السبت، 10 ديسمبر 2022

علم البلاغة (علم المعاني)


علم البلاغة : مقدمة
البَلاغة هو أحد علوم اللغة العربية، وهو اسم مشتق من فعل بلغ، بمعنى إدراكـ الغاية أو الوصول إلى النهاية. فـالبلاغة تدل في اللغة على : إيصال معنى الخطاب كاملا إلى المتلقي، سواء أكان سامعا أم قارئا. فالإنسان حينما يمتلك البلاغة يستطيع إيصال المعنى إلى المستمع بإيجاز ويؤثر عليه أيضاً فالبلاغة لها أهمية في إلغاء الخطب والمحاضرات...ووصفها النبي محمد في قوله:((إن من البلاغة لسحراً))
يقول ابن الأثير
«مدار البلاغة كلها على استدراج الخصم إلى الإذعان والتسليم، لأنه لا انتفاع بإيراد الأفكار المليحة الرائقة ولا المعاني. اللطيفة الدقيقة دون أن تكون مستجلبة لبلوغ غرض المخاطب بها »
ملحوظة
السجال استراتيجية بلاغية للهجوم على رأي أو سياسة معينة، وغالبا ما يستخدم في الخطابات الدينية أو السياسية، كما يوظف في الفلسفة والنقد، يتجاوز السجال حد المناظرة أو المناقشة في مستواها البسيط بطرق عدة، ويعتمد على خطاب حجاجي يتطلع إلى وضعية القضاء على حجة الخصم إن لم يكن يتطلع إلى القضاء على الخصم نفسه. ويتجه هذا الفعل عملياً إلى الجمهور الذي من الممكن أن يكون وهمياً رغبة في تقديم الدعم لوضع المساجل.

وقد قسموا هذا العلم إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ (علم المعاني) وهو العلم بما يحترز به عن الخطأ في تأدية المعنى الذي يريده المتكلم كي يفهمه السامع بلا خلل وانحراف.
2 ـ (علم البيان) وهو العلم بما يحترز به عن التعقيد المعنوي، كي لا يكون الكلام غير واضح الدلالة على المعنى المراد.
3 ـ (علم البديع) وهو العلم بجهات تحسين الكلام.
فـ(المعاني) و(البيان) وضعا لمعرفة التحسين الذاتي، و(البديع) وضع لمعرفة التحسين العرضي.
========
علم المعانى : الفصاحة والبلاغة
الفصاحة

(الفصاحة) في اللغة: بمعنى البيان والظهور، قالى تعالى: (وأخي هارون هو أفصح منّي لساناً)(1).
وفي الإصلاح: عبارة عن الالفاظ الظاهرة المعنى، المألوفة الإستعمال عند العرب.
وهي تكون وصفاً للكلمة والكلام والمتكلم يقال: كلمة فصيحة، وكلام فصيح، ومتكلم فصيح.
فصاحة الكلمة
فصاحة الكلمة هي: خلوص الكلمة من الأمور التالية:
1 ـ من تنافر الحروف، بأن لا تكون الكلمة ثقيلة على السمع، صعبة على اللسان، فنحو (هعخع): اسم بنت ترعاه الإبل، متنافر الحروف.
2 ـ ومن غرابة الاستعمال، وهي كون الكلمة غير ظاهرة المعنى، ولا مألوفة الاستعمال عند العرب، حتى لا يفهم المراد منها، لاشتراك اللفظ، أو للإحتياج الى مراجعة القواميس، فنحو (مسرّج) و) تكأكأتم) غريب.
قال الشاعر:
ومـــقلةً وحاجـــباً مـــرجــّجا وفــاحماً، ومــرسِناً مسرّجاً
وقال عيسى بن عمروا النحوي ـحين وقع من حماره واجتمع عليه الناس ـ (ما لكم تكأكأتم عليّ، كتكأكئكم على ذي جنة، إنفرقعوا عنّي).
3 ـ ومن مخالفة القياس: بأن تكون الكلمة شاذة، على خلاف القانون الصرفي المستنبط من كلام العرب، فنحو (الاجلل) مخالف للقياس، والقياس (الأجل) بالإدغام.
قال أبو النجم:
الـــــحمد لله الــعلي الاجــلل الواحــد الــفرد الــقديم الأول
4 ـ ومن الكراهة في السمع، بأن تكون الكلمة وحشية، تمجّها الأسماع، كما تمجّ الأصوات المنكرة، نحو) الجرشى) بمعنى: النفس.
قال المتنبي:
مـــبارك الإسم أغـــرّ اللقبْ كريم الجرشّى شريف النسبْ
والحاصل:
انه إذا كان في الكلمة شيء من هذه الأربعة، كانت غير فصيحة، فاللازم على الفصيح اجتناب هذه الأمور.
فصاحة الكلام
فصاحة الكلام هي: خلوص الكلام من الأمور التالية:
1- من عدم فصاحة بعض كلماته، فإذا اشتمل كلام على كلمة غير فصيحة ـ كما تقدّم ـ سقط الكلام عن الفصاحة.
2- ومن تنافر الكلمات المجتمعة، بأن يكون بين كلماته تنافراً، فتثقل على السمع، وتَعسر على النطق، نحو هذين البيتين:
وقــب رحــرب بــمكان قفــــرُ وليس قــربَ قـبر حـرب قـبرُ
وقال أبو تمّمام:
كــريم متى أمــدحه والــورى معي وإذا ما لمته لمته وحدي
3- ومن ضعف التأليف: بأن يكون الكلام جارياً على خلاف قوانين النحو المستنبطة من كلام العرب، كوصل ضميرين وتقديم غير الاعرف نحو: (اعاضهاك) في قول المتنّبي:
خلت البلاد من الغزالة ليلهـا فاعاضهاك الله كــي لا تحزنا
4- ومن التعقيد اللفظي، بأن تكون الكلمات مرتّبة على خلاف ترتيب المعاني.
قال المتنبي:
جفختْ وهم لا يجفخون بها بهم شيمٌ على الحسب الأغر دلائل
والأصل: جفخت بهم شيمٌ دلائل على الحسب الاغرّ وهم لا يجفخون بها.
5 ـ ومن التعقيد المعنوي: بأن يكون التركيب خفي الدلالة على المعنى المراد بسبب ايراد اللوازم البعيدة، المحتاجة الى إعمال الذهن، حتى يفهم المقصود.
قال عباس بن الاحنف:
سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا وتسكب عيناي الدموع لتجمدا
أردا بجمود العين: الفرح والسرور الموجب لعدم البكاء، وهذا خلاف المعنى المتفاهم.
6- ومن كثرة التكرار، بأن يكرر اللفظ الواحد، فيأتي به مرتين أو أزيد.
قال الشاعر:
اني واسطار سطرن سطرا لقائل يا نصر نصر نصرا
7- ومن تتابع الاضافات، بأن تتداخل الإضافات.
قال ابن بابك:
حمامة جرعى حومة الجندل اسجعي فأنت بمــــرأى مـــن سعاد ومسمع
والحاصل:
انه إذا كان في الكلام أحد هذه الأمور السبعة كان غير فصيح.
فصاحة المتكلم
فصاحة المتكّلم عبارة: عن أن يكون المتكلم ذا ملكة يقتدر بها على التعبير عن المقصود، بكلام فصيح، والملكة تحصل بطول ممارسة الكلام الفصيح، بأن يكون في بيئة عربية فصيحة، أو يمرّن نفسه بكلمات الفصحاء كثيراً، كل ذلك وللذوق مدخل عظيم.
البلاغة
(البلاغة) في اللغة‏: بمعنى الوصول والانتهاء، قال تعالى: (ولّما بلغ اشدَّه)(2) أي وصل.
وفي الاصطلاح:
1 ـ أن يكون مطابقاً لمقتضى الحال، بأن يكون على طبق مستلزمات المقام، وحالات المخاطب، مثلاً لمقام الهول كلام، ولمقام الجد كلام، ومع السوقة كلام. ومع كلام الملوك كلام.. وهكذا.
2 ـ وان يكون فصيحاً ـ على ما تقدم ـ..
والبلاغة تقع وصفاً للكلام وللمتكلم، فيقال: كلام بليغ، ومتكلم بليغ، ولا يقال: كلمة بليغة.
بلاغة الكلام
(بلاغة الكلام) عبارة عن: أن يكون الكلام مطابقاً لما يقتضيه حال الخطاب، مع فصاحة الفاظ مفرداته ومركباته، فلو تكلم في حال الفرح مثل ما يتكلم في حال الحزن، أو العكس، أو تكلم في حال الفرح بكلام يتكلم به في هذه الحال لكن كانت الالفاظ غير فصيحة، لا يسمى الكلام بليغاً.
ثم إن الامر المقتضى للأتيان بالكلام على كيفية مّا، يسمى:
1 ـ (مقاماً) باعتبار حلول الكلام فيه.
2 ـ (حالاً) باعتبار حالة المخاطب أو المتكلم أو نحوهما.
والقاء الكلام على هذه الصورة التي اقتضاها الحال يسمى (مقتضى) فقولهم: (مقتضى الحال) أو (مقتضى المقام) بمعنى الكيفية التي اقتضاها الحال أو المقام.
مثلاً: يقال عند كون الفاعل نكرة، حين يتطلب المقام التنكير: هذا الكلام مطابق لمقتضى الحال.
إذاً: فالحال والمقام شيء واحد، وانما الاختلاف بالاعتبار.
بلاغة المتكلم
(بلاغة المتكلم) عبارة عن: ملكة في النفس يقتدر بها صاحبها على تأليف كلام بليغ، بحيث يكون مطابقاً لمقتضى الحال، فصيحاً.
وقد عرّف (ابن المعتز) الكلام البليغ بكلام بليغ، فقال: (ابلغ الكلام: ما حسن ايجاده، وقلّ مجازه، وكثر اعجازه، وتناسبت صدوره وأعجازه).
1 ـ القصص: 34.
2 ـ يوسف: 22. القصص: 14. الاحقاف: 15.
=======
علم المعانى : الخبر
أقسام الكلام
الكلام إما خبر وإما إنشاء، ولنتكلم الآن عن الخبر:
والخبر: هو ما يحتمل الصدق والكذب، نحو: محمد جالس، فإن كان هذا الكلام مطابقاً للواقع، بأن كان محمد جالساً، كان الكلام صدقاً، وإن لم يكن مطابقاً للواقع، بأن لم يكن محمد جالساً، كان كذباً.
والغالب في الخبر أن يلقى لأحد أمرين:
1- افادة المخاطب الحكم الذي تضمنه الخبر وذلك فيما إذا كان المخاطب جاهلاً، كقولك: (الله ربنا) للطبيعي. وهذا القسم يسمى: (فائدة الخبر).
2 ـ افادة المخاطب أن المتكلم عالم أيضاً وأنه يعلم الخبر، وذلك فيما إذا كان المخاطب عالماً، كقولك: (أنت حفظت القرآن) لمن كان حافظاً للقرآن. ويسمى هذا القسم: (لازم فائدة الخبر).
وقد تأتي بالكلام لاغراض اخر، غير هذين مثل:
1 ـ الاسترحام، نحو: (الهي عبدك العاصي اتاكا..).
2 ـ اغراء المخاطب بشيء، نحو: (وليس سواءاً عالم وجهول).
3 ـ اظهار الضعف والخشوع، كقوله تعالى: (قال رب اني وهن العظم مني..)(1).
4 ـ اظهار التحسر على شيء محبوب، كقوله تعالى: (قالت رب اني وضعتها انثى)(2).
5 ـ اظهار الفرح، كقوله تعالى (جاء الحق..)(3).
6 ـ التوبيخ، كقولك: (أنا أعلم فيم أنت!).
7 ـ التحذير، نحو (أبغض الحلال الطلاق)(4).
8 ـ الفخر، نحو: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر)(5).
9 ـ المدح، نحو: (فإنك شمس والملوك كواكب..).
10 ـ التذكير بأمر، كالتفاوت بين المراتب، نحو: (لايستوي كسلان ونشيط).
أقسام الخبر
ينقسم الخبر الى:
1- الابتدائي، وهو ما يستعمل حين يكون المخاطب خالي الذهن من الخبر، كقولك ـ لمن لا يعلم كون القبلة في طرف الجنوب من العراق ـ: (القبلة في العراق نحو الجنوب).
2- الطلبي، وهو ما يستعمل حين يكون المخاطب شاكاً في الخبر، طالباً العلم به، كقولك ـ لمن شك في سقوط حكومة ـ: (الحكومة سقطت). ويستحسن في هذه الحال تأكيد الخبر بمؤكد.
3 ـ الإنكاري، وهو ما يستعمل حين يكون المخاطب منكراً، كقولك للنصراني: (والله محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي). وفي هذه الحال يؤتى بالخبر مؤكداً بالقسم أو حرف التنبيه المؤكد أو نحوهما.
لكن ربما يؤكد الخبر لشرف الحكم، وان لم يكن المخاطب متردداً أو منكراً، كقولك: (ان النجاة في الصدق)(6).
واذا جئنا بالتأكيد على حسب ما ذكرنا، سمي الكلام: مطابقاً لمقتضى الظاهر.
وأما اذا لم نأت بالتأكيد في مورد التأكيد، أو أتينا بالتأكيد في غير مورده، فإن كان هناك اعتبار بلاغي كان حسناً، والاّ فلا.
العدول عن مقتضى الظاهر
وقد ذكروا للعدول عن مقنضى الظاهر لاعتبار بلاغي موارد:
1 ـ تنزيل العالم منزلة الجاهل، لعدم جريه على موجب علمه، فيلقى إليه الخبر كما يلقى الى الجاهل تقول لمن لا يصلي، وهو عالم بوجوب الصلاة: (الصلاة واجبة) من غير تأكيد.
2- تنزيل خالي الذهن منزلة المتردد السائل، قال تعالى: (وما أبرء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء)(7) فإن قوله: ان النفس.. أكدت لأنه تقدم ويشير الى الخبر المقتضي لتردد المخاطب.
3- تنزيل غير المنكر منزلة المنكر، اذا ظهرت امارة الانكار، كقوله:
جاء شقيق عارضاً رمحه ان بني عمّك فيهم رماح
فشقيق لا ينكر رماح بني عمه، ولكن مجيئه واضعاً رمحه على فخذه بالعرض وهو راكب، بمنزلة انكاره ان لبني عمه رماحاً، فأكد الكلام استهزاءاً به.
4- تنزيل المتردد منزلة الخالي الذهن، كقولك لمن تردد في مجيء الشتاء: (جاء الشتاء).
5- تنزيل المتردد منزلة المنكر، ويدل على ذلك شدة التأكيد، والا فلو لم ينزل كان التأكيد الواحد كافياً، كقولك لمن يتردد في مجيء الامير: (والله ان الامير جاء).
6- تنزيل المنكر منزلة الخالي الذهن، لان عنده من الدلائل ما لو تأملها ارتدع، قال تعالى ‏: (والهكم اله واحد)(8).
7- تنزيل المنكر منزلة المتردد، ويظهر بعدم الاعتناء الى مزيد التأكيد مع اقتضاء المقام ذلك كقولك لمن ينكر نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أشد الانكار: (ان محمداً صلى الله عليه وآله نبي).
وحاصل التقسيم: ان كلاً من المنكر والمتردد والخالي قد ينزّل منزلة غيره لاعتبار بلاغي.
أقسام الخبر
ينقسم الخبر الى قسمين:
1- الجملة الفعلية، وهي اما مركبّة من فعل وفاعل، نحو: (قال زيد) واما من فعل ونائب فاعل نحو (ضُرب زيدٌ).
ثمّ إنّها قد تفيد التجدد والحدوث في زمن معيّن، نحو قولهم في البخيل: (يعيش عيشة الفقراء ويحاسب حساب الأغنياء).
وقد تفيد الاستمرار التجددي شيئاً فشيئاً، كقول المتنبي: (تدبّر شرق الارض والغرب كفه..) بمعنى أن شأنه المستمر تدبير الممالك.
2- الجملة الاسمية، وهي ما تركبت من مبتدأ وخبر، وهي لا تفيد الاّ ثبوت شيء لشيء، نحو (زيد شجاع) لكن إذا كان خبر المبتدأ فعلاً، أو كان هناك قرينة، أفادت التجدد أيضاً، نحو: (الكريـــم يفرح بالضيف) وقوله تعالـــى: (وانك لعـــلي خلق عظيم)(9).
1 ـ مريم: 4.
2 ـ آل عمران: 36.
3 ـ الاسراء: 81 سبأ: 49.
4 ـ راجع المستدرك 15/279 ب1 ح 18233.
5 ـ بحار الأنوار: 9/294 ب2 ح5
6 ـ بحار الأنوار: 70/14 ب 122 ح3 (بيان) ط بيروت.
7 ـ يوسف: 53.
8 ـ البقرة: 163.
9 ـ القلم: 4.
======
علم المعانى : الإنشاء
فـ (الانشاء) لغة: هو االايجاد.
وفي الاصطلاح: ما لا يحتمل صدقاً ولا كذباً، كالامر والنهي والاستفهام والتمني والنداء وغيرها، فإنك إذا قلت: (اللّهم ارحمني) لا يصح أن يقال لك: صادق أو كاذب، نعم يصح ذلك بالنسبة الى الخبر الضمني المستفاد من الكلام، وهو انك طالب للمغفرة.
أقسام الإنشاء
والانشاء ينقسم إلى (طلبي) و(غير طلبي).
فا لانشاء غير الطلبي: ما لايستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب، وهو على أقسام:
1 ـ المدح والذم، ويكونان بـ (نعم) و(حبذا) و(ساء) و(بئس) و(لاحبذا)، نحو: (نعم الرجل زيد) و(وبئست المرأة هند).
2 ـ العقود، سواء كانت بلفظ الماضي، نحو: (بعت) و(وهبت) أم بغيره، نحو: (امرأتي طالق) و(عبدي حرّ).
3 ـ القَسَم، سواء كان بالواو أو بغيرها، نحو: (والله) و(لعمرك).
4 ـ التعجّب، ويأتي قياساً بصيغة (ما أفعله) و(أفعل به) نحو): (ما أحسن عليّاً) و(أكرم بالحسين) وسماعاً بغيرهما، نحو: (كيف تكفرون بالله)(1).
5 ـ الرجاء، ويأتي بـ (عسى) و(حرى) و(اخلولق) نحو: (فعسى الله أن يأتي بالفتح)(2).
الإنشاء الطلبي
والانشاء الطلبي: هو الذي يستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب ـ حسب اعتقاد المتكلم ـ وهو المبحوث عنه في علم المعاني لما فيه من اللطائف البلاغيّة، وانواعه خمسة:
الأول: الامر، وهو طلب حصول الفعل من المخاطب على سبيل الاستعلاء، وهو امّا:
1 - بفعل الامر نحو: (اقم الصلاة لدلوك الشمس)(3).
2 - أو بالمضارع المجزوم بلام الأمر نحو: (وليتق الله ربه)(4) ومثله الجملة نحو:(يعيد الصلاة)(5).
3 - أو باسم فعل الامر نحو: (عليكم أنفسكم)(6).
4 - أو بالمصدر النائب عن فعل الأمر: نحو: (ذهاباً الى بيت الله).
قالوا: وقد تخرج صيغة الامر: عن معناها الاصلي ـ المتقدم ـ فيراد منها أحد المعاني الآتية بالقرينة، لكن الظاهر أنها مستعملة في معناها، وانما تختلف الدواعي، وتحقيقه في الاصول(7).
1 ـ الدعاء، نحو: (رب أوزعني أن أشكر نعمتك)(8).
2 ـ الإلتماس، نحو: (اذهب الى الدار) تقوله لمن يساويك.
3 ـ الارشاد، نحو: (اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه)(9).
4 ـ التهديد، نحو: (اعملوا ما شئتم انه بما تعملون بصير)(10).
5 ـ التعجيز، نحو: (فأتوا بسورة من مثله)(11).
6 ـ الاباحة، نحو: (وكلوا واشربوا حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)(12).
7 ـ التسوية، نحو: (اصبروا أو لا تصبروا)(13).
8 ـ الإكرام، نحو: (ادخلوها بسلام آمنين)(14).
9 ـ الإمتنان، نحو: (فكلوا ممّا رزقكم الله)(15).
10 ـ الاهانة، نحو: (كونوا حجارة أو حديداً)(16).
11 ـ الدوام، نحو: (اهدنا الصراط المستقيم)(17).
12 ـ التمنّي، كقوله: (ألا أيها الليل الطويل الا انجلي..).
13 ـ الاعتبار، نحو: (انظروا إلى ثمره إذا أثمر)(18).
14 ـ الاذن، نحو قولك: (ادخل) لمن طرق الباب.
15 ـ التكوين، نحو قوله تعالى: (كن فيكون)(19).
16 ـ التخيير، نحو: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع)(20).
17 ـ التأديب، نحو: (كل ما بين يديك) لمن يأكل من الاطراف.
18 ـ التعجّب، نحو: (انظر كيف ضربوا لك الأمثال)(21).
النهي
الثاني: النهي، وهو طلب المتكلم من المخاطب الكف عن الفعل، على سبيل الاستعلاء.
وهو أما:
1 ـ بصيغة المضارع المدخول عليها اللا، كقوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل..)(22).
2 ـ أو بالجملة الدالة على ذلك، كقولك: (حرام أن تفعل كذا).
قالوا: وقد يستفاد من النهي معان أخر مجازاً بالقرينة، على ما يلي:
1 - الدعاء كقوله تعالى: (ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)(23).
2 - الالتماس، كقولك لاخيك: (لا تفعل خلاف رضاي).
3 - الارشاد كقوله تعلى: (ولا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)(24).
4 - الدوام، كقوله تعالى: (ولا تحسبن الله غافلاً عمَا يعمل الظالمون)(25).
5 - بيان العاقبة، كقوله تعالى: (ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً)(26).
6 - التيئيس، كقوله تعالى: (لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم)(27).
7 - التمنّي، كقولك: (يا شمس لا تغربي).
8 - التهديد، كقولك لولدك مهدداً: (لا تذهب إلى مجالس البطالين)
9 - الكراهة، نحو (لا تشتم الريحان في يوم الصوم).
10 - التوبيخ، كقوله: (لا تنه عن خلق وتأتي مثله).
11 - الايناس، كقوله تعالى: (لا تحزن)(28).
12 - التحقير، كقوله: (دع المكارم لا ترحل لبغيتها..).
الإستفهام
الثالث: الاستفهام، وهو طلب الفهم، فيما يكون المستفهم عنه مجهولاً لدى المتكلّم، وقد يكون لغير ذلك كما سيأتي، ويقع الاستفهام بهذه الادوات:
1 ـ الهمزة كقوله تعالى: (أراغب أنت عن آلهتي)(29).
2 ـ هل، كقوله تعالى: (فهل أنتم منتهون)(30).
3 ـ ما، كقوله تعالى: (أماذا كنتم تعملون)(31).
4 ـ من، كقوله تعالى: (من فعل هذا بآلهتنا)(32).
5 ـ أيّان، كقوله تعالى: (يسئلون أيان يوم الدين)(33).
6 ـ أين، كقوله تعالى: (أين شركاؤكم..)(34).
7 ـ كيف، كقوله تعالى: (كيف تكفرون بالله..)(35).
8 ـ انّى، كقوله تعالى: (اني يحيى هذه الله بعد موتها)(36).
9 ـ كم، كقوله تعالى: (كم لبثتم في الارض عدد سنين)(37).
10 ـ أيّ، كقوله تعالى: (أيّ الفريقين خير مقاماً)(38).
أقسام أدوات الاستفهام
تنقسم أدوات الإستفهام إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ ما يطلب به التصوّر.
2 ـ ما يطلب به التصديق.
3 ـ ما يطلب به التصوّر مرة، والتصديق اخرى.
والتصوّر، هو ادراك المفرد، بمعنى أن لا يكون هناك نسبة، فـ (زيد) و(عمرو) و(القرآن) و(الله).. ونحوها كلّها مفرد، فهي تصورات.
والتصديق: هو ادراك النسبة، أي نسبة الفعل الى فاعله أو المبتدأ الى خبره، فـ (زيد قائم) و(الله عالم)(39) و(محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي).. ونحوها كلها نسبة، فهي تصديقات.
وجملة القول:
ان العلم ان كان اذاعاناً للنسبة فتصديق، والا فتصورّ.
والتصديق كما يكون في الاثبات، نحو (محمد عادل) كذلك يكون في النفي، نحو (خالد فاسق).
همزة الاستفهام
من أدوات الاستفهام الهمزة، وهي مشتركة، فتأتي تارة لطلب التصور، وأخرى لطلب التصديق.
1- أما ما كان لطلب التصوّر، فيلي الهمزة المسئوول عنه، والسؤال حينئذٍ عن المفرد لا النسبة بمعنى: أن السائل يعلم بالنسبة، وانما لا يعلم شيئاً من اطرافها.
مثلاً يعلم: أنه وقع فعل ما، لكن لا يعرف المسند، أو المسند اليه، أو المفعول، أو الحال، أو الظرف، أو الصفة.. أو نحوها.
ففي نحو: (ضرب زيدٌ عمراً، الفاسق، راكباً، في الصحراء) يقع المجهول بعد همزة الاستفهام.
فتقول في الجهل بالفعل: (أضربه أم قتله)؟
وتقول في الجهل بالفاعل: (أزيد الضارب أم بكر)؟
وتقول في الجهل بالمفعول: (أعمراً المضروب أم محمداً)
وتقول في الجهل بالصفة: (أعمرا الفاسق أم التاجر)؟
وتقول في الجهل بالحال: (أراكباً كان زيد أم راجلاً)؟
وتقول فيي الجهل بالظرف: (أفي الصحراء أم في البلد)؟
وهكذا..
وقد علم من هذه الامثلة: ان النسبة معلومة، وانما المجهول مفرد من المفردات.
2 ـ وأما ما كان لطلب التصديق، فالهمزة تدخل على الجملة، والسؤال يقع عن النسبة، كقولك: (أجاء زيدٌ؟) فيما لم تعلم بالمجيء.
ثم ان الغالب أن يؤتى للهمزة التي لطلب التصور بمعادل، كما عرفت في الامثلة: من معادلة (أم) للهمزة.
بخلاف طلب التصديق فلا يؤتى للهمزة بمعادل، كما تقدم في المثال.
ثم أن جواب الهمزة التي لطلب التصور: تعيين أحد الشقين:
فتقول في السؤال الاول: (ضربه).
وتقول في السؤال الثاني: (زيدٌ).
وتقول في السؤال الثالث: (عمراً).
وهكذا...
بخلاف الهمزة التي لطلب التصديق، فالجواب: (نعم) أو (لا).
هل الاستفهامية
من أدوات الاستفهام: هل، وهي مختصة بطلب التصديق، فيراد بها معرفة وقوع النسبة وعدم وقوعها، ولذا لا يذكر معها معادل، كما يكون جوابها: (نعم) أو (لا).
تقول: (هل قام زيد)؟
والجواب: (نعم) أو: (لا).
وتنقسم هل الى:
1 ـ بسيطة، وهي أن يكون المستفهم عنه بها: وجود الشيء وعدمه، كما تقول: (هل العنقاء موجودة)؟
2 ـ مركبة، وهي أن يكون المستفهم عنه بها: صفة زائدة على الوجود، كما تقول: (هل الخفاش يبصر)؟
ما الاستفهامية
بقية أدوات الاستفهام موضوعة لطلب التصوّر فقط، فيقع السؤال عن معناها.
1 ـ فـ (ما): موضوعة للاستفهام عن غير العقلاء، ويطلب بها احد امور ثلاثة:
الأول: ايضاح الاسم، مثلاً يقال: (ما الفدوكس)؟ فيقال في الجواب: (أسد).
الثاني: بيان حقيقة الشيء، مثلاً يقال: (ما الاسد)؟ فيقال في الجواب: (حيوان مفترس).
الثالث: بيان صفة الشيء، مثلاً يقال: (ما الحيوان)؟ فيقال في الجواب: (حساس متحرك بالارادة).
وهنا نكتة لا بأس بالتنبيه عليها، وهي: أن السؤال عن شيء حسب ترتيبه العقلي هكذا:
الف ـ السؤال بـ (ما) الشارحة، تقول: (ما هي الذكاء)؟ فيقال: (الشمس).
ب- السؤال بـ (هل) البسيطة، تقول: (هل الشمس موجودة)؟ فيقال: (نعم).
ج- السؤال بـ (ما) الحقيقية، تقول (ماهي الشمس)؟ فيقال: (جرم علوي مضيء..).
د- السؤال بـ (هل المركبة)، تقول: (هل الشمس أصل الكون)؟ فيقال: (لا).
وذلك لان الانسان يطلب أولاً معنى اللفظ، ثم وجوده، ثم حقيقته، ثم صفاته وخصوصياته.
بقية أدوات الاستفهام
2 ـ و(من): موضوعة للاستفهام عن العقلاء، كقوله تعالى: (من فعل هذا بآلهتنا)؟ (40) وقد ينعكس، فتستعمل (ما) للعاقل، و(من) لغيره.
3 ـ و(متى): موضوعه للاستفهام عن الزمان، مستقبلاً كان أم ماضياً، نحو: (متى خلّف رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم) علياً عليه السلام و(متى يظهر الحجّة عليه السلام)؟
4 ـ و(أيّان): موضوعة للاستفهام عن زمان المستقبل فقط، قال تعالى: (يسئل أيّان يوم القيامة)؟ (41).
5 ـ و(كيف): موضـــوعــــة للاستفـــهام عن الحال، قــــال تعالى: (فكيف اذا جئنا من كل أُمَّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً)؟(42).
6 ـ و(اين): موضوعة للاستفهام عن المكان، قال تعالى: (أين شركاؤكم)؟ (43).
7 ـ و(أتّى): موضوعة الاستفهام، وتأتي بمعنى:
الف ـ كيف، كقوله تعالى: (أنّى يُحيي هذه الله بعد موتها)؟ (44).
ب - وبمعنى من أين، كقوله تعالى: (يا مريم أنّى لكِ هذا)؟ (45).
ج- وبمعنى متى، تقول: (زره أنّى شئت؟).
8 ـ و(كم): موضوعة للاستفهام عن عدد مبهم، كقوله تعالى: كم لبثتم في الارض عدد سنين) (46).
9 ـ و(أيّ) موضوعة للإستفهام عن تمييز أحد المتشاركين في أمر يعمهما: شخصاً، أو زماناً أو مكاناً، أو حالاً، أو عدداً، عاقلاً أو غيره، قال تعالى: (أيُّ الفريقين خير مقاماً)؟ (47).
خروج أدوات الإستفهام من معانيها
قالوا: وقد تخرج ألفاظ الاستفهام عن معناها الاصلي: وهو طلب الفهم من الجهل، فيستفهم بها عن الشيء مع االعلم به لاغراض أخرى، وأهمها أمور:
1 - الامر، كقوله تعالى: (فهل أنتم منتهون)؟ (48)أي انتهوا.
2 - النهي، كقوله تعالى: (أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه) (49). أي لا تخشوهم.
3 - التسوية، كقوله تعالى: (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم)؟ (50).
4 - النفي، كقوله تعالى: (هل جزاء الاحسان الا الاحسان)؟ (51).
5 - الانكار، كقوله تعالى:(أغير الله تدعون)؟ (52).
6 - التشويق، كقوله تعالى:(هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم)؟ (53).
7 - الاستئناس، كقوله تعالى: (وما تلك بيمينك يا موسى)؟ (54).
8 - التقرير، كقوله تعالى:(ألم نشرح لك صدرك)؟ (55).
9 - التهويل، كقوله تعالى: (وما أدراك ما الحاقة)؟ (56).
10 - الإستبعاد، كقوله تعالى: (أنّى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين)؟(57).
11 - التعظيم كقوله تعالى: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)؟ (58).
12 - التحقير، كقوله تعالى: (أهذا الذي يذكر آلهتكم)؟ (59).
13 ـ التعجّب، كقوله تعالى: (ما لهذا الرسول يأكل الطعام)؟ (60).
14 ـ التهكّم، كقوله تعالى: (أصلاتك تأمرك أن نترك ما كان يعبد آباؤنا)؟ (61).
15 - الوعيد، كقوله تعالى:(ألم تر كيف فعل ربّك بعباد)؟ (62).
16 - الاستبطاء، كقوله تعالى:(متى نصر الله)؟ (63).
17 - التنبيه على الخطأ، كقوله تعالى:(أتستبدلون الّذي هو أدنى بالذّي هو خير)؟ (64).
18 - التنبيه على ضلال الطريق، كقوله تعالى: (فأين تذهبون)؟ (65).
19 - التحسّر، كقوله تعالى: (ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني الى النار)؟ (66).
20 - التكثير، كقوله: (أهذا الخلق يحشر في القيامة).
التمنّي
الرابع(67): التمني، وهو طلب المحبوب الذي لا يرجى حصوله، لاستحالته عقلاً أو شرعاً أو عادة، كقولك: (ليت الشباب لنا يعود) و(ليت السواك كان واجباً) وقوله تعالى: (يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون)(68).
والفرق بين التمنّي والترجّي ـ كما ذكروا ـ: أن التمنّي يأتي فيما لا يرجى حصوله، ممكناً كان أم ممتنعاً، والترجّي فيما يرجى حصوله.
ويستعمل للترجّي ـ غالباً ـ (عسى) و(لعلّ) قال الله تعالى: (فعسى الله أن يأتي بالفتح)(69) وقال سبحانه: (لعلّ الله يُحدث بعد ذلك أمراً)(70).
قالوا: وللتمنّي أدوات أخرى تستعمل فيه مجازاً، مثل:
(هل): قال تعالى: (فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا)؟ (71).
و (لو): قال تعالى: (فلو أن لنا كرَّةً فنكون من المؤمنين)(72).
و (لعلّ) كقول الشاعر:
أسرب القطا هل من يعير جناحه لعلّـــي إلى من قد هويت أطير
وقد ينعكس فيؤتى بـ (ليت) مكان (لعل)، قال تعالى: (يا ليتني اتّخذتُ مع الرسول سبيلاً)(73) للتندّم، وقال الشاعر:
فيا ليت ما بيني وبين أحبّتـــي من البعد ما بيني وبين المصائب
النداء
الخامس: النداء، وهو طلب توجّه المخاطب الى المتكلّم بحرف يفيد معنى: (انادي).
وحروف النداء:
1 ـ الهمزة: قال الشاعر: (أسكّان نعمان الاراك تيقّنوا...).
2 ـ يا: قال تعالى: (ياأيّها النبي اتّق الله...)(74).
3 ـ أيّ: قال الشاعر: (أيها السائل عنهم وعني...).
4 ـ أ: كقوله: (أسيد القوم أنّي لست متّكلاً...).
5 ـ أي: كقوله: (أي ربّ قوّ المسلمين فإنهم...).
6 ـ أيا: كقوله: (أيا من لست أنساه...).
7 ـ هيا: كقوله: (... ويقول من فرح: هيا ربّا).
8 ـ وا: كقوله: (فوا عجباً كم يدّعي الفضلَ ناقص...).
ثم انهم اختلفوا في هذه الحروف، والمرجحّ: أن (الهمزة) و(أيّ) لنداء القريب، والباقي لنداء البعيد.
وقد يجعل للقريب سائر الادوات اشارة إلى انحطاط مرتبته فلا يليق بالتكلّم معه عن قريب، أو ارتفاع مرتبته فشأنه أجلّ من أن يتكلّم عن قرب، أو لكونه كالبعيد، كالنائم والغافل..
كما أنه ربما يجعل للبعيد أدوات القريب، اشارة إلى أنه في نفس المتكلّم فهو كالقريب، أو لتنزيل القرب المعنوي منزلة القرب المكاني..
استخدام النداء لأغراض اُخر
قالوا: وربما يؤتى بحرف النداء لغرض آخر، وأهم الاغراض:
1 ـ الإستغاثة، كقوله: (يا لقومي ويا لأمثال قومي..).
2 ـ الاغراء، كقوله: (يا من رُميت ألا تنهض إلى الثار...).
3 ـ الندبة، كقوله: (يا حسيناً قتلته الأشقياء...).
4 ـ الزجر، كقوله: (أفؤادي متى المتاب؟...).
5 ـ التعجّب، كقوله: (يا أيّها المجنون كيف تفلسف؟...).
6 ـ التضجّر وإظهار الحزن، كقوله: (أيا منزل الاحباب أين الاحبّة؟...).
7 ـ التذكّر، كقوله: (ذكرتك يا معهد المسلمين...).
8 ـ الاختصاص، وهو كالنداء من غير ياء، فيؤتى بالضمير ثم باسم ظاهر يبيّنه، نحو قوله تعالى: (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت أنّه حميد مجيد)(75) ونحو قوله (صلى الله عليه آله وسلم): (انّا معاشر الأنبياء اُمرنا أن نكلِّم الناس على قدر عقولهم)(76).
وضع الخبر موضع الإنشاء
يوضع الخبر موضع الإنشاء لاغراض:
1 ـ التفأل، كقوله: (عافاك ربّك من بليتّك التي...) وكقوله: (وفّقك الله) و(أصلحك الله).
2 ـ الإحتراز عن إتيان الشيء بصورة الأمر، تأدباً ونحوه، كقوله: (ينظر سيّدي إلى مقالي..).
3 ـ التنبيه على سهولة الأمر لتوفّر شروطه، كقوله: (تأخذون بنواصي القوم وتنزلونهم من صياصيهم...).
4 ـ المبالغة في الطلب تأكيداً، كقوله: (لا تضربون وجوه الناس بالعمد..) لم يقل: (لا تضربوا) مبالغة في النهي حتّى كأنّهم امتثلوا النهي فأخبر عن امتثالهم.
5 ـ إظهار الرغبة في الشيء، كقوله: (شفّعني الله محمداً وآله).
وضع الانشاء موضع الخبر
وقد ينعكس الامر فيوضع الإنشاء موضع الخبر لأغراض:
1 ـ اظهار العناية بالشيء والإهتمام به، كقوله تعالى: (قل أمر ربّي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كلّ مسجد...)(77) والأصل: وإقامة وجوهكم.. لكنه لعظيم خطر الصلاة اُوتي في صورة الانشاء.
2 ـ التأدب بالنسبة إلى عظيم لئلا يساويه غيره في سوق الكلام، كقوله تعالى: (قال انّي اُشهد الله واشهدوا أنّي بريء ممّا تُشركون...)(78) لم يقل: واشهدكم.. لئلا يتشابه الإستشهادان.
1 ـ البقرة: 28.
2 ـ المائدة: 52.
3 ـ الاسراء: 78.
4 ـ البقرة: 282.
5 ـ المستدرك 5/406ب1ح6199.
6 ـ المائدة: 105.
7 ـ راجع كتاب (الاصول) للامام المؤلف.
8 ـ النمل: 19. الاحقاف: 15.
9 ـ البقرة: 282.
10 ـ فصلت: 40.
11 ـ البقرة: 23.
12 ـ البقرة: 187.
13 ـ الطور: 16.
14 ـ الحجر: 46.
15 ـ النحل: 114.
16 ـ الاسراء: 50.
17 ـ الفاتحة: 6.
18 ـ الانعام: 99.
19 ـ البقرة: 117.
20 ـ النساء: 3.
21 ـ الاسراء: 48. الفرقان:9.
22 ـ البقرة: 188.
23 ـ البقرة: 286.
24 ـ المائدة: 101.
25 ـ ابراهيم: 43.
26 ـ آل عمران: 169.
27 ـ التوبة: 66.
28 ـ التوبة: 40.
29 ـ مريم: 46.
30 ـ المائدة: 91.
31 ـ النمل: 84.
32 ـ الانبياء: 59.
33 ـ الذاريات: 12.
34 ـ الانعام: 22.
35 ـ البقرة: 28.
36 ـ البقرة: 259.
37 ـ المؤمنون: 112.
38 ـ مريم: 73.
39 ـ فاطر: 38.
40 ـ الانبياء: 59.
41 ـ القيامة: 6.
42 ـ النساء: 41.
43 ـ الانعام: 22.
44 ـ البقرة: 259.
45 ـ آل عمران: 37.
46 ـ المؤمنون: 112.
47 ـ مريم: 73.
48 ـ المائدة 91.
49 ـ التوبة: 13.
50 ـ البقرة: 6.
51 ـ الرحمن 60.
52 ـ الانعام: 40.
53 ـ الصف: 10.
54 ـ طه: 17.
55 ـ الشرح: 1.
56 ـ الحاقة: 3.
57 ـ الدخان: 13
58 ـ البقرة: 255.
59 ـ الانبياء: 36.
60 ـ الفرقان: 7.
61 ـ هود: 87.
62 ـ الفجر: 6.
63 ـ القرة: 214.
64 ـ البقرة: 61.
65 ـ التكوير: 26.
66 ـ غافر: 41.
67 ـ من أقسام الإنشاء الطلبي.
68 ـ القصص: 79.
69 ـ المائدة: 52.
70 ـ الطلاق: 1.
71 ـ الاعراف: 53.
72 ـ الشعراء: 102.
73 ـ الفرقان: 27.
74 ـ الاحزاب: 1.
75 ـ هو: 73.
76 ـ بحار الأنوار 1/85 ب1 ح7.
77 ـ الاعراف:29.
78 ـ هود: 54.
========
علم المعانى : المسند إليه
(المسند إليه): هو الذي يعتمد عليه الفعل وشبهه، فاعلاً أم نائباً، أم غيرهما.
وتعرضه حالات، من ذكر وحذف، وتعريف وتنكير، وتقديم وتأخير، وغيرها.
والاصل ذكر المسند إليه، لتوقّف فهم الكلام عليه، لكنه قد يجوز حذفه لوجود قرينة تدل عليه، وحينئذ فالراجح ذكره لأمور:
1 ـ زيادة التقرير والإيضاح، كقوله تعالى: (اُولئك على هدى من ربّهم واُولئك هم المفلحون)(1) فإن ذكر (اُولئك) لزيادة الايضاح.
2 ـ ضعف القرينة، أو ضعف فهم السامع عن إدراكها، كقوله تعالى: (وما أدراك ما هيه نار حامية)(2) فإن ذكر (النار) انما هو لاحتمال ضعف القرينة أو ضعف ادراك سامعها.
3 ـ الرد على المخاطب، كقوله تعالى: (إنَّما الله إله واحد)(3) رداً على من زعموا أنه أكثر.
4 ـ التلذّذ بذكر المحبوب، كقوله: (حبيبتي هي بدر، حبيبتي هي شمس...).
5 ـ التعريض بغباوة السامع، كقولك: (زيد قال كذا) في جواب: (ماذا قال زيد)؟.
6 ـ التسجيل على السامع حتى لا يتمكّن من الإنكار، كقولك: (نعم، زيد سرق) في جواب أبيه: (هل زيد ابني سرق)؟‍
7 ـ التعجّب، فيما كان الحكم عجيباً: كقولك: (علي عليه السلام أخمد نار بدر) في جواب: (هل عليّ عليه السلام أخمد نار بدر)؟
8 ـ التعظيم، كقولك: (جاء أمير المؤمنين) في جواب (هل جاء أمير المؤمنين)؟!
9 ـ الاهانة، كقولك: (جاء السارق) في جواب: (هل جاء السارق)؟
10 ـ بسط الكلام حيث الإصغاء مطلوب، كقوله تعالى: (قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهشّ بها على غنمي..)(4).
حذف المسند إليه
حذف (المسند إليه) خلاف الأصل كما عرفت، لكن إذا كانت هناك قرينة، وكان في حذفه غرض رجّح حذفه، وأهم الأغراض:
1 ـ الإحتراز عن العبث ـ بناءً على الظاهر ـ كقوله: (زيد أتى ثم ذهب) ولم يقل (زيد ذهب).
2 ـ اخفاء الأمر عن الحاضرين غير المخاطب، كقولك: (جاء) في جواب (ما فعل)؟ تريد أحد المجرمين.
3 ـ سهولة الانكار حيث تمس الحاجة إليه، كقولك: (زنديق) حيث يعرفه المخاطب.
4 ـ الحذر من فوات الفرصة، كقولك: (غزال) لتنبيه الصيّاد، فإن قلت: (هذا غزال) فات خلف جبل مثلاً.
5 ـ اختبار تنبه السامع عند القرينة أو مقدار تنبهّه له، كقولك: (خاتم النبييّن) أي (محمدّ صلى الله عليه وآله وسلم).
6 ـ تضجّر المتكلّم بسبب، فلا يحب التطويل، كقوله: (قال لي: كيف أنت؟ قلت: عليل) ولم يقل: (أنا عليل) تضجّراً من علّته.
7 ـ المحافظة على السجع، كقولك: (زيد طاب، ثم آب) ولا تقول: (آب هو).
8 ـ المحافظة على القافية، كقوله:
قد كــــان بــالإحسان أحــرى أحمد لأنـــه فـــي كــل حـــــال يحـــــم
لم يقل: يحمد هو، تحفّظاً على القافية.
9 ـ المحافظة على الوزن، كقوله:
على أنّني راض بأن أحمل الهوى وأخلص منه لا علّـــى ولا ليـــــا
أي: لا شيء عليَّ، فإنه لو ذكره اختلّ الوزن.
10 ـ كون المسند معلوماً معيّناّ، كقوله تعالى: (عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال)(5).
11 ـ اتباع الاستعمال الوارد على تركه، كقولهم: (رمية من غير رام) أي هذه رمية.
12 ـ ايهام حفظه عن لسانك، لانه أجلّ من أن يذكر، كقوله: (صاحب كل منقبة..) يعني محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) أو لأنه لا يليق أن يذكر لخسّته، كقوله تعالى: (صمّ بكم عمي)(6).
13 ـ تكثير الفائدة لكثرة الإحتمالات، كقوله تعالى: (فصبر جميل)(7). أي أمري صبر جميل، أو عملي، أو نحو ذلك.
14 ـ كون المسند معيّناً للعهد به، نحو قوله تعالى: (حتّى توارت بالحجاب)(8) أي الشمس.
ما ينبغي للمسند إليه
(المسند إليه) ينبغي أن يكون معرفة، لأن الكلام إنما يؤتى به للإستفادة، ولا يستفاد من الحكم على النكرة، إلا في ظروف نادرة.
وتعريف (المسند إليه) يكون بالإضمار، والعَلَمية، والإشارة، والموصولية، وال، والإضافة، وقد يعرف بالنداء.
المسند إليه مضمراً
أما تعريف المسند إليه بالإضمار فهو لأغراض أهمّها:
1- كون الحديث في مقام التكلّم، كقوله: (أنا ابن دارة معروفاً بها نسبي...).
2- أو في مقام الخطاب، كقوله: (وأنت الذي في رحمة الله تطمع...).
3- أو في مقام الغيبة، كقوله تعالى: (هو الملك القدّوس السلام...)(9).
ولا بدّ من تقدّم ذكر مرجع الضمير وذلك:
1- إمّا لفظاً، كقوله تعالى: (فاصبروا حتّى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين)(10).
2- وإمّا معنىً، كقوله تعالى: (اعدلوا هو أقرب للتقوى)(11). أي العدل المفهوم من قوله: (اعدلوا).
3- وإمّا حكماً، كقوله تعالى: (ولأبويه لكلّ واحد منهما السدس)(12)أي أبوي الميّت، المفهوم من السياق.
ثم أن الأصل في الخطاب أن يكون لمعيّن مشاهد.
وقد يأتي لغير المعيّن إذا قصد التعميم، كقوله تعالى: (ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربّهم)(13).
كما أنه قد يأتي لغير المشاهد، إذا نزّل منزلته، نحو (لا اله إلا أنت)(14) لكون الله تعالى مع كل أحد.
تأخير مرجع الضمير أو حذفه
وربما يترك ذكر مرجع ضمير الغائب مقدماً عليه، فيؤخّر المرجع، أو لا يذكر أصلاً، لاغراض أهمّها:
1- ارادة تمكين الكلام فـــي ذهن السامـــع، لانه إذا سمع الضميـــر تشوّق إلى معرفة مرجعه، كقوله تعالى: (قل هو الله أحد)(15).
2- ادّعاء حضور مرجع الضمير في الذهن، فلا يحتاج إلى ذكر مرجعه، كقوله: (ذكرتني والليل مرخى الستور...) أي المحبوبة.
وهذا القسم من الكلام يسمّى: بـ (الإضمار في مقام الإظهار).
وقد يعكس الكلام فيوضع الظاهر مقام المضمر ويسمّى بـ: (الإظهار في مقام الإضمار) وذلك لاغراض أهمّها:
1 - القاء المهابة في ذهن السامع، كقول الوالي: (الامير يأمر بكذا).
2 - تمكين المعنى في نفس المخاطب، كقوله: (هو ربّي وليس ندّ لربّي...).
3 - التلذّذ بالتكرار، كقوله:
(أمّر على الديار ديار ليلى)..
إلى:
(وما حبّ الديار شغفن قلبي).
4 - اثارة الحسرة والحزن، كقوله:
قـــد فـارقتني زوجتي فـراقاً وزوجتي لا تبتغي الطلاقا
5 - الاستعطاف، كقوله: (إلهي عبدك العاصي أتاكا...) لم يقل: (أنا).
المسند إليه علماً
وأما تعريف المسند إليه بالعلمية فهو ليمتاز عما عداه باسمه الخاص، قال تعالى: (الله ولي الذين آمنوا)(16).
وقد يعرض له اضافة إلى امتيازه وجه مرجّح آخر، وأهم الوجوه:
1 ـ المدح، فيما إذا كان الاسم مشعراً بذلك، قال تعالى: (محمّد رسول الله )(17).
2 ـ الذمّ والإهانة، قال تعالى: (وقال الشيطان لمّا قضي الأمر)(18).
3 ـ التفأل كقوله: (جاء سعد فاتبعته سعود...).
4 ـ التشاؤم، كقوله: (وإذ أتت شوهاء نحوك فاستعذ...).
5 ـ التبرّك، بذكره، كقوله: (فليحكم القرآن في أبنائنا).
6 ـ التلذّذ باسمه، كقوله:
تالله ياظبيــات القــاع قلن لنا ليلاي منكنّ أم ليلى من البشر
7 ـ الكناية عن ذمّ يصلح العَلَم له، لكون المراد كان معنى هذا اللفظ قبل وضعه علماً، كقوله: (وابر الحتوف إذا تعرّض نحوهم...) كناية عن الحتف المتوجّه إليهم.
8 ـ التسجيل على السامع لئلا ينكر، كقوله: (أفهل علمت بأن أحمد قد أتى)؟
9 ـ طلب الإقرار بصريح الاسم، كقوله: ( قل: هل دريت بأن يوسف حاكم)؟
المسند إليه معرفاً بالإشارة
وأما تعريف المسند إليه باسم الإشارة فهو لأمور:
1 ـ أن لا يكون طريق لا حضاره إلا باسم الإشارة، لجهل السامع باسمه وبصفاته، كقوله: (جاءني هذا) مشيراً إلى زيد، حيث لا يمكنك احضاره باسمه أو صفته في ذهن المخاطب.
2 ـ بيان حاله في القرب، قال تعالى: (هذه جهنم التي كنتم توعدون)(19).
3 ـ بيان حاله في التوسّط، كقوله: (ذاك شيخي ومرجعي وعمادي...).
4 ـ بيان حاله في البعد، قال تعالى: (ذلك يوم الخروج)(20).
5 ـ تعظيمه بالقرب، قال تعالى: (إنَّ هذا القرآن يهدي للّتي هي أقوم)(21).
6 ـ تعظيمه بالبُعد، كقوله: (ذلك الكتاب لا ريب فيه)(22).
7 ـ تحقيره بالقرب، قال تعالى: (لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها)؟(23).
8 ـ تحقيره بالبُعد، قال تعالى: (فذلك الّذي يدعُّ اليتيم)(24).
9 ـ اظهار الاستغراب كقوله:
كم عـاقل عــاقل اعيت مـذاهبه وجـــاهل جــاهل تلقـاه مرزوقــا
هذا الــذي ترك الأوهام حـائرة وصيّر الــعالم النحر ير زنـديـقاً(25)
10 - تمييز المشار إليه أحسن تمييز، كقوله:
هـذا الّـذي أحمد المختار والده بــجدّه أنــبياء اللــه قــد ختمــوا
11 - التعريض بغباوة المخاطب ايماءاً إلى أنه لا يعرف إلا المحسوس، كقوله:
أولئك آبــائي فــجئني بـمثلهم إذا جــمعتنا يــا جــريـر المجامع
12 - افادة أن المشار اليه حقيق بما يذكر له من الاوصاف، قال تعالى:
(اُولءك على هُدىّ من ربِّهم واُلئك هم المفلحون)(26). بعد ذكر انهم (يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة وممّا رزقناهم ينفقون...)(27).
المسند إليه موصولاً
وأمّا تعريف المسند إليه بالموصول فهو لأمور:
1 - أن لا يكون طريق لإحضاره في ذهن المخاطب إلا بإتيانه موصولاً، كقولك: (الذي هاجم الاعداء كان مقداماً) إذا لم يعرف المخاطب أي شيء منه، وكذا اذا لم يعرف اسمه المتكلّم.
2 - التشويق لكون مضمون الصلة أمراً غريباً، كقوله:
والذي حارت البريّة فيه حيوان مستحدث من جماد
3 - التنبيه على خطأ المخاطب، قال تعالى: (إنّ الذين تدعونَ من دون الله عباد أمثالكم)(28).
4 - التنبيه على خطأ غير المخاطب، كقوله:
مــن أخذوه جـوشنـاً مـن شـرّ الاعـداء لهم
5 - ارادة اخفاء المسند اليه بخصوصياته، كقوله:
مـا حـدث فـي دارنـا ليست عن الصبر أمرّ
6 - تعظيم شأن المسند اليه، كقوله:
انّ الذي سمك السماء بنى لنا بيتاً دعــائمـه أعــزّ وأطول
7 ـ التهويل، قال تعالى: (فغشيهم من اليمّ ما غشيهم)(29)
8 ـ استهجان التصريح بالإسم، قال تعالى: (وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه)(30).
9 ـ الاشارة إلى النحو الذي يبنى عليه الخبر، من خير وشرّ، ومدح وقدح، قال تعالى: (والّذين آمنوا واتّبعتهم ذريّتهم بايمان ألحقنا بهم ذرّيتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء)(31).
10 ـ التوبيخ، كقوله:
افيقوا أمن كـان يـحسن دائـماً إليكم؟ فهل هذا جزاء المفضل؟
11- الاستغراق، كقوله: (الّذين يزورونك أكرمهم).
12- الإبهام، قال تعالى: (علمت نفس ما قدَّمتْ وأخرتْ)(32).
المسند إليه مضافاً
وأمّا تعريف المسند إليه بالإضافة فهو لأمور:
1 ـ أنه أخصر طريق لإحضاره في ذهن المخاطب، كقوله: (زرتُ والدك)؟
2 ـ تعذّر التعداد، كقوله تعالى: (كلّ من عليها فان...)(33).
3 ـ تعسّر التعداد، كقوله: (زارني أصدقائي) لمن أصدقاؤه كثيرون.
4 ـ الخروج عن تبعة تقديم بعض على بعض، كقوله: (جاء أمراء الجيش).
5 ـ تعظيم المضاف، كقوله: (خادم السلطان يبغي مطلباً) تعظيماً للخادم بأنه خادم السلطان.
6 ـ تعظيم المضاف اليه، كقوله:
إذا ما رأيت الكسائي فقل صنيعك أضحى أمير البلاد
تعظيماً للكسائي بأن صنيعه صار أميراً.
7 ـ تعظيم غيرهما نحو: (أخو السلطان صهري) تعظيماً للمتكلّم بأن أخ السلطان صهره..
8 ـ تحقير المضاف، نحو: (ابن الجَبان حاضر).
9 ـ تحقير المضاف اليه، نحو: (عبد زيد خائن).
10 ـ تحقير غيرهما، نحو: (أخو اللصّ عندك).
11 ـ الإختصار لضيق المقام، كقوله: ( هواي من الركب اليمانين مصعد) فلفظ (هواي) أخصر من (الذي أهواه).
12 ـ الإستهزاء، كقوله: (علمك النافع لاعلم جميع العلماء).
المسند إليه معرّفاً باللام
وأمّا تعريف المسند إليه بـ (أل) سَواء العهدية أم الجنسية، فلأغراض:
أما (ال) العهدية، فإنها تدخل على المسند إليه للإشارة الى معهود لدى المخاطب، والعهد على ثلاثة أقسام:
1 ـ العهد الذكري، وهو ما تقدم فيه ذكر المسند إليه صريحاً، قال تعالى: (كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول)(34) فإن (الرسول) تقدّم ذكره صريحاً، لكن المثال ليس للمسند إليه، إذ الرسول مفعول في المقام، وانما المثال المطابق قوله:
أتاني شخصاً لابساً ثـوب سؤدد وما الشخص إلا من كرام الأقارب
2 ـ العهد الذهني، وهو ما تقدم فيه ذكر المسند إليه تلويحاً، قال تعالى: (وليس الذكر كالأنثى)(35) فإنه لم يسبق ذكر (الذكر) صريحاً، وإنّما اشير اليه في قوله: (ربّ اني نذرت لك ما في بطني محرّراً)(36) فإنّ (ما) يراد منه الذكر، لانه القابل لخدمة المسجد.
3 ـ العهد الحضوري، وهو ما كان المسند إليه حاضراً بذاته، قال تعالى: (اليومَ أكملت لكم دينكم)(37) فإن (اليوم) وهو يوم الغدير ـ الذي أكمل الله تعالى دينه بولاية أمير االمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ـ كان حاضراً، ومثله ما بمنزلة الحاضر، نحو: هل انعقد المجلس؟ فيما كان المجلس في شرف الانعقاد.
وأما (ال) الجنسية فإنها تدخل على المسند إليه لبيان الحقيقة، وهي على أربعة أقسام:
1 ـ لام الجنس، وهي ت دخل على الأجناس، للإشارة الى الحقيقة، من دون نظر إلى العموم والخصوص، نحو (الانسان حيوان ناطق) فإن المراد أن هذا الجنس متّصف بكونه حيواناً ناطقاً.
2 ـ لام الحقيقة، وهي تدخل على الاجناس، للإشارة إلى فرد مبهم، قال تعالى: (وأخاف أن يأكله الذئب)(38) فالمقصود: فرد من الذئب، ويعامل مع مدخولها معاملة النكرة، لكونه بمعناها.
3 ـ لام الاستغراق الحقيقي، وهي تدخل على الاجناس، للإشارة الى عمومها لكل فرد صالح لان يكون داخلاً في الجنس ـ بحسب اللغة ـ قال تعالى: (عالم الغيب والشهادة)(39) أي كلّ غيب وكلّ شهادة.
4 ـ لام الاستغراق العرفي، وهي تدخل على الاجناس، للإشارة إلى عمومها لجميع الافراد، لكن عرفاً لا حقيقة، نحو: (جمع الامير الصاغة) فإن المراد صاغة بلده أو مملكته لا صاغة الدنيا.
واعلم أن بعض هذه الامثلة ليست مما نحن فيه، وانما المقصود أصل المثال، لا كونه في المسند اليه.
المسند اليه معرّفاً بالنداء
وأما تعريف المسند إليه بحرف النداء فهو لاغراض:
1- إذا لم يعرف المتكلّم للمخاطب عنواناً خاصاً، نحو: (يا رجل).
2 ـ إذا اريد اغراء المخاطب لامر، نحو (يا فقير) و(يا مظلوم) و(يا شجاع) إذا أريد رغبته في طلب الغنى، أو اثارته على الظالم، أو تشجيعه على اقتحام المصاعب.
3 ـ اذا أريد الاشارة الى وجه النداء، نحو: (يا قاضي الحاجات، اقض حاجتي).
4 ـ التحقير، نحو: (يا رجل عافاك الله).
تنكير المسند إليه
سبق أنّه ينبغي أن يكون المسند إليه معرفة، ولكن قد يؤتى به نكرة لاغراض:
1 - اذا لم يعلم المتكلم بجهة من جهات التعريف، حقيقة أو ادعاءاً، كقوله: (جاء رجل يسأل عنك).
2 - إخفاء الامر كقوله: (اتّهمك رجل) يخفي اسمه حتى لايكون شغباً.
3 - قصد الافراد، قال تعالى: (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى) أي: رجل واحد
4 - قصد النوعيّة، نحو: (لكل داء دواء).
5 ـ التعظيم، قال تعالى: (وعلى أبصارهم غشاوة)(40) أي: غشاوة عظيمة.
6 ـ التحقير، قال تعالى: (ولئن مسّتهم نفحة من عذاب ربّك)(41).
7 ـ التكثير، قال تعالى: (وإن يكذّبوك فقد كذّبت رسل من قبلك)(42).
8 ـ التقليل، قال تعالى: (ورضوان من الله أكبر) أي: رضوان قليل أكبر من نعيم الجنّة ـ على بعض التفاسيرـ.
تقديم المسند اليه
الاصل في (المسند إليه) التقديم، لأنه محمكوم عليه والحكم مؤخّر، وقد يرجّح تقديمه ـ علاوة على ذلك ـ لاغراض أهمها:
1 ـ تعجيل المسرّة، كقوله: (عطاؤك ممنوح ورزقك مضمون).
2 ـ تعجيل المسائة، كقوله: (السجن موطنه والقبر عاقبته).
3 ـ التشويق إلى الخبر إذا كان المبتدأ غريباً، كقوله:
والذي حـارت الـبريّة فيه حيوان مستحدث من جماد
4 ـ التلذّذ بالمسند إليه، كقوله: (حبيبي شمس للمعالي وزورق...).
5 ـ التبرّك بالتقديم، كقوله: (محمّد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم رسول حقّ...).
6 ـ كون المقدم محلّ الإنكار، كقوله: (لعب وشيب، انّ ذا لعجيب)؟!
7 ـ التدرّج في الحسن أو القبح أو ما شاكلهما، كقوله: (أصحيح ومفصح وبليغ)؟ فالصحّة مقدّمة على الفصاحة، وهي على البلاغة.
وقوله: (نظرة فابتسامة فسلام...).
وقوله: (نواة ثم زرع ثم نخل...).
8 ـ مراعاة الترتيب الوجودي، قال تعالى: (لا تأخذه سنة ولا نوم)(43).
9 ـ النص على مقدار النفي، وإنه جميع الأفراد أو بعضها، لأنه:
اذا كان المنفي جميع الافراد، قدموا أداة العموم على أداة النفي، فيقال:
(كل صدوق لا يكذب) ويسمى هذا بـ: (عموم السلب).
وإذا كان المنفي بعض الأفراد، قدموا أداة السلب على أداة العموم، فيقال:
(ما كل سوداء تمرة) ويسمى هذا بـ: (سلب العموم).
نعم هذه القاعدة غير مطردة، قال تعالى: (إن الله لا يحب كل مختال فخور)(44). والمراد عموم السلب.
10- افادة التخصيص إذا كان المسند مسبوقاً بنفي وكان المسند فعلاً، نحو: (ما أنا قلت هذا) والمراد: إني لم أقل، لكن غيري قال، فالنفي مختص بالمتكلم.
1 ـ البقرة: 5.
2 ـ القارعة: 10-11.
3 ـ النساء: 171.
4 ـ طه: 18.
5 ـ الرعد:9.
6 ـ البقرة: 171.
7 ـ يوسف: 18 و83.
8 ـ ص: 32.
9 ـ الحشر: 23.
10 ـ الاعراف: 87.
11 ـ المائدة: 8.
12 ـ النساء: 11.
13 ـ السجدة: 12.
14 ـ الانبياء: 87.
15 ـ التوحيد: 1.
16 ـ البقرة: 257.
17 ـ الفتح: 29.
18 ـ ابراهيم: 22.
19 ـ يس: 63.
20 ـ ق: 42.
21 ـ الإسراء: 9.
22 ـ البقرة: 2.
23 ـ الانبياء: 99.
24 ـ الماعون: 2.
25 ـ وقيل في ردّه:
كــم مـن قـوي قـوي فــــي تــقلبه مهذب الرأي عنه الرزق منحرف
وكـم من ضعيف ضعيف في تقلبه كــأنه مــن خــليج البحـر يغتـرف
هـــذا دلــيل علـــى أن الإلـــه لــه في الخلق سرّ خفيٌّ ليس ينكشف
26 ـ البقرة: 5.
27 ـ البقرة: 3-4.
28 ـ الاعراف: 194.
29 ـ طه: 78.
30 ـ يوسف: 23.
31 ـ الطور: 21.
32 ـ الإنفطار: 5.
33 ـ الرحمن: 26.
34 ـ المزمّل: 15.
35 ـ آل عمران: 36.
36 ـ آل عمران: 35.
37 ـ المائدة: 3.
38 ـ يوسف: 13.
39 ـ الانعام: 73.
40 ـ البقرة: 7.
41 ـ الانبياء: 46.
42 ـ فاطر: 4.
43 ـ البقرة: 255.
44 ـ لقمان: 18.
=====
علم المعانى : المسند
(المسند): هو المحكوم به، فعلاً كان، أم خبراً، أم نحوهما.
ويعرضه الذكر والحذف، والتعريف والتنكير، والتقديم والتأخير، وغيرها.
ذكر المسند وحذفه
أما ذكره فلاغراض، أهمها:
1 ـ كونه الاصلي ولا داعي للعدول عنه، قال تعالى: (الله خير أما يشركون)(1).
2 ـ اذا ضعف التعويل على دلالة القرينة فيجب الذكر، كقوله: (خير مال المرء ما أنفقه...).
3 ـ ضعف تنبه السامع، نحو: (زيدٌ قائم وعمرو قائم).
4 ـ الردّ على المخاطب، فيكون الذكر أحسن، قال تعالى حكاية عن منكر البعث: (مَن يُحيي العظام وهي رميم)(2)؟! فردّه الله تعالى: (قل يحييها الّذي أنشأها أوَّلَ مرّةٍ) (3).
5 ـ افادة التجدّد بإتيان الفعل، كقوله: (يحمد الله كل عبد فقيه...).
6 ـ افادة الثبوت والدوام بإتيان الاسم، قال تعالى: (عالم الغيب والشهادة...)(4).
وأمّا حذفه فلأمور، أهمّها:
1 ـ الإحتراز عن العبث، لقرينة مذكورة، قال تعالى: (إنَّ الله بريءٌ من المشركين ورسوله)(5) أي رسوله بريءٌ أيضاً.
2 ـ الاحتراز عن العبث، لقرينة مقدّرة، كما لو قيل لك: (ما صنع بالكبش؟) فتقول: (الكبش) ـ مع الاشارة اليه ـ مذبوحاً، فإنّ المراد: ذُبح الكبش.
3 ـ ضيق المقام عن الاطالة، كقوله:
نحن بما عندنا وأنت بــما عندك راض والرأي مختلف
أي: نحن بما عندنا راضون.
4 ـ اتباع الإستعمال الوارد، قال تعالى: (لولا أنتم لكنّا مؤمنين)(6) أي: لولا أنتم موجودون.
تعريف المسند وتنكيره
وأمّا تعريفه فلأمور:
1 ـ إفادة السامع حكماً معلوماً على أمر معلوم، وذلك يفيد النسبة المجهولة، فمن عرف زيداً بشخصه، وعرف أنّ له صديقاً، ولكن لم يعرف أنّ زيداً هو صديقه، قيل له: (زيد صديقك) وهذا يفيد النسبة، وإن لم يفد الخير ـ لكونه معلوماً -.
2 ـ قصر المسند على المسند إليه حقيقة، كقوله: (عليّ عليه السلام أمير المؤمنين صريحة...).
3 ـ قصر المسند على المسند إليه ادّعاءً، كقوله: (وأخو كليب عالم الانساب...).
وأمّا تنكيره، فلأنّ الاصل في المسند أن يكون نكرة، لإفادة العلم بشيء مجهول، لكن قد يرجّحها أمور:
1 ـ ارداة عدم العهد والحصر، كقوله: (مجاهد عبد، وسلمى أمة...).
2 ـ ارادة التفخيم، قال تعالى: (هدىً للمتَّقين)(7) بناءً على كونه خبراً.
3 ـ ارادة التحقير، كقوله: (وما هندة شيئاً، ولكن رجالها...).
4 ـ اتباع المسند اليه في التنكير، كقوله: (رجل عالم وآخر فقيه...).
تقديم المسند وتأخيره
وأمّا تأخيره عن المسند إليه، فلأنّ الاصل في المسند التأخير، لانه حكم على شيء، والمحكوم عليه مقدم طبعاً.
لكن قد يتقدّم لأمور:
1 ـ كونه عاملاً نحو: (جاء زيد).
2 ـ كونه ممّا له الصدارة في الكلام نحو: (أين زيد؟).
3 ـ التخصيص بالمسند اليه، قال تعالى: (ولله ملك السموات والأرض)(8).
4 ـ التنبيه على أنه خبر لا صفة ـ من بدء الكلام ـ كقوله يصف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
لــــه هــمم لامــنتهى لكبارهـا وهمّتـــه الصغرى أجــلّ مـن الدهر
له راحة لو انّ معشار جودها على البرّ كان البــرّ أندى من البحر
فلو قال: (همم له) أو (راحة له) توهم بادي الامر انّ (همم) أو (راحة) صفة.
5 ـ التشويق للمتأخّر، إذا كان المقدّم مشوّقاً له، قال تعالى: (إنَّ في خلق السموات والارض واختلاف اللَّيل والنهار لآيات لأولي الألباب)(9).
6 ـ التفؤّل، كقوله:
سعدت بغرّة وجهك الايام وتــزيّنت بلقــائك الأعوام
7 ـ التطيّر، كقوله: (شاهت بلقياك الوجوه وإنّما...).
8 ـ قصر المسند إليه على المسند، قال تعالى: (لكم دينكم ولي دين)(10). أي دينكم مقصور عليكم وديني مقصور عليّ.
9 ـ المساءة، كقوله:
ومن نكد الدنيا على الحرّ أن يرى عدواً لــه ما مـن صــداقته بـدّ
10 ـ تعجيل التعجّب، أو التعظيم، أو المدح، أو الذمّ، أو الترحّم، أو الدعاء، أو الإغراء، أو المسرّة، أو ما أشبه ذلك.
كقوله: (ومعجب كل فتى بوالده...).
وقوله: (عظيم أنت يا ربّ الفصاحة...).
وقوله: (كريم علاء الدين عند الملمات...).
وقوله: (بئس أخو القوم الذي أن يحضر...).
وقوله: (ومسكين أبوه لدى المجاعة...).
وقوله: (بخير رجعت من السفر...).
وقوله: (أسير العدل أنت أبا ظليم...).
وقوله: (لله درّك).
أقسام المسند
المسند إما مفرد وإمّا جملة، والمفرد على قسمين:
1 ـ فعل، نحو: (قام زيد).
2 ـ اسم، نحو: (زيد أسد).
والجملة على ثلاثة أقسام:
1 ـ اسمية، نحو: (زيد أبوه منطلق).
2 ـ فعلية، نحو: (زيد يصلّي).
3 ـ ظرفية، إما جاراً أو مجروراً، نحو: (محمد في الدار)، أو لا، نحو: (عليّ عندك).
أقسام الجملة
ثم ان الجملة على ثلاثة أقسام:
1 ـ السببية، وهي ما تكون من متعلقات المسند إليه، نحو: (حسين انتصر ابنه).
2 ـ المؤكدة، وهي ما تكون مؤكدة للحكم، نحو: (جعفر يفقه) لتكرر الإسناد.
3 ـ المخصصة، وهي ما تكون مخصصة للحكم بالمسند إليه، نحو: (أنا سعيتُ في حاجتك) أي: الساعي فيها أنا وحدي لا غير.
تقسيم المسند
ثم المسند إما جامد وإمّا مشتق:
1 ـ فالجامد، هو الذي لايؤوّل بالمشتق، ولايكون مشتقّاً، نحو: (فارقليطا اسم).
2 ـ والمشتق، نحو: (حسان شاعر)، ويلحق به المؤوّل، نحو: (جعفر أسد) أي شجاع.
1 ـ النمل: 59.
2 ـ يس: 78.
3 ـ يس: 79.
4 ـ المؤمنون:92.
5 ـ التوبة:3.
6 ـ سبأ: 31.
7 ـ البقرة: 2.
8 ـ آل عمران: 189.
9 ـ آل عمران: 190.
10 ـ الكافرون: 6.
=========
علم المعانى : الإطلاق والتقييد
قد يؤتى بكل من (المسند) و(والمسند اليه) مطلقاً، بدون أيّ قيد، نحو: (جواد عالم) وذلك فيما إذا لم يتعلّق غرض بذكر الخصوصيات، وانما المقصود أصل الكلام.
وقد يؤتى بأحدحما، أو كليهما مقيّداً، لتوقّف الكلام أو مقصود المتكلّم عليه، فلو حذف القيد لكان الكلام كاذباً أو غير مقصود، قال تعالى: (وما خلقنا السماوات والارض وما بينهما لاعبين)(1) فلو حذف الحال (لاعبين) لكان الكلام كذباً، وقال تعالى: (يكاد زيتها يُضيء)(2) فلو حذف (يكاد) لفات الغرض المقصود الّذي هو افادة المقاربة.
والتقييد يكون بالتوابع الخمسة: نعت وتأكيده، وعطف بيان، وعطف نسق وبدل، وضمير الفصل، والمفاعيل الخمسة: به وله ومعه وفيه والمطلق، والنواسخ، وأدوات الشرط، والنفي، والحال والتمييز.
التقييد بالنعت
أما التقييد بالنعت ـ وهو المعبّر عنه بالصفة ـ فيأتي لاغراض:
1 ـ تخصيص المنعوت بصفة تميزه عما عداه، وهذا يكون في النكرة نحو: (جائني رجل عالم).
2 ـ توضيح المنعوت، وهذا وما بعده يكون في المعرفة، نحو: (قام زيد العالم).
3 ـ تأكيد النعوت، قال تعالى: (تلك عشرة كاملة)(3).
4 ـ مدح المنعوت، قال تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم).
5 ـ ذم المنعوت، قال تعالى: (وامرأته حمّالة الحطب)(4).
6 ـ الترحّم على المنعوت، قال الشاعر: (أتى الرجل المسكين فليط بعضكم).
التقييد بالتأكيد
وأمّا التقييد بالتأكيد فيأتي لتقريره، ودفع توهّم عدم الشمول، ونحوه، وذلك في موارد:
1 - مجرّد التقرير، كقوله: (الله الله يكفي كلّ مشكلة...).
2 - دفع توهّم المجاز، كقوله: (أتى الامير نفسه عند المساء...) لئلاّ يتوهّم ان الآتي أحد خواص الامير، وانما عبّر به مجازاً، نحو: (وجاء ربّك...)(5).
3 ـ دفع توهّم عدم الشمول، قال تعالى: (فسجد الملائكة كلّهم أجمعون)(6) لئلاً يستبعد سجدة جميع الملائكة مع كثرتهم المخرجة عن العدّ، وتباعد أماكنكم، واختلاف أعمالهم...
4 ـ زيادة التشريف بتكرار المؤكدّ، قال تعالى: (اسكن أنت وزوجك الجنَّة...)(7).
5 ـ زيادة التحقير والإهانة، كقوله: (خبيث أنت أنت ولا سواك...).
التقييد بعطف البيان
وأمّا التقييد بعطف البيان ـ الذي هو لتوضيح المتبوع باسم مختصّ به، سواء كان العطف أجلى من المعطوف، أم حصل الجلاء التام بضميمة أحدهما الى الآخر ـ فيأتي لاغراض:
1 ـ مجرذّ التوضيح، اذا اقتضى الحال ذلك، نحو قوله: ( محمد الجواد أتاك عبد...).
2 ـ زيادة المدح، قال تعالى: (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس)(8).
3 ـ زيادة الذم، كقوله: (طحلب الاشتر يطلب العلى...).
4 ـ زيادة الترحّم، كقوله: (وزمعة المسكين في آخر الركب...).
فطحلب والاشتر اسمان، وكذا زمعة ومسكين.
التقييد بعطف النسق
وأمّا التقيد بعطف النسق ـ وهو العطف بالحرف ـ فيأتي لأمور أهمّها:
1 ـ تفصيل المسند إليه باختصار، كقوله: (جاء محمد وعلي وفاطمة) لم يقل: جاء محمد وجاء علي وجاءت فاطمة.
ثم انّ حروف العطف الثلاثة: الواو والفاء وثم، وكلها مشتركة في التفصيل مع الاختيار، إلا أن (الواو) لمطلق الجمع، سابقاً كان المعطوف على المعطوف عليه، أو مقارناً، أو لاحقاً. و(الفاء) للجمع مع الترتيب بتقديم المعطوف عليه على المعطوف مع تراخ ما. و(ثم) مع تراخ معتد به، هذا في الظاهر، ولكن قد يعدل عنه مع القرينة، كما ذكر في كتب النحو.
2 - رد السامع إلى الصواب مع الاختصار، نحو: (جاء زيد لا عمرو) أو (لم يجئ زيد لكن عمرو).
3 - صرف الحكم من المسند إليه إلى غيره، نحو:(زارني زيد بل عمرو).
4 - الشك من المتكلّم أو التشكيك للسامع نحو (جاءني زيد أو عمرو).
5 ـ الإبهام على السامع، قال تعالى: (وإنّا أو اياكم لعلى هُدىً أو في ضلال مبين) (9).
6 ـ الإباحة، نحو:(تعلم فقهاً أو نحواً).
7 ـ التخيير، نحو: (تزوج هنداً أو أُختها).
ولا يخفى أن أبحاث هذا الباب مفصلة اقتصرنا منها على الألزم.
التقييد بالبدل
وأمّا التقييد بالبدل فيأتي لزيادة التقرير والإيضاح، والبدل على خمسة أقسام:
1 ـ بدل الكلّ، كقوله: (جاء الأمير محمد بن علي...).
2 ـ بدل البعض، كقوله: (ألحّ رجال الدين أهل التفقّه).
3 ـ بدل الاشتمال،كقوله: (الا إنما القرآن أحكامه التي...).
4 ـ بدل البدا، كقوله: (حبيبي نجم لامع، شمس مشرق...).
5 ـ بدل الغلط ويقع من البلغاء كغيرهم، إذ البليغ بليغ لا معصوم، وكلامه بليغ وإن
وقع فيه غلط، نحو: (جاء زيد بكر).
التقييد بضمير الفصل
وأمّا التقييد بضمير الفصل فلأغراض:
1 ـ التخصيص وقصر المسند على المسند إليه، قال تعالى: (ألم يعلموا أنّ الله هو
يقبل التوبة عن عباده)(10).
2 ـ تمييز الخبر عن الصفة، كقوله عليه السلام: (المتّقون هم أهل الفضائل).
التقييد بالمفاعيل الخمسة
وأمّا التقييد بالمفاعيل فيأتي لاغراض:
1 ـ بيان نوع الفعل، كقوله: (جلست جلوس المتواضع).
2 ـ بيان عدد الفعل، كقوله: (ضربت ضربتين).
3 ـ بيان توكيد الفعل في المطلق، كقوله: (أحسنت احساناً).
4 ـ بيان ما وقع عليه الفعل، قال تعالى: (لقيا غلاماً)(11).
5 ـ بيان ما وقع فيه الفعل، كقوله: (هنا امكث زماناً).
6 ـ بيان ما وقع لاجله الفعل، كقوله: (ضرب أخاه تأديباً...).
7 ـ بيان ما وقع مقارناً معه، كقوله: (فقلت لها سيري وزوجك بكرة...).
حذف المفاعيل
أمّا حذف المفاعيل فلأغراض:
1 ـ التعميم مع رعاية الاختصار، قال تعالى: (والله يدعو الى دار السلام)(12). أي: جميع عباده.
2 ـ الاعتماد على المتقدّم اختصاراً، قال تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت)(13). أي: ويثبت ما يشاء.
3 ـ اختصار الكلام بدون الامرين السابقين، للإعتماد على القرينة العقلية، قال تعالى: (يغفر لمن يشاء)(14) أي يغفر الذنوب، فإن الغفران لايكون إلا عن ذنب.
4 ـ استهجان التصريح، كقوله: (ما رأيت منّي ولا أبصرت منها، في زمان..) أي العورة.
5 ـ البيان بعد الابهام، لكونه أوقع في النفس، قال تعالى: (فمن شاء فليؤمن)(15) أي: فمن شاء الإيمان.
6 ـ المحافظة على السجع، قال تعالى: (سيذّكّر من يخشى)(16) أي يخشى الله، ولم يذكر لفظ الجلالة لتناسب رؤس الآي.
7 ـ المحافظة على الوزن، قال المتنبّي: (بناها فأعلى، والقنا يقرع القنا...). أي: فأعلاها، لم يذكر المفعول تحفّظاً على الوزن.
8 ـ تعيّن المفعول، فيكون ذكره لغواً، كقوله: (رعت شاء قومي، والمعاشب كثرة...) أي عشباً.
9 ـ قصد المتكلّم الفعل فقط، فلا يذكر المفعول كما لا يذكر الفاعل، كقولك: (سرت عاصفة في البلد، فاقتُلع وهُدم)، والمعنى: قلعت العاصفة الاشجار وهدمت الابنية.
10 ـ قصد المتكلم الفعل والفاعل، قال تعالى: (ووجد من دونهم امرأتين تذودان)(17) إذ المقصود وقوع الذود منهما، أما أن المذود ابل أم شاء أم بقر، فليس من محل الكلام.
تقديم المفاعيل
ثم ان الاصل في المفعول وغيره من المعمولات أن يتأخر عن العامل، لكنه قد يعكس فيقدم على العامل لأغراض:
1 ـ التخصيص، قال تعالى: (إيّاك نعبد وإيّاك نستعين)(18).
2 ـ رد المخاطب الى الصواب، في كلام قدّم معموله، فنقدّمه نحن أيضاً موافقة لكلامه، كقوله: (وقال: أعمراً نصرت؟ فقلت مجيب مقاليه: عمراً نصرت).
3 ـ مراعاة السجع، قال تعالى: (خذوه فغلّوه ثمّ الجحيم صلّوه)(19).
4 ـ استعجال التبرّك والتلذّذ بذكره، كقوله: (محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم اتبعت وليس عندي...).
5 ـ كون المتقدّم محل الكلام، كقوله: (الله اجعل نصب عينيك ولا...).
6 ـ كون المتقدم محط الكلام الإنكار، كقوله: (أبعد طول التجارب تنخدع بالزخارف)؟
التقييد بالنواسخ
وأمّا التقييد بالنواسخ، وهي(20):
1 ـ الحروف المشبّهة بالفعل.
2 ـ (لا) النافية للجنس.
3 ـ الافعال الناقصة.
4 ـ أفعال المقاربة.
5 ـ (ما) و(لا) و(ان) المشبّهات بـ (ليس).
6 ـ أفعال القلوب.
فلبيان الأغراض التي تؤديها معاني هذه النواسخ وذلك مثل:
1 ـ التأكد في (إنّ) و(وأنّ).
2 ـ التشبيه في (كأن).
3 ـ الإستدراك في (لكن).
4 ـ الترجّي في (لعلّ).
5 ـ التمنّي في (ليت).
6 ـ نفي الجنس في (لا).
7 ـ الإستمرار أو حكاية الحال الماضية في (كان).
8 ـ التوقيت بزمن معيّن كالنهار واللّيل والصباح والمساء والضحى في (ظل) و(بات) و(أصبح) و(أمسى) و(أضحى).
9 ـ التوقيت بحالة معينة في (ما دام).
10 ـ الإستمرار مع خصوصية في (ما فتى) و(ما برح) و(ما زال) و(ما انفك).
11 ـ المقاربة في (كاد) و(كرب) و(أوشك) و(عسى).
12 ـ الإنشاء والشروع في (طفق) و(جعل) و(أنشأ) و(أخذ) و(علق).
13 ـ النفي المطلق في (ما) و(لا) و(لات) و(ان).
14 ـ اليقين في (وجد) و(ألفى) و(درى)و(علم).
15 ـ الظن في (خال)و(زعم) و(حسب).
16 ـ التحوّل في (اتخذ)و(جعل) و(صيّر).
وهكذا... وهكذا...
التقييد بالشرط
وأمّا التقييد بالشرط فيأتي لأغراض تؤدّيها معاني أدوات الشرط، ولذا تختلف الاغراض باختلاف معاني الادوات:
1 ـ الزمن في: (متى) و(أيّان).
2 ـ المكان في (أين) و(أنّى)و(حيثما).
3 ـ الحال في (كيفما).
4 ـ التعليق في (إنْ) و(إذا) و(لو).
لكن مع فرق بينهما:
أمّا (إن) فلما يحتمل وقوعه وعدمه، والاكثر عدم الوقوع، قال تعالى: (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل)(21).
وأما (إذا) فلما يكثر وقوعه ويقطع المتكلّم بتحقّقه مستقبلاً، قال تعالى: (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه)(22).
وأمّا (لو) فللشرط في الماضي مع القطع بانتفائه، قال تعالى: (لوكان فيهما آلهة إلاّ الله لفسدتا)(23).
وقد تخرج هذه الأدوات عن معانيها لأغراض مذكورة في المفصلات.
التقييد بالنفي
وأمّا التقييد بالنفي فلسلب النسبة على وجه خاص، وذلك حسبب ما تفيده حروف النفي:
1 ـ النفي مطلقاً في (لا).
2 ـ نفي الحال إذا دخلت على المضارع في (ما) و(ان) و(لات).
3 ـ نفي الاستقبال في (لن).
4 ـ نفي الماضي في (لم) و(لمّا)، لكن في (لمّا) ينسحب النفي إلى ما بعد زمان التكلّم، ويختصّ بالمتوقّع، فيُقابل(لمّا) في النفي (قد) في الاثبات، ويكون منفيّها قريباً من الحال، قال تعالى: (ولمّا يدخل الايمان في قلوبكم)(24).
ويقيد المسند بالنفي لكون الكلام بدونه لا يستقيم، قال تعالى: (ما أريد منهم من رزق)(25) فإنّ المقصود في هذا المورد نفي الارادة لا إثباتها.
التقييد بالحال
وأمّا التقييد بالحال فيأتي لبيان هيئة صاحب الحال وتقييد عاملها، قال تعالى: (وما خلقنا السماوات والارض وما بينهما لاعبين)(26) وقال سبحانه: (لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى)(27) فإنّ المقصود: نفي الخلق لاعباً، ونفي الصلاة في السكر، لا مطلقاً.
التقييد بالتمييز
وأمّا التقييد بالتمييز فيأتي لبيان الإبهام الواقع في ذات أو صفة، نحو: (منوان عسلاً) و(طاب زيد نفساً) فإن محل الفائدة هو القيد وبدونه لا يتم المقصود.
التقييد بالظرف ونحوه
وأمّا التقييد بالظرف والجار والمجرور فيأتي لبيان كون المقصود من الكلام ذلك، حتى أنه لو لم يقيّد لفات المقصود، قال تعالى: (لا ريب فيه)(28) وقال سبحانه: (وانّ له عندنا لزلفى)(29).
تقديم ما حقّه التأخير
ثم ان الاصل تقدّم العامل على المعمول، وتقدّم بعض المفردات كالفاعل على البعض الآخر كالمفعول.
لكن ربما يقدم ما حقه التأخير لأغراض:
1 ـ التخصيص.
2 ـ الاهتمام.
3 ـ التبرّك.
4 ـ التلذّذ.
5 ـ مراعاة الفاصلة أو الوزن، وغير ذلك.
ويعرف مما تقدّم في المباحث السابقة أمثلتها.
1 ـ الدخان: 38.
2 ـ النور: 35.
3 ـ البقرة: 196.
4 ـ المسد: 4.
5 ـ الفجر: 22.
6 ـ الحجر: 30 وص 73.
7 ـ البقرة: 35.
8 ـ المائدة: 97.
9 ـ سبأ: 24.
10 ـ التوبة: 104.
11 ـ الكهف: 74.
12 ـ يونس: 25.
13 ـ الرعد: 39.
14 ـ آل عمران: 129.
15 ـ الكهف: 29.
16 ـ الاعلى: 10.
17 ـ القصص: 23.
18 ـ الفاتحة: 5.
19 ـ الحاقة: 30- 31.
20 ـ أي النواسخ.
21 ـ الكهف: 29.
22 ـ الاعراب: 131.
23 ـ الانبياء: 22.
24 ـ الحجرات: 14.
25 ـ الذاريات: 57.
26 ـ الدخان: 38.
27 ـ النساء: 43.
28 ـ البقرة: 2.
29 ـ ص: 25. ص: 40.
من موسوعة د الكلحي
========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق