) من غيب ،ففي قوله تعالي (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ..آل عمران / 44 ) تقرير إلهي لمحمد بأنه أُعطي حق أن يُخبَرَ بالغيب من الله تعالي علام الغيوب ، ولفظة من أنباء تفيد الأحقية في  الكمية والكيفية عن طريق الوحي ،  وقوله تعالي (تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا }هود49 ، دليل قاطع علي استحقاق النبي (صلي الله عليه وسلم) لأن يخبر بالغيب عن طريق وحي الله تعالي له ، ؟؟؟؟؟ وقوله تعالي (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ) }هود100 ) هو دليل قاطع علي أحقية هذا النبي (ص) في أن يخبر  بما شأء الله له أن يعرف من قصص الأولين  ؟ وقوله تعالي ( وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ ) }هود120  ، وقوله تعالي (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ)  }يوسف102، هو دليل قاطع علي أحقية هذا النبي (صلي الله عليه وسلم) في أن يخبر  بما شأء الله له أن يعرف من قصص الأولين ومن أنباء كل الغيب، وقوله تعالي (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً }طه99  ، أما زعم ابن الصبحي بأن السنة مؤلفة أو منسوبة زوراً إلي النبي (صلي الله عليه وسلم ) فهذا قد فصلنا القول في بطلانه وبيان أنه من بصمة الغباء التي تميز بها أحمد صبحي منصور وانحدار قدراته في علوم التأريخ رغم أنه كان مدرس تاريخ فصار منعدم الهوية بعد فصله وسحب الشهادة منه وطرده ] ،ثم يستأنف ابن الصبحي ضلاله فيقول: 3- الفصل الثانى ،حديث القرآن عن قضية الحساب يأتى ضمن منظومة كاملة تتحدث عن خلق النفس وموتها وحياتها والبرزخ والموت والنوم والبعث والنشور. وكى نفهم الموضوع لابد أن نبدأ البداية ونسير إلى النهاية وكل ذلك بالآيات القرآنية وبالترتيب.[ قلت البنداري: سيلف أحمد صبحي بالقارئ، كعادته المشهورة في تتويه القارئ  ، بنسج القصص وتكثير الكلام حول قضيته الباطلة ]  فيقول المنكر: وبداية لابد أن نقرر أنه لم يرد فى القرآن الكريم مطلقاً ذكر ما يسمى بعذاب القبر  أو نعيمه أو الثعبان الأقرع،[ قلت البنداري: كيف وقد قال سبحانه في فرعون وآله (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }غافر46 ) أليست النار عذاب لآل فرعون وهم في قبورهم ؟؟!!وكذلك قوم نوح كما في قوله تعالي (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً }نوح25) ، وكذلك عموم عذاب القبر كما في حالة كل كافر قال تعالي (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93) وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (94)، ودليل أن عذاب الهون هو جزاء كل كافرفي قبره في الدنيا (عذاب القبر ) قوله تعالي: (اليوم تجزون عذاب الهون ... ) ويؤكد أن ذلك في الدنيا قوله تعالي ( وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (94)[ فهذا كله في الآخرة ويؤكده قوله تعالي : جئتمونا –وتركتم-وما نري-وضل عنكم ما كنتم تزعمون - ] ويستأنف المنكر قوله: وحيث أن القرآن الكريم هو المصدر الوحيد المعتمد فى القضية فالحكم هنا قاطع فى نفى عذاب القبر ونعيمه وثعبانه[ قلت البنداري : يتعرض أحمد صبحي لقضيته بعد لفَّة طويلة بدأها من أول كتابه بحوالي 85 صفحة فهو ينفي من غير أي استدلال قل أو كثر عذاب القبر ونعيمه والثعبان الأقرع ، [ وأقول أنا البنداري له أن الثعبان الأقرع هو موضوع تافه تعلق به هذا الواهم وسبق أنني قلت أنه حديث موضوع كان الأجدر بمن كان مدرساً بالجامعة الأزهرية قبل أن يُطرد منها ، أن يزود هو عن هذه السنة من زاوية الزعم بما يسمي بالثعبان الأقرع بأن يقطع ببطلان هذا الحديث لنكارته وانتفاء صحته وأن مسألة ثبوته أو عدمها لم يكن بالصعب عليه أن يتحقق منها لكنه يتلمس للنبي وسنته كل نائبة ليشُهِّر بالنبي (صلي الله عليه وسلم) وسنته، أما عن نفييه عذاب القبر في القرآن الكريم فما أبجحه وما أجسره وما أكذبه علي الله تعالي ذلك أن الله قد تكلم بصراحة لا تشابه فيها عن عذاب القبر وأثبته في الوقت الذي ينكره فيه المنكر أحمد صبحي ، فقد قال تعالي عن قوم نوح يصف تعذيبهم بالنار بعد موتهم مباشرة فيقول : (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً }نوح25، وفي فرعون يقول (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)  }غافر46، [ وأقول البنداري فأي بلاغة أوضح من هذا العرض وأي صراحة جاءت تدل يقينا علي أن آل فرعون يعرضون علي النار غدواً وعشيا ، في الدنيا ويوم القيامة له شأن آخر غير ما لهم في الدنيا في قبورهم ، (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) ].ثم يقول الضال أحمد صبحي:  لكن البعض يخلط بين القبر وما ورد فى القرآن حول البرزخ، ويرتبون على ذلك القول بعذاب القبر ونعيمه، وهذا يدعونا للبحث فى ماهية النفس الإنسانية، وفى علاقتها بالجسد وفى ماهية الموت وفى مصير الجسد بعد الموت، لنصل إلى تحديد المقصود بالبرزخ ومصير النفس الإنسانية فيه حتى البعث يوم القيامة حيث يتم الحساب.[ قلت البنداري: وآدي لفة مزفتة علي دماغ أحمد صبحي مرة أخري من لفاته التي لا تنقطع ، فهو في هذه اللفة سيترك قضيته ويدور حول ما يسميه بالخلق- الموت- البرزخ- البعث فيقول] :الخلق- الموت- البرزخ- البعث: ثم يقول المنكر : إن الله تعالى خلق كل الأنفس البشرية فى وقت واحد، يقول تعالى:﴿يَأَيّهَا النّاسُ اتّقُواْ رَبّكُمُ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ (النساء 1).ومن النفس الأولى انبثقت الأنفس الأخرى. وكل نفس تحمل فى داخلها مستقراً للسابقين والمستودع للاحقين ﴿وَهُوَ الّذِيَ أَنشَأَكُم مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَعٌ﴾ (الأنعام 98.[ وأقول البنداري : لقد ذهب أحمد صبحي يفسر المستقر بأنه والمستودع كلاهما بداخل النفس يعني يريد أن يقول أن المستقر هو الرحم وأن المستودع هو الأصلاب ، وأقول له وكل من نحا نحوه أن هذا التفسير خاطئ جدا ذلك أن الفاء الملحقة بقوله تعالي (فمستقر ومستودع) تفيد أنه فاء الغاية ، والغاية لكل مخلوق هي قبره، والمستودع هو مكان خلقه الله تعالي يعلمه ولا نعلمه، يستودع فيه النفوس بعد انقضاء غايتها وقد جات آية مشابهة تدل علي ذلك في قوله تعالي (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }هود6 ، أي (وما من) زائدة (دابة في الأرض) هي ما دب عليها (إلا على الله رزقها) تكفل به فضلاً منه تعالى (ويعلم مستقرها) مسكنها في الدنيا وما ستؤول إليه بعد موتها، (ومستودعها) بعد الموت (كل) مما ذكر (في كتاب مبين) بين هو اللوح المحفوظ ، ونلاحظ هنا أن قضية العذاب بعد الموت هي من الغيبيات التي أمرنا أن نؤمن بها ، ولا نكذبها وإن لم نتصورها أو نحيط علما بها فأما وجوب أن نؤمن بها كغيب مع عدم تصورنا لها فلقوله تعالي : (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) ) سورة البقرة ، والغيب الذي يجب أن يؤمن به المؤمنون هو كل غيب ذكر في الشرع قرآنا وسنة قامت الأدلة النقلية  الصحيحة علي تواجده ، ووقع في النطاق العقلي للممكنات ( الجائزات ) ، يعن لا هو من المستحيلات ولا هو من المسلمات ، بل هو من الجائزات ، وعذاب القبر من الناحية النقلية شيئ ثابت كما أثبتنا في عذاب آل فرعون والكافرين من قوم نوح ، وهو من الناحية العقلية ليس علي الله تعالي بمستحيل إذ أخبر هو به ، فما لا نراه ليس بالضرورة أن لا يكون موجودا ، وكم من الأشياء حولنا لا نراها وهي موجودة بلا ريب ، مثل البكتيريا والفيروسات والملائكة والجن والموجات فوق الصوتية وتحت الحمراء وكثير من كثير ، وقضية الغيب المذكور في الشرع قد أقحم أحمد صبحي منصور نفسه فيه بالإنكار والنفي بلا حكمة ولا علم كما سيأتي عنه في قوله الباطل فيقول] : وكل نفس تكون ميتة فى عالم البرزخ إلى أن يأتى الوقت الذى ترتدى فيه الجسد البشرى، وحينئذ ينتفض الجنين فى بطن أمه، وتدخل فيه تلك القوة المجهولة التى نسميها النفس، ذلك الكائن العاقل المسئول الذى يعطى للجسد ماهيته وكينونته، وتظل النفس حية بذلك الجسد طيلة العمرالمقدر لها أن تعيشه فى ذلك الكوكب الأرضى المادى، إلى أن ينتهى الأجل ويحل موعد الوفاة أو الموت، وحينئذ تفارق النفس الجسد وتغوص فى البرزخ الذى أتت منه وتعود إلى نفس الموات الذى كانت فيه فى البرزخ..[ وأقول البنداري: كل ما يقوله أحمد صبحي كلام مرسل لا دليل عليه وهو إما من خالص تصوره أو متأثرا بمذاهب علمانية مادية فالبرزخ والقبر من الغيبيات التي يتطلب الكلام فيها نقل ثابت صحيح من قرآن أو سنة؟ وأنت تري من سياق حديثه أنه أنشأ قضية من مقدمات ونتائج لم يستدل علي ثبوتها فباتت قضية باطلة واهية حين قال : (وكل نفس تكون ميتة فى عالم البرزخ) ،  وقضية أخري في قوله : ( وحينئذ ينتفض الجنين فى بطن أمه، وتدخل فيه تلك القوة المجهولة التى نسميها النفس) وهي قضايا فقدت مصداقيتها لعدم وجود الدليل النقلي عليه لأنها غيب ؟] ،ثم يستأنف فيقول : وهكذا.. فكل الأنفس البشرية مخلوقة معاً [ قلت البنداري: أين الدليل؟ لا يوجد دليل ] ، ولكن تدخل كل نفس جسدها وترتديه فى الوقت المحدد لها حين ينتفض الجنين [ قلت أين الدليل ؟ ولا دليل ] ، ثم بعد أن تقضى عمرها فى الحياة الدنيا تعود إلى العدم أو البرزخ..[ قلت أين الدليل؟ وهو كلامٌ مرسلٌ من مرسلاته الواهمة  ]، وبعد أن تدخل كل نفس تجربتها أو حياتها الدنيا تموت، تكون القيامة.. ويكون البعث، بعث الموتى  جميعاً من البرزخ.. وتكون الحياة الأبدية فى الآخرة فى الجنة أو فى النار..[ قلت البنداري : هو ذات الموضوع حيث أقام قضايا بغير استدلال خاصة في ترتيب أحداثها . ] ، ثم يقول مستأنفا: ومعنى ذلك أننا كنا موتى أولاً فى البرزخ ، ثم ندخل الحياة الدنيا الأولى، ثم سنموت راجعين الى البرزخ فى أوقات مختلفة عندما يفارق الواحد منا هذه الحياة ، ثم البعث للجميع حيث سنحيا فى الآخرة الحياة الأبدية.. يقول تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمّ يُمِيتُكُمْ ثُمّ يُحْيِيكُمْ﴾ (البقرة 28).. ويوم القيامة يدرك أصحاب النار هذه الحقيقة فيقولون ﴿قَالُواْ رَبّنَآ أَمَتّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىَ خُرُوجٍ مّن سَبِيلٍ﴾ (غافر 11). إذن هو موت فى البداية، ثم الحياة الدنيا التى نحياها الآن، ثم الموت ، ثم الحياة فى الآخرة.. موتتان وحياتان..[ قلت البنداري:هذه الحسبة الصبحية هي من تصور أخمد صبخي منصوز ، وهي إقحام منه لنفسه في علم الغيب بلا دليل ولا حجة إنما هو محض تصور بعيدا عن الاستدلال النقلي الثابت ، والدليل علي كذبه الفاضح أن النقل ( القرآن الكريم ) قد جعل حِقبة زمنيةً بين الموت وبين البعث مكانها القبر وزمانها منذ الموت وحتي تقوم الساعة كما أخبر هو سبحانه ، عن آل فرعون في قوله(  النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }غافر46 ) وفي كفار قوم نوح عندما قال (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً }نوح25 ) ، هذه الحقبة الزمنية قد أسقطها المنكر صبحي من حسابات كلامه ليغُبِّشَ بها النظرة إلي مرحلة القبر وعذابه الثابت بالقرآن الذي يزعم أنه أهله كذبا وافتراءا ،تمهيدا لإنكاره ؟ ]،ثم يستأنف فيقول كلامه المرسل المفتقد إلي الدليل والذي هو من محض تصوره: والموت بالنسبة للنفس أن تكون بلا جسد.. وأنا قبل ميلادى كانت نفسى ميتة فى البرزخ.. وعندما ينتهى أجلى وأموت ستفارق نفسى جسدى وتغوص فى البرزخ الذى أتت منه.. وبالنسبة لى فى البرزخ توجد أنفس أجدادى الذين عاشوا قبلى هذه الحياة الدنيا، كما توجد فى البرزخ أنفس أحفادى الذين لم يأت بعد وقت دخولهم فى الحياة الدنيا.. ففى البرزخ أنفس السابقين والذين لم يأتوا للدنيا بعد..[ قلت البنداري أين الدليل النقلي علي هذا الكلام المرسل إذ لا تصلح الرؤية الشخصية في هذا الموضوع لشيئين الأول منهما أن ذلك غيبٌ ولا يصلح الكلام في الغيب إلا بدليل نقلي صائب والثاني منهما أنه نقله من تصورات فلاسفة علمانيين ماديين خاضوا في رسم صورة مادية من محض تصوراتهم علي أنها نظريات فلسفية ،أبطلوا فيها حياة القبر التي صرح القرآن بها ، لآل فرعون وقوم نوح ومن علي شاكلتهم من الكفار ، وما ثبت لهذين القومين دل علي إمكانية حدوثه لغيرهم وعدم استحالة ذلك ؟ ويثبت هذا ويؤكده تتابع الأحاديث والأدلة النقلية علي تأكيد حدوثه وإن لم يصرح بالكيفية ، ] ،ولم يزل أخمد صبحي يؤلف من تصوراته الباطلة الواهمة فيقول : ومن المستحيل أن يتعرف أبى الميت فى البرزخ على حفيدى الذى لم يأت الحياة بعد، لأن البرزخ موات لا إحساس فيه ولا حياة للجميع من الموتى.. والله تعالى يقول عن انعدام الحياة والإحساس فى الموتى ﴿وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مّن فِي الْقُبُورِ﴾ (فاطر 22).[ قلت البنداري:هذه الآية لا تتناول البرزخ كما يزعم المنكر بل تكلمت عن من في القبور ] ، ثم يستأنف المنكر كلامه فيقول : ويقول عن عبادة الأولياء الموتى فى الأضرحة قال تعالى: ﴿إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ﴾... ﴿أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيّانَ يُبْعَثُونَ﴾ (النحل 21).
إذن فالموتى من الأولياء والآخرين مجرد تراب لا إحساس فيه.. ولو كان هناك إحساس لالتقى الأجداد بالأحفاد كما نتخيل فى أضغاث الأحلام. [ وأقول البنداري :إن الميت هو من تحللت أنسجته وخلايا جسمه حيث يتهالك البناء الجسدي للخلية ويتحلل الجدار الخلوي لكل خلاياه خاصة خلاي المخ والقلب ، ويتحلل الشريط الوراثي الشفري وتتحطم وحدة بنائه في الجسد الميت وتُفقد القوانين الفيزيائية والبيولوجية والكيميائية التي كانت تعمل بمنتهي الدقة حين كان الجسم حياً ، والميت بهذا الشكل يفقد الحياة التي نعرفها جميعاً ، ويحدث هذا التغير البيولوجي في الجسد الميت نتيجة لجزٍ ظاهر لنا تفسيره هو توقف المخ عن العمل وتحلل خلاياه المهيمنة علي سائر البدن ، وكذلك توقف القلب عن الضخ لمدة تزيد علي الدقائق المعدودة ، والجزء الخفي من هذا الأمر هو ما نعتقده من خروج النفس ( الروح ) إلي بارئها وانعدام إمكانية رجوعها إليه ، فهذا ما ينتج عنه ما أشار القرآن إليه بقوله تعالي (  ﴿إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ﴾... ﴿أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيّانَ يُبْعَثُونَ﴾ (النحل 21).ولكن حين تنتهي الحياة بهذا الشكل الذي لا نعرف سواه تبدأ للجسم حياة أخري لا نعرف ماهيتها نسميها مجازا (حياة) ولكن الله تعالي هو الذي يعلم توصيفها وحقيقتها وماهيتها ، هذه الحياة التي نسميها مجازا حياة ، لا نعرف منها إلا أننا نري الجسد ميتاً مثل جسد فرعون عبارة عن دميةً محنطة لا تتحرك ، وهو وآله يذوقون العذاب والعرض علي النار غدواً وعشياً ، هذه المعادلة المجهولة المقومات لنا هي التي أودت بأحمد صبحي إلي تخبطه في أوهامه وتأليفه لمرسلاته من القول ، ببساطة لأنه غبي لا يقوي فهمه علي عنصري القضية ( العنصر الأول هو بعض المعلومات العضوية الناقصة عنده عن الموت والتي لا ترقي لتكوين فكرة صائبة مكتملة عن كل جزئيات الموت وما بعده وما قبله،والثاني: كثير من المعلومات الغيبية عن الموت والتي لم يعلمنا الله تعالي بمحتواها الكثير كساعة الاحتضار ومن يأخذ النفس(الروح كما يحلو لبعضهم تسميتها) ،ومن هم الملائكة القابضين وما عددهم وهل في موكب أو تكليف غير موكبي ، وماذا يفعل الملائكة حينها وأين يذهبون بعد القبض ومن أين يأتون وماهية القبض ووضع الجسد والنفس بعد وأثناء القبض ، وغير ذلك كثيرٌ كثير من أمور الغيب التي نجهلها ، ولا ينبغي التحدث فيها إلا بنقل صحيح ثابت من قرآن أو سنة . وقد تناول النبي (صلي الله عليه وسلم) بعض ما أوحي الله إليه في هذا الشأن ولكن بنسبة يحسبها العقل لا تكفي لجمع تصور شامل عن مسألة الموت والقبض والقبر وعذابه لذلك فنحن نصدق بمدلولات ما ورد إلينا من نقل صحيح بنسبة نزوله في القرآن أو السنة حتي ولو كانت هذه النسبة قليلة ، فالحكمة من وراء ندرة المعلومات النقلية فيها لا نعرفها غير أن هناك غاية متفق عليها من كل ما ورد لنا نقلا فيها ألا وهي الإيمان بأن هناك بعد الموت عذاب في القبر أو نعيم وإن كنا نجهل كيفيته ]، ثم يستأنف ابن الصبحي قوله : الموت والنوم والبرزخ:  إن النفس البشرية وهى فى الحياة الدنيا لا تتحمل البقاء فى السجن المادى المسمى بالجسد، لذلك تعود فى الليل إلى البرزخ الذى أتت منه، ولكن تظل مرتبطة بذلك الجسد بحبل أثيرى وتعود إليه بعد النوم.. فالنوم موت مؤقت، يقول تعالى: ﴿اللّهُ يَتَوَفّى الأنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَالّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ الّتِي قَضَىَ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الاُخْرَىَ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى﴾ (الزمر 42). ومعنى يمسك الله النفس التى قضى عليها الموت أنه لم يعد لها شأن بالقبر أو بأسطورة عذاب القبر. فالميت المدفون فى القبر ليس مدفونا منه الا جسده الفانى فقط، أما ذاته الحقيقية ـ كينونته ـ اى نفسه فقد أمسكها الله تعالى عنده،أى أنها أصبحت حبيسة البرزخ، وهو مستوى فى الوجود بين الدنيا والآخرة تغوص فيه الأنفس عند الوفاة. [ قلت البنداري: المسائل التي عرضها أحمد صبحي في هذه الفقرة هي :1-  النفس البشرية وهى فى الحياة الدنيا لا تتحمل البقاء فى السجن المادى المسمى بالجسد [ أقول البنداري: هذا كلام مرسل لا دليل عليه ،لم نعلم من الأدلة النقلية في هذا الشأن إلا قوله تعالي (اللّهُ يَتَوَفّى الأنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَالّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ الّتِي قَضَىَ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الاُخْرَىَ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى﴾ (الزمر 42) ، فالتوفي حين النوم أو الموت  إرادة الله تعالي وليست مسألة  تحمل أو عدم تحمل كما يزعم وهما وتخيلاً، ولا ذكر لمدلول سجن مادي يسمي الجسد هنا  ؟!!

 

 2- وقوله:تعود فى الليل إلى البرزخ الذى أتت منه ، [ كلام مرسل لا دليل عليه ، ولكن الدليل النقلي الصحيح علي أنها ( أي الأنفس) يتوفاها الله ، جاء في القاموس المحيط أن : وَافَاهُ حقَّهُ و وَفَّاهُ تَوْفِيَةً بمعنى أعطاه وافِيا و اسْتَوْفَى حقَّه ، ويتوفي هنا أي يستردها إليه كاملة  ،فهي بعد إلي رجوع أو إمساك ، ويترتب علي رجوعها قيام الجسم بكافة أشكال الحياة البيولوجية ، بينما يتوقف علي إمساكها قيام الجسم بالنفوق والتحلل البيولوجي والتكسر الخلوي.  3- وقوله:تظل مرتبطة بذلك الجسد بحبل أثيري وتعود إليه بعد النوم.[ أقول البنداري: لم نعلم دليلاً نقلياً ثابتاً صحيحاً يدل علي أنها ترتبط بذلك الجسد بحبل أثيري كما يزعم المنكر صبحي ،بل الثابت أن الذي يهيمن عليها بطريقة لا نعرفها هو الله الذي يتوفي الأنفس ، وأما قوله : فالنوم موت مؤقت ، فقد عكس القضية أو اضطرب فيها  ، ذلك لأن الموت هو توقف لكل العمليات البيولوجية بالجسم وتحطم الخلايا البشرية بأعضائه ، ووضع النائم ليس كذلك، فلا يصلح القول بأن النوم موت مؤقت بل النوم توفي أو وفاة ( والوفاة هي استرداد كامل للنفس، يقرره الله تعالي ، ويبقي قرار رجوعها إليه من عدمه هو الفارق الحقيقي بين الموت والنوم .                                                                                          5- وأما قوله: يمسك الله النفس التى قضى عليها الموت أنه لم يعد لها شأن بالقبر أو بأسطورة عذاب القبر ، [ أقول البنداري : لقد شرد أحمد صبحي وتنحي فجأة عن الموضوع،!! فما دخل أن يُمسك الله تعالي النفس التي قضي عليها الموت بالقبر من عدمه ؟؟ لقد دخل أحمد صبحي في نطاق غيبي خطير ، لم يُطلعه الله علي شئ منه ،ومع هذا فهو يهذي بأوهامه فيه ليل نهار باطلاً وبهتاناً ،  ولإن صح ما ذهب إليه فقد جاز كذبا وبهتانا إدعاءه أن آل فرعون لما أمسك الله نفوسهم وأماتهم أنهم لم يعذبوا في قبورهم برغم إثبات الله تعالي لهذه القضية قال تعالي : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }غافر46 ) ،                                                                                              6- وأما قوله : فالميت المدفون في القبر ليس مدفونا منه إلا جسده الفاني فقط ،[ قلت البنداري : هذا تدخل في غيب لم يخبر الله تعالي أحداً بشيء منه ففي القبر لا نعلم إلا ما أخبرنا الشرع به والحقيقة فيه ما ثبت بنقل صحيح من كتاب الله تعالي وسنة نبيه (صلي الله عليه وسلم) والإيمان بما جاء في النقل الثابت الصحيح من قرآن وسنة شرط من شروط الإيمان بالله قال تعالي  (لم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) سورة البقرة . ]، ثم يستأنف أحمد صبحي قائلا: فالوفاة هنا نوعان، موت ونوم، والنوم موت مؤقت.[ قلت البنداري : إن النوم ليس موتا مؤقتا بل هو وفاة يعني استرجاع إلهي كاملاً للنفس وفرق كبير بين الوفاة بمعني النوم وبين الموت بمعني دمار الخلية البشرية وتحللها وانهيار العمليات البيولوجية بداخلها ] ثم يستأنف تخاريفه فيقول:يتميز عن الموت المعروف بأنه عارض وقتى ومتكرر، وبأن النفس لا تقطع صلتها فيه مطلقاً بالجسد بسبب ذلك الحبل السرى بينهما،[ قلت البنداري:  أي حبل سري يا أحمد يكون بين النفس والجسد ؟؟ إنه حبل وهمك وخيالك !! ]  ثم يقول أحمد: والذى يعطى نوعاً ما من الإحساس تخلله الأحلام.. ويجمع بين الموت والنوم [ قلنا البنداري: مرارا  أن الموت غير النوم والفارق بينهما أن الموت وفاة بمعني استرجاع النفس إلي بارئها وكذلك النوم تسترجع أثناءه النفس إلي بارئها ، والموت هي حالة تحطم بيولوجي كيماوي فسيولوجي للخلايا البشرية للأعضاء ، تبدأ عقب رجوع النفس إلي بارئها بدون رجعة ( إمساكها ) بينما في النوم يستوفي الله النفس ويسترجعها إليه ولكن بدون قرار إمساكها ، مع بقاء كافة العمليات البيولوجية والكيميائية والفسيولوجية ،مستقيمة بالجسم البشري أثناء النوم دون تحطم لشيء من خلايا الجسم ،فالقلب ما زال يعمل والمخ والخلايا والأعضاء بشكل طبيعي ، وفي الموت ، لا أحلام ولا منامات ولا  إحاطة بواقع مشاهد محسوس ، بينما يكون ذلك كله في النوم ، ويسمي الموت والنوم وفاة ليس باعتبار نهايتهما بل بإعتبار بدايتهما فكلاهما يحدث فيه الاستيفاء والإسترجاع للنفس بقدرة الله القوي القاهر ، ففي النوم تعود النفس إلي جسدها استجابة إلهية لمؤثرات الإستيقاظ بينما في الموت لا تعود النفس إلي جسدها حتي ولو إجرينا تدليكا للقلب أو أعطيناه صدمة كهربائية وخلافه ، وفي النوم تظل البأعضاء بحيويتها البيولوجية لا تتغير ، بينما في الموت يحدث تغير متتابع متراكم بيولوجي وكيماوي للخلايا كالآتي : 1- تحطم الإنزيمات المسؤلة عن تبادل السوائل المكهربة داخل الغشاء الخلوي فتتوقف، ويحدث توقف لميكانيزم ضخ (الصوديوم – بوتاسيوم بامب ) ، فتتوقف عملية تبادل السوائل الكهربية بين الغشاء الخلوي نتيجة لتحطم هذه الإنزيمات المسؤلة عن هذه العملية ، 3- يحدث تغير في الأزمولاريتية ويختل فرق الضغط الأزموزي خارج وداخل الغشاء الخلوي مما ينتج حالة من انعدام ضبط دخول أو خروج البوتاسيوم أو الصوديوم بالتوازن البيولوجي الذي كان قبل الموت ،4-  فتنكمش الخلية البشرية في جزءٍ من أحوالها وتنفجر في الجزء الآخر من الجسم 5- وفي كل الأحوال يحدث تشقق وتفتح وقشط للجدار الخلوي وتتبعثر محتويات الخلية وأهمها الشريط الوراثي الذي يمر بنفس الخطوات من التحطيم وتنهار الخلية 6- تبدأ عوامل التحلل الإنزيمي الكيميائي للمحتويات وتهضم الخلية نفسها مما يسمح لنمو بكتيري فطري حشري عظيم علي الأنسجة المتحللة ويعقب ذلك انبعاث عظيم للغازات الخارجة من عمليات التحلل الكيميائي ، فكيف يكون الموت صنو النوم أو يكون النوم موت مؤقت ؟؟ إن هذا من وهم أحمد صبحي وخيالاته الفارغة، وأما عن أحوال النفس في البرزخ فمن قال أن النفس تبقي في البرزخ ؟؟ إن البرزخ هو القناة التي تنزلق منها النفس( الروح) لتبقي في مكانٍ بعد البرزخ أو هي الحاجز الذي لا يعرف تكوينه وطريقة خلقه وكيفية وجوده إلا الخالق سبحانه وتعالي، ولا يعلم ماهيته إلا الله الواحد ، فمن يطلق علي هذا المكان( الذي تستودع فيه الأنفس أي الأرواح)، برزخا فقد وهم وأخطأ وهذا المكان والقناة المؤدية إليه أو الحاجز بين الدنيا والآخرة لم نعلم من شأنهما غير مسماهما فقط أما ماهيتهما فإنما هو غيب يستحيل التصور فيه إلا بنقل صحيح ثابت من كتاب الله وسنة نبييه (صلي الله عليه وسلم) وكل من أفتي فيه بغير نقل فقد تقول علي الله تعالي ما لم يقله ، وقد أكثر أحمد صبحي من التقول علي الله تعالي ما لم يتكلم به الله ولا رسوله وإذا كان محمد النبي (صلي الله عليه وسلم) لا يعلم من أمر الغيب إلا ما يخبره جبريل الملك به فأنَّي لابن ألصبحي وهو ضال غبي لا يفقه قليلا و كثيرا أن يعلم شيئا من غيب البرزخ وما وراءه من مستودع الأنفس؟؟ ] ثم يستأنف صبحي كلامه فيقول: أن النفس تغوص فيهما فى البرزخ الذى يعنى الموت أو انعدام الإحساس بالزمن، ولأن الزمن هو الضلع الرابع للمادة فإن النفس عندما تتحرر من الجسد المادى تتحرر أيضاً من الزمن وعندما تعود النفس إلى الجسد يتهيأ للإنسان أنه نام أو مات منذ يوم أو بعض يوم فقط.. لأن فترة البرزخ سواء كانت نوماً أو موتاً لا إحساس فيها بالزمن.. وأعرف صديقاً دخل فى عملية جراحية عصر يوم الجمعة قبيل مبارة الأهلى والزمالك وكان مشغولاً بها، وأفاق يوم الثلاثاء، فسأل عن نتيجة المباراة وهو يظن أنه يوم الجمعة.. أى أنه لم يحس فى نومه أو إغمائه بمرور الأيام.[ وأقول البنداري : سيحكي أحمد صبحي من ضلالاته علي أنها أدلة ، وما في هذه الحادثة .. إنما هو تصوره وفهمه فقط ، ولا دخل لغيبوبة التخدير ، بما يحكيه ، فالمخدر والنائم في غيبوبة سكرية أو كبدية أو كلوية أو مصلية أو عصبية أو تخديرية كل هؤلاء وأولئك يجري عليهم ما يجري علي النائم ( الوفاة فقط دون الموت بمعني استرداد الله تعالي لأنفسهم حتي يردها عليهم فيستيقظون ، أو يمسكها فلا يرسلها فيكون الموت ]، ويستأنف ابن الصبحي كلامه فيقول: والقرآن يعطينا الأمثلة على انعدام الإحساس بالزمن وانعدام الشعور بالحياة فى البرزخ فى الموت أو النوم.. كالرجل الذى مر على قرية خربة وتعجب كيف ستعود لها الحياة يقول تعالى: ﴿أَوْ كَالّذِي مَرّ عَلَىَ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىَ عُرُوشِهَا قَالَ أَنّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ﴾ (البقرة 259).[ قلت البنداري:هذا الاستدلال في غير موضعه فلا علاقة مطلقا بين مدلول الآية وما يرمي إليه أحمد صبحي إلا الإلقاء المرسل الجزافي ، فالآية تتكلم عن قدرة الله تعالي في إحيائه وإماتته ، ولذلك كان ختامها بيان أن الله علي كل شيء قدير قال تعالي (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة259 ) فلا دخل للبرزخ بالآية ولا علاقة للآية  بانعدام الإحساس بالزمن من عدمه بل لقد بين الله تعالي سلامة إحساس الرجل بالزمن عندما نبهه إلي مدلولات النفوق الزمني ومرور الوقت عندما قال تعالي (فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً) ، ولفظة أماته الله هنا هي علي الحقيقة ، وقوله تعالي (ثم بعثه)، هي علي الحقيقة أيضا ، فالأصل في كلام الله تعالي أنه علي الحقيقة في ذكره الموت والبعث لهذا الرجل ، ] ويضلل أحمد صبحي منصور ويحرف معاني الآيات فيقول:فالرجل نام مائة عام وعندما استيقظ ظن أنه نام يوماً أو بعض يوم،[ قلت البنداري :هذا تحريف بغيض في المعني يتعمده صبحي لغرضه الخبيث،  والصواب:  أن الرجل ميتاً مائة عام وعندما بعثه الله لم يعرف أنه ميت إلا منذ يوم أو بعض يوم هكذا يكون شأن الأموات حتي في البعث الأكبر يوم القيامة ، فكل نفس ستدرك أنها لم تلبث إلا يوماً أو بعض يوم وبعضهم سيقطع بأنه ما لبث إلا ساعة من نهار ، قال تعالي (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً }الإسراء52 ) وقوله تعالي : (يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً }طه103) وقوله تعالي ) إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً }طه104 ) وقوله تعالي (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114) ) وقوله تعالي (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ }يونس45  ) ،] ،ثم يقول صبحي : والقرآن يجعل النوم موتاً، لأن النوم موت مؤقت وأهل الكهف حين استيقظوا بعد (309) سنة قالوا: ﴿لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ (الكهف 19).[ قلت البنداري:وهنا خداع كبير نمقه أحمد صبحي وحرف الآيات تحريفا بيِّنا لغايته الخبيثة،  فأهل الكهف لم يموتوا قط سواءً مؤقتاً أم مطولاً ، ولكنهم كانوا نياماً كما قال تعالي (فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12)) ( سورة الكهف ) والضرب علي الأذن هو النوم العميق، والنوم كما أثبتنا غير الموت،والبعث يطلق علي القيام من النوم أو من الموت ،جاء في مختار الصحاح قوله ([بعث] ب ع ث: بَعَثهُ و ابتَعَثَهُ بمعنى أي أرسله فانْبعَثَ و بَعَثهُ من منامه أهبه وأيقظه وبعث الموتى نشرهم وباب الثلاثة قطع ) ، ثم يقول الصبحي مسترسلا في مرسلاته الجزافية: وتذكروا مطاردة قومهم لهم على أنها حدثت بالأمس القريب ﴿إِنّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلّتِهِمْ﴾ (الكهف 20). ولم يعرفوا أن قومهم قد انقرضوا منذ ثلاثة قرون...!! ونفس الحال فى البعث حين يستيقظ البشر جميعاً يظن المجرمون أنهم ماتوا بالأمس القريب ﴿كَأَنّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوَاْ إِلاّ عَشِيّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾ (النازعات 46). أى يظنون أنهم لم يلبثوا فى البرزخ إلا يوماً أو بعض يوم.[ قلت البنداري:هذه كذبة كبيرة من احمد الصبحي، ذلك لأن قوله تعالي ( لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها ، قصد الله تعالي بالتحديد أنها في الدنيا ، بدليل قوله تعالي : إلا عشية أو ضحاها) وهذا الوصف من خصائص الدنيا وليس البرزخ كما يزعم كذبا ابن الصبحي ]، ويستأنف المنكر فيقول: . ويحكى القرآن تساؤلهم عن الحشر ﴿يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لّبِثْتُمْ إِلاّ عَشْراً. نّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لّبِثْتُمْ إِلاّ يَوْماً﴾ (طه 103، 104). ولو كان هناك عذاب فى القبر لأحسوا به، خصوصاً وهم عصاة مجرمون، ولكنهم ماتوا وفقدوا الإحساس وحين استيقظوا ظنوا أنهم ماتوا بالأمس القريب، بل إنهم يقسمون بأغلظ الأيمان أنهم ما لبثوا فى البرزخ إلا ساعة [ قلت البنداري:هذه كذبة واسعة من ابن الصبحي، ذلك لأن قوله تعالي ( لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها ، قصد الله تعالي منها  بالتحديد أنها في الدنيا ، بدليل قوله تعالي : إلا عشية أو ضحاها) وهذا الوصف من خصائص الدنيا وليس البرزخ كما يزعم كذباً ابن الصبحي ]  ، ثم يقول مستأنفاً: والساعة هنا تعنى يوماً أو بعض يوم، وليس (60) دقيقة، يقول تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ. وَقَالَ الّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللّهِ إِلَىَ يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَـَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَـَكِنّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (الروم 55، 56)
@@ هم المجرمون [ وأقول البنداري: بل أنت المجرم يا ابن الصبحي، ومن تبعك مُصرين علي كذبك ،ذلك لأن المجرم هو المذنب والمذنب هو الذي عصي الله ورسوله وبات مصراً علي معصيته ، ومن معصيتك  لله أن كذبته حيث قال في اثبات عذاب القبر (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }غافر46 ) ، وتكذِّب يا كذاب بآيات الله وتقول علي ما أثبته الله في كتابه من عذاب القبر أنه خرافة ، أترانا سنصدقك أيها الكذاب ونكذب الله العلي الكبير حاشاه من إله عظيم علي كبير مهيمن جبار ، وما أنت في عظم الله وجبروته ؟؟! أنا أقول لك من أنت ؟ أنت أبو ضرطة ، تؤرقك بقة ، وتقتلك شرقة ، وتُنتنك عرقه ، وتؤلمك شكة ، أنت من يتغوط ،ويبول ويقوم وينام ويجول ، وتجري عليك سنن البشر البشعة من خبث ، وغدر وخيانة وإنكار لآياته تعالي وتكذيب لخير خلق الله ، كيف يا كذاب تقول علي ما أثبته الله في كتابه من حقيقة عذاب القبر أنه خرافة

 

، لقد ثبت لك بالدليل في كتاب الله الذي تزعم أنك والمخابيل الذين معك أهله وأولياؤه ، وهو منكم براء ، إن منهجكم يقوم علي تعمد تدمير دين الله في شرائعه وعقائده وعباداته ، فتارة تنكرون عذاب القبر وهو في صلب القرآن عقيدة وتارة تنكرون الناسخ والمنسوخ في القرآن وسنة نبيه (صلي الله عليه وسلم) وهو في صلب القرآن حقيقة بالنص لا بالمعني ، وتارة تنكرون شرعة القتال والجهاد ومقاتلة الكفار حتي يسلموا أو يعطوا الجزية أو العهد أو المكاتبة ، وتزعمون أنه ليس في القرآن كذبا وافتراءً، والآيات تكاد تخرم عينيك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }التوبة123) و (الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً }النساء76) (وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ }التوبة12) (  قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }التوبة29) (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }التوبة36) ]، ثم يقول الأفاك أحمد منصور:الذين يدعى أصحاب الخرافة القائلة بعذاب القبر أنهم يعذبون فى القبر- هؤلاء المجرمون يحكى القرآن أنهم يقسمون عند قيام الساعة إنهم ما لبثوا غير ساعة.. ومن الطبيعي أنهم لو كانوا يعذبون في القبر وكانوا يحسون بذلك العذاب لأحسوا بمرور الوقت ألاف من السنين يزيدها العذاب بطئاً وقسوة.. ولكن لأنه لا وجود لعذاب القبر ولأنه مجرد موت فى البرزخ بلا إحساس فإن المجرمين أنفسهم يقسمون أنهم ما لبثوا غير ساعة.. ويقول لهم المؤمنون العلماء إنهم لبثوا فى البرزخ إلى يوم البعث ولكنهم لم يعلموا لأنهم كانوا نياماً ففقدوا الإحساس بالزمن.[ وأقول البنداري : فما تقول في آل فرعون وقوم نوح ؟؟]، ثم يقول المنكر احمد صبحي:بين البرزخ ولحظة الاحتضار:  ولأن البرزخ منطقة انعدام للزمن والإحساس والشعور والحياة فإن القرآن يتخطاه أحياناً ويربط بين آخر شعور للإنسان عند الاحتضار والموت وأول شعور له وإحساس له عند البعث والقيامة.         [ وأقول البنداري:كذب ابن الصبحي لأن البرزخ لا نعلم عنه من النقل إلا ما ذكره الله تعالي نصاً في كتابه من قوله تعالي (عَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }المؤمنون100 ) فهذه هي الآية الوحيدة في كتاب الله تعالي التي تكلمت عن برزخ ما بين الدنيا وبين مستودع الأنفس، ويبدو أن معني لفظة البرزخ من الآية هو : الحاجز الذي خلقه الله تعالي لكي لا يرجع الميت مرة أخري إلي الدنيا وهكذا فالبرزخ ليس منطقة ولا مكانا لاستبقاء الأنفس بل هو مجرد حاجز يمنع اختلاط الأحياء من أهل الدنيا  بالأنفس التي استردها الله تعالي واستوفاها . ويتضح لنا هذا المعني عندما نستعرض قوله تعالي  )هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً }الفرقان53) أي : (وهو الذي مرج البحرين) أرسلهما متجاورين (هذا عذب فرات) شديد العذوبة (وهذا ملح أجاج) شديد الملوحة (وجعل بينهما برزخا) حاجزا لا يختلط أحدهما بالآخر (وحجرا محجورا ) سترا ممنوعا به اختلاطهما ، وقوله تعالي : (بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ }الرحمن20) أي : (بينهما برزخ) حاجز من قدرته تعالى (لا يبغيان) لا يبغي واحد منهما على الآخر فيختلط به , فكذلك البرزخ هو : (ومن ورائهم) أمامهم (برزخ) حاجز يصدهم عن الرجوع (إلى يوم يبعثون) ولا رجوع بعده. فهو مجرد حاجز يصد من يريد الرجوع إن كان يستطيع المحاولة للرجوع ، وليس منطقة للعيش كما يزعم المخبول ابن الصبحي. ] ثم يقول المنكر : يقول تعالى: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ. وَنُفِخَ فِي الصّورِ ذَلِكَ يَوْمَ الْوَعِيدِ﴾ (ق 19، 20). فآخر إحساس هو سكرة الموت ثم ينعدم الإحساس فى البرزخ ويبدأ الإحساس بنفخ الصور عند البعث.[ قلت البنداري: وما زال أحمد منصور يتغابي ويستدل بالحجج الظنية الواهية علي قضايا قطعية متينة الدلالة والثبوت فهو رتب حدثين ذكرتهما الآية ترتيبا زمنياً ادعي فيهما التلازم الأول هو: الموت ( سكرة الموت ) والثاني هو :( النفخ في الصور للبعث والنشور ( ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد) بحيث ذهب يستدل علي انعدام أحداث ما بينهما ومن ذلك عذاب القبر ،بهذا الترتيب فقط  وللقرآن الكريم أسلوبا بلاغياً رائعاً في السرد القصصي أو التاريخي أو ألحدثي ، فقد يختصر السياق بمناسبة الحدث الذي يتكلم عنه ، وقد يلجأ إلي تفصيله في مكان آخر ويتعمد ذكر الترتيب الزمني كما جاء في قصة موسي مثلا (  وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ) البقرة 87 ، ولم يفصل هنا كيف آتاه الله الكتاب بينما فصله في موضع آخر فقال في سورة  (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً .....الآيات ) البقرة/ 51 ) ، وبين أنه آتاه الكتاب بتكليمه مباشرة فقال (وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً }النساء164 ) كل هذا لا يجب بالضرورة أن يسرده الله تعالي في سياق قرآني واحد في آية واحدة ولكن بجمع الآيات سنعلم ترتيب الحدث بتفاصيله داخل سياق مجموع الآيات وليس في سياقٍ لآيةٍ واحدةٍ ؟ هكذا قضي الله تعالي في قرآنه هذه الصفة لحكمة يعلمها وما قاله الله تعالي هنا في شأن مجيء سكرة الموت بالحق ، ثم قوله تعالي : ( ونفخ في الصور ) اختصرت  الآيات أحداثا عظاما علمناها من القرآن نفسه ، فلم يذكر في الآية الآيات قبل النفخ للصعق مثلاً: خروج يأجوج ومأجوج ولم يذكر آية الدابة ولم يذكر نفخة الصعق ولم يذكر انشقاق السماء ولم يذكر تفتحها حتي تصير أبوابا ولم يذكر جمع الشمس والقمر وكثيرٌ كثيرٌ مما لم يذكره القرآن فيما بين ذكره لمجيء سكرة الموت وبين النفخ في الصور للبعث ، ولذلك يبطل الاستدلال بالترتيب الزمني في هذه الحالات ومنها بالطبع قضية أحمد منصور في محاولاته المتشابهة لإبطال مرحلة عذاب القبر ، إن عذاب القبر ثابت في آل فرعون وقوم نوح ، وما ثبت في القرآن في قوم نوح وآل فرعون  جاز أن يكون في كل البشر لأن العقل والنقل يفيد ذلك ]، ثم يقول صبحي: وعند سكرة الموت يرى الميت ملائكة الموت، فإن كان خاسراً يصرخ طالباً فرصة ثانية ﴿حَتّىَ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبّ ارْجِعُونِ. لَعَلّيَ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاّ إِنّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىَ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ سورة المؤمنون 99،100) فالخاسر عند الموت يطلب فرصة أخرى ليعمل صالحاً   ووقد يكون الميت خاسراً جداً حتى إن ملائكة الموت تضربه ﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾ (محمد 27). ﴿وَلَوْ تَرَىَ إِذْ يَتَوَفّى الّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ (الأنفال/ 50( ،ثم يقول صبحي ( إن ملائكة الموت تنذر العصاة بالعذاب الذي ينتظرهم، كما تبشر المتقين عند الموت وبعدها يدخل الميت البرزخ أو الموت ويستيقظ فى البعث وكأنه نام أو مات منذ يوم أو بعض يوم.. .[ قلت البنداري : هي نفس القضية حيث يستدل بالترتيب السياقي في الآيات علي حتمية الترتيب الزمني , وهذا لا يصح لأن القرآن الكريم لم يكن من خصائصه هذه الظاهرة بل فرق الأدلة في الحدث الواحد في أنحاء الكتاب لحكمة هو يعلمها نستبصر منها أن يجعل في عدم جمعها تشابها ليضل بهذا التشابه من في قلبه زيغ مثل صبحي منصور أو ليجتهد أولوا الأحلام والنهي ويبذلون الجهد في معرفة الحق فيتمسكون به ويكونون أهله ]  ثم يقول المنكر :إن لحظات الاحتضار تشهد حواراً بين ملائكة الموت والميت، تبشره إن كان تقياً وتؤنبه وتؤذنه بالنار إن كان خاسراً، ومن أكثر الخاسرين أولئك الذين يكذبون على الله ورسوله، ولأنهم أعظم الظالمين يفترون على الله أكاذيب ما أنزل بها من سلطان كالشفاعات وغيرها فإنه يقال لهم نفس التأنيب عند الموت وعند البعث، ويقول تعالى يصف لحظاتهم الأخيرة فى الدنيا ولحظاتهم الأولى فى الآخرة ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَىَ إِذِ الظّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُوَاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوَاْ أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ. وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىَ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوّلَ مَرّةٍ وَتَرَكْتُمْ مّا خَوّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىَ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ الّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تّقَطّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلّ عَنكُم مّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ (الأنعام 93،94)  ، [أقول البنداري :هذه آية من الآيات التي ضمت بين حروفها دليلا من أدلة حتمية حدوث عذاب القبر في كتاب الله تعالي في قوله سبحانه (اليوم تجزون عذاب الهون ) أي في الدنيا ومنذ وقوع هذا الموت،وحدوثه ، أما في الآخرة فيدل عليه قوله تعالي : ( ولقد جئتمونا فرادي كما خلقناكم أول مرة ) ، ويتبين وقوع ثلاثة أحداث من الآية بالترتيب 1- الاحتضار والموت يدل عليه قوله تعالي ( أخرجوا أنفسكم ) 2- عذاب القبر ، ويدل عليه قوله تعالي : ( اليوم تجزون عذاب الهون ...) 3- والثالثة : البعث يوم القيامة للحساب ويدل عليه قوله تعالي : (ولقد جئتمونا فرادي كما خلقناكم أول مرة) ،أما قول ابن صبحي:  عند الموت تقول لهم الملائكة: ﴿أَخْرِجُوَاْ أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾. وعند لقاء الله يوم القيامة يقال لهم ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ. وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىَ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوّلَ مَرّةٍ وَتَرَكْتُمْ مّا خَوّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىَ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ الّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تّقَطّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلّ عَنكُم مّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾. وما بين الموت ولقاء الله تعالى برزخ لا إحساس فيه ولا حياة ﴿لَعَلّيَ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاّ إِنّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىَ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ (المؤمنون 100) وحين البعث يقسمون أنهم ما لبثوا غير ساعة ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ﴾ (الروم 55) [ قلت البنداري:فقد أسقط بين الموت والقيامة:  عذاب القبر المستدل عليه من قوله تعالي (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ )]، ثم يقول هذا المنكر:  ولأن البرزخ منطقة انعدام للإحساس فالقرآن تجاوزه أحياناً مكتفياً بالتأكيد على أفظع إحساس للإنسان (عند الموت) فى آخر حياته، وعند البعث.. وما بينهما يمر كأنه يوم أو بعض يوم..وذلك فى حد ذاته أكبر دليل على أنه لا وجود لما يعرف بعذاب القبر أو نعيمه أو حسابه.. أو الثعبان الأقرع.[ وأقول البنداري : اعتقادك يا ابن الصبحي باطل ذلك لأنه لو صح اعتقادك فماذا تقول في قوم جعلهم الله تعالي في قبورهم أي دون البرزخ وقبل البعث أقواما يعذبون ليل نهار ، مثل قوم نوح وآل فرعون ، فإن زعمت أن هذا استثناء فلن ينهض بك دليل ولن تساندك في ذلك حجة ، لأنه زعم مرسل ، واحتجاج باطل لا نقل عليه ولا دليل  ، ولقام علي أمثالك الدليل والحجة بأن ذلك قد حدث وعليه فقد انهارت نظريتك وهَبَا زعمُك وسقطت أدلتك وهي ساقطة أصلاً ، ذلك لأن ادعاء وجود الاستثناء يلزم له وجود ما يدل عليه دلالة صحيحة فأنا لا يمكن لي أن اقول في جملة لغوية مثل : الناس يتنفسون الأكسجين ، أن فيها قاعدة واستثناء بدون أن يكون هناك ما يدل علي هذا التقسيم ولا يمكن افتراضه من عند نفسي ، وكذلك لا يمكن أن أقول : (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ )..}آل عمران93 ) أن فيها استثناء إلا بعد أن عرفت وجود الدليل علي هذا الاستثناء من قوله تعالي: (إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ  ) آل عمران93.؟ )، وكذلك لا يمكن لأحد من الناس أن يزعم أن في قوله تعالي في آل فرعون (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }غافر46 ) استثناء وقاعدة كما يزعم الكذاب أحمد صبحي ، ذلك لأنه لم يرد في الآيات ما يدل علي هذا الاستثناء مطلقا ولا حتي يشير إليه من قريب أو بعيد ، إلا زعم ابن الصبحي المرسل بدون أدلة وبمزاجه الخاص  فتراه يفتري الكذب ويقول ، ويستأنف تأليفه الباطل:وهذه هي القاعدة.. ولكن لها استثناءات محددة.. ذكرها القرآن، وهى القتلى فى سبيل الله وآل فرعون وقوم نوح..[ وأقول البنداري : إن اعتراف ابن الصبحي بوجود استثناء هو إثبات لأصل قضية وجود عذاب القبر ، ويبقي زعمه بوجود الاستثناء هل هو صحيح ( أي هذا الاستثناء المزعوم، أم لا، فما يهمنا هنا هو اعترافه بوجود عذاب القبر لآل فرعون وقوم نوح وأما دعواه وجود استثناء فهو ادعاء لم ينهض الدليل علي إثباته وليس هناك دليل استثناء أصلا وزعمه الاستثناء هو زعم باطل مرسل لا وجود له، وكل ما سيذكره من كلام هنا يؤكد صدق كلامنا من صحة وجود حياة ما بعد الموت علي أنها حياة  لا يعلم ماهيتها إلا الله الواحد ، يعذب فيها الكافر وينعم فيها المؤمن ويحيا فيها المقتول في سبيل الله تعالي يأكل فيها ويشرب هكذا قضي الله تعالي في كتابه. ]  فيقول المنكر في محاولاته تحريف معاني الآيات ليتحقق له ما يريد زعمه بالهوى والباطل : القتلى فى سبيل الله: الشهداء فى الآخرة- حسب مفهوم القرآن- هم الذين يشهدون على أقوامهم بتبليغ الحق ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىَ رَبّهِمْ وَيَقُولُ الأشْهَادُ هَـَؤُلآءِ الّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىَ رَبّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ﴾ (هود 18). ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلّ أُمّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مّنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىَ هَـَؤُلاَءِ وَنَزّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لّكُلّ شَيْءٍ﴾ (النحل 89). ويقول تعالى عن أولئك الشهداء يوم القيامة ﴿وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِـيءَ بِالنّبِيّيْنَ وَالشّهَدَآءِ﴾ (الزمر 69). أولئك هم الشهداء الذين يشهدون على قومهم..
أما الذين يموتون قتلاً فى سبيل الله فقد يكون منهم دعاة يشهدون على قومهم يوم القيامة وقد لا يكون. ولكن يذكر القرآن أنهم أحياء عند ربهم يرزقون، ولأنهم استثناء فى موضوع البرزخ فالله تعالى ينهانا أن نقول عنهم أنهم موتى ﴿ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاّ تَشْعُرُونَ﴾ (البقرة 154). هم أحياء لأنهم وهبوا حياتهم الدنيا لله تعالى فمنحهم الله تعالى حياة خالدة بعد الحياة الدنيا التى فقدوها ابتغاء مرضاة الله، ولأنه حياة فى مستوى آخر من الوجود لا نعرفه فالله تعالى يقول ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاّ تَشْعُرُونَ﴾ وإن كنا لا نشعر بهم فى حياتنا المادية البشرية فهم يشعرون بنا، ونعلم ذلك من قوله تعالى- وهو عالم الغيب والشهادة ﴿وَلاَ تَحْسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مّنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (آل عمران 169،170) 

يتبع ان شاء الله ب ج 3

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق